( كتاب الهبة )
الكلام في هذا الكتاب في الأصل في ثلاثة مواضع في
nindex.php?page=treesubj&link=7239_7250_7249بيان ركن الهبة وفي بيان شرائط الركن وفي بيان حكم الهبة أما ركن الهبة فهو الإيجاب من الواهب فأما القبول من الموهوب له فليس بركن استحسانا والقياس أن يكون ركنا وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر وفي قول قال القبض أيضا ركن وفائدة هذا الاختلاف تظهر فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=7250حلف لا يهب هذا الشيء لفلان فوهبه منه فلم يقبل أنه يحنث استحسانا وعند
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر لا يحنث ما لم يقبل وفي قول ما لم يقبل ويقبض وأجمعوا على أنه إذا حلف لا يبيع هذا الشيء لفلان فباعه فلم يقبل أنه لا يحنث وعلى هذا الخلاف إذا قال رجل لآخر وهبت هذا الشيء منك فلم يقبل فقال المقر له لا بل قبلت فالقول قول المقر عندنا وعنده القول قول المقر له وأجمعوا على أنه لو قال بعت هذا الشيء منك فلم تقبل فقال المقر له لا بل قبلت أن القول قول المقر له .
( وجه ) القياس أن الهبة تصرف شرعي والتصرف الشرعي وجوده شرعا باعتباره وهو انعقاده في حق الحكم والحكم لا يثبت بنفس الإيجاب فلا يكون نفس الإيجاب هبة شرعا لهذا أمكن الإيجاب بدون القبول تبعا كذا هذا .
( وجه ) الاستحسان أن الهبة في اللغة عبارة عن مجرد إيجاب المالك من غير شريطة القبول وإنما القبول والقبض لثبوت حكمها لا لوجودها في نفسها فإذا أوجب فقد أتى بالهبة فترتب عليها الأحكام والدليل على أن وقوع التصرف هبة لا يقف على القبول ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30047لا تجوز الهبة إلا مقبوضة محوزة } أطلق اسم الهبة بدون القبض والحيازة وروي أن
الصعب بن جثامة أهدى إلى النبي عليه الصلاة والسلام حمار وحش وهو
بالأبواء وفي رواية
بودان فرده النبي عليه الصلاة والسلام وقال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33738لولا أنا حرام وإلا لقبلنا } فقد أطلق الراوي اسم الإهداء بدون القبول والإهداء من ألفاظ الهبة .
وروي أن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق رضي الله عنه دعى سيدتنا
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها في مرض موته فقال لها إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي
بالعالية وإنك لم تكوني قبضتيه ولا حرزتيه وإنما هو اليوم مال الوارث أطلق الصديق رضي الله عنه اسم النحلى بدون القبض والنحلى من ألفاظ الهبة فثبت أن الهبة في اللغة عبارة عن نفس إيجاب الملك والأصل أن معنى التصرف الشرعي هو ما دل اللفظ لغة بخلاف البيع فإنه اسم الإيجاب مع القبول فلا يطلق اسم البيع لغة وشريعة على أحدهما دون الآخر فما لم يوجدا لا يتسم التصرف بسمة البيع ولأن المقصود من الهبة هو اكتساب المدح والثناء بإظهار الجود والسخاء وهذا يحصل بدون القبول بخلاف البيع وكذا الغرض من الحلف هو منع النفس عن مباشرة المحلوف عليه وذلك هو الإيجاب لأنه فعل الواهب فيقدر على منع نفسه عنه .
( فأما ) القبول والقبض ففعل الموهوب له فلا يكون مقدور الواهب والملك محكوم شرعي ثبت جبرا من الله تعالى شاء العبد أو أبى فلا يتصور منع النفس عنه أيضا بخلاف البيع فإنه وإن منع نفسه عن فعله وهو الإيجاب إلا أن الإيجاب هناك لا يصير تبعا بدون القبول فشرط القبول ليصير تبعا فالإيجاب هو أن يقول الواهب وهبت هذا الشيء لك أو ملكته منك أو جعلته لك أو هو لك أو أعطيته أو نحلته أو أهديته إليك أو أطعمتك هذا الطعام أو حملتك على هذه الدابة ونوى به الهبة .
( أما ) قوله وهبت لك فصريح في الباب وقوله ملكتك يجرى مجرى الصريح أيضا لأن تمليك العين للحال من
[ ص: 116 ] غير عوض هو تفسير الهبة وكذا قوله جعلت هذا الشيء لك وقوله هو لك لأن اللام المضاف إلى من هو أهل للملك للتمليك فكان تمليك العين في الحال من غير عوض وهو معنى الهبة وكذا قوله أعطيتك لأن العطية المضافة إلى العين في عرف الناس هو تمليكها للحال من غير عوض وهذا معنى الهبة وكذا يستعمل الإعطاء استعمال الهبة يقال أعطاك الله كذا ووهبك بمعنى والنحلة هي العطية يقال فلان نحل ولده نحلى أي أعطاه عطية والهبة بمعنى العطية وقوله أطعمتك هذا الطعام في معنى أعطيتك وقوله حملتك على هذه الدابة فإنه يحتمل الهبة ويحتمل العارية فإنه روي أن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمل رجلا على دابة ثم رآها تباع في السوق فأراد أن يشتريها فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29930لا ترجع في صدقتك } فاحتمل تمليك العين واحتمل تمليك المنافع فلا بد من النية للتعيين .
nindex.php?page=treesubj&link=7253ولو قال منحتك هذا الشيء أو قال هذا الشيء لك منحة فهذا لا يخلو إما أن يكون ذلك الشيء مما يمكن الانتفاع به من غير استهلاك وإما أن يكون مما لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاكه فإن كان مما يمكن الانتفاع به من غير استهلاك كالدار والثوب والدابة والأرض بأن قال هذه الدار لك منحة أو هذا الثوب أو هذه الدابة أو هذه الأرض فهو عارية لأن المنحة في الأصل عبارة عن هبة المنفعة أو ما له حكم المنفعة وقد أضيف إلى ما يمكن الانتفاع به من غير استهلاكه من السكنى واللبس والركوب والزراعة لأن منفعة الأرض زراعتها فكان هذا تمليك المنفعة من غير عوض وهو تفسير الإعارة .
وكذا
nindex.php?page=treesubj&link=6432_6431_27613إذا قال لأرض بيضاء هذه الأرض لك طعمة كان عارية لأن عين الأرض مما لا يطعم وإنما يطعم ما يخرج منها فكان طعمة الأرض زراعتها فكان ذلك حينئذ إعارة ولصاحبها أن يأخذها إذا لم يكن فيها زرع وإن كان فيها زرع فالقياس أن يكون له ولاية القلع كالبناء والغرس وفي الاستحسان يترك إلى وقت الحصاد بأجر المثل وسنذكر وجهيها في كتاب العارية
nindex.php?page=treesubj&link=6432ولو منحه شاة حلوبا أو ناقة حلوبا أو بقرة حلوبا وقال هذه الشاة لك منحة أو هذه الناقة أو هذه البقرة كان عارية وجاز له الانتفاع بلبنها لأن اللبن وإن كان عينا حقيقة فهو معدود من المنافع عرفا وعادة فأعطى له حكم المنفعة كأنه أباح له شرب اللبن فيجوز له الانتفاع بلبنها وكذلك لو منحه جديا أو عناقا كان له عارية لأن الجدي بعرض أن يصير فحلا والعناق حلوبا وإن عنى بالمنحة الهبة في هذه المواضع على فهو ما عنى لأنه نوى ما يحتمله لفظه وفيه تشديد على نفسه وإن كان مما لا يمكن الانتفاع به إلا بالاستهلاك كالمأكول والمشروب والدراهم والدنانير بأن .
nindex.php?page=treesubj&link=7253قال هذا الطعام لك منحة أو هذا اللبن أو هذه الدراهم والدنانير كان هبة لأن المنحة المضافة إلى ما لا يمكن الانتفاع به إلا بالاستهلاك لا يمكن حملها على هبة المنفعة فيحمل على هبة العين وهي تمليكها وتمليك العين للحال من غير عوض هو تغيير الهبة هذا إذا كان الإيجاب مطلقا عن القرينة فأما إذا كان مقرونا بقرينة فالقرينة لا تخلو .
( إما ) إن كان وقتا .
( وإما ) إن كان شرطا .
( وإما ) إن كان منفعة فإن كان وقتا بأن
nindex.php?page=treesubj&link=7279_7254قال أعمرتك هذه الدار أو صرح فقال جعلت هذه الدار لك عمرى أو قال جعلتها لك عمرك أو قال هي لك عمرك أو حياتك فإذا مت أنت فهي رد علي أو قال جعلتها عمري أو حياتي فإذا مت أنا فهي رد على ورثتي فهذا كله هبة وهي للمعمر له في حياته ولورثته بعد وفاته والتوقيت باطل والأصل فيه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2249أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها فإن من أعمر شيئا فإنه لمن أعمره } وروى
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9007أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا يرجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث } .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35591من أعمر عمرى حياته فهي له ولعقبه يرثها من يرثه بعده } فدلت هذه النصوص على جواز الهبة وبطلان التوقيت لأن قوله جعلت هذه الدار لك أو هي لك تمليك العين للحال مطلقا ثم قوله عمرى توقيت التمليك وإنه تغيير لمقتضى العقد وكذا تمليك الأعيان لا يحتمل التوقيت نصا كالبيع فكان التوقيت تصرفا مخالفا لمقتضى العقد والشرع فبطل وبقي العقد صحيحا وإن كانت القرينة شرطا نظر إلى الشرط المقرون فإن كان مما يمنع وقوع التصرف تمليكا للحال يمنع صحة الهبة وإلا فيبطل الشرط وتصح الهبة وعلى هذا يخرج ما
nindex.php?page=treesubj&link=7255_7254إذا قال أرقبتك هذه الدار أو صرح فقال
[ ص: 117 ] جعلت هذه الدار لك رقبى أو قال هذه الدار لك رقبى ودفعها إليه فهي عارية في يده له أن يأخذها منه متى شاء وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف هذا هبة وقوله رقبى باطل احتج بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز العمرى والرقبى ولأن قوله داري لك تمليك العين لا تمليك المنفعة ولما قال رقبى فقد علقه بالشرط وأنه لا يحتمل التعليق فبطل الشرط وبقي العقد صحيحا ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=7255_7252لو قال داري لك عمرى أنه تصح الهبة ويبطل شرط المعمر كذا هذا .
واحتجا بما روى
الشعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=504أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز العمرى وأبطل الرقبى } ومثلهما لا يكذب ولأن قوله داري لك رقبى تعليق التمليك بالخطر لأن معنى الرقبى أنه يقول إن مت أنا قبلك فهي لك وإن مت أنت قبلي فهي لي سمى الرقبى من الرقوب والارتقاب والترقب وهو الانتظار لأن كل واحد منهما ينتظر موت صاحبه قبل موته وذلك غير معلوم فكانت الرقبى تعليق التمليك بأمر له خطر الوجود والعدم والتمليكات مما لا تحتمل التعليق بالخطر فلم تصح هبة وصحت عارية لأنه دفع إليه وأطلق له الانتفاع به وهذا معنى العارية وهذا بخلاف العمرى لأن هناك وقع التصرف تمليكا للحال فهو بقوله عمرى وقت التمليك أنه لا يحتمل التوقيت فبطل وبقي العقد على الصحة ولا حجة له في الحديث لأن الرقبى تحتمل أن تكون من المراقبة وهي الانتظار ويحتمل أن تكون من الرقاب وهو هبة الرقبة : .
فإن أريد بها الأول كان حجة وإن أريد بها الثاني لا يكون حجة لأن ذلك جائز فلا يكون حجة مع الاحتمال أو يحمل على الثاني توفيقا بين الحديثين صيانة لكلام من يستحيل عليه التناقض عنه وبهذا تبين أن لا اختلاف بينهم في الحقيقة إن كان الرقبى والإرقاب مستعملين في اللغة في هبة الرقبة وينبغي أن ينوي فإن عنى به هبة الرقبة يجوز بلا خلاف وإن عنى به مراقبة الموت لا يجوز بلا خلاف
nindex.php?page=treesubj&link=7252ولو قال لرجلين داري لأطولكما حياة فهو باطل لأنه لا يدرى أيهما أطول حياة فكان هذا تعليق التمليك بالخطر فبطل
nindex.php?page=treesubj&link=7249_6440ولو قال داري لك حبيس فهذا عارية عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف هو هبة وقوله حبيس باطل بمنزلة الرقبى .
( وجه ) قوله أن قوله داري لك تمليك وقوله حبيس نفى الملك فلم يصح النفي وبقي التمليك على حاله .
( وجه ) قولهما أن قوله حبيس خرج تفسيرا لقوله لك فصار كأنه ابتدأ بالحبيس فقال داري حبيس لك ولو قال ذلك كان عارية بالإجماع كذا هذا ولو قال داري رقبى لك كان عارية إجماعا ذكره
القاضي في شرحه مختصر
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ولو
nindex.php?page=treesubj&link=7255وهب جارية على أن يبيعها أو على أن يتخذها أم ولد أو على أن يبيعها لفلان أو على أن يردها عليه بعد شهر جازت الهبة وبطل الشرط لأن هذه الشروط مما لم تمنع وقوع التصرف تمليكا للحال وهي شروط تخالف مقتضى العقد فتبطل ويبقى العقد على الصحة بخلاف شروط الرقبى على ما بينا وبخلاف البيع فإنه تبطله هذه الشروط لأن القياس أن لا يكون قران الشرط الفاسد لعقد ما مفسرا له لأن ذكره في العقد لم يصح فيلحق بالعدم ويبقى العقد صحيحا إلا أن الفساد في البيع للنهي الوارد فيه ولا نهي في الهبة فيبقى الحكم فيه على الأصل ولأن دلائل شرعية الهبة عامة مطلقة من نحو قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا } وهذا يجري مجرى الترغيب في أكل المهر .
وقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16975تهادوا تحابوا }
nindex.php?page=treesubj&link=23804_7337وهذا ندب إلى التهادي والهدية هبة وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق رضي الله عنه أنه قال لسيدتنا
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها إني كنت نحلتك كذا وكذا وعن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه قال من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض عنها ونحوه من الدلائل المقتضية لشرعية الهبة من غير فصل بين ما قرن بها شرطا فاسدا أو لم يقرن .
وعلى هذا يخرج ما
nindex.php?page=treesubj&link=23726إذا وهب جارية واستثنى ما في بطنها أو وهب حيوانا واستثنى ما في بطنه أن الهبة جائزة في الأم والولد جميعا والاستثناء باطل والكل للموهوب له وجملة الكلام في
nindex.php?page=treesubj&link=27087_7497_23909_5667_4669_23726العقود التي فيها استثناء الحمل أنها أقسام ثلاثة قسم منها يبطل ويبطل الاستثناء جميعا وقسم منها يصح ويبطل الاستثناء وقسم منها يصح ويصح الاستثناء .
( أما ) الأول فهو البيع والإجارة والكتابة والرهن لأن الاستثناء لما في البطن بمنزلة شرط فاسد وهذه العقود تبطل بالشروط الفاسدة .
( وأما ) القسم الثاني فالهبة والصدقة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد لأن هذه العقود
[ ص: 118 ] لا تبطل بالشروط الفاسدة فيصح العقد ويبطل الاستثناء ويدخل الأم والولد جميعا في العقد لأن الشرط الفاسد وهو الاستثناء فيها إذا لم يصلح التحق بالعدم فصار كأنه لم يستثن وكذا العتق بأن أعتق جارية واستثنى ما في بطنها أنه يصح العتق ولا يصح الاستثناء حتى يعتق الأم والولد جميعا لما قلنا .
( وأما ) القسم الثالث فالوصية بأن
nindex.php?page=treesubj&link=23553أوصى لرجل بجارية واستثنى ما في بطنها لأنه لما جعل الجارية وصية له واستثنى ما في بطنها فقد أبقى ما في بطنها ميراثا لورثته والميراث يجرى فيما في البطن وهذا بخلاف ما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=23553أوصى بجارية لرجل واستثنى خدمتها وغلتها لورثته أنه تصح الوصية ويبطل الاستثناء لأن الغلة والخدمة لا يجرى فيهما الميراث بانفرادهما بدون الأصل ألا ترى أنه لو أوصى بخدمتها وغلتها لإنسان ومات الموصي ثم مات الموصى له بعد القبول لا تصير الغلة والخدمة ميراثا لورثة الموصى له بل تعود إلى ورثة الموصي وبمثله لو أوصى بما في بطن جاريته لإنسان والمسألة بحالها فإن الولد يصير ميراثا لورثة الموصى له وما افترقا إلا لما ذكرنا والله عز وجل أعلم .
وإن كانت القرينة منفعة بأن
nindex.php?page=treesubj&link=6439_6437قال داري لك سكنى أو عمرى سكنى أو صدقة سكنى أو هبة سكنى أو سكنى هبة أو هي لك عمرى عارية ودفعها إليه فهذا كله عارية لأنه لما ذكر السكنى في قوله داري لك سكنى أو عمرى سكنى أو صدقة سكنى دل على أنه أراد تمليك المنافع لأن قوله هذا لك ظاهره وإن كان لتمليك العين لكنه يحتمل تمليك المنفعة لأن الإضافة إلى المستعير والمستأجر منفعة عرفا وشرعا وقوله سكنى موضوع للمنفعة لا تستعمل إلا لها فكان محكما فجعل تفسيرا للمحتمل وبيانا أنه أراد به تمليك المنفعة وتمليك المنفعة بغير عوض هو تفسير العارية وكذا قوله سكنى بعد ذكر الهبة يكون تفسيرا للهبة لأن قوله هبة يحتمل هبة العين ويحتمل هبة المنافع .
فإذا قال سكنى فقد عين هبة المنافع فكان بيانا لمراد المتكلم أنه أراد هبة المنافع وهبة المنفعة تمليكها من غير عوض وهو معنى العارية وإذا قال سكنى هبة فمعناها أن سكنى الدار هبة لك فكان هبة المنفعة وهو تفسير العارية ولو قال هي لك عمرى تسكنها أو هبة تسكنها أو صدقة تسكنها ودفعها إليه فهو هبة لأنه ما فسر الهبة بالسكنى لأنه لم يجعله نعتا فيكون بيانا للمحتمل بل وهب الدار منه ثم شاوره فيما يعمل بملكه والمشورة في ملك الغير باطلة فتعلقت الهبة بالعين وقوله تسكنها بمنزلة قوله لتسكنها كما إذا قال وهبتها لك لتؤاجرها ولو قال هي لك تسكنها كانت هبة أيضا لأن الإضافة بحرف اللام إلى من هو أهل الملك للتمليك وقوله تسكنها مشورة على ما بينا .
( كِتَابُ الْهِبَةِ )
الْكَلَامُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي الْأَصْلِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7239_7250_7249بَيَانِ رُكْنِ الْهِبَةِ وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ وَفِي بَيَانِ حُكْمِ الْهِبَةِ أَمَّا رُكْنُ الْهِبَةِ فَهُوَ الْإِيجَابُ مِنْ الْوَاهِبِ فَأَمَّا الْقَبُولُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَيْسَ بِرُكْنٍ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ رُكْنًا وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ وَفِي قَوْلٍ قَالَ الْقَبْضُ أَيْضًا رُكْنٌ وَفَائِدَةُ هَذَا الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=7250حَلَفَ لَا يَهَبُ هَذَا الشَّيْءِ لِفُلَانٍ فَوَهَبَهُ مِنْهُ فَلَمْ يَقْبَلْ أَنَّهُ يَحْنَثُ اسْتِحْسَانًا وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَقْبَلْ وَفِي قَوْلٍ مَا لَمْ يَقْبَلْ وَيَقْبِضْ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ هَذَا الشَّيْءَ لِفُلَانٍ فَبَاعَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ وَهَبْتُ هَذَا الشَّيْءَ مِنْكَ فَلَمْ يَقْبَلْ فَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ لَا بَلْ قَبِلْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُ هَذَا الشَّيْءَ مِنْكَ فَلَمْ تُقْبَلْ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا بَلْ قَبِلْتُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ .
( وَجْهُ ) الْقِيَاسِ أَنَّ الْهِبَةَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ وَالتَّصَرُّفُ الشَّرْعِيُّ وُجُودُهُ شَرْعًا بِاعْتِبَارِهِ وَهُوَ انْعِقَادُهُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْإِيجَابِ فَلَا يَكُونُ نَفْسُ الْإِيجَابِ هِبَةً شَرْعًا لِهَذَا أَمْكَنَ الْإِيجَابُ بِدُونِ الْقَبُولِ تَبَعًا كَذَا هَذَا .
( وَجْهُ ) الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْهِبَةَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ مُجَرَّدِ إيجَابِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ شَرِيطَةِ الْقَبُولِ وَإِنَّمَا الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ لِثُبُوتِ حُكْمِهَا لَا لِوُجُودِهَا فِي نَفْسِهَا فَإِذَا أَوْجَبَ فَقَدْ أَتَى بِالْهِبَةِ فَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ وُقُوعَ التَّصَرُّفِ هِبَةٌ لَا يَقِفُ عَلَى الْقَبُولِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30047لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إلَّا مَقْبُوضَةً مَحُوزَةً } أَطْلَقَ اسْمَ الْهِبَةِ بِدُونِ الْقَبْضِ وَالْحِيَازَةِ وَرُوِيَ أَنَّ
الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ
بِالْأَبْوَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ
بِوَدَّانِ فَرَدَّهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33738لَوْلَا أَنَّا حَرَامٌ وَإِلَّا لَقَبِلْنَا } فَقَدْ أَطْلَقَ الرَّاوِي اسْمَ الْإِهْدَاءِ بِدُونِ الْقَبُولِ وَالْإِهْدَاءُ مِنْ أَلْفَاظِ الْهِبَةِ .
وَرُوِيَ أَنَّ سَيِّدَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَى سَيِّدَتَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَقَالَ لَهَا إنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِي
بِالْعَالِيَةِ وَإِنَّكَ لَمْ تَكُونِي قَبَضْتِيهِ وَلَا حَرَزْتِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ مَالُ الْوَارِثِ أَطْلَقَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْمَ النِّحْلَى بِدُونِ الْقَبْضِ وَالنِّحْلَى مِنْ أَلْفَاظِ الْهِبَةِ فَثَبَتَ أَنَّ الْهِبَةَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ نَفْسِ إيجَابِ الْمِلْكِ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَعْنَى التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيُّ هُوَ مَا دَلَّ اللَّفْظُ لُغَةً بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ اسْمُ الْإِيجَابِ مَعَ الْقَبُولِ فَلَا يُطْلَقُ اسْمُ الْبَيْعِ لُغَةً وَشَرِيعَةً عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَمَا لَمْ يُوجَدَا لَا يَتَّسِمُ التَّصَرُّفُ بِسِمَةِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْهِبَةِ هُوَ اكْتِسَابُ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ بِإِظْهَارِ الْجُودِ وَالسَّخَاءِ وَهَذَا يَحْصُلُ بِدُونِ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَكَذَا الْغَرَضُ مِنْ الْحَلِفِ هُوَ مَنْعُ النَّفْسِ عَنْ مُبَاشَرَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ هُوَ الْإِيجَابُ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْوَاهِبِ فَيَقْدِرُ عَلَى مَنْعِ نَفْسِهِ عَنْهُ .
( فَأَمَّا ) الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ فَفِعْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا يَكُونُ مَقْدُورَ الْوَاهِبِ وَالْمِلْكُ مَحْكُومٌ شَرْعِيٌّ ثَبَتَ جَبْرًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى شَاءَ الْعَبْدُ أَوْ أَبَى فَلَا يُتَصَوَّرُ مَنْعَ النَّفْسِ عَنْهُ أَيْضًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ وَإِنْ مَنَعَ نَفْسَهُ عَنْ فِعْلِهِ وَهُوَ الْإِيجَابُ إلَّا أَنَّ الْإِيجَابَ هُنَاكَ لَا يَصِيرُ تَبَعًا بِدُونِ الْقَبُولِ فَشَرَطَ الْقَبُولَ لِيَصِيرَ تَبَعًا فَالْإِيجَابُ هُوَ أَنْ يَقُولَ الْوَاهِبُ وَهَبْتُ هَذَا الشَّيْءَ لَكَ أَوْ مَلَّكْتُهُ مِنْكَ أَوْ جَعَلْتُهُ لَكَ أَوْ هُوَ لَكَ أَوْ أَعْطَيْتُهُ أَوْ نَحَلْتُهُ أَوْ أَهْدَيْتُهُ إلَيْكَ أَوْ أَطْعَمْتُكَ هَذَا الطَّعَامَ أَوْ حَمَلْتُكَ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ وَنَوَى بِهِ الْهِبَةَ .
( أَمَّا ) قَوْلُهُ وَهَبْتُ لَكَ فَصَرِيحٌ فِي الْبَابِ وَقَوْلُهُ مَلَّكْتُكَ يُجْرَى مَجْرَى الصَّرِيحِ أَيْضًا لِأَنَّ تَمْلِيكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ مِنْ
[ ص: 116 ] غَيْرِ عِوَضٍ هُوَ تَفْسِيرُ الْهِبَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ جَعَلْتُ هَذَا الشَّيْءَ لَكَ وَقَوْلُهُ هُوَ لَكَ لِأَنَّ اللَّامَ الْمُضَافَ إلَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ لِلتَّمْلِيكِ فَكَانَ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ مَعْنَى الْهِبَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَعْطَيْتُكَ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ الْمُضَافَةَ إلَى الْعَيْنِ فِي عُرْفِ النَّاسِ هُوَ تَمْلِيكُهَا لِلْحَالِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَهَذَا مَعْنَى الْهِبَةِ وَكَذَا يُسْتَعْمَلُ الْإِعْطَاءُ اسْتِعْمَالَ الْهِبَةِ يُقَالُ أَعْطَاكَ اللَّهُ كَذَا وَوَهَبَكَ بِمَعْنَى وَالنِّحْلَةُ هِيَ الْعَطِيَّةُ يُقَالُ فُلَانٌ نَحَلَ وَلَدَهُ نِحْلَى أَيْ أَعْطَاهُ عَطِيَّةً وَالْهِبَةُ بِمَعْنَى الْعَطِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَطْعَمْتُكَ هَذَا الطَّعَامَ فِي مَعْنَى أَعْطَيْتُكَ وَقَوْلُهُ حَمَلْتُكَ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَيَحْتَمِلُ الْعَارِيَّةَ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ سَيِّدَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَمَلَ رَجُلًا عَلَى دَابَّةٍ ثُمَّ رَآهَا تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29930لَا تَرْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ } فَاحْتَمَلَ تَمْلِيكَ الْعَيْنِ وَاحْتَمَلَ تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِلتَّعْيِينِ .
nindex.php?page=treesubj&link=7253وَلَوْ قَالَ مَنَحْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ أَوْ قَالَ هَذَا الشَّيْءُ لَكَ مِنْحَةً فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِمَّا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِهْلَاكٍ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِاسْتِهْلَاكِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِهْلَاكٍ كَالدَّارِ وَالثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ وَالْأَرْضِ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَكَ مِنْحَةً أَوْ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضُ فَهُوَ عَارِيَّةٌ لِأَنَّ الْمِنْحَةَ فِي الْأَصْلِ عِبَارَةٌ عَنْ هِبَةِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ مَا لَهُ حُكْمُ الْمَنْفَعَةِ وَقَدْ أُضِيفَ إلَى مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِهْلَاكِهِ مِنْ السُّكْنَى وَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَالزِّرَاعَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ زِرَاعَتُهَا فَكَانَ هَذَا تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ تَفْسِيرُ الْإِعَارَةِ .
وَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=6432_6431_27613إذَا قَالَ لِأَرْضٍ بَيْضَاءَ هَذِهِ الْأَرْضُ لَكَ طُعْمَةً كَانَ عَارِيَّةً لِأَنَّ عَيْنَ الْأَرْضِ مِمَّا لَا يُطْعَمُ وَإِنَّمَا يُطْعَمُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَكَانَ طُعْمَةُ الْأَرْضِ زِرَاعَتَهَا فَكَانَ ذَلِكَ حِينَئِذٍ إعَارَةً وَلِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا زَرْعٌ وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ الْقَلْعِ كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَفِي الِاسْتِحْسَان يُتْرَكُ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَسَنَذْكُرُ وَجْهَيْهَا فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=6432وَلَوْ مَنَحَهُ شَاةً حَلُوبًا أَوْ نَاقَةً حَلُوبًا أَوْ بَقَرَةً حَلُوبًا وَقَالَ هَذِهِ الشَّاةُ لَكَ مِنْحَةٌ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ أَوْ هَذِهِ الْبَقَرَةُ كَانَ عَارِيَّةً وَجَازَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا حَقِيقَةً فَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الْمَنَافِعِ عُرْفًا وَعَادَةً فَأَعْطَى لَهُ حُكْمَ الْمَنْفَعَةِ كَأَنَّهُ أَبَاحَ لَهُ شُرْبَ اللَّبَنَ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ مَنَحَهُ جَدْيًا أَوْ عَنَاقًا كَانَ لَهُ عَارِيَّةً لِأَنَّ الْجَدْيَ بِعَرَضِ أَنْ يَصِيرَ فَحْلًا وَالْعَنَاقَ حَلُوبًا وَإِنْ عَنَى بِالْمِنْحَةِ الْهِبَةَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعَ عَلَى فَهُوَ مَا عَنَى لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ كَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِأَنْ .
nindex.php?page=treesubj&link=7253قَالَ هَذَا الطَّعَامُ لَكَ مِنْحَةٌ أَوْ هَذَا اللَّبَنُ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ كَانَ هِبَةً لِأَنَّ الْمِنْحَةَ الْمُضَافَةَ إلَى مَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِالِاسْتِهْلَاكِ لَا يُمْكِنُ حَمْلَهَا عَلَى هِبَةِ الْمَنْفَعَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى هِبَةِ الْعَيْنِ وَهِيَ تَمْلِيكُهَا وَتَمْلِيكُ الْعَيْنِ لِلْحَالِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ هُوَ تَغْيِيرُ الْهِبَةِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِيجَابُ مُطْلَقًا عَنْ الْقَرِينَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَقْرُونًا بِقَرِينَةٍ فَالْقَرِينَةُ لَا تَخْلُو .
( إمَّا ) إنْ كَانَ وَقْتًا .
( وَإِمَّا ) إنْ كَانَ شَرْطًا .
( وَإِمَّا ) إنْ كَانَ مَنْفَعَةً فَإِنْ كَانَ وَقْتًا بِأَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=7279_7254قَالَ أَعْمَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ أَوْ صَرَّحَ فَقَالَ جَعَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ لَك عُمْرَى أَوْ قَالَ جَعَلْتُهَا لَك عُمُرَكَ أَوْ قَالَ هِيَ لَك عُمُرَكَ أَوْ حَيَاتَكَ فَإِذَا مِتَّ أَنْتَ فَهِيَ رَدٌّ عَلَيَّ أَوْ قَالَ جَعَلْتُهَا عُمْرِي أَوْ حَيَاتِي فَإِذَا مِتَّ أَنَا فَهِيَ رَدٌّ عَلَى وَرَثَتِي فَهَذَا كُلُّهُ هِبَةٌ وَهِيَ لِلْمُعَمَّرِ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَالتَّوْقِيتُ بَاطِلٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2249أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ لَا تَعْمُرُوهَا فَإِنَّ مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَإِنَّهُ لِمَنْ أَعْمَرَهُ } وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9007أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْمَرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي يُعْطَاهَا لَا يَرْجِعُ إلَى الَّذِي أَعْطَاهَا لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ } .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35591مَنْ أُعْمِرَ عُمْرَى حَيَاتَهُ فَهِيَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ يَرِثُهَا مَنْ يَرِثُهُ بَعْدَهُ } فَدَلَّتْ هَذِهِ النُّصُوصُ عَلَى جَوَازِ الْهِبَةِ وَبُطْلَانِ التَّوْقِيتِ لِأَنَّ قَوْلَهُ جَعَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ لَكَ أَوْ هِيَ لَك تَمْلِيكُ الْعَيْنِ لِلْحَالِ مُطْلَقًا ثُمَّ قَوْلُهُ عُمْرَى تَوْقِيتُ التَّمْلِيكِ وَإِنَّهُ تَغْيِيرٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَكَذَا تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ لَا يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ نَصًّا كَالْبَيْعِ فَكَانَ التَّوْقِيتُ تَصَرُّفًا مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالشَّرْعِ فَبَطَلَ وَبَقِيَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَتْ الْقَرِينَةُ شَرْطًا نَظَرَ إلَى الشَّرْطِ الْمَقْرُونِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَمْنَعُ وُقُوعَ التَّصَرُّفِ تَمْلِيكًا لِلْحَالِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ وَإِلَّا فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا
nindex.php?page=treesubj&link=7255_7254إذَا قَالَ أَرْقَبْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ صَرَّحَ فَقَالَ
[ ص: 117 ] جَعَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ لَكَ رُقْبَى أَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَكَ رُقْبَى وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ فِي يَدِهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ مَتَى شَاءَ وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ هَذَا هِبَةٌ وَقَوْلُهُ رُقْبَى بَاطِلٌ احْتَجَّ بِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى وَلِأَنَّ قَوْلَهُ دَارِي لَكَ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ لَا تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَلَمَّا قَالَ رُقْبَى فَقَدْ عَلَّقَهُ بِالشَّرْطِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ فَبَطَلَ الشَّرْطُ وَبَقِيَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=7255_7252لَوْ قَالَ دَارِي لَكَ عُمْرَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ شَرْطُ الْمُعَمَّرِ كَذَا هَذَا .
وَاحْتَجَّا بِمَا رَوَى
الشَّعْبِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=504أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ الْعُمْرَى وَأَبْطَلَ الرُّقْبَى } وَمِثْلُهُمَا لَا يَكْذِبُ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ دَارِي لَكَ رُقْبَى تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ بِالْخَطَرِ لِأَنَّ مَعْنَى الرُّقْبَى أَنَّهُ يَقُولُ إنْ مِتَّ أَنَا قَبْلَكَ فَهِيَ لَك وَإِنْ مِتَّ أَنْتَ قَبْلِي فَهِيَ لِي سَمَّى الرُّقْبَى مِنْ الرُّقُوبِ وَالِارْتِقَابِ وَالتَّرَقُّبُ وَهُوَ الِانْتِظَارُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْتَظِرُ مَوْتَ صَاحِبِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَكَانَتْ الرُّقْبَى تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ بِأَمْرٍ لَهُ خَطَرُ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ وَالتَّمْلِيكَاتُ مِمَّا لَا تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ فَلَمْ تَصِحَّ هِبَةً وَصَحَّتْ عَارِيَّةً لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ وَأَطْلَقَ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَهَذَا مَعْنَى الْعَارِيَّةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعُمْرَى لِأَنَّ هُنَاكَ وَقَعَ التَّصَرُّفُ تَمْلِيكًا لِلْحَالِ فَهُوَ بِقَوْلِهِ عُمْرَى وَقْتَ التَّمْلِيكِ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ فَبَطَلَ وَبَقِيَ الْعَقْدُ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ الرُّقْبَى تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُرَاقَبَةِ وَهِيَ الِانْتِظَارُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الرِّقَابِ وَهُوَ هِبَةُ الرَّقَبَةِ : .
فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْأَوَّلُ كَانَ حُجَّةً وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الثَّانِي لَا يَكُونُ حُجَّةً لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً مَعَ الِاحْتِمَالِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّانِي تَوْفِيقًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ صِيَانَةً لِكَلَامِ مَنْ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ التَّنَاقُضُ عَنْهُ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنْ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الْحَقِيقَة إنْ كَانَ الرُّقْبَى وَالْإِرْقَابُ مُسْتَعْمَلَيْنِ فِي اللُّغَةِ فِي هِبَةِ الرَّقَبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ فَإِنْ عَنَى بِهِ هِبَةَ الرَّقَبَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ عَنَى بِهِ مُرَاقَبَةَ الْمَوْتِ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ
nindex.php?page=treesubj&link=7252وَلَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ دَارِي لِأَطْوَلِكُمَا حَيَاةً فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى أَيُّهُمَا أَطْوَلُ حَيَاةً فَكَانَ هَذَا تَعْلِيقَ التَّمْلِيكِ بِالْخَطَرِ فَبَطَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=7249_6440وَلَوْ قَالَ دَارِي لَكَ حَبِيسٌ فَهَذَا عَارِيَّةٌ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ هُوَ هِبَةٌ وَقَوْلُهُ حَبِيسٌ بَاطِلٌ بِمَنْزِلَةِ الرُّقْبَى .
( وَجْهُ ) قَوْلِهِ أَنَّ قَوْلَهُ دَارِي لَكَ تَمْلِيكٌ وَقَوْلُهُ حَبِيسٌ نَفَى الْمِلْكَ فَلَمْ يَصِحَّ النَّفْيُ وَبَقِيَ التَّمْلِيكُ عَلَى حَالِهِ .
( وَجْهُ ) قَوْلِهِمَا أَنَّ قَوْلَهُ حَبِيسٌ خَرَجَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ لَكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ ابْتَدَأَ بِالْحَبِيسِ فَقَالَ دَارِي حَبِيسٌ لَكَ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ كَانَ عَارِيَّةً بِالْإِجْمَاعِ كَذَا هَذَا وَلَوْ قَالَ دَارِي رُقْبَى لَكَ كَانَ عَارِيَّةً إجْمَاعًا ذَكَرَهُ
الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ مُخْتَصَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=7255وَهَبَ جَارِيَةً عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا لِفُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَ شَهْرٍ جَازَتْ الْهِبَةُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ مِمَّا لَمْ تَمْنَعْ وُقُوعَ التَّصَرُّفِ تَمْلِيكًا لِلْحَالِ وَهِيَ شُرُوطٌ تُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَتَبْطُلُ وَيَبْقَى الْعَقْدُ عَلَى الصِّحَّةِ بِخِلَافِ شُرُوطِ الرُّقْبَى عَلَى مَا بَيَّنَّا وَبِخِلَافِ الْبَيْع فَإِنَّهُ تُبْطِلُهُ هَذِهِ الشُّرُوطُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَكُونَ قِرَانُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِعَقْدٍ مَا مُفَسِّرًا لَهُ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي الْعَقْد لَمْ يَصِحَّ فَيَلْحَقُ بِالْعَدَمِ وَيَبْقَى الْعَقْدُ صَحِيحًا إلَّا أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ وَلَا نَهْيَ فِي الْهِبَةِ فَيَبْقَى الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّ دَلَائِلَ شَرْعِيَّةِ الْهِبَةِ عَامَّةٌ مُطْلَقَةٌ مِنْ نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا } وَهَذَا يَجْرِي مَجْرَى التَّرْغِيبِ فِي أَكْلِ الْمَهْرِ .
وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16975تَهَادَوْا تَحَابُّوا }
nindex.php?page=treesubj&link=23804_7337وَهَذَا نَدْبٌ إلَى التَّهَادِي وَالْهَدِيَّةُ هِبَةٌ وَرَوَيْنَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِسَيِّدَتِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ كَذَا وَكَذَا وَعَنْ سَيِّدنَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إنْ لَمْ يَرْضَ عَنْهَا وَنَحْوِهِ مِنْ الدَّلَائِلِ الْمُقْتَضِيَةِ لِشَرْعِيَّةِ الْهِبَةِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مَا قَرَنَ بِهَا شَرْطًا فَاسِدًا أَوْ لَمْ يَقْرِنْ .
وَعَلَى هَذَا يَخْرُج مَا
nindex.php?page=treesubj&link=23726إذَا وَهَبَ جَارِيَةً وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا أَوْ وَهَبَ حَيَوَانًا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهِ أَنَّ الْهِبَة جَائِزَةٌ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ جَمِيعًا وَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ وَالْكُلُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=27087_7497_23909_5667_4669_23726الْعُقُودِ الَّتِي فِيهَا اسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ أَنَّهَا أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ قِسْمٌ مِنْهَا يَبْطُلُ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ جَمِيعًا وَقِسْمٌ مِنْهَا يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ وَقِسْمٌ مِنْهَا يَصِحُّ وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ .
( أَمَّا ) الْأَوَّلُ فَهُوَ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِمَا فِي الْبَطْنِ بِمَنْزِلَةِ شَرْطٍ فَاسِدٍ وَهَذِهِ الْعُقُودُ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ .
( وَأَمَّا ) الْقِسْمُ الثَّانِي فَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالنِّكَاحُ وَالْخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ
[ ص: 118 ] لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْوَلَدُ جَمِيعًا فِي الْعَقْد لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ فِيهَا إذَا لَمْ يَصْلُحْ الْتَحَقَ بِالْعَدَمِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ وَكَذَا الْعِتْقُ بِأَنْ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْعِتْقُ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ حَتَّى يَعْتِقَ الْأُمَّ وَالْوَلَدَ جَمِيعًا لِمَا قُلْنَا .
( وَأَمَّا ) الْقِسْمُ الثَّالِثُ فَالْوَصِيَّةُ بِأَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23553أَوْصَى لِرَجُلٍ بِجَارِيَةٍ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا لِأَنَّهُ لَمَا جَعَلَ الْجَارِيَةَ وَصِيَّةً لَهُ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَقَدْ أَبْقَى مَا فِي بَطْنِهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَالْمِيرَاثُ يُجْرَى فِيمَا فِي الْبَطْنِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=23553أَوْصَى بِجَارِيَةٍ لِرَجُلٍ وَاسْتَثْنَى خِدْمَتَهَا وَغَلَّتَهَا لِوَرَثَتِهِ أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ الْغَلَّةَ وَالْخِدْمَةَ لَا يُجْرَى فِيهِمَا الْمِيرَاثُ بِانْفِرَادِهِمَا بِدُونِ الْأَصْلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِخِدْمَتِهَا وَغَلَّتِهَا لِإِنْسَانٍ وَمَاتَ الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ لَا تَصِيرُ الْغَلَّةُ وَالْخِدْمَةُ مِيرَاثًا لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ بَلْ تَعُودُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَوْصَى بِمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ لِإِنْسَانٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ وَمَا افْتَرَقَا إلَّا لِمَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ .
وَإِنْ كَانَتْ الْقَرِينَةُ مَنْفَعَةً بِأَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=6439_6437قَالَ دَارِي لَك سُكْنَى أَوْ عُمْرَى سُكْنَى أَوْ صَدَقَةً سُكْنَى أَوْ هِبَةً سُكْنَى أَوْ سُكْنَى هِبَةً أَوْ هِيَ لَكَ عُمْرَى عَارِيَّةً وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهَذَا كُلُّهُ عَارِيَّةٌ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ السُّكْنَى فِي قَوْلِهِ دَارِي لَكَ سُكْنَى أَوْ عُمْرَى سُكْنَى أَوْ صَدَقَةً سُكْنَى دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا لَكَ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ مَنْفَعَةٌ عُرْفًا وَشَرْعًا وَقَوْلُهُ سُكْنَى مَوْضُوعٌ لِلْمَنْفَعَةِ لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا لَهَا فَكَانَ مُحْكَمًا فَجُعِلَ تَفْسِيرًا لِلْمُحْتَمِلِ وَبَيَانًا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ هُوَ تَفْسِيرُ الْعَارِيَّةِ وَكَذَا قَوْلُهُ سُكْنَى بَعْدَ ذِكْرِ الْهِبَةِ يَكُونُ تَفْسِيرًا لِلْهِبَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ هِبَةٌ يَحْتَمِلُ هِبَةَ الْعَيْنِ وَيَحْتَمِلُ هِبَةَ الْمَنَافِعِ .
فَإِذَا قَالَ سُكْنَى فَقَدْ عَيَّنَ هِبَةَ الْمَنَافِعِ فَكَانَ بَيَانًا لِمُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ أَنَّهُ أَرَادَ هِبَةَ الْمَنَافِعِ وَهِبَةُ الْمَنْفَعَةِ تَمْلِيكُهَا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ مَعْنَى الْعَارِيَّةِ وَإِذَا قَالَ سُكْنَى هِبَةً فَمَعْنَاهَا أَنَّ سُكْنَى الدَّارِ هِبَةٌ لَكَ فَكَانَ هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ تَفْسِيرُ الْعَارِيَّةِ وَلَوْ قَالَ هِيَ لَكَ عُمْرَى تَسْكُنُهَا أَوْ هِبَةً تَسْكُنُهَا أَوْ صَدَقَةً تَسْكُنُهَا وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهُوَ هِبَةٌ لِأَنَّهُ مَا فَسَّرَ الْهِبَةَ بِالسُّكْنَى لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ نَعْتًا فَيَكُونُ بَيَانًا لِلْمُحْتَمِلِ بَلْ وَهَبَ الدَّارَ مِنْهُ ثُمَّ شَاوَرَهُ فِيمَا يَعْمَلُ بِمِلْكِهِ وَالْمَشُورَةُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلَةٌ فَتَعَلَّقَتْ الْهِبَةُ بِالْعَيْنِ وَقَوْلُهُ تَسْكُنُهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لِتَسْكُنَهَا كَمَا إذَا قَالَ وَهَبْتُهَا لَكَ لِتُؤَاجِرَهَا وَلَوْ قَالَ هِيَ لَكَ تَسْكُنُهَا كَانَتْ هِبَةً أَيْضًا لِأَنَّ الْإِضَافَةَ بِحَرْفِ اللَّامِ إلَى مَنْ هُوَ أَهْلُ الْمِلْكِ لِلتَّمْلِيكِ وَقَوْلُهُ تَسْكُنُهَا مَشُورَةٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا .