[ ص: 458 ] 578
ثم دخلت سنة ثمان وسبعين وخمسمائة
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33853_33858_33882مسير صلاح الدين إلى الشام وإغارته على الفرنج
في هذه السنة ، خامس المحرم ، سار
صلاح الدين عن
مصر إلى
الشام ، ومن عجيب ما يحكى من التطير أنه لما برز من
القاهرة أقام بخيمته حتى تجتمع العساكر والناس عنده ، وأعيان دولته والعلماء وأرباب الآداب ، فمن بين مودع له وسائر معه ، وكل منهم يقول شيئا في الوداع والفراق ، وما هم بصدده من السفر ، وفي الحاضرين معلم لبعض أولاده ، فأخرج رأسه من بين الحاضرين وأنشد :
تمتع من شميم عرار نجد فما بعد العشية من عرار
فانقبض
صلاح الدين بعد انبساطه وتطير ، وتنكد المجلس على الحاضرين ، فلم يعد إليها إلى أن مات مع طول المدة .
ثم سار عن
مصر وتبعه من التجار وأهل البلاد ، ومن كان قصد
مصر من
الشام بسبب الغلاء
بالشام وغيره ، عالم كثير ، فلما سار جعل طريقه على
أيلة فسمع أن
الفرنج قد جمعوا له ليحاربوه ويصدوه عن المسير ، فلما قارب بلادهم في العساكر المقاتلة لا غير ، فشن الغارات بأطراف بلادهم ، وأكثر ذلك ببلد
الكرك والشوبك ، فلم يخرج إليه منهم أحد ، ولا أقدم على الدنو منه ، ثم سار فأتى
دمشق ، فوصلها حادي عشر صفر من السنة .
[ ص: 458 ] 578
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33853_33858_33882مَسِيرِ صَلَاحِ الدِّينِ إِلَى الشَّامِ وَإِغَارَتِهِ عَلَى الْفِرِنْجِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، خَامِسَ الْمُحَرَّمِ ، سَارَ
صَلَاحُ الدِّينِ عَنْ
مِصْرَ إِلَى
الشَّامِ ، وَمِنْ عَجِيبِ مَا يُحْكَى مِنَ التَّطَيُّرِ أَنَّهُ لَمَّا بَرَزَ مِنَ
الْقَاهِرَةِ أَقَامَ بِخَيْمَتِهِ حَتَّى تَجْتَمِعَ الْعَسَاكِرُ وَالنَّاسُ عِنْدَهُ ، وَأَعْيَانُ دَوْلَتِهِ وَالْعُلَمَاءُ وَأَرْبَابُ الْآدَابِ ، فَمِنْ بَيْنِ مُوَدِّعٍ لَهُ وَسَائِرٍ مَعَهُ ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَقُولُ شَيْئًا فِي الْوَدَاعِ وَالْفِرَاقِ ، وَمَا هُمْ بِصَدَدِهِ مِنَ السَّفَرِ ، وَفِي الْحَاضِرِينَ مُعَلِّمٌ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ ، فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنْ بَيْنِ الْحَاضِرِينَ وَأَنْشَدَ :
تَمَتَّعْ مِنْ شَمِيمِ عَرَارِ نَجِدٍ فَمَا بَعْدَ الْعَشِيَّةِ مِنْ عَرَارِ
فَانْقَبَضَ
صَلَاحُ الدِّينِ بَعْدَ انْبِسَاطِهِ وَتَطَيَّرَ ، وَتَنَكَّدَ الْمَجْلِسُ عَلَى الْحَاضِرِينَ ، فَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ .
ثُمَّ سَارَ عَنْ
مِصْرَ وَتَبِعَهُ مِنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْبِلَادِ ، وَمَنْ كَانَ قَصَدَ
مِصْرَ مِنَ
الشَّامِ بِسَبَبِ الْغَلَاءِ
بِالشَّامِ وَغَيْرِهِ ، عَالَمٌ كَثِيرٌ ، فَلَمَّا سَارَ جَعَلَ طَرِيقَهُ عَلَى
أَيْلَةَ فَسَمِعَ أَنَّ
الْفِرِنْجَ قَدْ جَمَعُوا لَهُ لِيُحَارِبُوهُ وَيَصُدُّوهُ عَنِ الْمَسِيرِ ، فَلَمَّا قَارَبَ بِلَادَهُمْ فِي الْعَسَاكِرِ الْمُقَاتِلَةِ لَا غَيْرَ ، فَشَنَّ الْغَارَاتِ بِأَطْرَافِ بِلَادِهِمْ ، وَأَكْثَرَ ذَلِكَ بِبَلَدِ
الْكَرَكِ وَالشَّوْبَكِ ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَلَا أَقْدَمَ عَلَى الدُّنُوِّ مِنْهُ ، ثُمَّ سَارَ فَأَتَى
دِمَشْقَ ، فَوَصَلَهَا حَادِيَ عَشَرَ صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ .