الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                مطلب في غسل اليدين

                                                                                                                                ( ومنها ) : غسل اليدين إلى الرسغين قبل إدخالهما في الإناء للمستيقظ من منامه وقال قوم : إنه فرض ، ثم اختلفوا فيما بينهم ، منهم من قال : إنه فرض من نوم الليل ، والنهار ، ومنهم من قال : إنه فرض من نوم الليل خاصة ، واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ، فإنه لا يدري أين باتت يده } ، والنهي عن الغمس يدل على كون الغسل فرضا .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن الغسل لو وجب لا يخلو إما أن يجب من الحدث ، أو من النجس ، ولا سبيل إلى الأول ; لأنه لا يجب الغسل من الحدث إلا مرة واحدة ، فلو أوجبنا عليه غسل العضو عند استيقاظه من منامه مرة ، ومرة عند الوضوء ، لأوجبنا عليه الغسل عند الحدث مرتين ، ولا سبيل إلى الثاني ; لأن النجس غير معلوم بل هو موهوم وإليه أشار في الحديث حيث قال .

                                                                                                                                { فإنه لا يدري أين باتت يده } ، وهذا إشارة إلى توهم النجاسة ، واحتمالها فيناسبه الندب إلى الغسل ، واستحبابه لا الإيجاب ; لأن الأصل هو الطهارة ، فلا تثبت النجاسة بالشك ، والاحتمال ، فكان الحديث محمولا على نهي التنزيه لا التحريم ، واختلف المشايخ في وقت غسل اليدين أنه قبل الاستنجاء بالماء أو بعده ؟ على ثلاثة أقوال : قال بعضهم قبله وقال بعضهم : بعده وقال بعضهم : قبله ، وبعده تكميلا للتطهير .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية