الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) وجب ( إطعام ) قدر ( مده عليه الصلاة والسلام لمفرط ) أي على مفرط ( في قضاء رمضان لمثله ) أي إلى أن دخل عليه رمضان الثاني ولا يتكرر بتكرر المثل ( عن كل يوم ) متعلق بإطعام وكذا قوله ( لمسكين ) فلو أعطى مسكينا مدين عن يومين مثلا ولو كل واحد في يومه لم يجزه إن كان التفريط بعام واحد فإن كان من عامين جاز [ ص: 538 ] ( ولا يعتد بالزائد ) على مد يدفع لمسكين وينبغي نزعه منه إن بقي ومحل إطعام المفرط ( إن أمكن قضاؤه بشعبان ) بأن يبقى من شعبان بقدر ما عليه من رمضان ، وهو غير معذور ( لا إن اتصل مرضه ) الأولى عذره ليشمل الإغماء والجنون والحيض والنفاس والإكراه والجهل والسفر بشعبان أي اتصل من مبدأ القدر الواجب عليه إلى تمام شعبان كما إذا كان عليه خمسة أيام مثلا وحصل له العذر قبل رمضان الثاني بخمسة أيام واستمر إلى رمضان فلا إطعام عليه فليس المراد اتصل من رمضان لرمضان ولا جميع شعبان ( مع القضاء ) في العام الثاني أي يندب الإطعام أي إخراج المد مع كل يوم يقضيه ( أو بعده ) أي بعد مضي كل يوم أو بعد فراغ أيام القضاء يخرج جميع الأمداد فإن أطعم بعد الوجوب بدخول رمضان الثاني وقبل الشروع في القضاء أجزأ وخالف المندوب

التالي السابق


( قوله لمفرط ) اللام بمعنى على كما قال الشارح واللام في قوله لمثله بمعنى إلى التي لانتهاء الغاية مرتبط بمفرط أي تفريطا منتهيا فيه إلى دخول مثله وقوله لمفرط أي ولو عبدا أو سفيها كان التفريط حقيقة أو حكما كناسي القضاء لا المكره على تركه والجاهل بوجوب تقديمه على رمضان التالي له فليسا بمفرطين كمسافر ومريض واعلم أن التفريط الموجب للإطعام إنما ينظر فيه لشعبان الواقع في السنة التي تلي سنة رمضان المقضي خاصة فإذا لم يفرط فيه فلا إطعام ولو فرط فيما قبله أو فيما بعده من العام الثاني ا هـ شيخنا العدوي ( قوله ولا يتكرر ) أي المد بتكرر المثل فإذا كان عليه يومان من رمضان ومضى على ذلك ثلاث رمضانات أو أكثر فإنه إنما يلزمه مدان ولو قال المصنف لمثله أو أكثر لوفى بذلك إلا أن يقال إن قوله لمثله مفرد مضاف يعم ( قوله ولو كل واحد ) أي ولو كان كل واحد من المدين دفعه له في يومه الذي صامه قضاء عما في الذمة .

( قوله فإن كانا عن عامين ) أي [ ص: 538 ] فرط فيهما بأن دفع له مدين عن يومين كل يوم من عام جاز كما يجوز للمرضع دفع كفارة فطرها وتفريطها لمسكين واحد ( قوله ولا يعتد بالزائد على مد ) أي إذا كان ذلك من كفارة واحدة أما لو كان عليه كفارتان فإنه يجزيه أن يعطي كل واحد مدين مثال الأول إذا فرط ، وعليه عشرة أيام من شهر حتى دخل عليه رمضان الثاني ومثال الثاني ما إذا فرط في رمضانين في كل واحد عشرة أيام فالمراد بالكفارة الواحدة كفارة التفريط الذي في عام واحد ( قوله إن بقي وبين ) أي إن بقي بيده وبين له عند الدفع أن ذلك كفارة ( قوله إن أمكن إلخ ) شرط في قوله ووجب إطعام مدة إلخ يعني أنه إنما يلزم المفرط إطعام المد عن كل يوم لمسكين إذا كان يمكن قضاء ما عليه في شعبان وذلك بأن صار الباقي من شعبان بقدر ما عليه من رمضان ، وهو صحيح مقيم خال من الأعذار ولم يقض حتى دخل رمضان الآخر وعلى هذا فمن عليه خمسة أيام مثلا من رمضان وترك قضاءها أول شعبان وأخرها إلى أن بقي منه خمسة أيام ثم لما بقي ذلك مرض إلى أن دخل عليه رمضان الثاني فلا إطعام عليه ثم إن المعتبر إمكان القضاء في شعبان الأول فإن حصل في آخره بقدر ما عليه عذر وتراخى في شعبان الثاني لا يلزمه إطعام قال الشيخ أحمد الزرقاني : وانظر لو كان عليه ثلاثون يوما ثم صام من أول شعبان ظانا كما له فإذا هو تسعة وعشرون يوما هل يجب عليه الإطعام ليوم أو لا والظاهر الثاني ; لأنه لم يفرط في القضاء ; لأنه لم يمكنه قضاء ذلك اليوم بشعبان ( قوله لا إن اتصل مرضه إلخ ) هذا مفهوم قوله إن أمكن قضاؤه بشعبان صرح به لزيادة الإيضاح ( قوله والجهل ) أي بوجوب تقديم القضاء على رمضان الثاني وجعل الجهل المذكور عذرا أحد قولين وقيل إنه ليس بعذر والخلاف المذكور جار في النسيان وفي السفر وفي المج وليس النسيان والسفر عذرا هنا بل الإكراه ا هـ ( قوله فلا إطعام عليه ) أي ولو كان متمكنا فيما قبل ذلك من الأيام ولا عذر له ( قوله مع القضاء ) متعلق بإطعام أي ووجب إطعام مده صلى الله عليه وآله لمفرط حالة كون ذلك الإطعام مصاحبا للقضاء أو بعده على جهة الندب ( قوله مع كل يوم يقضيه ) أي فكلما أخذ في قضاء يوم أطعم فيه ( قوله فإن أطعم بعد الوجوب وقبل الشروع في القضاء أجزأ ) أي كما قال ابن حبيب ولا ينافيه قول المدونة لا تفرق الكفارة الصغرى قبل الشروع في القضاء لحملها على أن المراد لا تفرق على جهة الأولوية ومفهومه قوله بعد الوجوب أنه لو أطعم قبل الوجوب وقبل الشروع في القضاء فإنه لا يجزئ




الخدمات العلمية