( والثاني )
nindex.php?page=treesubj&link=7239شرائط صحة القبض فأنواع .
( منها ) أن يكون القبض بإذن المالك لأن الإذن بالقبض شرط لصحة القبض في باب البيع حتى لو قبض المشتري من غير إذن البائع قبل نقد الثمن كان للبائع حق الاسترداد
[ ص: 124 ] فلأن يكون في الهبة أولى لأن البيع يصح بدون القبض والهبة لا صحة لها بدون القبض فلما كان الإذن بالقبض شرطا لصحته فيما لا يتوقف صحته على القبض فلأن يكون شرطا فيما يتوقف صحته على القبض أولى ; ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=7239القبض في باب الهبة يشبه الركن وإن لم يكن ركنا على الحقيقة فيشبه القبول في باب البيع ولا يجوز القبول من غير إذن البائع ورضاه فلا يجوز القبض من غير إذن الواهب أيضا
nindex.php?page=treesubj&link=7239والإذن نوعان : صريح ودلالة .
أما الصريح فنحو أن يقول اقبض أو أذنت لك بالقبض أو رضيت وما يجرى هذا المجرى فيجوز قبضه سواء قبضه بحضرة الواهب أو بغير حضرته استحسانا والقياس أن لا يجوز قبضه بعد الافتراق عن المجلس وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله لأن القبض عنده ركن بمنزلة القبول على أحد قوليه فلا يصح بعد الافتراق عن المجلس كما لا يصح القبول عنده بعد الافتراق وإن كان بإذن الواهب كالقبول في باب البيع .
( وجه ) الاستحسان ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل إليه ست بدنات فجعلن يزدلفن إليه فقام عليه الصلاة والسلام فنحرهن بيده الشريفة وقال من شاء فليقطع وانصرف فقد أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبض بعد الافتراق حيث أذن لهم بالقطع فدل على جواز القبض واعتباره بعد الافتراق ولأن الإذن بقبض الواهب صريحا بمنزلة إذن البائع بقبض المبيع وذلك يعمل بعد الافتراق كذا هذا .
( وأما ) الدلالة فهي أن يقبض الموهوب له العين في المجلس ولا ينهاه الواهب فيجوز قبضه استحسانا والقياس أن لا يجوز كما لا يجوز بعد الافتراق وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر وقد ذكرنا القياس والاستحسان في الزيادات ولو
nindex.php?page=treesubj&link=24755_7239قبض المشتري المبيع بيعا جائزا بحضرة البائع قبل نقد الثمن لم يجز قبضه قياسا واستحسانا حتى كان له أن يسترد وفي البيع الفاسد اختلاف روايتي
الكرخي nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي رحمهما الله ذكرناهما في البيوع
( وجه ) القياس أن القبض ركن في الهبة كالقبول فيها فلا يجوز من غير إذن كالقبول من باب البيع .
( وجه ) الاستحسان أن الإذن بالقبض وجد من طريق الدلالة لأن الإقدام على إيجاب الهبة إذن بالقبض لأنه دليل قصد التمليك ولا ثبوت للملك إلا بالقبض فكان الإقدام على الإيجاب إذنا بالقبض دلالة والثابت دلالة كالثابت نصا بخلاف ما بعد الافتراق لأن الإقدام دلالة الإذن بالقبض في المجلس لا بعد الافتراق ولأن للقبض في باب الهبة شبها بالركن فيشبه القبول في باب البيع وإيجاب البيع يكون إذنا بالقبول في المجلس لا بعد الافتراق فكذا إيجاب الهبة يكون إذنا بالقبض لا بعد الافتراق .
nindex.php?page=treesubj&link=7239_23808ولو وهب شيئا متصلا بغيره مما لا تقع عليه الهبة كالثمر المعلق على الشجر دون الشجر أو الشجر دون الأرض أو حلية السيف دون السيف أو القفيز من الصبرة أو الصوف على ظهر الغنم وغير ذلك مما لا جواز للهبة فيه إلا بالفصل والقبض ففصل وقبض فإن قبض بغير إذن الواهب لم يجز القبض سواء كان الفصل والقبض بحضرة الواهب أو بغير حضرته ولأن الجواز في المنفصل عند حضرة الواهب للإذن الثابت دلالة الإيجاب ولم يوجد ههنا لأن الإيجاب لم يقع صحيحا حين وجوده فلا يصح الاستدلال على الإذن بالقبض وإن قبض بإذنه يجوز استحسانا والقياس أن لا يجوز وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر بناء على أن العقد إذا وقع فاسدا من حين وجوده لا يحتمل الجواز عنده بحال لاستحالة انقلاب الفاسد جائزا وعندنا يحتمل الجواز بإسقاط المفسد مقصورا على الحال أو من حين وجود العقد بطريق البيان على اختلاف الطريقين اللذين ذكرناهما في كتاب البيع .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=7239_7302إذا وهب دينا له على إنسان لآخر أنه إن قبض الموهوب له بإذن الواهب صريحا جاز قبضه استحسانا والقياس أن لا يجوز وقد ذكرنا وجه القياس والاستحسان فيما تقدم وإن قبضه بحضرته ولم ينهه عن ذلك لا يجوز قياسا واستحسانا فرق بين العين والدين .
( ووجه ) الفرق أن الجواز في
nindex.php?page=treesubj&link=7239هبة العين عند عدم التصريح بالإذن لكون الإيجاب فيها دلالة الإذن بالقبض لكون دلالة قصده تمليك ما هو ملكه من الموهوب له وإيجاب الهبة في الدين لغير من عليه الدين لا تصح دلالة الإذن إلا بقبضه لأن دلالته بواسطة دلالة قصد التمليك وتمليك الدين من غير من عليه الدين لا يتحقق إلا بالتصريح بالإذن بالقبض لأنه إذا أذن له بالقبض صريحا قام قبضه مقام قبض الواهب فيصير بقبض العين قابضا للواهب أولا ويصير المقبوض ملكا له أولا ثم يصير قابضا لنفسه من الواهب فيصير الواهب على هذا التقدير الذي
[ ص: 125 ] ذكرنا واهبا ملك نفسه والموهوب له قابضا ملك الواهب فصحت الهبة والقبض وإذا لم يصرح بالإذن بالقبض بقي المقبوض من المال العين على ملك من عليه فلم تصح الهبة فلا يجوز قبض الموهوب له فهو الفرق بين الفصلين .
ومنها أن لا يكون الموهوب مشغولا بما ليس بموهوب لأن معنى القبض وهو التمكن من التصرف في المقبوض لا يتحقق مع الشغل وعلى هذا يخرج ما
nindex.php?page=treesubj&link=23808إذا وهب دارا فيها متاع الواهب وسلم الدار إليه أو سلم الدار مع ما فيها من المتاع فإنه لا يجوز لأن الفراغ شرط صحة التسليم والقبض ولم يوجد قيل الحيلة في صحة التسليم أن يودع الواهب المتاع عند الموهوب له أولا ويخلى بينه وبين المتاع ثم يسلم الدار إليه فتجوز الهبة فيها لأنها مشغولة بمتاع هو في يد الموهوب له وفي هذه الحيلة إشكال وهو أن يد المودع يد المودع معنى فكانت يده قائمة على المتاع فتمنع صحة التسليم .
ولو أخرج المتاع من الدار ثم سلم فارغا جاز وينظر إلى حال القبض لا إلى حال العقد لأن المانع من النفاذ قد زال فينفذ كما في هبة المشاع ولو وهب ما فيها من المتاع دون الدار وخلى بينه وبين المتاع جازت الهبة لأن المتاع لا يكون مشغولا بالدار والدار تكون مشغولة بالمتاع لهذا افترقا فيصح تسليم المتاع ولا يصح تسليم الدار
nindex.php?page=treesubj&link=23808_7243ولو جمع في الهبة بين المتاع وبين الدار الذي فيها فوهبهما جميعا صفقة واحدة وخلى بينه وبينهما جازت الهبة فيهما جميعا لأن التسليم قد صح فيهما جميعا فإن فرق بينهما في الهبة بأن وهب أحدهما ثم وهب الآخر فهذا لا يخلو إما إن جمع بينهما في التسليم وأما إن فرق فإن جمع جازت الهبة فيهما جميعا وإن فرق بأن وهب أحدهما وسلم ثم وهب الآخر وسلم نظر في ذلك وروعي فيه الترتيب إن قدم هبة الدار فالهبة في الدار لم تجز لأنها مشغولة بالمتاع فلم يصح تسليم الدار وجازت في المتاع لأنه غير مشغول بالدار فيصح تسليمه ولو قدم هبة المتاع جازت الهبة فيهما جميعا أما في المتاع فلأنه غير مشغول بالدار فيصح تسليمه وأما في الدار فلأنها وقت التسليم كانت مشغولة بمتاع هو ملك الموهوب فلا يمنع صحة القبض .
وعلى هذا الأصل أيضا يخرج ما إذا وهب جارية واستثنى ما في بطنها أو حيوانا واستثنى ما في بطنه أنه لا يجوز لأنه لو جاز لكان ذلك هبة ما هو مشغول بغيره وإنها غير جائزة لأنه لا جواز لها بدون القبض وكون الموهوب مشغولا بغيره يمنع صحة القبض
nindex.php?page=treesubj&link=23808_23726ولو أعتق ما في بطن جاريته ثم وهب الأم يجوز وذكر في العتاق أنه لو دبر ما في بطن جاريته لا يجوز منهم من قال في المسألة روايتان .
( وجه ) رواية عدم الجواز أن الموهوب مشغول بما ليس بموهوب فأشبه هبة دار فيها متاع الواهب .
( وجه ) رواية الجواز وهي رواية
الكرخي أن حرية الجنين تجعله مستثنى من العقد لأن حكم العقد لم يثبت فيه مع تناوله إياه ظاهرا وهذا معنى الاستثناء ولو استثناه لفظا جازت الهبة في الأم فكذا إذا كان مستثنى في المعنى ومنهم من قال في المسألة رواية واحدة وفرق بين الإعتاق والتدبير .
( ووجه ) الفرق أن المدبر مال المولى فإذا وهب الأم فقد وهب ما هو مشغول بمال الواهب فلم يجز كهبة دار فيها متاع الواهب وأما الحر فليس بمال فصار كما لو وهب دارا فيها حر جالس وذا لا يمنع جواز الهبة كذا هذا ومنها أن لا يكون الموهوب متصلا بما ليس بموهوب اتصال الأجزاء لأن قبض الموهوب وحده لا يتصور وغيره ليس بموهوب فكان هذا في معنى المشاع وعلى هذا يخرج ما
nindex.php?page=treesubj&link=23808إذا وهب أرضا فيها زرع دون الزرع أو شجرا عليها ثمر دون الثمر أو وهب الزرع دون الأرض أو الثمر دون الشجر وخلى بينه وبين الموهوب له أنه لا يجوز لأن الموهوب متصل بما ليس بموهوب اتصال جزء بجزء فمنع صحة القبض ولو جذ الثمر وحصد الزرع ثم سلمه فارغا جاز لأن المانع من النفاذ وهو ثبوت الملك قد زال ولو جمع بينهما في الهبة فوهبهما جميعا وسلم متفرقا جاز ولو فرق بينهما في الهبة فوهب كل واحد منهما بعقد على حدة بأن وهب الأرض ثم الزرع أو الزرع ثم الأرض فإن جمع بينهما في التسليم جازت الهبة فيهما جميعا وإن فرق لا تجوز الهبة فيهما جميعا قدم أو أخر سواء .
بخلاف الفصل الأول لأن المانع من صحة القبض هنا الاتصال وأنه لا يختلف والمانع هناك الشغل وأنه يختلف نظير هذا ما إذا وهب نصف الدار مشاعا من رجل ولم يسلم إليه حتى وهب النصف الباقي منه وسلم الكل أنه يجوز ولو وهب النصف وسلم ثم وهب الباقي وسلم لا يجوز كذا هذا وعلى هذا يخرج ما
nindex.php?page=treesubj&link=23808إذا وهب صوفا على ظهر غنم أنه لا يجوز لأن الموهوب متصل بما ليس بموهوب وهذا يمنع صحة
[ ص: 126 ] القبض ولو جزه وسلمه جاز لزوال المانع والله عز وجل أعلم .
وعلى هذا
nindex.php?page=treesubj&link=23808إذا وهب دابة وعليها حمل بدون الحمل لا تجوز ولو رفع الحمل عنها وسلمها فارغا جاز لما قلنا بخلاف هبة ما في بطن جاريته أو ما في بطن غنمه أو ما في ضرعها أو هبة سمن في لبن أو دهن في سمسم أو زيت في زيتون أو دقيق في حنطة أنه يبطل وإن سلطه على قبضه عند الولاة أو عند استخراج ذلك لأن الموهوب هناك ليس محل العقد لكونه معدوما لهذا لم يجز بيعها فلا تجوز هبتها وهنا بخلافه على ما تقدم
nindex.php?page=treesubj&link=23725_7229ومنها أهلية القبض وهي العقل فلا يجوز قبض المجنون والصبي الذي لا يعقل وأما البلوغ فليس بشرط لصحة القبض استحسانا فيجوز قبض الصبي العاقل ما وهب له والقياس أن يكون شرطا ولا يجوز قبض الصبي وإن كان عاقلا .
( وجه ) القياس أن القبض من باب الولاية ولا ولاية له على نفسه فلا يجوز قبضه في الهبة كما لا يجوز في البيع .
( وجه ) الاستحسان أن قبض الهبة من التصرفات النافعة المحضة فيملكه الصبي العاقل كما يملك وليه ومن هو في عياله وكذا الصبية إذا عقلت جاز قبضها لما قلنا وكذلك الحرية ليست بشرط فيجوز قبض العبد المحجور عليه إذا وهب له هبة ولا يجوز قبض المولى عنه سواء كان على العبد دين أولا فالقبض إلى العبد والملك للمولى في المقبوض لأن القبض من حقوق العقد والعقد وقع للعبد فكان القبض إليه ولأن الأصل في بني
آدم الحرية والرق لعارض فكان الأصل فيهم إطلاق التصرف لهم والانحجار لعارض الرق عن التصرف يتضمن الضرر بالمولى ولم يوجد فبقي فيه على أصل الحرية والمقبوض كسب العبد وكسب العبد القن للمولى وكذلك المكاتب إذا وهب له هبة فالقبض إليه ولا يجوز قبض المولى عنه لما قلنا في القن فإذا قبض المكاتب فهو أحق به فلا يملكه المولى لأن الهبة كسبه والمكاتب أحق باكتسابه ومنها الولاية في أحد نوعي القبض وجملة الكلام فيه أن
nindex.php?page=treesubj&link=7239القبض نوعان قبض بطريق الأصالة وقبض بطريق النيابة .
( أما )
nindex.php?page=treesubj&link=7239القبض بطريق الأصالة فهو أن يقبض بنفسه لنفسه وشرط جوازه العقل فقط على ما بينا .
( وأما )
nindex.php?page=treesubj&link=7239القبض بطريق النيابة فالنيابة في القبض نوعان نوع يرجع إلى القابض ونوع يرجع إلى نفس القبض أما الأول الذي يرجع إلى القابض فهو القبض للصبي وشرط جوازه الولاية بالحجر والعيلة عند عدم الولاية فيقبض للصبي وليه أو من كان الصبي في حجره وعياله عند عدم الولي فيقبض له أبوه ثم وصي أبيه بعده ثم جده أبو أبيه بعد أبيه ووصيه ثم وصي جده بعده سواء كان الصبي في عيال هؤلاء أو لم يكن فيجوز قبضهم على هذا الترتيب حال حضرتهم لأن هؤلاء ولاية عليهم فيجوز قبضهم له .
وإذا غاب أحدهم غيبة منقطعة جاز قبض الذي يتلوه في الولاية لأن التأخير إلى قدوم الغائب تفويت المنفعة على الصغير فتنتقل الولاية إلى من يتلوه وإن كان دونه كما في ولاية الإنكاح ولا يجوز قبض غير هؤلاء الأربعة مع وجود واحد منهم سواء كان الصبي في عيال القابض أو لم يكن وسواء كان ذا رحم محرم منه كالأخ والعم والأم ونحوهم أو أجنبيا لأنه ليس لغير هؤلاء ولاية التصرف في مال الصبي فقيام ولاية التصرف لهم تمنع ثبوت حق القبض لغيرهم فإن لم يكن أحد من هؤلاء الأربعة جاز قبض من كان الصبي في حجره وعياله استحسانا والقياس أن لا يجوز لعدم الولاية ولا يجوز قبض من لم يكن في عياله أجنبيا كان أو ذا رحم محرم منه قياسا واستحسانا وإنما كان كذلك لأن الذي في عياله له عليه ضرب ولاية ألا ترى أنه يؤدبه ويسلمه في الصنائع التي للصبي فيها منفعة وللصبي في قبض الهبة منفعة محضة فقيام هذا القدر من الولاية يكفي لتصرف فيه منفعة محضة للصبي .
( وأما ) من ليس في عياله فلا ولاية له عليه أصلا فلا يجوز قبضه له كالأجنبي والقبض للصبية إذا عقلت ولها زوج قد دخل بها زوجها أيضا استحسانا لأنها في عياله لكن هذا إذا لم يكن أحد من هؤلاء فأما عند وجود واحد منهم فلا يجوز قبض الزوج كذا ذكره
الحاكم الجليل في مختصره .
( وأما ) الثاني الذي يرجع إلى نفس القبض فهو أن القبض الموجود في الهبة ينوب عن قبض الهبة سواء كان الموجود وقت العقد مثل قبض الهبة أو أقوى منه لأنه إذا كان مثله أمكن تحقيق التناوب إذ المتماثلان غيران ينوب كل واحد منهما مقام صاحبه ويسد مسده فتثبت المناوبة مقتضى المماثلة وإذا كان أقوى منه يوجد فيه المستحق وزيادة وبيان هذا في مسائل إذا
nindex.php?page=treesubj&link=7239كان الموهوب في يد الموهوب له وديعة أو عارية [ ص: 127 ] فوهب منه جازت الهبة وصار قابضا بنفس العقد ووقع العقد والقبض معا ولا يحتاج إلى تجديد القبض بعد العقد استحسانا والقياس أن لا يصير قابضا ما لم يجدد القبض وهو أن يخلي بين نفسه وبين الموهوب بعد العقد .
( وجه ) القياس أن يد المودع إن كانت يده صورة فهي يد المودع معنى فكان المال في يده فصار كأنه وهب ما في يده فلا بد من القبض بالتخلية .
( وجه ) الاستحسان أن القبضين متماثلان لأن كل واحد منهما قبض غير مضمون إذ الهبة عقد تبرع وكذا عقد الوديعة والعارية فتماثل القابضان فيتناوبان ضرورة بخلاف بيع الوديعة والعارية من المودع والمستعير لأن قبضهما لا ينوب عن قبض البيع لأن قبض الهبة أمانة وقبض البيع قبض ضمان فلم يتماثل القبضان بل الموجود أدنى من المستحق فلم يتناوبا ولو كان الموهوب في يده مغصوبا أو مقبوضا ببيع فاسد أو مقبوضا على سوم الشراء فكذا ينوب ذلك عن قبض الهبة لوجود المستحق بالعقد وهو أصل القبض وزيادة ضمان .
ولو كان الموهوب مرهونا في يده ذكر في الجامع أنه يصير قابضا وينوب قبض الرهن عن قبض الهبة لأن قبض الهبة قبض أمانة وقبض الرهن في حق العين قبض أمانة أيضا فيتماثلان فناب أحدهما عن الآخر ولئن كان قبض الرهن قبض ضمان فقبض الضمان أقوى من قبض الأمانة والأقوى ينوب عن الأدنى لوجود الأدنى فيه وزيادة وإذا صحت الهبة بالقبض بطل الرهن ويرجع المرتهن بدينه على الراهن .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي أنه لا يصير قابضا حتى يجدد القبض بعد عقد الهبة لأن قبض الرهن وإن كان قبض ضمان لكن هذا ضمان لا تصح البراءة منه فلا يحتمل الإبراء بالهبة ليصير قبض أمانة فيتجانس القبضان فيبقى قبض ضمان فاختلف القبضان فلا يتناوبان بخلاف المغصوب والمقبوض على سوم الشراء لأن ذلك الضمان مما تصح البراءة عنه فيبرأ عنه بالهبة ويبقى قبض بغير ضمان فتماثل القابضان فيتناوبان ولو كان مبيعا قبل القبض فوهب من البائع جاز ولكن لا يكون هبة بل يكون إقالة حتى لا تصح بدون قبول البائع ولو باعه من البائع قبل القبض لا يجعل إقالة بل يبطل أصلا ورأسا والفرق بينهما ما ذكرنا في كتاب البيوع ولو نحل ابنه الصغير شيئا جاز ويصير قابضا له مع العقد كما إذا باع ماله منه حتى لو هلك عقيب البيع يهلك من مال الابن لصيرورته قابضا للصغير مع العقد
nindex.php?page=treesubj&link=7341وينبغي للرجل أن يعدل بين أولاده في النحلى لقوله سبحانه وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إن الله يأمر بالعدل والإحسان } .
( وأما ) كيفية العدل بينهم فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف العدل في ذلك أن يسوي بينهم في العطية ولا يفضل الذكر على الأنثى وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد العدل بينهم أن يعطيهم على سبيل الترتيب في المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين كذا ذكر
القاضي الاختلاف بينهما في شرح مختصر
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الموطإ ينبغي للرجل أن يسوي بين ولده في النحل ولا يفضل بعضهم على بعض .
وظاهر هذا يقتضي أن يكون قوله مع قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وهو الصحيح لما روي أن
بشيرا أبا
النعمان أتى
بالنعمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ولدك نحلته مثل هذا فقال لا فقال النبي عليه الصلاة والسلام فأرجعه وهذا إشارة إلى العدل بين الأولاد في النحلة وهو التسوية بينهم ولأن في التسوية تأليف القلوب والتفضيل يورث الوحشة بينهم فكانت التسوية أولى ولو نحل بعضا وحرم بعضا جاز من طريق الحكم لأنه تصرف في خالص ملكه لا حق لأحد فيه إلا أنه لا يكون عدلا سواء كان المحروم فقيها تقيا أو جاهلا فاسقا على قول المتقدمين من مشايخنا وأما على قول المتأخرين منهم لا بأس أن يعطي المتأدبين والمتفقهين دون الفسقة الفجرة .
( وَالثَّانِي )
nindex.php?page=treesubj&link=7239شَرَائِطُ صِحَّةِ الْقَبْضِ فَأَنْوَاعٌ .
( مِنْهَا ) أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالْقَبْضِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ فِي بَابِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ
[ ص: 124 ] فَلَأَنْ يَكُونَ فِي الْهِبَةِ أَوْلَى لِأَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ بِدُونِ الْقَبْضِ وَالْهِبَةُ لَا صِحَّةَ لَهَا بِدُونِ الْقَبْضِ فَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ شَرْطًا لَصِحَّتِهِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْقَبْضِ فَلَأَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِيمَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْقَبْضِ أَوْلَى ; وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=7239الْقَبْضَ فِي بَابِ الْهِبَةِ يُشْبِهُ الرُّكْنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُكْنًا عَلَى الْحَقِيقَةِ فَيُشْبِهُ الْقَبُولَ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَرِضَاهُ فَلَا يَجُوزُ الْقَبْضُ مِنْ غَيْرِ إذْن الْوَاهِبِ أَيْضًا
nindex.php?page=treesubj&link=7239وَالْإِذْنُ نَوْعَانِ : صَرِيحٌ وَدَلَالَةٌ .
أَمَّا الصَّرِيحُ فَنَحْوِ أَنْ يَقُولَ اقْبِضْ أَوْ أَذِنْتُ لَكَ بِالْقَبْضِ أَوْ رَضِيتُ وَمَا يُجْرَى هَذَا الْمَجْرَى فَيَجُوزُ قَبْضُهُ سَوَاءٌ قَبَضَهُ بِحَضْرَةِ الْوَاهِبِ أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ قَبْضُهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الْقَبْضَ عِنْدَهُ رُكْنٌ بِمَنْزِلَةِ الْقَبُولِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ كَمَا لَا يَصِحُّ الْقَبُولُ عِنْدَهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ كَالْقَبُولِ فِي بَابِ الْبَيْعِ .
( وَجْهُ ) الِاسْتِحْسَانِ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمِلَ إلَيْهِ سِتُّ بَدَنَاتٍ فَجَعَلْنَ يَزْدَلِفْنَ إلَيْهِ فَقَامَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَنَحَرَهُنَّ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ وَقَالَ مَنْ شَاءَ فَلِيَقْطَعَ وَانْصَرَفَ فَقَدْ أَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَبْضِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ حَيْثُ أَذِنَ لَهُمْ بِالْقَطْعِ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْقَبْضِ وَاعْتِبَارُهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَلِأَنَّ الْإِذْنَ بِقَبْضِ الْوَاهِبِ صَرِيحًا بِمَنْزِلَةِ إذْنِ الْبَائِعِ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَذَلِكَ يَعْمَلُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ كَذَا هَذَا .
( وَأَمَّا ) الدَّلَالَةُ فَهِيَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَيْنَ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَنْهَاهُ الْوَاهِبُ فَيَجُوزُ قَبْضُهُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ كَمَا لَا يَجُوزَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ فِي الزِّيَادَاتِ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24755_7239قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا جَائِزًا بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يُسْتَرَدَّ وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اخْتِلَافُ رِوَايَتَيْ
الْكَرْخِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14695وَالطَّحَاوِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ذَكَرْنَاهُمَا فِي الْبُيُوعِ
( وَجْهُ ) الْقِيَاسِ أَنَّ الْقَبْضَ رُكْنٌ فِي الْهِبَةِ كَالْقَبُولِ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ كَالْقَبُولِ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ .
( وَجْهُ ) الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْإِذْنَ بِالْقَبْضِ وُجِدَ مِنْ طَرِيقِ الدَّلَالَةِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى إيجَابِ الْهِبَةِ إذْنٌ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُ دَلِيلُ قَصْدِ التَّمْلِيكِ وَلَا ثُبُوتَ لِلْمِلْكِ إلَّا بِالْقَبْضِ فَكَانَ الْإِقْدَامُ عَلَى الْإِيجَابِ إذْنًا بِالْقَبْضِ دَلَالَةً وَالثَّابِتُ دَلَالَةً كَالثَّابِتِ نَصًّا بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ دَلَالَةُ الْإِذْنِ بِالْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ لَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَلِأَنَّ لِلْقَبْضِ فِي بَابِ الْهِبَةِ شَبَهًا بِالرُّكْنِ فَيُشْبِهُ الْقَبُولَ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَإِيجَابُ الْبَيْعِ يَكُونُ إذْنًا بِالْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ لَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَكَذَا إيجَابُ الْهِبَةِ يَكُونُ إذْنًا بِالْقَبْضِ لَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ .
nindex.php?page=treesubj&link=7239_23808وَلَوْ وَهَبَ شَيْئًا مُتَّصِلًا بِغَيْرِهِ مِمَّا لَا تَقَعُ عَلَيْهِ الْهِبَةُ كَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الشَّجَرِ دُونَ الشَّجَرِ أَوْ الشَّجَرِ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ حِلْيَةِ السَّيْفِ دُونَ السَّيْفِ أَوْ الْقَفِيزِ مِنْ الصُّبْرَةِ أَوْ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا جَوَازَ لِلْهِبَةِ فِيهِ إلَّا بِالْفَصْلِ وَالْقَبْضِ فَفَصَلَ وَقَبَضَ فَإِنْ قَبَضَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَاهِبِ لَمْ يَجُزْ الْقَبْضُ سَوَاءٌ كَانَ الْفَصْلُ وَالْقَبْضُ بِحَضْرَةِ الْوَاهِبِ أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ وَلِأَنَّ الْجَوَازَ فِي الْمُنْفَصِلِ عِنْدَ حَضْرَةِ الْوَاهِبِ لِلْإِذْنِ الثَّابِتِ دَلَالَةَ الْإِيجَابِ وَلَمْ يُوجَدْ هَهُنَا لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَمْ يَقَعْ صَحِيحًا حِينَ وُجُودِهِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال عَلَى الْإِذْنِ بِالْقَبْضِ وَإِنْ قَبَضَ بِإِذْنِهِ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ فَاسِدًا مِنْ حِينِ وُجُودِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ عِنْدَهُ بِحَالٍ لِاسْتِحَالَةِ انْقِلَابِ الْفَاسِدِ جَائِزًا وَعِنْدَنَا يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ بِإِسْقَاطِ الْمُفْسِدِ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ أَوْ مِنْ حِينِ وُجُودِ الْعَقْدِ بِطَرِيقِ الْبَيَانِ عَلَى اخْتِلَافِ الطَّرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي كِتَابِ الْبَيْعِ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=7239_7302إذَا وَهَبَ دَيْنًا لَهُ عَلَى إنْسَانٍ لِآخَرَ أَنَّهُ إنَّ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ صَرِيحًا جَازَ قَبْضُهُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ قَبَضَهُ بِحَضْرَتِهِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فَرَّقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ .
( وَوَجْهُ ) الْفَرْقِ أَنَّ الْجَوَازَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7239هِبَةِ الْعَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالْإِذْنِ لِكَوْنِ الْإِيجَابِ فِيهَا دَلَالَةَ الْإِذْنِ بِالْقَبْضِ لِكَوْنِ دَلَالَةِ قَصْدِهِ تَمْلِيكُ مَا هُوَ مِلْكَهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِيجَابُ الْهِبَةِ فِي الدَّيْنِ لِغَيْرِ مِنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا تَصِحُّ دَلَالَةُ الْإِذْنِ إلَّا بِقَبْضِهِ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ بِوَاسِطَةِ دَلَالَةِ قَصْدِ التَّمْلِيكِ وَتَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالتَّصْرِيحِ بِالْإِذْنِ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ بِالْقَبْضِ صَرِيحًا قَامَ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْوَاهِبِ فَيَصِيرُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ قَابِضًا لِلْوَاهِبِ أَوَّلًا وَيَصِيرُ الْمَقْبُوضُ مِلْكًا لَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَصِيرُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَاهِبِ فَيَصِيرُ الْوَاهِبُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الَّذِي
[ ص: 125 ] ذَكَرْنَا وَاهِبًا مِلْكَ نَفْسِهِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ قَابِضًا مِلْكَ الْوَاهِبِ فَصَحَّتْ الْهِبَةُ وَالْقَبْضُ وَإِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِذْنِ بِالْقَبْضِ بَقِيَ الْمَقْبُوضُ مِنْ الْمَالِ الْعَيْن عَلَى مِلْكِ مَنْ عَلَيْهِ فَلَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ فَلَا يَجُوزُ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ .
وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَشْغُولًا بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ لِأَنَّ مَعْنَى الْقَبْضِ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَقْبُوضِ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الشَّغْلِ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا
nindex.php?page=treesubj&link=23808إذَا وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعَ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَ الدَّارَ إلَيْهِ أَوْ سَلَّمَ الدَّارَ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْفَرَاغَ شَرْطُ صِحَّةِ التَّسْلِيمِ وَالْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ قِيلَ الْحِيلَةُ فِي صِحَّةِ التَّسْلِيمِ أَنْ يُودِعَ الْوَاهِبُ الْمَتَاعَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوَّلًا وَيُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَتَاعِ ثُمَّ يُسَلِّمُ الدَّارَ إلَيْهِ فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِيهَا لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمَتَاعٍ هُوَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَفِي هَذِهِ الْحِيلَةِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ يَدَ الْمُودِع يَدُ الْمُودَعِ مَعْنَى فَكَانَتْ يَدُهُ قَائِمَةً عَلَى الْمَتَاعِ فَتَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْلِيمِ .
وَلَوْ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ سَلَّمَ فَارِغًا جَازَ وَيَنْظُرُ إلَى حَالِ الْقَبْضِ لَا إلَى حَالِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النَّفَاذِ قَدْ زَالَ فَيَنْفُذُ كَمَا فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ وَلَوْ وَهَبَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ دُونَ الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَتَاعِ جَازَتْ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْمَتَاعَ لَا يَكُونُ مَشْغُولًا بِالدَّارِ وَالدَّارُ تَكُونُ مَشْغُولَةً بِالْمَتَاعِ لِهَذَا افْتَرَقَا فَيَصِحُّ تَسْلِيمُ الْمَتَاعِ وَلَا يَصِحُّ تَسْلِيمُ الدَّارِ
nindex.php?page=treesubj&link=23808_7243وَلَوْ جَمَعَ فِي الْهِبَةِ بَيْنَ الْمَتَاعِ وَبَيْنَ الدَّارِ الَّذِي فِيهَا فَوَهَبَهُمَا جَمِيعًا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ صَحَّ فِيهِمَا جَمِيعًا فَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْهِبَةِ بِأَنْ وَهَبَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ وَهَبَ الْآخَرَ فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا إنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ وَأَمَّا إنْ فَرَّقَ فَإِنْ جَمَعَ جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَإِنْ فَرَّقَ بِأَنْ وَهَبَ أَحَدَهُمَا وَسَلَّمَ ثُمَّ وَهَبَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ نَظَرَ فِي ذَلِكَ وَرُوعِيَ فِيهِ التَّرْتِيبُ إنْ قَدَّمَ هِبَةَ الدَّارِ فَالْهِبَةُ فِي الدَّارِ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِالْمَتَاعِ فَلَمْ يَصِحَّ تَسْلِيمُ الدَّارِ وَجَازَتْ فِي الْمَتَاعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْغُولٍ بِالدَّارِ فَيَصِحُّ تَسْلِيمُهُ وَلَوْ قَدَّمَ هِبَةَ الْمَتَاعِ جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا أَمَّا فِي الْمَتَاعِ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْغُولٍ بِالدَّارِ فَيَصِحُّ تَسْلِيمُهُ وَأَمَّا فِي الدَّارِ فَلِأَنَّهَا وَقْتَ التَّسْلِيمِ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِمَتَاعٍ هُوَ مِلْكُ الْمَوْهُوبِ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَبْضِ .
وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ أَيْضًا يَخْرُجُ مَا إذَا وَهَبَ جَارِيَةً وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا أَوْ حَيَوَانًا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَكَانَ ذَلِكَ هِبَةَ مَا هُوَ مَشْغُولٌ بِغَيْرِهِ وَإِنَّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ لِأَنَّهُ لَا جَوَازَ لَهَا بِدُونِ الْقَبْضِ وَكَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَشْغُولًا بِغَيْرِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَبْضِ
nindex.php?page=treesubj&link=23808_23726وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ ثُمَّ وَهَبَ الْأُمَّ يَجُوزُ وَذَكَرَ فِي الْعَتَاقِ أَنَّهُ لَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ .
( وَجْهُ ) رِوَايَةِ عَدَمِ الْجَوَازِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ فَأَشْبَهَ هِبَةَ دَارٍ فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ .
( وَجْهُ ) رِوَايَةِ الْجَوَازِ وَهِيَ رِوَايَةُ
الْكَرْخِيِّ أَنَّ حُرِّيَّةَ الْجَنِينِ تَجْعَلُهُ مُسْتَثْنَى مِنْ الْعَقْدِ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَقْدِ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَعَ تَنَاوُلِهِ إيَّاهُ ظَاهِرًا وَهَذَا مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءُ وَلَوْ اسْتَثْنَاهُ لَفْظًا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ فَكَذَا إذَا كَانَ مُسْتَثْنَى فِي الْمَعْنَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ .
( وَوَجْهُ ) الْفَرْقِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ مَالُ الْمَوْلَى فَإِذَا وَهَبَ الْأُمَّ فَقَدْ وَهَبَ مَا هُوَ مَشْغُولٌ بِمَالِ الْوَاهِبِ فَلَمْ يَجُزْ كَهِبَةِ دَارٍ فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ وَأَمَّا الْحُرُّ فَلَيْسَ بِمَالٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ وَهَبَ دَارًا فِيهَا حُرٌّ جَالِسٌ وَذَا لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْهِبَةِ كَذَا هَذَا وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مُتَّصِلًا بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبِ اتِّصَالِ الْأَجْزَاءِ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَوْهُوبِ وَحْدَهُ لَا يُتَصَوَّرُ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ فَكَانَ هَذَا فِي مَعْنَى الْمُشَاعِ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا
nindex.php?page=treesubj&link=23808إذَا وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ دُونَ الزَّرْعِ أَوْ شَجَرًا عَلَيْهَا ثَمَرٌ دُونَ الثَّمَرِ أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ الثَّمَرَ دُونَ الشَّجَرِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مُتَّصِلٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبِ اتِّصَالِ جُزْءٍ بِجُزْءٍ فَمَنَعَ صِحَّةَ الْقَبْضِ وَلَوْ جَذَّ الثَّمَرَ وَحَصَدَ الزَّرْعَ ثُمَّ سَلَّمَهُ فَارِغًا جَازَ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النَّفَاذِ وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ قَدْ زَالَ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْهِبَةِ فَوَهَبَهُمَا جَمِيعًا وَسَلَّمَ مُتَفَرِّقًا جَازَ وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْهِبَةِ فَوَهَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ بِأَنْ وَهَبَ الْأَرْضَ ثُمَّ الزَّرْعَ أَوْ الزَّرْعَ ثُمَّ الْأَرْضَ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَإِنْ فَرَّقَ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ سَوَاءٌ .
بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْقَبْضِ هُنَا الِاتِّصَالُ وَأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ وَالْمَانِعُ هُنَاكَ الشَّغْلُ وَأَنَّهُ يَخْتَلِفُ نَظِيرَ هَذَا مَا إذَا وَهَبَ نِصْفَ الدَّارِ مُشَاعًا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْبَاقِي مِنْهُ وَسَلَّمَ الْكُلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ وَهَبَ النِّصْفَ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَهَبَ الْبَاقِي وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ كَذَا هَذَا وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا
nindex.php?page=treesubj&link=23808إذَا وَهَبَ صُوفًا عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مُتَّصِلٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ وَهَذَا يَمْنَعُ صِحَّةَ
[ ص: 126 ] الْقَبْضِ وَلَوْ جَزَّهُ وَسَلَّمَهُ جَازَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ .
وَعَلَى هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=23808إذَا وَهَبَ دَابَّةً وَعَلَيْهَا حِمْلٌ بِدُونِ الْحِمْلِ لَا تَجُوزُ وَلَوْ رَفَعَ الْحَمْلَ عَنْهَا وَسَلَّمَهَا فَارِغًا جَازَ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ هِبَةِ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ أَوْ مَا فِي بَطْنِ غَنَمِهِ أَوْ مَا فِي ضَرْعِهَا أَوْ هِبَةِ سَمْنٍ فِي لَبَنٍ أَوْ دُهْنٍ فِي سِمْسِمٍ أَوْ زَيْتٍ فِي زَيْتُونٍ أَوْ دَقِيقٍ فِي حِنْطَةٍ أَنَّهُ يَبْطُلُ وَإِنْ سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ عِنْدَ الْوُلَاةِ أَوْ عِنْدَ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ هُنَاكَ لَيْسَ مَحَلَّ الْعَقْدِ لِكَوْنِهِ مَعْدُومًا لِهَذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا فَلَا تَجُوزُ هِبَتُهَا وَهُنَا بِخِلَافِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=23725_7229وَمِنْهَا أَهْلِيَّةُ الْقَبْضِ وَهِيَ الْعَقْلُ فَلَا يَجُوزُ قَبْضُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ اسْتِحْسَانًا فَيَجُوزُ قَبْضُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ مَا وَهَبَ لَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا وَلَا يَجُوزُ قَبْضُ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا .
( وَجْهُ ) الْقِيَاسِ أَنَّ الْقَبْضَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ قَبْضُهُ فِي الْهِبَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ .
( وَجْهُ ) الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ قَبْضَ الْهِبَةِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ الْمَحْضَةِ فَيَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ كَمَا يَمْلِكُ وَلِيُّهُ وَمَنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ وَكَذَا الصَّبِيَّةُ إذَا عَقَلَتْ جَازَ قَبْضُهَا لِمَا قُلْنَا وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَيَجُوزُ قَبْضُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا وُهِبَ لَهُ هِبَةٌ وَلَا يَجُوز قَبْضُ الْمَوْلَى عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوَّلًا فَالْقَبْضُ إلَى الْعَبْدِ وَالْمِلْكُ لِلْمَوْلَى فِي الْمَقْبُوضِ لِأَنَّ الْقَبْضَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَالْعَقْدُ وَقَعَ لِلْعَبْدِ فَكَانَ الْقَبْضُ إلَيْهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَنِي
آدَمَ الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ لِعَارِضٍ فَكَانَ الْأَصْلُ فِيهِمْ إطْلَاقَ التَّصَرُّفِ لَهُمْ وَالِانْحِجَارَ لِعَارِضِ الرِّقِّ عَنْ التَّصَرُّفِ يَتَضَمَّنُ الضَّرَرَ بِالْمَوْلَى وَلَمْ يُوجَدْ فَبَقِيَ فِيهِ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ وَالْمَقْبُوضُ كَسْبُ الْعَبْدِ وَكَسْبُ الْعَبْدِ الْقِنِّ لِلْمَوْلَى وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ إذَا وُهِبَ لَهُ هِبَةٌ فَالْقَبْضُ إلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ قَبْضُ الْمَوْلَى عَنْهُ لِمَا قُلْنَا فِي الْقِنِّ فَإِذَا قَبَضَ الْمُكَاتَبُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْهِبَةَ كَسْبُهُ وَالْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بِاكْتِسَابِهِ وَمِنْهَا الْوِلَايَةُ فِي أَحَدِ نَوْعَيْ الْقَبْضِ وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=7239الْقَبْضَ نَوْعَانِ قَبْضٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَقَبْضٌ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ .
( أَمَّا )
nindex.php?page=treesubj&link=7239الْقَبْضُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ فَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَشَرْطُ جَوَازِهِ الْعَقْلَ فَقَطْ عَلَى مَا بَيَّنَّا .
( وَأَمَّا )
nindex.php?page=treesubj&link=7239الْقَبْضُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ فَالنِّيَابَةُ فِي الْقَبْضِ نَوْعَانِ نَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْقَابِضِ وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْقَبْضِ أَمَّا الْأَوَّلُ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْقَابِضِ فَهُوَ الْقَبْضُ لِلصَّبِيِّ وَشَرْطُ جَوَازِهِ الْوِلَايَةِ بِالْحَجْرِ وَالْعَيْلَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْوِلَايَةِ فَيَقْبِضُ لِلصَّبِيِّ وَلِيُّهُ أَوْ مَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهِ وَعِيَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ فَيَقْبِضُ لَهُ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّ أَبِيهِ بَعْدَهُ ثُمَّ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ بَعْدَ أَبِيهِ وَوَصِيُّهُ ثُمَّ وَصِيُّ جَدِّهِ بَعْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ فِي عِيَالِ هَؤُلَاءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَيَجُوزُ قَبْضُهُمْ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ حَالَ حَضْرَتِهِمْ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ فَيَجُوزُ قَبْضُهُمْ لَهُ .
وَإِذَا غَابَ أَحَدُهُمْ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً جَازَ قَبْضُ الَّذِي يَتْلُوهُ فِي الْوِلَايَةِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إلَى قُدُومِ الْغَائِبِ تَفْوِيتُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الصَّغِيرِ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى مَنْ يَتْلُوهُ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ كَمَا فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ وَلَا يَجُوزُ قَبْضُ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ وُجُودِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ فِي عِيَالِ الْقَابِضِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْأُمِّ وَنَحْوِهِمْ أَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَقِيَامُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ لَهُمْ تَمْنَعُ ثُبُوتَ حَقِّ الْقَبْضِ لِغَيْرِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ جَازَ قَبْضُ مِنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهِ وَعِيَالِهِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ وَلَا يَجُوزُ قَبْضُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ أَجْنَبِيًّا كَانَ أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي فِي عِيَالِهِ لَهُ عَلَيْهِ ضَرْبُ وِلَايَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُؤَدِّبُهُ وَيُسَلِّمُهُ فِي الصَّنَائِعِ الَّتِي لِلصَّبِيِّ فِيهَا مَنْفَعَةٌ وَلِلصَّبِيِّ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ مَنْفَعَةٌ مَحْضَةٌ فَقِيَامُ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْوِلَايَةِ يَكْفِي لِتَصَرُّفٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَحْضَةٌ لِلصَّبِيِّ .
( وَأَمَّا ) مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ أَصْلًا فَلَا يَجُوزُ قَبْضُهُ لَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَالْقَبْضُ لِلصَّبِيَّةِ إذَا عَقَلَتْ وَلَهَا زَوْجٌ قَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجهَا أَيْضًا اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهَا فِي عِيَالِهِ لَكِنْ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَأَمَّا عِنْدَ وُجُودٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلَا يَجُوزُ قَبْضُ الزَّوْجِ كَذَا ذَكَرَهُ
الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ فِي مُخْتَصَرِهِ .
( وَأَمَّا ) الثَّانِي الَّذِي يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْقَبْضِ فَهُوَ أَنَّ الْقَبْضَ الْمَوْجُودَ فِي الْهِبَةِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْعَقْدِ مِثْلَ قَبْضِ الْهِبَةِ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ أَمْكَنَ تَحْقِيقَ التَّنَاوُبِ إذْ الْمُتَمَاثِلَانِ غَيْرَانِ يَنُوبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقَامَ صَاحِبِهِ وَيَسُدُّ مَسَدَّهُ فَتُثْبِتُ الْمُنَاوَبَةُ مُقْتَضَى الْمُمَاثَلَةِ وَإِذَا كَانَ أَقْوَى مِنْهُ يُوجَدُ فِيهِ الْمُسْتَحَقُّ وَزِيَادَةٌ وَبَيَانُ هَذَا فِي مَسَائِلَ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=7239كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً [ ص: 127 ] فَوَهَبَ مِنْهُ جَازَتْ الْهِبَةُ وَصَارَ قَابِضًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَوَقَعَ الْعَقْدُ وَالْقَبْضُ مَعًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ بَعْدَ الْعَقْدِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِيرَ قَابِضًا مَا لَمْ يُجَدِّدْ الْقَبْضَ وَهُوَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ الْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْعَقْدِ .
( وَجْهُ ) الْقِيَاسِ أَنَّ يَدَ الْمُودِعِ إنْ كَانَتْ يَدُهُ صُورَةً فَهِيَ يَدُ الْمُودَعِ مَعْنَى فَكَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ وَهَبَ مَا فِي يَدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ بِالتَّخْلِيَةِ .
( وَجْهُ ) الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْقَبْضَيْنِ مُتَمَاثِلَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْضٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ إذْ الْهِبَةُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ وَكَذَا عَقْدُ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ فَتَمَاثَلَ الْقَابِضَانِ فَيَتَنَاوَبَانِ ضَرُورَةً بِخِلَافِ بَيْعِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ قَبَضَهُمَا لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْبَيْعِ لِأَنَّ قَبْضَ الْهِبَةِ أَمَانَةٌ وَقَبْضَ الْبَيْعِ قَبْضُ ضَمَانٍ فَلَمْ يَتَمَاثَلْ الْقَبْضَانِ بَلْ الْمَوْجُودُ أَدْنَى مِنْ الْمُسْتَحَقِّ فَلَمْ يَتَنَاوَبَا وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِهِ مَغْصُوبًا أَوْ مَقْبُوضًا بِبَيْعِ فَاسِدٍ أَوْ مَقْبُوضًا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَكَذَا يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ لِوُجُودِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ وَهُوَ أَصْلُ الْقَبْضِ وَزِيَادَةُ ضَمَانٍ .
وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مَرْهُونًا فِي يَدِهِ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا وَيَنُوبُ قَبْضُ الرَّهْنِ عَنْ قَبْضِ الْهِبَةِ لِأَنَّ قَبْضَ الْهِبَةِ قَبْضُ أَمَانَةٍ وَقَبْضَ الرَّهْنِ فِي حَقّ الْعَيْنِ قَبْضُ أَمَانَةٍ أَيْضًا فَيَتَمَاثَلَانِ فَنَابَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَلَئِنْ كَانَ قَبْضُ الرَّهْنِ قَبْضَ ضَمَانٍ فَقَبْضُ الضَّمَانِ أَقْوَى مِنْ قَبْضِ الْأَمَانَةِ وَالْأَقْوَى يَنُوبُ عَنْ الْأَدْنَى لِوُجُودِ الْأَدْنَى فِيهِ وَزِيَادَةٌ وَإِذَا صَحَّتْ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا حَتَّى يُجَدِّدَ الْقَبْضَ بَعْدَ عَقْدِ الْهِبَةِ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ وَإِنْ كَانَ قَبْضُ ضَمَانٍ لَكِنْ هَذَا ضَمَانٌ لَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِبْرَاءَ بِالْهِبَةِ لِيَصِيرَ قَبْضَ أَمَانَةٍ فَيَتَجَانَسُ الْقَبْضَانِ فَيَبْقَى قَبْضُ ضَمَانٍ فَاخْتَلَفَ الْقَبْضَانِ فَلَا يَتَنَاوَبَانِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ الضَّمَانَ مِمَّا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ عَنْهُ فَيَبْرَأُ عَنْهُ بِالْهِبَةِ وَيَبْقَى قَبْضٌ بِغَيْرِ ضَمَانٍ فَتَمَاثَلَ الْقَابِضَانِ فَيَتَنَاوَبَانِ وَلَوْ كَانَ مَبِيعًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَوَهَبَ مِنْ الْبَائِعِ جَازَ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ هِبَةً بَلْ يَكُونُ إقَالَةً حَتَّى لَا تَصِحَّ بِدُونِ قَبُولِ الْبَائِعِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُجْعَلُ إقَالَةً بَلْ يَبْطُلُ أَصْلًا وَرَأْسًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَلَوْ نَحَلَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ شَيْئًا جَازَ وَيَصِيرُ قَابِضًا لَهُ مَعَ الْعَقْدِ كَمَا إذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ عَقِيبَ الْبَيْعِ يَهْلَكُ مِنْ مَالِ الِابْنِ لِصَيْرُورَتِهِ قَابِضًا لِلصَّغِيرِ مَعَ الْعَقْدِ
nindex.php?page=treesubj&link=7341وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ فِي النَّحْلَى لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ } .
( وَأَمَّا ) كَيْفِيَّةُ الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ فَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ الْعَدْلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ فِي الْعَطِيَّةِ وَلَا يُفَضِّلَ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ الْعَدْلُ بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطِيَهُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّرْتِيبِ فِي الْمَوَارِيثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَذَا ذَكَرَ
الْقَاضِي الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيِّ وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ فِي الْمُوَطَّإِ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ وَلَدِهِ فِي النُّحْلِ وَلَا يُفَضِّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ .
وَظَاهِرُ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مَعَ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ
بَشِيرًا أَبَا
النُّعْمَانِ أَتَى
بِالنُّعْمَانِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا فَقَالَ لَا فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَأَرْجِعهُ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الْعَدْلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي النِّحْلَةِ وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَلِأَنَّ فِي التَّسْوِيَةِ تَأْلِيفَ الْقُلُوبِ وَالتَّفْضِيلُ يُورِثُ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمْ فَكَانَتْ التَّسْوِيَةُ أَوْلَى وَلَوْ نَحَلَ بَعْضًا وَحَرَمَ بَعْضًا جَازَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَدْلًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَحْرُومُ فَقِيهًا تَقِيًّا أَوْ جَاهِلًا فَاسِقًا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُتَأَدِّبِينَ وَالْمُتَفَقِّهِينَ دُونَ الْفَسَقَةِ الْفَجَرَةِ .