فصل . 
وما فضل منه عن حاجته وحاجة بهائمه وزرعه ، واحتاج إليه آدمي مثله ، أو بهائمه  ، بذله بغير عوض ، ولكل واحد أن يتقدم إلى الماء ويشرب . ويسقي ماشيته ، وليس لصاحب الماء منعه من ذلك ، ولا يلزم الشارب وساقي البهائم عوض . وهل يلزمه أن يبذل له الدلو والبكرة والحبل مجانا ، أو له أن يأخذ أجرته ؟ على قولين ، وهما وجهان لأصحاب أحمد  في وجوب إعارة المتاع عند الحاجة إليه ، أظهرهما دليلا وجوبه ، وهو من الماعون . 
قال أحمد   : إنما هذا في  [ ص: 710 ] الصحاري والبرية دون البنيان يعني : أن البنيان إذا كان فيه الماء ، فليس لأحد الدخول إليه إلا بإذن صاحبه  ، وهل يلزمه بذل فضل مائه لزرع غيره  ؟ فيه وجهان ، وهما روايتان عن أحمد   . 
أحدهما : لا يلزمه وهو مذهب  الشافعي  ؛ لأن الزرع لا حرمة له في نفسه ، ولهذا لا يجب على صاحبه سقيه بخلاف الماشية . 
والثاني : يلزمه بذله ، واحتج لهذا القول بالأحاديث المتقدمة وعمومها ، ومما روي ( عن  عبد الله بن عمرو  أن قيم أرضه بالوهط كتب إليه يخبره أنه سقى أرضه ، وفضل له من الماء فضل يطلب بثلاثين ألفا ، فكتب إليه  عبد الله بن عمرو  رضي الله عنهما : أقم قلدك ، ثم اسق الأدنى ، فالأدنى ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع فضل الماء   ) . 
قالوا : وفي منعه من سقي الزرع إهلاكه وإفساده ، فحرم كالماشية . وقولكم : لا حرمة له ، فلصاحبه حرمة ، فلا يجوز التسبب إلى إهلاك ماله ، ومن سلم لكم أنه لا حرمة للزرع ؟ قال  أبو محمد المقدسي   : ويحتمل أن يمنع نفي الحرمة عنه ، فإن إضاعة المال منهي عنها ، وإتلافه محرم ، وذلك دليل على حرمته . 
				
						
						
