الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) بيان شرائط صحته فأنواع .

                                                                                                                                ( منها ) : أن يكون بإذن الراهن ; لما ذكرنا في الهبة أن الإذن بالقبض شرط صحته فيما له صحة بدون القبض وهو البيع فلأن يكون شرط فيما لا صحة له بدون القبض أولى ; ولأن القبض في هذا الباب يشبه الركن كما في الهبة فيشبه القبول ، وذا لا يجوز من غير رضا الراهن كذا هذا ، ثم نقول : الإذن نوعان : نص ، وما يجري مجرى النص دلالة فالأول نحو أن يقول : أذنت له بالقبض أو رضيت به أو اقبض ، وما يجري هذا المجرى ، فيجوز قبضه سواء قبض في المجلس أو بعد الافتراق استحسانا ، وقياس قول زفر في الهبة أن لا يجوز بعد الافتراق والثاني نحو أن يقبض المرتهن بحضرة الراهن فيسكت ولا ينهاه فيصح قبضه استحسانا ، وقياس قول زفر في الهبة أن لا يصح ، كما لا يصح بعد الافتراق ; لأن القبض عنده ركن بمنزلة القبول فلا يجوز من غير إذن كالقبول ، وصار كالبيع الصحيح بل أولى ; لأن القبض ليس بشرط لصحته وأنه شرط لصحة الرهن .

                                                                                                                                ( وجه ) الاستحسان أنه وجد الإذن ههنا دلالة الإقدام على إيجاب الرهن ; ; لأن ذلك دلالة القصد إلى إيجاب حكمه ، ولا ثبوت لحكمه إلا بالقبض ، ولا صحة للقبض بدون الإذن ، فكان الإقدام على الإيجاب دلالة الإذن بالقبض ، والإقدام دلالة الإذن بالقبض في المجلس لا بعد الافتراق ، فلم يوجد الإذن هناك نصا ودلالة بخلاف البيع لأن البيع الصحيح بدون القبض فلم يكن الإقدام على إيجابه دليل القبض فلا يكون دليل الإذن فهو الفرق ولو رهن شيئا متصلا بما لم يقع عليه الرهن ، كالثمر المعلق على الشجر ونحوه مما لا يجوز الرهن فيه إلا بالفصل والقبض ، ففصل وقبض فإن قبض بغير إذن الراهن لم يجز قبضه سواء كان الفصل والقبض في المجلس أو في غيره ; لأن الإيجاب ههنا لم يقع صحيحا فلا يستدل به على الإذن بالقبض ، وإن قبض بإذنه فالقياس أن لا يجوز وهو قول زفر وفي الاستحسان جائز بناء على أصل ذكرناه في الهبة ، والله الموفق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية