[ ص: 30 ] ذكر غزوة بني القينقاع   
لما عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بدر  أظهرت يهود له الحسد بما فتح الله عليه ، وبغوا ونقضوا العهد ، وكان قد وادعهم حين قدم المدينة  مهاجرا . 
فلما بلغه حسدهم جمعهم بسوق بني قينقاع   فقال لهم : احذروا ما نزل بقريش  وأسلموا ، فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل . فقالوا : يا محمد  ، لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب ، فأصبت منهم فرصة . 
فكانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبينه ، فبينما هم على مجاهرتهم وكفرهم إذ جاءت امرأة مسلمة إلى سوق بني قينقاع   ، فجلست عند صائغ لأجل حلي لها ، فجاء رجل منهم فخل درعها إلى ظهرها ، وهي لا تشعر ، فلما قامت بدت عورتها ، فضحكوا منها ، فقام إليه رجل من المسلمين فقتله ، ونبذوا العهد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحصنوا في حصونهم ، فغزاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاصرهم خمس عشرة ليلة ، فنزلوا على حكمه ، فكتفوا وهو يريد قتلهم ، وكانوا حلفاء الخزرج  ، فقام إليه  عبد الله بن أبي ابن سلول  فكلمه فيهم ، فلم يجبه ، فأدخل يده في جيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغضب رسول الله وقال : ويحك أرسلني . فقال : لا أرسلك حتى تحسن إلى موالي ، أربعمائة حاسر ، وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود تحصدهم في غداة واحدة ، وإني والله لأخشى الدوائر . 
فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : هم لك ، خلوهم لعنهم الله ولعنه معهم . 
وغنم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون ما كان لهم من مال ، ولم يكن لهم أرضون إنما كانوا صاغة ، وكان الذي أخرجهم   عبادة بن الصامت الأنصاري  ، فبلغ بهم ذباب ، ثم ساروا إلى أذرعات من أرض الشام  ، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى هلكوا . 
 [ ص: 31 ] وكان قد استخلف على المدينة  أبا لبابة  ، وكان لواء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع  حمزة  ، وقسم الغنيمة بين أصحابه وخمسها ، وكان أول خمس أخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحضر الأضحى ، وخرج إلى المصلى فصلى بالمسلمين ، وهي أول صلاة عيد صلاها ، وضحى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاتين ، وقيل بشاة ، وكان أول أضحى رآه المسلمون ، وضحى معه  ذوو اليسار     . 
وكانت الغزاة في شوال بعد بدر  ، وقيل : كانت في صفر سنة ثلاث ، وجعلها بعضهم بعد غزوة الكدر    . 
( ذباب بكسر الذال المعجمة ، وباءين موحدتين ) . 
				
						
						
