ذكر أخذ حران  من  نور الدين  وعودها إليه  
في هذه السنة مرض   نور الدين محمود بن زنكي  ، صاحب حلب  ، مرضا شديدا وأرجف بموته ، وكان بقلعة حلب  ، ومعه أخوه الأصغر أمير أميران ، فجمع الناس ، وحصر القلعة . وكان  شيركوه  ، وهو أكبر أمرائه ، بحمص  ، فبلغه خبر موته ، فسار إلى دمشق  ليتغلب عليها وبها أخوه  نجم الدين أيوب  ، فأنكر عليه  أيوب  ذلك ، وقال : أهلكتنا ! والمصلحة أن تعود إلى حلب  ، فإن كان  نور الدين  حيا خدمته في ( هذا ) الوقت ، وإن كان قد مات ، فإنا في دمشق  نفعل ما نريد من ملكها ، فعاد إلى حلب   [ ص: 267 ] مجدا ، وصعد القلعة ، وأجلس  نور الدين  في شباك يراه الناس ، وكلمهم ، فلما رأوه حيا تفرقوا عن أخيه أمير أميران ، فسار إلى حران  فملكها . 
فلما عوفي  نور الدين  قصد حران  ليخلصها ، فهرب أخوه منه ، وترك أولاده بحران  في القلعة ، فملكها  نور الدين  ، وسلمها إلى  زين الدين علي  نائب أخيه  قطب [ الدين ]  ، صاحب الموصل  ، ثم سار  نور الدين  بعد أخذ حران  إلى الرقة  ، وبها أولاد  أميرك الجاندار  ، وهو من أعيان الأمراء ، وقد توفي وبقي أولاده ، فنازلها ، فشفع جماعة من الأمراء فيهم ، فغضب من ذلك ، وقال : هلا شفعتم في أولاد أخي لما أخذت منهم حران  ، وكانت الشفاعة فيهم من أحب الأشياء إلي ! فلم يشفعهم وأخذها منهم . 
				
						
						
