فصل 
وفي ذبحه - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية  ، وهي من الحل بالاتفاق ، دليل على أن المحصر ينحر هديه حيث أحصر من حل أو حرم  ، وهذا قول الجمهور ، وأحمد  ، ومالك  ،  والشافعي   . 
وعن أحمد   - رحمه الله - رواية أخرى ، أنه ليس له نحر هديه ، إلا في الحرم ، فيبعثه إلى الحرم ويواطئ رجلا على أن ينحره في وقت يتحلل فيه ،  [ ص: 336 ] وهذا يروى عن  ابن مسعود   - رضي الله عنه - وجماعة من التابعين ، وهو قول  أبي حنيفة   . 
وهذا إن صح عنهم فينبغي حمله على الحصر الخاص : وهو أن يتعرض ظالم لجماعة أو لواحد ، وأما الحصر العام : فالسنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تدل على خلافه ، والحديبية  من الحل باتفاق الناس ، وقد قال  الشافعي   : بعضها من الحل ، وبعضها من الحرم ، قلت : ومراده أن أطرافها من الحرم وإلا فهي من الحل باتفاقهم . 
وقد اختلف أصحاب أحمد   - رحمه الله - في المحصر إذا قدر على أطراف الحرم  ، هل يلزمه أن ينحر فيه ؟ فيه وجهان لهم . 
والصحيح أنه لا يلزمه ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر هديه في موضعه ، مع قدرته على أطراف الحرم ، وقد أخبر الله سبحانه أن الهدي كان محبوسا عن بلوغ محله ، ونصب (الهدي) بوقوع فعل الصد عليه ؛ أي صدوكم عن المسجد الحرام  ، وصدوا الهدي عن بلوغ محله ، ومعلوم أن صدهم وصد الهدي استمر ذلك العام ولم يزل ، فلم يصلوا فيه إلى محل إحرامهم ، ولم يصل الهدي إلى محل نحره والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					