( فصل ) : 
وأما بيان زمانه ، ومكانه  فزمانه أيام النحر ، ومكانه الحرم  ، وهذا قول  أبي حنيفة  إن الحلق يختص بالزمان ، والمكان ، وقال  أبو يوسف  لا يختص بالزمان ، ولا بالمكان ، وقال  محمد  يختص بالمكان لا بالزمان ، وقال  زفر  يختص بالزمان لا بالمكان حتى لو أخر الحلق عن أيام النحر  أو حلق خارج الحرم   يجب عليه الدم في قول  أبي حنيفة  ، وعند  أبي يوسف  لا دم عليه فيهما جميعا ، وعند  محمد  يجب عليه الدم في المكان ، ولا يجب في الزمان ، وعند  زفر  يجب في الزمان ، ولا يجب في المكان احتج  زفر  بما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق عام الحديبية  ، وأمر أصحابه بالحلق   } ، وحديبية  من الحل فلو اختص بالمكان ، وهو الحرم  لما جاز في غيره ، ولو كان كذلك لما فعل بنفسه ، ولما أمر أصحابه فدل أن الحلق لا يختص جوازه بالمكان ، وهو الحرم  ، وهذا أيضا حجة  أبي يوسف  في المكان ،  ولأبي يوسف  ،  ومحمد  في أنه لا يختص بزمان ما روي { أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : حلقت قبل أن أذبح فقال صلى الله عليه وسلم : اذبح ، ولا حرج ، وجاءه آخر فقال ذبحت قبل أن أرمي ، فقال : ارم ، ولا حرج   } فما سئل في ذلك اليوم عن تقديم نسك ، وتأخيره إلا قال : افعل ، ولا حرج  ولأبي حنيفة    { أنه صلى الله عليه وسلم حلق في أيام النحر في الحرم    } فصار فعله بيانا لمطلق الكتاب ، ويجب عليه بتأخيره دم عنده ; لأن تأخير الواجب بمنزلة الترك في حق وجوب الجابر لما ذكرنا في طواف الزيارة . 
وأما حديث الحديبية  فقد ذكرنا أن الحديبية  بعضها من الحل ، وبعضها من الحرم  فيحتمل أنهم حلقوا في الحرم  فلا يكون حجة مع الاحتمال مع ما أنه روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نزل بالحديبية  في الحل ، وكان يصلي في الحرم    } فالظاهر أنه لم يحلق في الحل ، وله سبيل الحلق في الحرم  ، وأما الحديث الآخر فنقول بموجبه : إنه لا حرج في التأخير عن المكان والزمان ، وهو الإثم لكن انتفاء الإثم لا يوجب انتفاء الكفارة كما في كفارة الحلق عند الأذى وكفارة قتل الخطأ ، ولو لم يحلق حتى خرج من الحرم  ثم عاد إلى الحرم   [ ص: 142 ] فحلق أو قصر فلا دم عليه لوجود الشرط على قول من يجعل المكان شرطا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					