( فصل ) :
وأما بيان كيفية اليمين فالكلام فيه يتعلق بموضعين ( أحدهما ) في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=16345_15240_15207صفة التحليف نفسه أنه كيف يحلف والثاني في بيان صفة المحلوف عليه أنه على ماذا يحلف ( أما الأول ) فالأمر لا يخلو إما
nindex.php?page=treesubj&link=15240_16345_15207أن كان الحالف مسلما وإما أن كان كافرا فإن كان مسلما فيحلفه القاضي بالله تعالى إن شاء من غير تغليظ لما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5595أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف يزيد بن ركانة أو ركانة بن عبد يزيد بالله عز وجل ما أردت بالبتة ثلاثا } وإن شاء غلظ لأن الشرع ورد بتغليظ اليمين في الجملة فإنه روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5593أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف ابن صوريا الأعور وغلظ فقال عليه الصلاة والسلام الذي أنزل التوراة على سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أن حد الزنا في كتابكم هذا } .
وقال مشايخنا ينظر إلى حال الحالف إن كان ممن لا يخاف منه الاجتراء على الله تعالى باليمين الكاذبة يكتفي فيه بالله عز وجل من غير تغليظ وإن كان ممن يخاف منه ذلك تغلظ لأن من العوام من لا يبالي عن الحلف بالله عز وجل كاذبا فإذا غلظ عليه اليمين يمتنع وقال بعضهم إن كان المال المدعى يسيرا يكتفي فيه بالله عز وجل وإن كان كثيرا يغلظ
nindex.php?page=treesubj&link=15241وصفة التغليظ أن يقول والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ونحو ذلك مما يعد تغليظا في اليمين .
nindex.php?page=treesubj&link=16345_15241وإن كان الحالف كافرا فإنه يحلف بالله عز وجل أيضا ذميا كان أو مشركا لأن المشركين لا ينكرون الصانع قال الله تبارك وتعالى جل شأنه {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=25ولئن سألتهم من [ ص: 228 ] خلق السموات والأرض ليقولن الله } فيعظمون اسم الله تعالى عز شأنه ويعتقدون حرمة الإله إلا
الدهرية والزنادقة وأهل الإباحة .
وهؤلاء أقوام لم يتجاسروا على إظهار نحلتهم في عصر من الأعصار إلى يومنا هذا ونرجو من فضل الله عز وجل على أمة حبيبه صلى الله عليه وسلم أن لا يقدرهم على إظهار ما انتحلوه إلى انقضاء الدنيا وإن رأى القاضي ما يكون تغليظا في دينه فعل لما روينا {
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلظ على ابن صوريا } دل أن كل ذلك سائغ فيغلظ على اليهودي بالله تعالى عز وجل الذي أنزل التوراة على سيدنا
موسى عليه الصلاة والسلام وعلى النصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على سيدنا
عيسى عليه الصلاة والسلام وعلى المجوسي بالله الذي خلق النار ولا
nindex.php?page=treesubj&link=15240_16345_15207يحلف على الإشارة إلى مصحف معين بأن يقول بالله الذي أنزل هذا الإنجيل أو هذه التوراة لأنه قد ثبت تحريف بعضها فلا يؤمن أن تقع الإشارة إلى المحرف فيكون التحليف به تعظيما لما ليس بكلام الله عز وجل ولا يبعث هؤلاء إلى بيوت عبادتهم من البيعة والكنيسة وبيت النار لأن فيه تعظيم هذه المواضع وكذا لا يجب
nindex.php?page=treesubj&link=15207_15241تغليظ اليمين على المسلم بزمان ولا مكان عندنا وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله إن كان
بالمدينة يحلف عند المنبر وإن كان
بمكة يحلف عند الميزاب ويحلف بعد العصر والصحيح قولنا لما روينا من الحديث المشهور وهو قوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13920البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه } مطلقا عن الزمان والمكان وروي أنه اختصم
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت وابن مطيع في دار إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم فقضى على
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد ابن ثابت باليمين عند المنبر فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد أحلف له مكاني فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان لا والله إلا عند مقاطع الحقوق فجعل
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد يحلف أن حقه لحق وأبى أن يحلف عند المنبر فجعل
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان يعجب من ذلك ولو كان ذلك لازما لما احتمل أن يأباه
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ولأن تخصيص التحليف بمكان وزمان تعظيم غير اسم الله تبارك وتعالى وفيه معنى الإشراك في التعظيم والله عز وجل أعلم .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ فَالْكَلَامُ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِمَوْضِعَيْنِ ( أَحَدُهُمَا ) فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=16345_15240_15207صِفَةِ التَّحْلِيفِ نَفْسِهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَحْلِفُ وَالثَّانِي فِي بَيَانِ صِفَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَى مَاذَا يَحْلِفُ ( أَمَّا الْأَوَّلُ ) فَالْأَمْرُ لَا يَخْلُو إمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15240_16345_15207أَنْ كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا وَإِمَّا أَنْ كَانَ كَافِرًا فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ تَعَالَى إنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ تَغْلِيظٍ لِمَا رُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5595أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّفَ يَزِيدَ بْنَ رُكَانَةَ أَوْ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَرَدْت بِالْبَتَّةِ ثَلَاثًا } وَإِنْ شَاءَ غَلَّظَ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِتَغْلِيظِ الْيَمِينِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ رُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5593أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّفَ ابْنَ صُورِيَّا الْأَعْوَرَ وَغَلَّظَ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا فِي كِتَابِكُمْ هَذَا } .
وَقَالَ مَشَايِخُنَا يَنْظُرُ إلَى حَالِ الْحَالِفِ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُخَافُ مِنْهُ الِاجْتِرَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ يَكْتَفِي فِيهِ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ غَيْرِ تَغْلِيظٍ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُخَافُ مِنْهُ ذَلِكَ تُغَلَّظُ لِأَنَّ مِنْ الْعَوَامّ مَنْ لَا يُبَالِي عَنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَاذِبًا فَإِذَا غُلِّظَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ يَمْتَنِعُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمُدَّعَى يَسِيرًا يَكْتَفِي فِيهِ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يُغَلَّظُ
nindex.php?page=treesubj&link=15241وَصِفَةُ التَّغْلِيظِ أَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالَمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ تَغْلِيظًا فِي الْيَمِينِ .
nindex.php?page=treesubj&link=16345_15241وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ كَافِرًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَيْضًا ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ مُشْرِكًا لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يُنْكِرُونَ الصَّانِعَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=25وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ [ ص: 228 ] خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لِيَقُولُنَّ اللَّهُ } فَيُعَظِّمُونَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ شَأْنُهُ وَيَعْتَقِدُونَ حُرْمَةَ الْإِلَهِ إلَّا
الدَّهْرِيَّةَ وَالزَّنَادِقَةَ وَأَهْلَ الْإِبَاحَةِ .
وَهَؤُلَاءِ أَقْوَامٌ لَمْ يَتَجَاسَرُوا عَلَى إظْهَارِ نِحْلَتِهِمْ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا وَنَرْجُو مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّةِ حَبِيبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُقَدِّرَهُمْ عَلَى إظْهَارِ مَا انْتَحَلُوهُ إلَى انْقِضَاءِ الدُّنْيَا وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي مَا يَكُونُ تَغْلِيظًا فِي دِينِهِ فَعَلَ لِمَا رَوَيْنَا {
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَّظَ عَلَى ابْنِ صُورِيَّا } دَلَّ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ سَائِغٌ فَيُغَلِّظُ عَلَى الْيَهُودِيِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى سَيِّدِنَا
مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَلَى النَّصْرَانِيِّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى سَيِّدِنَا
عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَلَى الْمَجُوسِيِّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ وَلَا
nindex.php?page=treesubj&link=15240_16345_15207يَحْلِفُ عَلَى الْإِشَارَةِ إلَى مُصْحَفٍ مُعَيَّنٍ بِأَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ هَذَا الْإِنْجِيلَ أَوْ هَذِهِ التَّوْرَاةَ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ تَحْرِيفُ بَعْضِهَا فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ تَقَعَ الْإِشَارَةُ إلَى الْمُحَرَّفِ فَيَكُونُ التَّحْلِيفُ بِهِ تَعْظِيمًا لِمَا لَيْسَ بِكَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَبْعَثُ هَؤُلَاءِ إلَى بُيُوتِ عِبَادَتِهِمْ مِنْ الْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ وَبَيْتِ النَّارِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمَ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَكَذَا لَا يَجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=15207_15241تَغْلِيظُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَان عِنْدَنَا وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ كَانَ
بِالْمَدِينَةِ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَإِنْ كَانَ
بِمَكَّةَ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِيزَابِ وَيَحْلِفُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13920الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } مُطْلَقًا عَنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَرُوِيَ أَنَّهُ اخْتَصَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ مُطِيعٍ فِي دَارٍ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَقَضَى عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ ابْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدٌ أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانُ لَا وَاَللَّهِ إلَّا عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ فَجَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدٌ يَحْلِفُ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فَجَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=17065مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَازِمًا لَمَا احْتَمَلَ أَنْ يَأْبَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَلِأَنَّ تَخْصِيصَ التَّحْلِيفِ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ تَعْظِيمُ غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَفِيهِ مَعْنَى الْإِشْرَاكِ فِي التَّعْظِيمِ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ .