( فصل ) :
وأما شرعية المزارعة فقد اختلف فيها قال أبو حنيفة - عليه الرحمة - : أنها غير مشروعة ، وبه أخذ الشافعي - رحمه الله - وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - إنها مشروعة .
( وجه ) قولهما ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { دفع نخل خيبر معاملة ، وأرضها مزارعة } ، وأدنى درجات فعله عليه الصلاة والسلام الجواز ، وكذا هي شريعة متوارثة لتعامل السلف والخلف ذلك من غير إنكار .
( وجه ) قول أبي حنيفة أن عقد المزارعة استئجار ببعض الخارج ، وإنه منهي بالنص والمعقول
( أما ) النص فما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { قال لرافع بن خديج في حائط لا تستأجره بشيء منه } ، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { نهى عن قفيز الطحان } ، والاستئجار ببعض الخارج في معناه ، والمنهي غير مشروع .
( وأما ) المعقول فهو أن الاستئجار ببعض الخارج من النصف والثلث والربع ونحوه استئجار ببدل مجهول ، وإنه لا يجوز كما في الإجارة ، وبه تبين أن حديث خيبر محمول على الجزية دون المزارعة صيانة لدلائل الشرع عن التناقض ، والدليل على أنه لا يمكن حمله على المزارعة أنه عليه الصلاة والسلام قال فيه { أقركم ما أقركم الله } ، وهذا منه عليه الصلاة والسلام تجهيل المدة ، وجهالة المدة تمنع صحة المزارعة بلا خلاف .
بقي ترك الإنكار على التعامل ، وذا يحتمل أن يكون للجواز ، ويحتمل أن يكون لكونه محل الاجتهاد ، فلا يدل على الجواز مع الاحتمال .


