ذكر ضرب الدراهم والدنانير الإسلامية  
وفي هذه السنة ضرب   عبد الملك بن مروان  الدنانير والدراهم ، وهو أول من أحدث ضربها في الإسلام ، فانتفع الناس بذلك . 
 [ ص: 453 ] وكان سبب ضربها أنه كتب في صدور الكتب إلى الروم    : قل هو الله أحد  ، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - مع التاريخ ، فكتب إليه ملك الروم    : إنكم قد أحدثتم كذا وكذا ، فاتركوه وإلا أتاكم في دنانيرنا من ذكر نبيكم ما تكرهون . فعظم ذلك عليه . فأحضر   خالد بن يزيد بن معاوية  فاستشاره فيه ، فقال : حرم دنانيرهم ، واضرب للناس سكة فيها ذكر الله - تعالى - . فضرب الدنانير والدراهم . 
ثم إن  الحجاج  ضرب الدراهم ونقش فيها : قل هو الله أحد  ، فكره الناس ذلك لمكان القرآن ، لأن الجنب والحائض يمسها ، ونهى أن يضرب أحد غيره ، فضرب  سمير اليهودي  ، فأخذه ليقتله ، فقال له : عيار درهمي أجود من دراهمك ، فلم تقتلني ؟ فلم يتركه ، فوضع للناس سنج الأوزان ليتركه فلم يفعل ، وكان الناس لا يعرفون الوزن ، إنما يزنون بعضها ببعض ، فلما وضع لهم  سمير  السنج كف بعضهم عن غبن بعض . 
وأول من شدد في أمر الوزن وخلص الفضة أبلغ من تخليص من قبله   عمر بن هبيرة  أيام   يزيد بن عبد الملك  ، وجود الدراهم ، وخلص العيار واشتد فيه . ثم كان   خالد بن عبد الله القسري  أيام   هشام بن عبد الملك  ، فاشتد أكثر من  ابن هبيرة     . ثم ولي   يوسف بن عمر  ، فأفرط في الشدة ، فامتحن يوما العيار ، فوجد درهما ينقص حبة ، فضرب كل صانع ألف سوط . وكانوا مائة صانع ، فضرب في حبة مائة ألف سوط . وكانت الهبيرية والخالدية واليوسفية أجود نقود بني أمية  ، ولم يكن  المنصور  يقبل في الخراج غيرها ، فسميت الدراهم الأولى مكروهة . 
وقيل : إن المكروهة الدراهم التي ضربها  الحجاج  ونقش عليها : قل هو الله أحد  ، فكرهها العلماء لأجل مس الجنب والحائض . 
وكانت دراهم الأعجام مختلفة كبارا وصغارا ، وكانوا يضربون مثقالا ، وهو وزن عشرين قيراطا ، ومنها وزن اثني عشر قيراطا ، ومنها وزن عشرة قراريط ، وهي أصناف   [ ص: 454 ] المثاقيل ، فلما ضرب الدراهم في الإسلام أخذوا عشرين قيراطا ، واثني عشر قيراطا ، وعشرة قراريط ، فوجدوا ذلك اثنين وأربعين قيراطا ، فضربوا على الثلث من ذلك ، وهو أربعة عشر قيراطا ، فوزن الدرهم العربي أربعة عشر قيراطا ، فصار وزن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل . 
وقيل : إن   مصعب بن الزبير  ضرب دراهم قليلة أيام أخيه  عبد الله بن الزبير  ، ثم كسرت بعد ذلك أيام  عبد الملك     . 
والأول أصح في أن  عبد الملك  أول من ضرب الدراهم والدنانير . 
				
						
						
