الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما شرائط جوازه فمنها النية ; لأنه عبادة فلا بد له من النية ، فأما تعيين النية فليس بشرط حتى لو طاف بعد طواف الزيارة لا يعين شيئا أو نوى تطوعا كان للصدر ; لأن الوقت تعين له فتنصرف مطلق النية إليه كما في صوم رمضان .

                                                                                                                                ومنها أن يكون بعد طواف الزيارة حتى إذا نفر في النفر الأول فطاف طوافا لا ينوي شيئا أو نوى تطوعا أو الصدر : يقع عن الزيارة لا عن الصدر ; لأن الوقت له طواف ، وطواف الصدر مرتب عليه .

                                                                                                                                فأما النفر على فور الطواف فليس من شرائط جوازه حتى لو طاف للصدر ثم تشاغل بمكة بعده لا يجب عليه طواف آخر ، فإن قيل أليس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من حج هذا البيت فليكن آخر عهده به الطواف } فقد أمر أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت ، ولما تشاغل بعده لم يقع الطواف آخر عهده به فيجب أن لا يجوز ; إذ لم يأت بالمأمور به فالجواب أن المراد منه آخر عهده بالبيت نسكا لا إقامة ، والطواف آخر مناسكه بالبيت ، وإن تشاغل بغيره .

                                                                                                                                وروي عن أبي حنيفة أنه قال إذا طاف للصدر ثم أقام إلى العشاء فأحب إلي أن يطوف طوافا آخر لئلا يحول بين طوافه وبين نفره حائل .

                                                                                                                                وكذا الطهارة عن الحدث والجنابة ليست بشرط لجوازه فيجوز طوافه إذا كان محدثا أو جنبا ويعتد به ، والأفضل أن يعيد طاهرا ، فإن لم يعد جاز ، وعليه شاة إن كان جنبا ; لأن النقص كثير فيجبر بالشاة كما لو ترك أكثر الأشواط ، وإن كان محدثا ففيه روايتان عن أبي حنيفة : في رواية عليه صدقة ، وهي الرواية الصحيحة ، وهو قول أبي يوسف ومحمد ; لأن النقص يسير فصار كشوط أو شوطين ، وفي رواية عليه شاة ; لأنه طواف واجب فأشبه طواف الزيارة ، وكذا ستر عورته ليس بشرط للجواز حتى لو طاف مكشوف العورة قدر ما لا تجوز به الصلاة جاز ، ولكن يجب عليه الدم .

                                                                                                                                وكذا الطهارة عن النجاسة إلا أنه يكره ، ولا شيء عليه ، والفرق ما ذكرنا في طواف الزيارة ، والله أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية