وأما اختلافهم في حكمه ، ففي موضعين . أحدهما : في حكم اختيار الزوج  ، والثاني : في حكم اختيار النفس ، فأما الأول ، فالذي عليه معظم أصحاب النبي ونساؤه كلهن ، ومعظم الأمة ، أن من اختارت زوجها لم تطلق ، ولا يكون التخيير بمجرده طلاقا ، صح ذلك عن عمر   وابن مسعود   وابن عباس   وعائشة   . ( قالت  عائشة   : خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ، فلم نعده طلاقا ، وعن  أم سلمة  وقريبة أختها ،  وعبد الرحمن بن أبي بكر   ) 
وصح عن علي   وزيد بن ثابت  ، وجماعة من الصحابة ، أنها إن اختارت زوجها فهي طلقة رجعية ، وهو قول الحسن  ، ورواية عن أحمد  رواها عنه  [ ص: 263 ]  إسحاق بن منصور  ، قال : إن اختارت زوجها ، فواحدة يملك الرجعة ، وإن اختارت نفسها ، فثلاث ، قال أبو بكر   : انفرد بهذا  إسحاق بن منصور  ، والعمل على ما رواه الجماعة . 
قال صاحب " المغني " : ووجه هذه الرواية أن التخيير كناية نوى بها الطلاق ، فوقع بمجردها كسائر كناياته ، وهذا هو الذي صرحت به  عائشة  رضي الله عنها ، والحق معها بإنكاره ورده ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اختاره أزواجه ، لم يقل وقع بكن طلقة ، ولم يراجعهن ، وهي أعلم الأمة بشأن التخيير ، وقد صح عن (  عائشة  رضي الله عنها أنها قالت : لم يكن ذلك طلاقا ) وفي لفظ : ( لم نعده طلاقا ) ، وفي لفظ : ( خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أفكان طلاقا  ) ؟ . 
والذي لحظه من قال : إنها طلقة رجعية ، أن التخيير تمليك ، ولا تملك المرأة نفسها إلا وقد طلقت ، فالتمليك مستلزم لوقوع الطلاق ، وهذا مبني على مقدمتين . إحداهما : أن التخيير تمليك . والثانية أن التمليك يستلزم وقوع الطلاق ، وكلا المقدمتين ممنوعة ، فليس التخيير بتمليك ، ولو كان تمليكا ، لم يستلزم وقوع الطلاق قبل إيقاع من ملكه ، فإن غاية أمره أن تملكه الزوجة ، كما كان الزوج يملكه ، فلا يقع بدون إيقاع من ملكه ، ولو صح ما ذكروه لكان بائنا ؛ لأن الرجعية لا تملك نفسها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					