وأما
nindex.php?page=treesubj&link=25523_3742_3739المتمتع في عرف الشرع : فهو اسم لآفاقي يحرم بالعمرة ، ويأتي بأفعالها من الطواف والسعي ، أو يأتي بأكثر ركنها .
وهو الطواف أربعة أشواط أو أكثر في أشهر الحج ، ثم يحرم بالحج في أشهر الحج ، ويحج من عامه ذلك قبل أن يلم بأهله فيما بين ذلك إلماما صحيحا ، فيحصل له النسكان في سفر واحد ، سواء حل من إحرام العمرة بالحلق أو التقصير ، أو لم يحل ، إذا كان ساق الهدي لمتعته فإنه لا يجوز التحلل بينهما .
ويحرم بالحج قبل أن يحل من إحرام العمرة ، وهذا عندنا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : سوق الهدي لا يمنع من التحلل فصار
nindex.php?page=treesubj&link=25361_25359المتمتع نوعين : متمتع لم يسق الهدي ،
nindex.php?page=treesubj&link=25361_3749_25360_25523ومتمتع ساق الهدي فالذي لم يسق الهدي يجوز له التحلل إذا فرغ من أفعال العمرة بلا خلاف ، وإذا تحلل صار حلالا كسائر المتحللين إلى أن يحرم بالحج ; لأنه إذا تحلل من العمرة فقد خرج منها ، ولم يبق عليه شيء فيقيم
بمكة حلالا أي لا يلم بأهله ; لأن الإلمام بالأهل يفسد التمتع .
وأما الذي ساق الهدي ، فإنه لا يحل له التحلل إلا يوم النحر بعد الفراغ من الحج عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يحل له التحلل ، وسوق الهدي لا يمنع من التحلل ، والصحيح قولنا لما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه {
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أمر أصحابه أن يحلقوا إلا من كان معه الهدي } ، وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37177من كان معه هدي فليقم على إحرامه ومن لم يكن معه هدي فليحلق } .
وروي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8262أنه لما أمر أصحابه أن يحلقوا قالوا له : إنك لم تحل ، فقال : إني سقت الهدي فلا أحل من إحرامي إلى يوم النحر } .
وقال : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33599لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي وتحللت كما أحلوا } فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي منعه من الحل سوق الهدي ، ولأن لسوق الهدي أثرا في الإحرام حتى يصير به داخلا في الإحرام ، فجاز أن يكون له أثر في حال البقاء حتى يمنع من التحلل ، وسواء كان إحرامه للعمرة في أشهر الحج أو قبلها عندنا ، بعد أن يأتي بأفعال العمرة أو ركنها أو بأكثر الركن في الأشهر أنه يكون متمتعا .
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي شرط كونه متمتعا : الإحرام بالعمرة في الأشهر ، حتى لو أحرم بها قبل الأشهر لا يكون متمتعا ، وإن أتى بأفعالها في الأشهر ، والكلام فيه بناء على أصل قد ذكرناه فيما تقدم ، وهو أن الإحرام عنده ركن فكان من أفعال العمرة ، فلا بد من وجود أفعال العمرة في أشهر الحج ، ولم يوجد بل وجد بعضها في الأشهر .
وعندنا ليس بركن ، بل هو شرط فتوجد
[ ص: 169 ] أفعال العمرة في الأشهر فيكون متمتعا ، وليس لأهل
مكة ، ولا لأهل داخل المواقيت التي بينها وبين
مكة : قران ولا تمتع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يصح قرانهم وتمتعهم .
وجه قوله قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي } من غير فصل بين أهل
مكة وغيرهم ، ولنا قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } جعل التمتع لمن لم يكن أهله حاضري
المسجد الحرام على الخصوص ; لأن اللام للاختصاص ثم حاضرو
المسجد الحرام هم أهل
مكة وأهل الحل الذين منازلهم داخل المواقيت الخمسة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : هم أهل
مكة خاصة ; لأن معنى الحضور لهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هم أهل
مكة .
ومن كان بينه وبين
مكة مسافة لا تقصر فيها الصلاة ; لأنه إذا كان كذلك كان من توابع
مكة ، وإلا فلا ، والصحيح قولنا ; لأن الذين هم داخل المواقيت الخمسة منازلهم من توابع
مكة ، بدليل أنه يحل لهم أن يدخلوا
مكة لحاجة بغير إحرام ، فكانوا في حكم حاضري
المسجد الحرام .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه أنه قال : ليس لأهل
مكة تمتع ، ولا قران ، ولأن دخول العمرة في أشهر الحج ثبت رخصة لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الحج أشهر معلومات } قيل في بعض وجوه التأويل : أي للحج أشهر معلومات ، واللام للاختصاص فيقتضي اختصاص هذه الأشهر بالحج ، وذلك بأن لا يدخل فيها غيره إلا أن العمرة دخلت فيها رخصة للآفاقي ضرورة تعذر إنشاء السفر للعمرة نظرا له بإسقاط أحد السفرين ، وهذا المعنى لا يوجد في حق أهل
مكة .
ومن بمعناهم فلم تكن العمرة مشروعة في أشهر الحج في حقهم .
وكذا روي عن ذلك الصحابي أنه قال : كنا نعد العمرة في أشهر الحج من أكبر الكبائر ثم رخص ، والثابت بطريق الرخصة يكون ثابتا بطريق الضرورة ، والضرورة في حق أهل الآفاق لا في حق أهل
مكة على ما بينا ، فبقيت العمرة في أشهر الحج في حقهم معصية ، ولأن من شرط التمتع أن تحصل العمرة والحج للمتمتع في أشهر الحج من غير أن يلم بأهله فيما بينهما .
وهذا لا يتحقق في حق المكي ; لأنه يلم بأهله فيما بينهما لا محالة فلم يوجد شرط التمتع في حقه .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=3812_3752_3773_25515_3745جمع المكي بين العمرة والحج في أشهر الحج فعليه دم ، لكن دم كفارة الذنب لا دم نسك ، شكرا للنعمة عندنا حتى لا يباح له أن يأكل منه ، ولا يقوم الصوم مقامه إذا كان معسرا ، وعنده هو دم نسك ، يجوز له أن يأكل منه ، ويقوم الصوم مقامه إذا لم يجد الهدي .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=3751_25515_3748_3747_3742أحرم الآفاقي بالعمرة قبل أشهر الحج فدخل مكة محرما بالعمرة ، وهو يريد التمتع فينبغي أن يقيم محرما حتى تدخل أشهر الحج فيأتي بأفعال العمرة ، ثم يحرم بالحج ويحج من عامه ذلك فيكون متمتعا ، فإن أتى بأفعال العمرة أو بأكثرها قبل أشهر الحج ثم دخل أشهر الحج فأحرم بالحج وحج من عامه ذلك ، لم يكن متمتعا ; لأنه لم يتم له الحج والعمرة في أشهر الحج .
ولو أحرم بعمرة أخرى بعد ما دخل أشهر الحج لم يكن متمتعا في قولهم جميعا ; لأنه صار في حكم أهل
مكة بدليل أنه صار ميقاتهم ميقاته ، فلا يصح له التمتع إلا أن يعود إلى أهله ثم يعود إلى
مكة محرما بالعمرة في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وفي قولهما : إلا أن يعود إلى أهله أو إلى موضع يكون لأهله التمتع والقران على ما نذكر .
ولو أحرم من لا تمتع له من المكي ونحوه بعمرة ، ثم أحرم بحجة يلزمه رفض أحدهما ; لأن الجمع بينهما معصية ، والنزوع عن المعصية لازم ثم ينظر : إن أحرم بعمرة ثم أحرم بحجة قبل أن يطوف لعمرته رأسا فإنه يرفض العمرة ; لأنها أقل عملا ، والحج أكثر عملا فكانت العمرة أخف مؤنة من الحجة فكان رفضها أيسر ، ولأن المعصية حصلت بسببها ; لأنها هي التي دخلت في وقت الحج فكانت أولى بالرفض ، ويمضي على حجته ، وعليه لرفض عمرته دم ، وعليه قضاء العمرة لما نذكر ، وإن كان طاف لعمرته جميع الطواف أو أكثره لا يرفض العمرة ، بل يرفض الحج ; لأن العمرة مؤداة ، والحج غير مؤدى فكان رفض الحج امتناعا عن الأداء ، ورفض العمرة إبطالا للعمل ، والامتناع عن العمل دون إبطال العمرة فكان أولى ، وإن كان طاف لها شوطا أو شوطين أو ثلاثة يرفض الحج في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وفي قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد يرفض العمرة .
وجه قولهما أن رفض العمرة أدنى ، وأخف مؤنة ، ألا ترى أنها سميت الحجة الصغرى فكانت أولى بالرفض ، ولا عبرة بالقدر المؤدى منها ; لأنه أقل ، والأكثر غير مؤدى ، والأقل بمقابلة الأكثر ملحق بالعدم فكأنه لم يؤد شيئا منها ، والله أعلم .
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة أن رفض الحجة امتناع من العمل ، ورفض العمرة إبطال للعمل ، والامتناع دون الإبطال فكان أولى ، وبيان ذلك أنه لم يوجد للحج عمل ; لأنه لم يوجد له إلا الإحرام ، وأنه ليس من
[ ص: 170 ] الأداء في شيء ; لأنه شرط وليس بركن عندنا على ما بينا فيما تقدم ، فلا يكون رفض الحج إبطالا للعمل بل يكون امتناعا ، فأما العمرة فقد أدى منها شيئا وإن قل ، وكان رفضها إبطالا لذلك القدر من العمل ، فكان الامتناع أولى لما قلنا ، وإذا رفض الحجة عنه فعليه لرفضها دم ، وقضاء حجة ، وعمرة ، وإذا رفض العمرة عندهما فعليه لرفضها دم وقضاء عمرة ، والأصل في جنس هذه المسائل أن كل من لزمه رفض عمرة فرفضها ، فعليه لرفضها دم ; لأنه تحلل منها قبل وقت التحلل ، فيلزمه الدم كالمحصر ، وعليه عمرة مكانها قضاء ; لأنها قد وجبت عليه بالشروع ، فإذا أفسدها يقضيها .
وكل من لزمه رفض حجة فرفضها فعليه لرفضها دم ، وعليه حجة وعمرة أما لزوم الدم لرفضها فلما ذكرنا في العمرة .
وأما لزوم الحجة والعمرة ، فأما الحجة فلوجوبها بالشروع ، وأما العمرة فلعدم إتيانه بأفعال الحجة في السنة التي أحرم فيها فصار كفائت الحج ، فيلزمه العمرة كما يلزم فائت الحج ، فإن أحرم بالحجة من سنته فلا عمرة عليه ، وكل من لزمه رفض أحدهما فمضى فيها فعليه دم ; لأن الجمع بينهما معصية فقد أدخل النقص في أحدهما فيلزمه دم ، لكنه يكون دم كفارة لا دم متعة ، حتى لا يجوز له أن يأكل منه ، ولا يجزئه الصوم إن كان معسرا .
ومما يتصل بهذه المسائل ما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=3794_3757_3517_3756_25905أحرم بحجتين معا أو بعمرتين معا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف : لزمتاه جميعا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : لا يلزمه إلا إحداهما ، وبه أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أنه إذا أحرم بعبادتين لا يمكنه المضي فيهما جميعا ، فلا ينعقد إحرامه بهما جميعا ، كما لو أحرم بصلاتين أو صومين ، بخلاف ما إذا أحرم بحجة وعمرة ; لأن المضي فيهما ممكن فيصح إحرامه بهما كما لو نوى صوما وصلاة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف أنه أحرم بما يقدر عليه في وقتين ، فيصح إحرامه كما لو أحرم بحجة وعمرة معا ، وثمرة هذا الاختلاف تظهر في وجوب الجزاء ، إذا قتل صيدا عندهما يجب جزاءان لانعقاد الإحرام بهما جميعا .
وعنده يجب جزاء واحد لانعقاد الإحرام بإحداهما ، ثم اختلف
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف في وقت ارتفاض إحداهما عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يرتفض عقيب الإحرام بلا فصل ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة روايتان : في الرواية المشهورة عنه يرتفض إذا قصد
مكة ، وفي رواية لا يرتفض حتى يبتدئ بالطواف .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=3747_3750_3742_3749أحرم الآفاقي بالعمرة فأداها في أشهر الحج وفرغ منها ، وحل من عمرته ، ثم عاد إلى أهله حلالا ، ثم رجع إلى مكة وأحرم بالحج ، وحج من عامه ذلك : لم يكن متمتعا حتى لا يلزمه الهدي بل يكون مفردا بعمرة ، ومفردا بحجة ; لأنه ألم بأهله بين الإحرامين إلماما صحيحا ، وهذا يمنع التمتع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا أعرف الإلمام ، ونحن نقول : إن كنت لا تعرف معناه لغة فمعناه في اللغة القرب ، يقال : ألم به أي قرب منه .
وإن كنت لا تعرف حكمه شرعا ، فحكمه أن يمنع التمتع لما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : رضي الله عنهما أن المتمتع إذا أقام
بمكة صح تمتعه ، وإن عاد إلى أهله بطل تمتعه
وكذا روي عن جماعة من التابعين مثل
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء رضي الله عنهم أنهم قالوا كذلك ، ومثل هذا لا يعرف رأيا واجتهادا ، فالظاهر سماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن التمتع في حق الآفاقي ثبت رخصة ليجمع بين النسكين ، ويصل أحدهما بالآخر في سفر واحد من غير أن يتخلل بينهما ما ينافي النسك ، وهو الارتفاق ، ولما ألم بأهله فقد حصل له مرافق الوطن فبطل الاتصال ، والله تعالى أعلم .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=25523_3742_3739الْمُتَمَتِّعُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ : فَهُوَ اسْمٌ لِآفَاقِيٍّ يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ ، وَيَأْتِي بِأَفْعَالِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ ، أَوْ يَأْتِي بِأَكْثَرِ رُكْنِهَا .
وَهُوَ الطَّوَافُ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، وَيَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُلِمَّ بِأَهْلِهِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ إلْمَامًا صَحِيحًا ، فَيَحْصُلَ لَهُ النُّسُكَانِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ ، سَوَاءٌ حَلَّ مِنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ بِالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ ، أَوْ لَمْ يَحِلَّ ، إذَا كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ لِمُتْعَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَلُّلُ بَيْنَهُمَا .
وَيُحْرِمُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ ، وَهَذَا عِنْدَنَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : سَوْقُ الْهَدْيِ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّحَلُّلِ فَصَارَ
nindex.php?page=treesubj&link=25361_25359الْمُتَمَتِّعُ نَوْعَيْنِ : مُتَمَتِّعٌ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=25361_3749_25360_25523وَمُتَمَتِّعٌ سَاقَ الْهَدْيَ فَاَلَّذِي لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ إذَا فَرَغَ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ بِلَا خِلَافٍ ، وَإِذَا تَحَلَّلَ صَارَ حَلَالًا كَسَائِرِ الْمُتَحَلِّلِينَ إلَى أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ ; لِأَنَّهُ إذَا تَحَلَّلَ مِنْ الْعُمْرَةِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَيُقِيمُ
بِمَكَّةَ حَلَالًا أَيْ لَا يُلِمُّ بِأَهْلِهِ ; لِأَنَّ الْإِلْمَامَ بِالْأَهْلِ يُفْسِدُ التَّمَتُّعَ .
وَأَمَّا الَّذِي سَاقَ الْهَدْيَ ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَجِّ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ يَحِلُّ لَهُ التَّحَلُّلُ ، وَسَوْقُ الْهَدْيِ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّحَلُّلِ ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا لِمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْلِقُوا إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ } ، وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37177مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَقُمْ عَلَى إحْرَامِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِقْ } .
وَرُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8262أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْلِقُوا قَالُوا لَهُ : إنَّكَ لَمْ تَحِلَّ ، فَقَالَ : إنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ فَلَا أُحِلُّ مِنْ إحْرَامِي إلَى يَوْمِ النَّحْرِ } .
وَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33599لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ وَتَحَلَّلْتُ كَمَا أَحَلُّوا } فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ الْحِلِّ سَوْقُ الْهَدْيِ ، وَلِأَنَّ لِسَوْقِ الْهَدْيِ أَثَرًا فِي الْإِحْرَامِ حَتَّى يَصِيرَ بِهِ دَاخِلًا فِي الْإِحْرَامِ ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَثَرٌ فِي حَالِ الْبَقَاءِ حَتَّى يَمْنَعَ مِنْ التَّحَلُّلِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ إحْرَامُهُ لِلْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَهَا عِنْدَنَا ، بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ أَوْ رُكْنِهَا أَوْ بِأَكْثَرِ الرُّكْنِ فِي الْأَشْهُرِ أَنَّهُ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا .
وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ شَرْطُ كَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا : الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي الْأَشْهُرِ ، حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الْأَشْهُرِ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا ، وَإِنْ أَتَى بِأَفْعَالِهَا فِي الْأَشْهُرِ ، وَالْكَلَامُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ ، وَهُوَ أَنَّ الْإِحْرَامَ عِنْدَهُ رُكْنٌ فَكَانَ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، وَلَمْ يُوجَدْ بَلْ وُجِدَ بَعْضُهَا فِي الْأَشْهُرِ .
وَعِنْدَنَا لَيْسَ بِرُكْنٍ ، بَلْ هُوَ شَرْطٌ فَتُوجَدُ
[ ص: 169 ] أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ فِي الْأَشْهُرِ فَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ
مَكَّةَ ، وَلَا لِأَهْلِ دَاخِلِ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ
مَكَّةَ : قِرَانٌ وَلَا تَمَتُّعٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يَصِحُّ قِرَانُهُمْ وَتَمَتُّعُهُمْ .
وَجْهُ قَوْلِهِ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ } مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ أَهْلِ
مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } جَعَلَ التَّمَتُّعَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الْخُصُوصِ ; لِأَنَّ اللَّامَ لِلِاخْتِصَاصِ ثُمَّ حَاضِرُو
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هُمْ أَهْلُ
مَكَّةَ وَأَهْلُ الْحِلِّ الَّذِينَ مَنَازِلُهُمْ دَاخِلُ الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : هُمْ أَهْلُ
مَكَّةَ خَاصَّةً ; لِأَنَّ مَعْنَى الْحُضُورِ لَهُمْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : هُمْ أَهْلُ
مَكَّةَ .
وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
مَكَّةَ مَسَافَةٌ لَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مِنْ تَوَابِعِ
مَكَّةَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا ; لِأَنَّ الَّذِينَ هُمْ دَاخِلُ الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ مَنَازِلُهُمْ مِنْ تَوَابِعِ
مَكَّةَ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا
مَكَّةَ لِحَاجَةٍ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ، فَكَانُوا فِي حُكْمِ حَاضِرِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ لِأَهْلِ
مَكَّةَ تَمَتُّعٌ ، وَلَا قِرَانٌ ، وَلِأَنَّ دُخُولَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثَبَتَ رُخْصَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ } قِيلَ فِي بَعْضِ وُجُوهِ التَّأْوِيلِ : أَيْ لِلْحَجِّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ، وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ فَيَقْتَضِي اخْتِصَاصَ هَذِهِ الْأَشْهُرِ بِالْحَجِّ ، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهَا غَيْرُهُ إلَّا أَنَّ الْعُمْرَةَ دَخَلَتْ فِيهَا رُخْصَةٌ لِلْآفَاقِيِّ ضَرُورَةَ تَعَذُّرِ إنْشَاءِ السَّفَرِ لِلْعُمْرَةِ نَظَرًا لَهُ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ أَهْلِ
مَكَّةَ .
وَمَنْ بِمَعْنَاهُمْ فَلَمْ تَكُنْ الْعُمْرَةُ مَشْرُوعَةً فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي حَقِّهِمْ .
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا نَعُدُّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثُمَّ رُخِّصَ ، وَالثَّابِتُ بِطَرِيقِ الرُّخْصَةِ يَكُونُ ثَابِتًا بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ ، وَالضَّرُورَةُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْآفَاقِ لَا فِي حَقِّ أَهْلِ
مَكَّةَ عَلَى مَا بَيَّنَّا ، فَبَقِيَتْ الْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي حَقِّهِمْ مَعْصِيَةً ، وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّمَتُّعِ أَنْ تَحْصُلَ الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ لِلْمُتَمَتِّعِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلِمَّ بِأَهْلِهِ فِيمَا بَيْنَهُمَا .
وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ ; لِأَنَّهُ يُلِمُّ بِأَهْلِهِ فِيمَا بَيْنَهُمَا لَا مَحَالَةَ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ التَّمَتُّعِ فِي حَقِّهِ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3812_3752_3773_25515_3745جَمَعَ الْمَكِّيُّ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَعَلَيْهِ دَمٌ ، لَكِنْ دَمُ كَفَّارَةِ الذَّنْبِ لَا دَمُ نُسُكٍ ، شُكْرًا لِلنِّعْمَةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَا يُبَاحَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ ، وَلَا يَقُومُ الصَّوْمُ مَقَامَهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا ، وَعِنْدَهُ هُوَ دَمُ نُسُكٍ ، يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ ، وَيَقُومُ الصَّوْمُ مَقَامَهُ إذَا لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3751_25515_3748_3747_3742أَحْرَمَ الْآفَاقِيُّ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَدَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ ، وَهُوَ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقِيمَ مُحْرِمًا حَتَّى تَدْخُلَ أَشْهُرُ الْحَجِّ فَيَأْتِيَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ ، ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَيَحُجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَيَكُونَ مُتَمَتِّعًا ، فَإِنْ أَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ أَوْ بِأَكْثَرِهَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ دَخَلَ أَشْهُرُ الْحَجِّ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ .
وَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى بَعْدَ مَا دَخَلَ أَشْهُرُ الْحَجِّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ; لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ أَهْلِ
مَكَّةَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ صَارَ مِيقَاتُهُمْ مِيقَاتَهُ ، فَلَا يَصِحُّ لَهُ التَّمَتُّعُ إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ يَعُودَ إلَى
مَكَّةَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، وَفِي قَوْلِهِمَا : إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى أَهْلِهِ أَوْ إلَى مَوْضِعٍ يَكُونُ لِأَهْلِهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ عَلَى مَا نَذْكُرُ .
وَلَوْ أَحْرَمَ مَنْ لَا تَمَتُّعَ لَهُ مِنْ الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ يَلْزَمُهُ رَفْضُ أَحَدِهِمَا ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَعْصِيَةٌ ، وَالنُّزُوعُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ لَازِمٌ ثُمَّ يُنْظَرُ : إنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لِعُمْرَتِهِ رَأْسًا فَإِنَّهُ يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ ; لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَمَلًا ، وَالْحَجُّ أَكْثَرُ عَمَلًا فَكَانَتْ الْعُمْرَةُ أَخَفَّ مُؤْنَةً مِنْ الْحَجَّةِ فَكَانَ رَفْضُهَا أَيْسَرَ ، وَلِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ حَصَلَتْ بِسَبَبِهَا ; لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي وَقْتِ الْحَجِّ فَكَانَتْ أَوْلَى بِالرَّفْضِ ، وَيَمْضِي عَلَى حَجَّتِهِ ، وَعَلَيْهِ لِرَفْضِ عُمْرَتِهِ دَمٌ ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْعُمْرَةِ لِمَا نَذْكُرُ ، وَإِنْ كَانَ طَافَ لِعُمْرَتِهِ جَمِيعَ الطَّوَافِ أَوْ أَكْثَرَهُ لَا يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ ، بَلْ يَرْفُضُ الْحَجَّ ; لِأَنَّ الْعُمْرَةَ مُؤَدَّاةٌ ، وَالْحَجَّ غَيْرُ مُؤَدًّى فَكَانَ رَفْضُ الْحَجِّ امْتِنَاعًا عَنْ الْأَدَاءِ ، وَرَفْضُ الْعُمْرَةِ إبْطَالًا لِلْعَمَلِ ، وَالِامْتِنَاعُ عَنْ الْعَمَلِ دُونَ إبْطَالِ الْعُمْرَةِ فَكَانَ أَوْلَى ، وَإِنْ كَانَ طَافَ لَهَا شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً يَرْفُضُ الْحَجَّ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، وَفِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ .
وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ رَفْضَ الْعُمْرَةِ أَدْنَى ، وَأَخَفُّ مُؤْنَةً ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا سُمِّيَتْ الْحَجَّةَ الصُّغْرَى فَكَانَتْ أَوْلَى بِالرَّفْضِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْقَدْرِ الْمُؤَدَّى مِنْهَا ; لِأَنَّهُ أَقَلُّ ، وَالْأَكْثَرُ غَيْرُ مُؤَدًّى ، وَالْأَقَلُّ بِمُقَابَلَةِ الْأَكْثَرِ مُلْحَقٌ بِالْعَدَمِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ رَفْضَ الْحَجَّةِ امْتِنَاعٌ مِنْ الْعَمَلِ ، وَرَفْضَ الْعُمْرَةِ إبْطَالٌ لِلْعَمَلِ ، وَالِامْتِنَاعُ دُونَ الْإِبْطَالِ فَكَانَ أَوْلَى ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لِلْحَجِّ عَمَلٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لَهُ إلَّا الْإِحْرَامُ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ
[ ص: 170 ] الْأَدَاءِ فِي شَيْءٍ ; لِأَنَّهُ شَرْطٌ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ عِنْدَنَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ ، فَلَا يَكُونُ رَفْضُ الْحَجِّ إبْطَالًا لِلْعَمَلِ بَلْ يَكُونُ امْتِنَاعًا ، فَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَقَدْ أَدَّى مِنْهَا شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ ، وَكَانَ رَفْضُهَا إبْطَالًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْعَمَلِ ، فَكَانَ الِامْتِنَاعُ أَوْلَى لِمَا قُلْنَا ، وَإِذَا رَفَضَ الْحَجَّةَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ ، وَقَضَاءُ حَجَّةٍ ، وَعُمْرَةٍ ، وَإِذَا رَفَضَ الْعُمْرَةَ عِنْدَهُمَا فَعَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ وَقَضَاءُ عُمْرَةٍ ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَزِمَهُ رَفْضُ عُمْرَةٍ فَرَفَضَهَا ، فَعَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ ; لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ مِنْهَا قَبْلَ وَقْتِ التَّحَلُّلِ ، فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ كَالْمُحْصَرِ ، وَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ مَكَانُهَا قَضَاءً ; لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ ، فَإِذَا أَفْسَدَهَا يَقْضِيهَا .
وَكُلُّ مَنْ لَزِمَهُ رَفْضُ حَجَّةٍ فَرَفَضَهَا فَعَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ أَمَّا لُزُومُ الدَّمِ لِرَفْضِهَا فَلِمَا ذَكَرْنَا فِي الْعُمْرَةِ .
وَأَمَّا لُزُومُ الْحَجَّةِ وَالْعُمْرَةِ ، فَأَمَّا الْحَجَّةُ فَلِوُجُوبِهَا بِالشُّرُوعِ ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِأَفْعَالِ الْحَجَّةِ فِي السَّنَةِ الَّتِي أَحْرَمَ فِيهَا فَصَارَ كَفَائِتِ الْحَجِّ ، فَيَلْزَمُهُ الْعُمْرَةُ كَمَا يَلْزَمُ فَائِتُ الْحَجِّ ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ مِنْ سَنَتِهِ فَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ ، وَكُلُّ مَنْ لَزِمَهُ رَفْضُ أَحَدِهِمَا فَمَضَى فِيهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَعْصِيَةٌ فَقَدْ أَدْخَلَ النَّقْصَ فِي أَحَدِهِمَا فَيَلْزَمُهُ دَمٌ ، لَكِنَّهُ يَكُونُ دَمَ كَفَّارَةٍ لَا دَمَ مُتْعَةٍ ، حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ ، وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا .
وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=3794_3757_3517_3756_25905أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ مَعًا أَوْ بِعُمْرَتَيْنِ مَعًا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبُو يُوسُفَ : لَزِمَتَاهُ جَمِيعًا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ : لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إحْدَاهُمَا ، وَبِهِ أَخَذَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ .
وَجْهُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِعِبَادَتَيْنِ لَا يُمْكِنُهُ الْمُضِيُّ فِيهِمَا جَمِيعًا ، فَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِهِمَا جَمِيعًا ، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاتَيْنِ أَوْ صَوْمَيْنِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ; لِأَنَّ الْمُضِيَّ فِيهِمَا مُمْكِنٌ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ بِهِمَا كَمَا لَوْ نَوَى صَوْمًا وَصَلَاةً ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي وَقْتَيْنِ ، فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا ، وَثَمَرَةُ هَذَا الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ ، إذَا قَتَلَ صَيْدًا عِنْدَهُمَا يَجِبُ جَزَاءَانِ لِانْعِقَادِ الْإِحْرَامِ بِهِمَا جَمِيعًا .
وَعِنْدَهُ يَجِبُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ لِانْعِقَادِ الْإِحْرَامِ بِإِحْدَاهُمَا ، ثُمَّ اخْتَلَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبُو يُوسُفَ فِي وَقْتِ ارْتِفَاضِ إحْدَاهُمَا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ يَرْتَفِضُ عَقِيبَ الْإِحْرَامِ بِلَا فَصْلٍ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ : فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْهُ يَرْتَفِضُ إذَا قَصَدَ
مَكَّةَ ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَرْتَفِضُ حَتَّى يَبْتَدِئَ بِالطَّوَافِ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3747_3750_3742_3749أَحْرَمَ الْآفَاقِيُّ بِالْعُمْرَةِ فَأَدَّاهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفَرَغَ مِنْهَا ، وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ ، ثُمَّ عَادَ إلَى أَهْله حَلَالًا ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ : لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ الْهَدْيُ بَلْ يَكُونُ مُفْرِدًا بِعُمْرَةٍ ، وَمُفْرَدًا بِحَجَّةٍ ; لِأَنَّهُ أَلَمَّ بِأَهْلِهِ بَيْنَ الْإِحْرَامَيْنِ إلْمَامًا صَحِيحًا ، وَهَذَا يَمْنَعُ التَّمَتُّعَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا أَعْرِفُ الْإِلْمَامَ ، وَنَحْنُ نَقُولُ : إنْ كُنْتَ لَا تَعْرِفُ مَعْنَاهُ لُغَةً فَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ الْقُرْبُ ، يُقَالُ : أَلَمَّ بِهِ أَيْ قَرُبَ مِنْهُ .
وَإِنْ كُنْتَ لَا تَعْرِفُ حُكْمَهُ شَرْعًا ، فَحُكْمُهُ أَنْ يَمْنَعَ التَّمَتُّعَ لِمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إذَا أَقَامَ
بِمَكَّةَ صَحَّ تَمَتُّعُهُ ، وَإِنْ عَادَ إلَى أَهْلِهِ بَطَلَ تَمَتُّعُهُ
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ مِثْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا كَذَلِكَ ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُعْرَفُ رَأْيًا وَاجْتِهَادًا ، فَالظَّاهِرُ سَمَاعُهُمْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّ التَّمَتُّعَ فِي حَقِّ الْآفَاقِيِّ ثَبَتَ رُخْصَةً لِيَجْمَعَ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ ، وَيَصِلَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا مَا يُنَافِي النُّسُكَ ، وَهُوَ الِارْتِفَاقُ ، وَلَمَّا أَلَمَّ بِأَهْلِهِ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ مُرَافِقُ الْوَطَنِ فَبَطَلَ الِاتِّصَالُ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .