[ ص: 166 ] ( 544 )
ثم دخلت سنة أربع وأربعين وخمسمائة
ذكر وفاة
nindex.php?page=showalam&ids=16756سيف الدين غازي بن أتابك زنكي وبعض سيرته وملك أخيه
قطب الدين
في هذه السنة توفي
nindex.php?page=showalam&ids=16756سيف الدين غازي بن أتابك زنكي صاحب
الموصل بها بمرض حاد ، ولما اشتد مرضه أرسل إلى
بغداد واستدعى أوحد الزمان ، فحضر عنده ، فرأى شدة مرضه ، فعالجه ، فلم ينجع فيه الدواء ، وتوفي أواخر جمادى الآخرة ، وكانت ولايته ثلاث سنين وشهرا وعشرين يوما ; وكان حسن الصورة والشباب ، وكانت ولادته سنة خمسمائة ، ودفن بالمدرسة التي بناها
بالموصل ، وخلف ولدا ذكرا ، فرباه عمه
nindex.php?page=showalam&ids=17217نور الدين محمود ، وأحسن تربيته ، وزوجه
ابنة أخيه nindex.php?page=showalam&ids=17165قطب الدين مودود ، فلم تطل أيامه وتوفي في عنفوان شبابه ، فانقرض عقبه .
وكان كريما شجاعا عاقلا ، وكان يصنع كل يوم لعسكره طعاما كثيرا مرتين بكرة وعشية ، فأما الذي بكرة فيكون مائة رأس غنم جيدة ، وهو أول من حمل على رأسه السنجق ، وأمر الأجناد ألا يركبوا إلا بالسيف في أوساطهم والدبوس تحت ركبهم ، فلما فعل ذلك اقتدى به أصحاب الأطراف . بنى المدرسة الأتابكية العتيقة
بالموصل ، وهي من أحسن المدارس ، ووقفها على الفقهاء الحنفية والشافعية ، وبنى رباطا
[ ص: 167 ] للصوفية
بالموصل أيضا على باب المشرعة ، ولم تطل أيامه ليفعل ما في نفسه من الخير ، وكان عظيم الهمة ، ومن جملة كرمه أنه قصده
شهاب الدين الحيص بيص وامتدحه بقصيدته التي أولها :
إلام يراك المجد في زي شاعر وقد نحلت شوقا فروع المنابر
فوصله بألف دينار عينا سوى الخلع وغيرها .
ولما توفي
nindex.php?page=showalam&ids=16756سيف الدين غازي كان أخوه
قطب الدين مقيما
بالموصل ، فاتفق
جمال الدين الوزير
وزين الدين علي أمير الجيش على تمليكه ، فأحضروه ، واستحلفوه ، وحلفوا له ، وأركبوه إلى دار السلطنة ،
وزين الدين في ركابه ، وأطاعه جميع بلاد
سيف الدين كالموصل ،
والجزيرة ،
والشام .
ولما ملك تزوج
الخاتون ابنة حسام الدين تمرتاش التي كان قد تزوجها أخوه
سيف الدين وتوفي قبل الدخول بها ، وهي أم أولاد
قطب الدين :
سيف الدين ،
وعز الدين وغيرهما من أولاده .
[ ص: 166 ] ( 544 )
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ وَفَاةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16756سَيْفِ الدِّينِ غَازِي بْنِ أَتَابَكَ زَنْكِي وَبَعْضِ سِيرَتِهِ وَمُلْكِ أَخِيهِ
قُطْبِ الدِّينِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ
nindex.php?page=showalam&ids=16756سَيْفُ الدِّينِ غَازِي بْنُ أَتَابَكَ زَنْكِي صَاحِبُ
الْمَوْصِلِ بِهَا بِمَرَضٍ حَادٍّ ، وَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ أَرْسَلَ إِلَى
بَغْدَادَ وَاسْتَدْعَى أَوْحَدَ الزَّمَانِ ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ ، فَرَأَى شِدَّةَ مَرَضِهِ ، فَعَالَجَهُ ، فَلَمْ يَنْجَعْ فِيهِ الدَّوَاءُ ، وَتُوُفِّيَ أَوَاخِرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَشَهْرًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا ; وَكَانَ حَسَنَ الصُّورَةِ وَالشَّبَابِ ، وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ ، وَدُفِنَ بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي بَنَاهَا
بِالْمَوْصِلِ ، وَخَلَّفَ وَلَدًا ذَكَرًا ، فَرَبَّاهُ عَمُّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17217نُورُ الدِّينِ مَحْمُودٌ ، وَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهُ ، وَزَوَّجَهُ
ابْنَةَ أَخِيهِ nindex.php?page=showalam&ids=17165قُطْبِ الدِّينِ مَوْدُودٍ ، فَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ وَتُوُفِّيَ فِي عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ ، فَانْقَرَضَ عِقْبُهُ .
وَكَانَ كَرِيمًا شُجَاعًا عَاقِلًا ، وَكَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ لِعَسْكَرِهِ طَعَامًا كَثِيرًا مَرَّتَيْنِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ، فَأَمَّا الَّذِي بُكْرَةً فَيَكُونُ مِائَةَ رَأْسِ غَنَمٍ جَيِّدَةٍ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ حُمِلَ عَلَى رَأْسِهِ السَّنْجَقُ ، وَأَمَرَ الْأَجْنَادَ أَلَّا يَرْكَبُوا إِلَّا بِالسَّيْفِ فِي أَوْسَاطِهِمْ وَالدَّبُّوسُ تَحْتَ رُكَبِهِمْ ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ اقْتَدَى بِهِ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ . بَنَى الْمَدْرَسَةَ الْأَتَابَكِيَّةَ الْعَتِيقَةَ
بِالْمَوْصِلِ ، وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ الْمَدَارِسِ ، وَوَقَفَهَا عَلَى الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ، وَبَنَى رِبَاطًا
[ ص: 167 ] لِلصُّوفِيَّةِ
بِالْمَوْصِلِ أَيْضًا عَلَى بَابِ الْمَشْرَعَةِ ، وَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ لِيَفْعَلَ مَا فِي نَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ ، وَكَانَ عَظِيمَ الْهِمَّةِ ، وَمِنْ جُمْلَةِ كَرَمِهِ أَنَّهُ قَصَدَهُ
شِهَابُ الدِّينِ الْحَيْصَ بَيْصَ وَامْتَدَحَهُ بِقَصِيدَتِهِ الَّتِي أَوَّلُهَا :
إِلَامَ يَرَاكَ الْمَجْدُ فِي زِيِّ شَاعِرٍ وَقَدْ نَحَلَتْ شَوْقًا فَرُوعُ الْمَنَابِرِ
فَوَصَلَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ عَيْنًا سِوَى الْخِلَعِ وَغَيْرِهَا .
وَلَمَّا تُوُفِّيَ
nindex.php?page=showalam&ids=16756سَيْفُ الدِّينِ غَازِي كَانَ أَخُوهُ
قُطْبُ الدِّينِ مُقِيمًا
بِالْمَوْصِلِ ، فَاتَّفَقَ
جَمَالُ الدِّينِ الْوَزِيرُ
وَزَيْنُ الدِّينِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْجَيْشِ عَلَى تَمْلِيكِهِ ، فَأَحْضَرُوهُ ، وَاسْتَحْلَفُوهُ ، وَحَلَفُوا لَهُ ، وَأَرْكَبُوهُ إِلَى دَارِ السَّلْطَنَةِ ،
وَزَيْنُ الدِّينِ فِي رِكَابِهِ ، وَأَطَاعَهُ جَمِيعُ بِلَادِ
سَيْفِ الدِّينِ كَالْمَوْصِلِ ،
وَالْجَزِيرَةِ ،
وَالشَّامِ .
وَلَمَّا مُلِّكَ تَزَوَّجَ
الْخَاتُّونَ ابْنَةَ حُسَامِ الدِّينِ تِمِرْتَاشَ الَّتِي كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا أَخُوهُ
سَيْفُ الدِّينِ وَتُوفِّيَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ، وَهِيَ أَمُّ أَوْلَادِ
قُطْبِ الدِّينِ :
سَيْفِ الدِّينِ ،
وَعِزِّ الدِّينِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَوْلَادِهِ .