[ ص: 252 ] فصل } وأما بيان ما يظهر به النسب فالنسب يظهر بالدعوة مرة وبالبينة أخرى أما ظهور النسب بالدعوة فيستدعي شرائط صحة الدعوة والإقرار بالنسب وسنذكره في كتاب الإقرار إلا أنه قد يظهر بنفس الدعوة وقد لا يظهر إلا بشريطة التصديق فنقول جملة الكلام فيه أن المدعى نسبه إما أن يكون في يد نفسه وإما أن لا يكون فإن كان في يد نفسه لا يثبت نسبه من المدعي إلا إذا صدقه ; لأنه كان في يد نفسه فإقراره يتضمن إبطال يده فلا تبطل إلا برضاه وإن لم يكن في يد نفسه فإما أن يكون مملوكا وإما أن لم يكن فإن كان مملوكا يثبت نسبه بنفس الدعوة إذا كان في ملك المدعي وقت الدعوة وإن كان في ملك غيره عند الدعوة فإن كان علوقه في ملك المدعي ثبت نسبه بنفس الدعوة أيضا .
وإن لم يكن علوقه في ملكه لا يثبت نسبه إلا بتصديق المالك على ما ذكرنا وإن لم يكن مملوكا فإما إن لم يكن في يد أحد لا في يد غيره ولا في يد نفسه كالصبي المنبوذ وإما إن كان في يد أحد كاللقيط فإن لم يكن في يد أحد ثبت نسبه بنفس الدعوة استحسانا والقياس أن لا يثبت ( وجه ) القياس أنه ادعى أمرا جائز الوجود والعدم فلا بد لترجيح أحد الجانبين من مرجح ولم يوجد فلم تصح الدعوة .
( وجه ) الاستحسان أنه عاقل أخبر بما هو محتمل الثبوت وكل عاقل أخبر بما يحتمل الثبوت يجب تصديقه تحسينا للظن به وهو الأصل إلا إذا كان في تصديقه ضرر بالغير وهنا في التصديق نظر من الجانبين جانب اللقيط بالوصول إلى شرف النسب والحضانة والتربية وجانب المدعي بولد يستعين به على مصالحه الدينية والدنيوية وتصديق العاقل في دعوى ما ينتفع به ولا يتضرر غيره به واجب ولو ادعاه رجلان ثبت نسبه منهما عندنا وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله لا يثبت إلا من أحدهما ويتعين بقبول القافة على ما ذكرنا ولو ادعاه أكثر من رجلين فعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله يثبت نسبه من خمسة وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله من اثنين وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله من ثلاثة .
وقد مرت المسألة ولو ادعته امرأتان صحت دعوتهما عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وعندهما لا تصح وسنذكر الحجج من بعد إن شاء الله تعالى هذا إذا لم يكن في يد أحد فإن كان وهو اللقيط ثبت نسبه من الملتقط بنفس الدعوة استحسانا والقياس أن لا يثبت إلا بالبينة وقد ذكرنا وجههما فيما تقدم وكذا من الخارج صدقه الملتقط في ذلك أو لا استحسانا والقياس أن لا يثبت إذا كذبه .
( وجه ) القياس أن هذا إقرار تضمن إبطال يد الملتقط ; لأن يده عليه ثابتة حقيقة وشرعا حتى لو أراد غيره أن ينزعه من يده جبرا ليحفظه ليس له ذلك والإقرار إذا تضمن إبطال الغير لا يصح وجه الاستحسان أن يد المدعي أنفع للصبي من يد الملتقط ; لأنه يقوم بحضانته وتربيته ويتشرف بالنسب فكان المدعي به أولى وسواء كان المدعي مسلما أو ذميا استحسانا والقياس أن لا تصح دعوة الذمي ( ووجهه ) أنا لو صححنا دعوته وأثبتنا نسب الولد منه للزمنا استتباعه في دينه وهذا يضر فلا تصح دعوته وجه الاستحسان أنه ادعى أمرين ينفصل أحدهما عن الآخر في الجملة وهو النسب والتبعية في الدين إذ ليس من ضرورة كون الولد منه أن يكون على دينه ألا يرى أنه لو أسلمت أمه يحكم بإسلامه وإن كان أبوه كافرا فيصدق فيما ينفعه ولا يصدق فيما يضره ويكون مسلما .
وذكر في النوادر أن من
nindex.php?page=treesubj&link=15964_16340_14455التقط لقيطا فادعاه نصراني فهو ابنه ثم إن كان عليه زي المسلمين فهو مسلم وإن كان عليه زي الشرك بأن يكون في رقبته صليب ونحو ذلك فهو على دين النصارى هذا إذا أقر الذمي أنه ابنه فإن أقام البينة على ذلك فإن كان الشهود من أهل الذمة لا تقبل شهادتهم في استتباع الولد في دينه ; لأن هذه شهادة تضمنت إبطال يد المسلم وهو الملتقط فكانت شهادة على المسلم فلا تقبل وإن كانوا من المسلمين تقبل ويكون الولد على دينه فرقا بين الإقرار وبين البينة وذلك أنه متهم في إقراره ولا تهمة في الشهادة وسواء كان المدعي حرا أو عبدا ; لأنه ادعى شيئين أحدهما يحتمل الفصل على الآخر وهو النسب والرق فيصدق فيما ينفعه ولا يصدق فيما يضره
nindex.php?page=treesubj&link=16294_14463_24650ولو ادعاه الخارج والملتقط معا فالملتقط أولى لاستوائهما في الدعوة ونفع الصبي فترجح باليد فإن سبقت دعوة الملتقط لا تسمع دعوة الخارج ; لأنه ثبت نسبه منه فلا يتصور ثبوته من غيره بعد ذلك إلا أن يقيم البينة ; لأن الدعوة لا تعارض البينة .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=14466_24650ادعاه خارجان فإن كان [ ص: 253 ] أحدهما مسلما والآخر ذميا فالمسلم أولى ; لأنه يتبعه في الإسلام فكان أنفع للصبي وكذا إذا ادعته مسلمة وذمية فالمسلمة أولى ولو شهد للذمي مسلمان وللمسلم ذميان فهو للمسلم ; لأن الحجتين وإن تعارضتا فإسلام المدعي كاف للترجيح ولو كان أحدهما حرا والآخر عبدا فالحر أولى ; لأنه أنفع للقيط وإن كانا حرين مسلمين فإن
nindex.php?page=treesubj&link=24657_14467_24650ذكر أحدهما علامة في بدن اللقيط ولم يذكر الآخر فوافقت دعوته العلامة فصاحبها أولى لرجحان دعواه بالعلامة ; لأن الشرع ورد بالترجيح بالعلامة في الجملة قال الله تبارك وتعالى في قصة سيدنا
يوسف عليه أفضل التحية {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم } جعل قد القميص من خلف دليل مراودتها إياه لما أن ذلك علامة جذبها إياه إلى نفسها والقد من قدام علامة دفعها إياه عن نفسها وكذلك قال أصحابنا في لؤلئي ودباغ في حانوت واحد هو في أيديهما فيه لؤلؤ وإهاب فتنازعا أنه فيهما يقضى باللؤلؤ للؤلئي وبالإهاب للدباغ ; لأن الظاهر يشهد باللؤلؤ للؤلئي وبالإهاب للدباغ .
وكذلك قالوا في الزوجين اختلفا في متاع البيت أن ما يكون للرجال يجعل في يد الزوج وما يكون للنساء يجعل في يدها ونحو ذلك من المسائل بناء على ظاهر الحال وغالب الأمر كذا هذا فإن
nindex.php?page=treesubj&link=24656_14463_24650ادعى أحدهما علامات في هذا اللقيط فوافق البعض وخالف البعض ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي رحمه الله أنه يثبت نسبه منهما ; لأنه وقع التعارض في العلامات فسقط الترجيح بها كأن سكت عن ذكر العلامة رأسا وإن لم يذكر أحدهما علامة أصلا ولكن لأحدهما بينة فإنه يقضى له ; لأن الدعوة لا تعارض البينة وإن لم يكن لأحدهما بينة ثبت نسبه منهما جميعا وهذا عندنا لاستوائهما في الدعوة وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله لا يثبت نسبه إلا من أحدهما ويتعين بقول القافة على ما ذكرنا والكلام مع
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تقدم ولو كان المدعي أكثر من رجلين فهو على الخلاف الذي ذكرناه في الجارية المشتركة .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=15286_14463_24650قال أحد المدعيين هو ابني وهو غلام فإذا هو جارية لم يصدق ; لأنه ظهر كذبه بيقين ولو قال أحدهما هو ابني وقال الآخر هو ابنتي فإذا هو خنثى يحكم مباله فإن كان يبول من مبال الرجال فهو ابن مدعي البنوة وإن كان يبول من مبال النساء فهي ابنة مدعي البنتية وإن كان يبول منهما جميعا يعتبر السبق فإن استويا في السبق فهو مشكل عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وعندهما تعتبر كثرة البول فإن استويا في ذلك فهو مشكل ; لأن هذا حكم الخنثى وينبغي أن يثبت نسبه منهما جميعا ولو
nindex.php?page=treesubj&link=24241_24242_26802قال الملتقط هو ابني من زوجتي هذه فصدقته فهو ابنهما حرة كانت أو أمة غير أنها إن كانت حرة كان الابن حرا بالإجماع وإن كانت أمة كان ملكا لمولى الأمة عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد يكون حرا وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن نسبه وإن ثبت من الأمة لكن في جعله تبعا لها في الرق مضرة بالصبي وفي جعله حرا منفعة له فيتبعها فيما ينفعه ولا يتبعها فيما يضره كالذمي إذا ادعى نسب لقيط ثبت نسبه منه لكن لا يتبعه فيما يضره وهو دينه لما قلنا كذا هذا وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن الأصل أن الولد يتبع الأم في الرق والحرية فكان من ضرورة ثبوت النسب منها أن يكون رقيقا والرق وإن كان يضره فهو ضرر يلحقه ضرورة غيره فلا يعتبر .
nindex.php?page=treesubj&link=14444_14471_15356ولو ادعته امرأة أنه ابنها وهي حرة أو أمة ذكر في الأصل أنها لا تصدق على ذلك حتى تقيم البينة أنها ولدته وإن أقامت امرأة واحدة على الولادة قبلت إذا كانت حرة عدلة أطلق الجواب في الأصل ولم يفصل بين ما إذا كان لها زوج أم لا منهم من حمل هذا الجواب على ما إذا كان لها زوج ; لأنه إذا كان لها زوج كان في تصحيح دعوتها حمل النسب على الغير فلا تصح إلا بالبينة أو بتصديق الزوج فأما إذا لم يكن لها زوج فلا يتحقق معنى التحميل فيصح من غير بينة ومنهم من حقق جواب الكتاب وأجرى رواية الأصل على إطلاقها وفرق بين الرجل والمرأة فقال يثبت نسبه من الرجل بنفس الدعوة ولا يثبت نسبه منها إلا ببينة ووجه الفرق أن النسب في جانب الرجال يثبت بالفراش وفي جانب النساء يثبت بالولادة ولا تثبت الولادة إلا بدليل وأدنى الدلائل عليها شهادة القابلة
nindex.php?page=treesubj&link=14328_14475_24650ولو ادعته امرأتان فهو ابنهما عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وكذا إذا كن خمسا عنده وعندهما لا يثبت نسب الولد من المرأتين أصلا وجه قولهما أن النسب في جانب النساء يثبت بالولادة وولادة ولد
[ ص: 254 ] واحد من امرأتين لا يتصور فلا يتصور ثبوت النسب منهما بخلاف الرجال ; لأن النسب في جانبهم يثبت بالفراش
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة أن سبب ظهور النسب هو الدعوة وقد وجدت من كل واحدة منهما وما قالا إن الحكم في جانبهن متعلق بالولادة فنعم لكن في موضع أمكن وهنا لا يمكن فتعلق بالدعوة وقد ادعياه جميعا فيثبت نسبه منهما وعلى هذا لو ادعاه رجل وامرأتان يثبت نسبه من الكل عنده وعندهما يثبت من الرجل لا غير .
nindex.php?page=treesubj&link=14475_14463_24650ولو ادعاه رجلان وامرأتان كل رجل يدعي أنه ابنه من هذه المرأة والمرأة صدقته فهو ابن الرجلين والمرأتين عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وعندهما ابن الرجلين لا غير وأما
nindex.php?page=treesubj&link=14444ظهور النسب بالبينة فنقول وبالله التوفيق البينة يظهر بها النسب مرة ويتأكد ظهوره أخرى فكل نسب يجوز ثبوته من المدعي إذا لم يحتمل الظهور بالدعوة أصلا لا بنفسها ولا بقرينة التصديق بأن كان فيه حمل النسب على الغير ونحو ذلك يظهر بالبينة وكذا ما احتمل الظهور بالدعوة لكن بقرينة التصديق إذا انعدم التصديق وظهر أيضا بالبينة وكل نسب يحتمل الظهور بنفس الدعوة يتأكد ظهوره بالبينة كما
nindex.php?page=treesubj&link=14449_14444إذا ادعى اللقيط رجل الملتقط أو غيره وثبت نسبه من المدعي ثم ادعاه رجل آخر وأقام البينة يقضى له ; لأن النسب وإن ظهر بنفس الدعوة لكنه غير مؤكد فاحتمل البطلان بالبينة وكذا
nindex.php?page=treesubj&link=14464_14444لو ادعاه رجلان معا ثم أقام أحدهما البينة فصاحب البينة أولى لما قلنا
nindex.php?page=treesubj&link=14449_14448_14445وإذا تعارضت البينتان في النسب فالأصل فيه ما ذكرنا في تعارض البينتين على الملك أنه إن أمكن ترجيح إحداهما على الأخرى يعمل بالراجح وإن تعذر الترجيح يعمل بهما إلا أن هناك إذا تعذر الترجيح يعمل بكل واحدة منهما من وجه بقدر الإمكان وهنا يعمل بكل واحدة منهما من كل وجه ويثبت النسب من كل واحد من المدعيين لإمكان إثبات النسب لولد واحد من اثنين على الكمال واستحالة كون الشيء الواحد مملوكا لاثنين على الكمال في زمان واحد إذا عرفنا هذا فنقول جملة الكلام فيه أن تعارض البينتين إما أن يكون بين الخارج وبين ذي اليد وإما أن يكون بين الخارجين وبين ذي اليد فإن كان بين الخارج وذي اليد فبينة ذي اليد أولى ; لأنهما استويا في البينة فيرجح صاحب اليد باليد وإن كان بين الخارجين وبين ذي اليد فإن أمكن ترجيح أحدهما بوجه من الوجوه من الإسلام والحرية والعلامة واليد وقوة الفراش وغير ذلك من أسباب الترجيح يعمل بالراجح وإن استويا يعمل بهما ويثبت النسب منهما .
وعلى هذا إذا
nindex.php?page=treesubj&link=14469_14445_24650ادعى أحدهما أن اللقيط ابنه وادعى الآخر أنه عبده يقضى للذي ادعى أنه ابنه ; لأنه يدعي الحرية والآخر يدعي الرق فبينة الحرية أقوى وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=14448_24657لو أقام أحدهما البينة أنه ابنه من هذه الحرة وأقام الآخر البينة أنه ابنه من هذه الأمة فهو ابن الحر والحرة لما قلنا ولو أقام كل واحد منهما البينة أنه ابنه من امرأة حرة فهو ابن الرجلين وابن المرأتين على قياس قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله وعندهما ابن الرجلين لا غير لما مر ولو
nindex.php?page=treesubj&link=14449_24656ادعاه رجلان ووقتت بينة كل واحد منهما فإن استوى الوقتان ثبت النسب منهما لاستواء البينتين ولو كان وقت إحداهما أسبق يحكم سن الصبي فيعمل عليه ; لأنه حكم عدل فإن أشكل سنه فعلى قياس قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يقضى لأسبقهما وقتا وعندهما يقضى لهما وجه قولهما أنه إذا أشكل السن سقط اعتبار التاريخ أصلا كأنهما سكتا عنه
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة رحمه الله أنه إذا أشكل السن لم يصلح حكما فبقي الحكم للتاريخ فيرجح الأسبق ولو
nindex.php?page=treesubj&link=26802_14449_24656ادعى رجل أن اللقيط ابنه وأقام البينة وادعت المرأة أنه ابنها وأقامت البينة فهو بينهما لعدم التنافي بين ثبوت نسبه منهما كما إذا ادعاه رجلان بل أولى وعلى هذا
nindex.php?page=treesubj&link=14451_26802_14448_24657غلام قد احتلم ادعى على رجل وامرأة أنه ابنهما وأقام البينة وادعى رجل آخر وامرأته أن الغلام ابنهما وأقاما البينة ثبت نسب الغلام من الأب والأم الذي ادعاه الغلام أنه ابنهما ويبطل النسب الذي أنكره الغلام ; لأن البينتين تعارضتا وترجحت بينة الغلام بيده إذ هو في يد نفسه كالخارجين إذا أقاما البينة ولأحدهما يد كان صاحب اليد أولى كذا هنا وكذلك لو كان الغلام نصرانيا فأقام بينة من المسلمين على رجل نصراني وامرأة نصرانية وادعاه مسلم ومسلمة فبينة الغلام أولى ولا تترجح بينة المدعي المسلم ; لأنه لا يد له وإن كان مسلما وإن كان بينة الغلام من النصارى يقضى بالغلام للمسلم والمسلمة ; لأن شهادة الكافر على المسلم غير مقبولة فالتحقت بالعدم فبقي مجرد الدعوة فلا تعارض البينة ويجبر الغلام على الإسلام .
nindex.php?page=treesubj&link=14448_16294_24656غلام في [ ص: 255 ] يد إنسان ادعى صاحب اليد أنه ابنه وولدته أمته هذه في ملكه وأقام البينة على ذلك وادعى خارج أن الغلام ابنه ولدته الأمة في ملكه وأقام البينة فإن كان الغلام صغيرا لا يتكلم يقضى به لصاحب اليد لاستوائهما في البينة فيرجح صاحب اليد باليد كما في النكاح وإن كان كبيرا يتكلم فقال أنا ابن الآخر يقضى بالأمة والغلام للخارج ; لأن الغلام إذا كان كبيرا يتكلم في يد نفسه فالبينة التي يدعيها الغلام أولى وكذلك لو كان الغلام ولد حرة وهما في يد رجل فأقام صاحب اليد البينة على أنه ولد على فراشه والغلام يتكلم ويدعي ذلك وأقام الخارج البينة على ملكه يقضى بالمرأة وبالولد للذي هما في يده لما قلنا وإن كان الذي في يده من أهل الذمة والمرأة ذمية وأقام شهودا مسلمين يقضى بالمرأة والولد للذي هما في يده ; لأن شهادة المسلمين حجة مطلقة ولو أقام الخارج البينة على أنه تزوجها في وقت كذا وأقام الذي في يده البينة على وقت دونه يقضى للخارج ; لأنه إذا ثبت سبق أحد النكاحين كان المتأخر منهما فاسدا فالبينة القائمة على النكاح الصحيح أقوى فكانت أولى وعلى هذا غلام قد احتلم ادعى أنه ابن فلان ولدته أمته فلانة على فراشه وذلك الرجل يقول هو عبدي ولد أمتي التي زوجتها عبدي فلانا فولدت هذا الغلام منه والعبد حي يدعي ذلك فهو ابن العبد ; لأنه تعارض الفراشان فراش النكاح وفراش الملك وفراش النكاح أقوى ; لأنه لا ينتفي إلا باللعان وفراش الملك ينتفي بمجرد النفي فكان فراش النكاح أقوى فكان أولى .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=14461_14448_15717ادعى الغلام أنه ابن العبد من هذه الأمة فأقر العبد بذلك وقامت عليه البينة وادعى المولى أنه ابنه فهو ابن العبد لما قلنا ويعتق ; لأنه ادعى نسبه والإقرار بالنسب يتضمن الإقرار بالحرية فإن لم يعمل في النسب يعمل في الحرية وكذلك لو مات الرجل وترك مالا فأقام الغلام البينة أنه ابن الميت من أمته وأقام الآخر البينة أنه عبده ولدته أمته من زوجها فلان والزوج عبده أيضا والعبد حي يدعي ذلك يقضى له بالنسب ; لأنه يدعي فراش النكاح وأنه أقوى فإن كان العبد ميتا ثبت نسب الغلام من الحر وورث منه ; لأن بينة الغلام خلت عن المعارض لانعدام الدعوة من العبد فيجب العمل بها والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ ص: 252 ] فَصْلٌ } وَأَمَّا بَيَانُ مَا يَظْهَرُ بِهِ النَّسَبُ فَالنَّسَبُ يَظْهَرُ بِالدَّعْوَةِ مَرَّةً وَبِالْبَيِّنَةِ أُخْرَى أَمَّا ظُهُورُ النَّسَبِ بِالدَّعْوَةِ فَيَسْتَدْعِي شَرَائِطَ صِحَّةِ الدَّعْوَةِ وَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ بِنَفْسِ الدَّعْوَةِ وَقَدْ لَا يَظْهَرُ إلَّا بِشَرِيطَةِ التَّصْدِيقِ فَنَقُولُ جُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الْمُدَّعَى نَسَبُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ نَفْسِهِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُدَّعِي إلَّا إذَا صَدَّقَهُ ; لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَإِقْرَارُهُ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ يَدِهِ فَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِرِضَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا وَإِمَّا أَنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِنَفْسِ الدَّعْوَةِ إذَا كَانَ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي وَقْتَ الدَّعْوَةِ وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ عِنْدَ الدَّعْوَةِ فَإِنْ كَانَ عُلُوقُهُ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي ثَبَتَ نَسَبُهُ بِنَفْسِ الدَّعْوَةِ أَيْضًا .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُلُوقُهُ فِي مِلْكِهِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمَالِكِ عَلَى مَا ذَكَرنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فَإِمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ لَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَلَا فِي يَدِ نَفْسِهِ كَالصَّبِيِّ الْمَنْبُوذِ وَإِمَّا إنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدٍ كَاللَّقِيطِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِنَفْسِ الدَّعْوَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَ ( وَجْهُ ) الْقِيَاسِ أَنَّهُ ادَّعَى أَمْرًا جَائِزَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ فَلَا بُدَّ لِتَرْجِيحِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مِنْ مُرَجِّحٍ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَةُ .
( وَجْهُ ) الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ عَاقِلٌ أَخْبَرَ بِمَا هُوَ مُحْتَمَلُ الثُّبُوتِ وَكُلُّ عَاقِلٍ أَخْبَرَ بِمَا يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ يَجِبُ تَصْدِيقُهُ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ إلَّا إذَا كَانَ فِي تَصْدِيقِهِ ضَرَرٌ بِالْغَيْرِ وَهُنَا فِي التَّصْدِيقِ نَظَرٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَانِبِ اللَّقِيطِ بِالْوُصُولِ إلَى شَرَفِ النَّسَبِ وَالْحَضَانَةِ وَالتَّرْبِيَةِ وَجَانِبِ الْمُدَّعِي بِوَلَدٍ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَتَصْدِيقُ الْعَاقِلِ فِي دَعْوَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَتَضَرَّرُ غَيْرُهُ بِهِ وَاجِبٌ وَلَوْ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا وَيَتَعَيَّنُ بِقَبُولِ الْقَافَةِ عَلَى مَا ذَكَرنَا وَلَوْ ادَّعَاهُ أَكْثَرُ مِنْ رَجُلَيْنِ فَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ اثْنَيْنِ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ .
وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ وَلَوْ ادَّعَتْهُ امْرَأَتَانِ صَحَّتْ دَعْوَتُهُمَا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا تَصِحُّ وَسَنَذْكُرُ الْحُجَجَ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَ وَهُوَ اللَّقِيطُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمُلْتَقِطِ بِنَفْسِ الدَّعْوَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ ذَكَرنَا وَجْهَهُمَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا مِنْ الْخَارِجِ صَدَّقَهُ الْمُلْتَقَطُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَ إذَا كَذَّبَهُ .
( وَجْهُ ) الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا إقْرَارٌ تَضَمَّنَ إبْطَالَ يَدِ الْمُلْتَقِطِ ; لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ ثَابِتَةٌ حَقِيقَةً وَشَرْعًا حَتَّى لَوْ أَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْ يَدِهِ جَبْرًا لِيَحْفَظَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْإِقْرَارُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ الْغَيْرِ لَا يَصِحُّ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ يَدَ الْمُدَّعِي أَنْفَعُ لِلصَّبِيِّ مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ ; لِأَنَّهُ يَقُومُ بِحَضَانَتِهِ وَتَرْبِيَتِهِ وَيَتَشَرَّفُ بِالنَّسَبِ فَكَانَ الْمُدَّعِي بِهِ أَوْلَى وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ دَعْوَةُ الذِّمِّيِّ ( وَوَجْهُهُ ) أَنَّا لَوْ صَحَّحْنَا دَعْوَتَهُ وَأَثْبَتنَا نَسَبَ الْوَلَدِ مِنْهُ لَلَزِمَنَا اسْتِتْبَاعُهُ فِي دِينِهِ وَهَذَا يَضُرُّ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ ادَّعَى أَمْرَيْنِ يَنْفَصِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ النَّسَبُ وَالتَّبَعِيَّةُ فِي الدِّينِ إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى دِينِهِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَتْ أَمُّهُ يَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ كَافِرًا فَيُصَدَّقُ فِيمَا يَنْفَعُهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا يَضُرُّهُ وَيَكُونُ مُسْلِمًا .
وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=15964_16340_14455الْتَقَطَ لَقِيطًا فَادَّعَاهُ نَصْرَانِيٌّ فَهُوَ ابْنُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الشِّرْكِ بِأَنْ يَكُونَ فِي رَقَبَتِهِ صَلِيبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى دِينِ النَّصَارَى هَذَا إذَا أَقَرَّ الذِّمِّيُّ أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي اسْتِتْبَاعِ الْوَلَدِ فِي دِينِهِ ; لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ تَضَمَّنَتْ إبْطَالَ يَدِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْمُلْتَقِطُ فَكَانَتْ شَهَادَةً عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا تُقْبَلُ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ تُقْبَلُ وَيَكُونُ الْوَلَدُ عَلَى دِينِهِ فَرْقًا بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَبَيْنَ الْبَيِّنَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي إقْرَارِهِ وَلَا تُهْمَةَ فِي الشَّهَادَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي حُرًّا أَوْ عَبْدًا ; لِأَنَّهُ ادَّعَى شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا يَحْتَمِلُ الْفَصْلَ عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ النَّسَبُ وَالرَّقّ فَيُصَدَّقُ فِيمَا يَنْفَعُهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا يَضُرُّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=16294_14463_24650وَلَوْ ادَّعَاهُ الْخَارِجُ وَالْمُلْتَقِطُ مَعًا فَالْمُلْتَقِطُ أَوْلَى لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّعْوَةِ وَنَفْعِ الصَّبِيِّ فَتُرَجَّحُ بِالْيَدِ فَإِنْ سَبَقَتْ دَعْوَةُ الْمُلْتَقِطِ لَا تَسْمَعُ دَعْوَةُ الْخَارِجِ ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ ; لِأَنَّ الدَّعْوَةَ لَا تُعَارِضُ الْبَيِّنَةَ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=14466_24650ادَّعَاهُ خَارِجَانِ فَإِنْ كَانَ [ ص: 253 ] أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَر ذِمِّيًّا فَالْمُسْلِمُ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي الْإِسْلَامِ فَكَانَ أَنْفَعَ لِلصَّبِيِّ وَكَذَا إذَا ادَّعَتْهُ مُسْلِمَةٌ وَذِمِّيَّةٌ فَالْمُسْلِمَةُ أَوْلَى وَلَوْ شَهِدَ لِلذِّمِّيِّ مُسْلِمَانِ وَلِلْمُسْلِمِ ذِمِّيَّانِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِ ; لِأَنَّ الْحَجَّتَيْنِ وَإِنْ تَعَارَضَتَا فَإِسْلَامُ الْمُدَّعِي كَافٍ لِلتَّرْجِيحِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ عَبْدًا فَالْحُرُّ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلَّقِيطِ وَإِنْ كَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24657_14467_24650ذَكَرَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي بَدَنِ اللَّقِيطِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْآخَرُ فَوَافَقَتْ دَعْوَتُهُ الْعَلَامَةَ فَصَاحِبُهَا أَوْلَى لِرُجْحَانِ دَعْوَاهُ بِالْعَلَامَةِ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالتَّرْجِيحِ بِالْعَلَامَةِ فِي الْجُمْلَةِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي قِصَّةِ سَيِّدِنَا
يُوسُفَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ التَّحِيَّةِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إنَّهُ مِنْ كَيَدِكُنَّ إنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } جَعَلَ قَدَّ الْقَمِيصِ مِنْ خَلْفٍ دَلِيلَ مُرَاوَدَتِهَا إيَّاهُ لِمَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَامَةُ جَذْبِهَا إيَّاهُ إلَى نَفْسِهَا وَالْقَدُّ مِنْ قُدَّامِ عَلَامَةَ دَفْعِهَا إيَّاهُ عَنْ نَفْسِهَا وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِي لُؤْلُئِيٍّ وَدَبَّاغٍ فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ هُوَ فِي أَيْدِيهِمَا فِيهِ لُؤْلُؤٌ وَإِهَابٍ فَتَنَازَعَا أَنَّهُ فِيهِمَا يُقْضَى بِاللُّؤْلُؤِ لِلُّؤْلُئِيِّ وَبِالْإِهَابِ لِلدَّبَّاغِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ بِاللُّؤْلُؤِ لِلُّؤْلُئِيِّ وَبِالْإِهَابِ لِلدَّبَّاغِ .
وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الزَّوْجَيْنِ اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ أَنَّ مَا يَكُونُ لِلرِّجَالِ يَجْعَلُ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَمَا يَكُونُ لِلنِّسَاءِ يُجْعَلُ فِي يَدِهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ وَغَالِبِ الْأَمْرِ كَذَا هَذَا فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24656_14463_24650ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَامَاتٍ فِي هَذَا اللَّقِيطِ فَوَافَقَ الْبَعْضَ وَخَالَفَ الْبَعْضَ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا ; لِأَنَّهُ وَقَعَ التَّعَارُضُ فِي الْعَلَامَاتِ فَسَقَطَ التَّرْجِيحُ بِهَا كَأَنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْعَلَامَةِ رَأْسًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً أَصْلًا وَلَكِنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ ; لِأَنَّ الدَّعْوَةَ لَا تُعَارِضُ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا عِنْدَنَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّعْوَةِ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا وَيَتَعَيَّنُ بِقَوْلِ الْقَافَةِ عَلَى مَا ذَكَرنَا وَالْكَلَامُ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَقَدَّمَ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَكْثَرَ مِنْ رَجُلَيْنِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=15286_14463_24650قَالَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ هُوَ ابْنِي وَهُوَ غُلَامٌ فَإِذَا هُوَ جَارِيَةٌ لَمْ يُصَدَّقْ ; لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَذِبُهُ بِيَقِينٍ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ ابْنِي وَقَالَ الْآخَرُ هُوَ ابْنَتِي فَإِذَا هُوَ خُنْثَى يُحَكَّمُ مَبَالُهُ فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ الرِّجَالِ فَهُوَ ابْنُ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ مَبَالِ النِّسَاءِ فَهِيَ ابْنَةُ مُدَّعِي الْبِنْتِيَّةِ وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْهُمَا جَمِيعًا يُعْتَبَرُ السَّبْقُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِ فَهُوَ مُشْكَلٌ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تُعْتَبَرُ كَثْرَةُ الْبَوْلِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ فَهُوَ مُشْكِلٌ ; لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ الْخُنْثَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24241_24242_26802قَالَ الْمُلْتَقِطُ هُوَ ابْنِي مِنْ زَوْجَتِي هَذِهِ فَصَدَّقَتْهُ فَهُوَ ابْنُهُمَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً غَيْرَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً كَانَ الِابْنُ حُرًّا بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً كَانَ مِلْكًا لِمَوْلَى الْأَمَةِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ يَكُونُ حُرًّا وَجْهُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ أَنَّ نَسَبَهُ وَإِنْ ثَبَتَ مِنْ الْأَمَةِ لَكِنْ فِي جَعْلِهِ تَبَعَا لَهَا فِي الرِّقِّ مَضَرَّةٌ بِالصَّبِيِّ وَفِي جَعْلِهِ حُرًّا مَنْفَعَةٌ لَهُ فَيَتْبَعُهَا فِيمَا يَنْفَعُهُ وَلَا يَتْبَعُهَا فِيمَا يَضُرُّهُ كَالذِّمِّيِّ إذَا ادَّعَى نَسَبَ لَقِيطٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لَكِنْ لَا يَتْبَعُهُ فِيمَا يَضُرُّهُ وَهُوَ دِينُهُ لِمَا قُلْنَا كَذَا هَذَا وَجْهُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَكَانَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا وَالرِّقُّ وَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُ فَهُوَ ضَرَرٌ يَلْحَقُهُ ضَرُورَةَ غَيْرِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ .
nindex.php?page=treesubj&link=14444_14471_15356وَلَوْ ادَّعَتْهُ امْرَأَةٌ أَنَّهُ ابْنُهَا وَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَإِنْ أَقَامَتْ امْرَأَةً وَاحِدَةً عَلَى الْوِلَادَةِ قُبِلَتْ إذَا كَانَتْ حُرَّةً عَدْلَةٌ أَطْلَقَ الْجَوَابَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ أَمْ لَا مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ هَذَا الْجَوَابَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ كَانَ فِي تَصْحِيحِ دَعْوَتِهَا حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى التَّحْمِيلِ فَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّقَ جَوَابَ الْكِتَابِ وَأَجْرَى رِوَايَةَ الْأَصْلِ عَلَى إطْلَاقِهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَقَالَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الرَّجُلِ بِنَفْسِ الدَّعْوَةِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ النَّسَبَ فِي جَانِبِ الرِّجَالِ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ وَفِي جَانِبِ النِّسَاءِ يَثْبُتُ بِالْوِلَادَةِ وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَادَةُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَأَدْنَى الدَّلَائِلِ عَلَيْهَا شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=14328_14475_24650وَلَوْ ادَّعَتْهُ امْرَأَتَانِ فَهُوَ ابْنُهُمَا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا إذَا كُنَّ خَمْسًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ أَصْلًا وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ النَّسَبَ فِي جَانِبِ النِّسَاءِ يَثْبُتُ بِالْوِلَادَةِ وَوِلَادَةُ وَلَدٍ
[ ص: 254 ] وَاحِدٍ مِنْ امْرَأَتَيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ فَلَا يُتَصَوَّرَ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الرِّجَالِ ; لِأَنَّ النَّسَبَ فِي جَانِبِهِمْ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ سَبَبَ ظُهُورِ النَّسَبِ هُوَ الدَّعْوَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَمَا قَالَا إنَّ الْحُكْمَ فِي جَانِبِهِنَّ مُتَعَلِّقٌ بِالْوِلَادَةِ فَنَعَمْ لَكِنْ فِي مَوْضِعٍ أَمْكَنَ وَهُنَا لَا يُمْكِنُ فَتَعَلَّقَ بِالدَّعْوَةِ وَقَدْ ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا وَعَلَى هَذَا لَوْ ادَّعَاهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْكُلِّ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ مِنْ الرَّجُلِ لَا غَيْرُ .
nindex.php?page=treesubj&link=14475_14463_24650وَلَوْ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ كُلُّ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ صَدَّقَتْهُ فَهُوَ ابْن الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا ابْنُ الرَّجُلَيْنِ لَا غَيْرَ وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=14444ظُهُورُ النَّسَبِ بِالْبَيِّنَةِ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ الْبَيِّنَةُ يَظْهَرُ بِهَا النَّسَبُ مَرَّةً وَيَتَأَكَّدُ ظُهُورُهُ أُخْرَى فَكُلُّ نَسَبٍ يَجُوزُ ثُبُوتُهُ مِنْ الْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ الظُّهُورَ بِالدَّعْوَةِ أَصْلًا لَا بِنَفْسِهَا وَلَا بِقَرِينَةِ التَّصْدِيقِ بِأَنْ كَانَ فِيهِ حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ يَظْهَرُ بِالْبَيِّنَةِ وَكَذَا مَا احْتَمَلَ الظُّهُورَ بِالدَّعْوَةِ لَكِنْ بِقَرِينَةِ التَّصْدِيقِ إذَا انْعَدَمَ التَّصْدِيقُ وَظَهَرَ أَيْضًا بِالْبَيِّنَةِ وَكُلُّ نَسَبٍ يَحْتَمِلُ الظُّهُورَ بِنَفْسِ الدَّعْوَةِ يَتَأَكَّدُ ظُهُورُهُ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=14449_14444إذَا ادَّعَى اللَّقِيطَ رَجُلٌ الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمُدَّعِي ثُمَّ ادَّعَاهُ رَجُلٌ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ يُقْضَى لَهُ ; لِأَنَّ النَّسَبَ وَإِنْ ظَهَرَ بِنَفْسِ الدَّعْوَةِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُؤَكَّدٍ فَاحْتَمَلَ الْبُطْلَانَ بِالْبَيِّنَةِ وَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=14464_14444لَوْ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ مَعًا ثُمَّ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ فَصَاحِبُ الْبَيِّنَةِ أَوْلَى لِمَا قُلْنَا
nindex.php?page=treesubj&link=14449_14448_14445وَإِذَا تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي النَّسَبِ فَالْأَصْلُ فِيهِ مَا ذَكَرنَا فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْمِلْكِ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَرْجِيحُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى يُعْمَلُ بِالرَّاجِحِ وَإِنْ تَعَذَّرَ التَّرْجِيحُ يُعْمَلُ بِهِمَا إلَّا أَنَّ هُنَاكَ إذَا تَعَذَّرَ التَّرْجِيحُ يُعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَهُنَا يُعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ لِإِمْكَانِ إثْبَاتِ النَّسَبِ لِوَلَدٍ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْكَمَالِ وَاسْتِحَالَةُ كَوْنِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مَمْلُوكًا لِاثْنَيْنِ عَلَى الْكَمَالِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ جُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ تَعَارُضَ الْبَيِّنَتَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخَارِجِ وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخَارِجَيْنِ وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى ; لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْبَيِّنَةِ فَيُرَجَّحُ صَاحِبُ الْيَدِ بِالْيَدِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْخَارِجَيْنِ وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ فَإِنْ أَمْكَنَ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْعَلَامَةِ وَالْيَدِ وَقُوَّةِ الْفِرَاشِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ يُعْمَلُ بِالرَّاجِحِ وَإِنْ اسْتَوَيَا يُعْمَلُ بِهِمَا وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا .
وَعَلَى هَذَا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=14469_14445_24650ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّقِيطَ ابْنُهُ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ عَبْدُهُ يُقْضَى لِلَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ ; لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الرِّقَّ فَبَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ أَقْوَى وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=14448_24657لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْحُرَّةِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ فَهُوَ ابْنُ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ لِمَا قُلْنَا وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ فَهُوَ ابْنُ الرَّجُلَيْنِ وَابْنُ الْمَرْأَتَيْنِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَهُمَا ابْنُ الرَّجُلَيْنِ لَا غَيْرَ لِمَا مَرَّ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=14449_24656ادَّعَاهُ رَجُلَانِ وَوُقِّتَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ اسْتَوَى الْوَقْتَانِ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ وَقْتُ إحْدَاهُمَا أَسْبَقَ يُحْكَمُ سِنّ الصَّبِيِّ فَيُعْمَلُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ حُكْمُ عَدْلٍ فَإِنْ أَشْكَلَ سِنُّهُ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ يُقْضَى لِأَسْبِقْهُمَا وَقْتًا وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى لَهُمَا وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ إذَا أَشْكَلَ السِّنُّ سَقَطَ اعْتِبَارُ التَّارِيخِ أَصْلًا كَأَنَّهُمَا سَكَتَا عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ إذَا أَشْكَلَ السِّنُّ لَمْ يَصْلُحْ حُكْمًا فَبَقِيَ الْحُكْمُ لِلتَّارِيخِ فَيُرَجَّحُ الْأَسْبَقُ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=26802_14449_24656ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ اللَّقِيطَ ابْنُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ ابْنُهَا وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ التَّنَافِي بَيْنَ ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُمَا كَمَا إذَا ادَّعَاهُ رَجُلَانِ بَلْ أَوْلَى وَعَلَى هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=14451_26802_14448_24657غُلَامٌ قَدْ احْتَلَمَ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَنَّهُ ابْنُهُمَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ وَامْرَأَتُهُ أَنَّ الْغُلَامَ ابْنُهُمَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ ثَبَتَ نَسَبُ الْغُلَامِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْغُلَامُ أَنَّهُ ابْنُهُمَا وَيَبْطُلُ النَّسَبُ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْغُلَامُ ; لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَةُ الْغُلَامِ بِيَدِهِ إذْ هُوَ فِي يَدِ نَفْسِهِ كَالْخَارِجَيْنِ إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلِأَحَدِهِمَا يَدٌ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى كَذَا هُنَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْغُلَامُ نَصْرَانِيًّا فَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ وَامْرَأَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ وَادَّعَاهُ مُسْلِمٌ وَمُسْلِمَةٌ فَبَيِّنَةُ الْغُلَامِ أَوْلَى وَلَا تَتَرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي الْمُسْلِمِ ; لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ بَيِّنَةُ الْغُلَامِ مِنْ النَّصَارَى يُقْضَى بِالْغُلَامِ لِلْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَةِ ; لِأَنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فَالْتَحَقَتْ بِالْعَدَمِ فَبَقِيَ مُجَرَّدُ الدَّعْوَةِ فَلَا تُعَارِضُ الْبَيِّنَةَ وَيُجْبَرُ الْغُلَامُ عَلَى الْإِسْلَامِ .
nindex.php?page=treesubj&link=14448_16294_24656غُلَامٌ فِي [ ص: 255 ] يَدِ إنْسَانٍ ادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَوَلَدَتْهُ أَمَتُهُ هَذِهِ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَادَّعَى خَارِجٌ أَنَّ الْغُلَامَ ابْنُهُ وَلَدَتْهُ الْأَمَةُ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ صَغِيرًا لَا يَتَكَلَّمُ يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِ الْيَد لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْبَيِّنَة فَيُرَجَّحُ صَاحِبُ الْيَدَ بِالْيَدِ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ أَنَا ابْنُ الْآخَرِ يُقْضَى بِالْأَمَةِ وَالْغُلَامِ لِلْخَارِجِ ; لِأَنَّ الْغُلَامَ إذَا كَانَ كَبِيرًا يَتَكَلَّمُ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَالْبَيِّنَةُ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْغُلَامُ أَوْلَى وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْغُلَامُ وَلَدَ حُرَّةٍ وَهُمَا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَالْغُلَامُ يَتَكَلَّمُ وَيَدَّعِي ذَلِكَ وَأَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكِهِ يُقْضَى بِالْمَرْأَةِ وَبِالْوَلَدِ لِلَّذِي هُمَا فِي يَدِهِ لِمَا قُلْنَا وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةٌ وَأَقَامَ شُهُودًا مُسْلِمِينَ يُقْضَى بِالْمَرْأَةِ وَالْوَلَدِ لِلَّذِي هُمَا فِي يَدِهِ ; لِأَنَّ شَهَادَةَ الْمُسْلِمِينَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَلَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي وَقْتِ كَذَا وَأَقَامَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَقْتٍ دُونَهُ يُقْضَى لِلْخَارِجِ ; لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ سَبْقُ أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمَا فَاسِدًا فَالْبَيِّنَةُ الْقَائِمَةُ عَلَى النِّكَاحِ الصَّحِيحِ أَقْوَى فَكَانَتْ أَوْلَى وَعَلَى هَذَا غُلَامٌ قَدْ احْتَلَمَ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ فُلَانَةُ عَلَى فِرَاشِهِ وَذَلِكَ الرَّجُلُ يَقُولُ هُوَ عَبْدِي وَلَدُ أَمَتِي الَّتِي زَوَّجْتهَا عَبْدِي فُلَانًا فَوَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ مِنْهُ وَالْعَبْدُ حَيٌّ يَدَّعِي ذَلِكَ فَهُوَ ابْنُ الْعَبْدِ ; لِأَنَّهُ تَعَارَضَ الْفِرَاشَانِ فِرَاشُ النِّكَاحِ وَفِرَاشُ الْمِلْكِ وَفِرَاشُ النِّكَاحِ أَقْوَى ; لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ وَفِرَاشُ الْمِلْكِ يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ فَكَانَ فِرَاشُ النِّكَاحِ أَقْوَى فَكَانَ أَوْلَى .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=14461_14448_15717ادَّعَى الْغُلَامُ أَنَّهُ ابْنُ الْعَبْدِ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَادَّعَى الْمَوْلَى أَنَّهُ ابْنُهُ فَهُوَ ابْنُ الْعَبْدِ لِمَا قُلْنَا وَيُعْتَقُ ; لِأَنَّهُ ادَّعَى نَسَبَهُ وَالْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْحُرِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يُعْمَلْ فِي النَّسَبِ يُعْمَلُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَك مَالًا فَأَقَامَ الْغُلَامُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ مِنْ أَمَتِهِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ مِنْ زَوْجِهَا فُلَانٍ وَالزَّوْجُ عَبْدُهُ أَيْضًا وَالْعَبْدُ حَيٌّ يَدَّعِي ذَلِكَ يُقْضَى لَهُ بِالنَّسَبِ ; لِأَنَّهُ يَدَّعِي فِرَاشَ النِّكَاحِ وَأَنَّهُ أَقْوَى فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَيِّتًا ثَبَتَ نَسَبُ الْغُلَامِ مِنْ الْحُرِّ وَوَرِثَ مِنْهُ ; لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْغُلَامِ خَلَتْ عَنْ الْمُعَارِضِ لِانْعِدَامِ الدَّعْوَةِ مِنْ الْعَبْدِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .