فصل 
ومقصود الصلاة على الجنازة : هو الدعاء للميت  ، لذلك حفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ونقل عنه ما لم ينقل من قراءة الفاتحة والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم . 
فحفظ من دعائه ( اللهم اغفر له وارحمه وعافه ، واعف عنه وأكرم نزله ، ووسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله ، وزوجا خيرا من زوجه ، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب  [ ص: 487 ] النار  ) . 
وحفظ من دعائه : ( اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، وشاهدنا وغائبنا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده  ) . 
وحفظ من دعائه : ( اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك ، فقه من فتنة القبر ومن عذاب النار ، فأنت أهل الوفاء والحق ، فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم  ) . 
وحفظ من دعائه أيضا : ( اللهم أنت ربها ، وأنت خلقتها ، وأنت رزقتها ، وأنت هديتها للإسلام ، وأنت قبضت روحها ، وتعلم سرها وعلانيتها ، جئنا شفعاء فاغفر لها  ) . 
 [ ص: 488 ] وكان - صلى الله عليه وسلم - يأمر بإخلاص الدعاء للميت ، وكان يكبر أربع تكبيرات   . وصح عنه أنه كبر خمسا ، وكان الصحابة بعده يكبرون أربعا وخمسا وستا ، فكبر  زيد بن أرقم  خمسا ، وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبرها ذكره  مسلم   . 
( وكبر  علي بن أبي طالب   - رضي الله عنه - على  سهل بن حنيف  ستا ، وكان  [ ص: 489 ] يكبر على أهل بدر  ستا ، وعلى غيرهم من الصحابة خمسا ، وعلى سائر الناس أربعا  ) ذكره  الدارقطني   . 
وذكر  سعيد بن منصور  ، عن  الحكم بن عتيبة  أنه قال : كانوا يكبرون على أهل بدر  خمسا وستا وسبعا  . وهذه آثار صحيحة ، فلا موجب للمنع منها ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع مما زاد على الأربع ، بل فعله هو وأصحابه من بعده . 
والذين منعوا من الزيادة على الأربع ، منهم من احتج بحديث  ابن عباس  ، أن آخر جنازة صلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم كبر أربعا . قالوا : وهذا آخر الأمرين ، وإنما يؤخذ بالآخر ، فالآخر من فعله - صلى الله عليه وسلم - هذا . وهذا الحديث ، قد قال الخلال في " العلل " : أخبرني حرب  قال : سئل  الإمام أحمد  عن حديث أبي المليح  ، عن ميمون  ، عن  ابن عباس  ، فذكر الحديث . فقال أحمد   : هذا كذب ليس له أصل ، إنما رواه محمد بن زياد الطحان  وكان يضع الحديث . 
واحتجوا بأن  ميمون بن مهران  روى عن  ابن عباس   : ( أن الملائكة لما صلت على آدم   - عليه الصلاة والسلام - كبرت عليه أربعا ، وقالوا : تلك سنتكم يا بني آدم  ) . وهذا الحديث قد قال في الأثرم   : جرى ذكر محمد بن معاوية النيسابوري  الذي كان بمكة  ، فسمعت أبا عبد الله  قال : رأيت أحاديثه موضوعة ، فذكر منها عن أبي المليح  ، عن  ميمون بن مهران  عن  ابن عباس   : ( أن الملائكة لما صلت على آدم  كبرت عليه أربعا ) ، واستعظمه أبو عبد الله  ، وقال أبو المليح  كان أصح حديثا وأتقى لله من أن يروي مثل هذا . 
 [ ص: 490 ] واحتجوا بما رواه  البيهقي  من حديث يحيى  ، عن أبي  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن الملائكة لما صلت على آدم  ، فكبرت عليه أربعا ، وقالت هذه سنتكم يا بني آدم  ) ، وهذا لا يصح . وقد روي مرفوعا وموقوفا . 
وكان أصحاب معاذ  يكبرون خمسا . قال علقمة   : قلت لعبد الله   : إن ناسا من أصحاب معاذ  قدموا من الشام  ، فكبروا على ميت لهم خمسا ، فقال عبد الله   : ليس على الميت في التكبير وقت ، كبر ما كبر الإمام ، فإذا انصرف الإمام فانصرف  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					