الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما أنهى الكلام على الأحداث شرع في بيان أسبابها فقال ( و ) نقض ( بسببه وهو ) أي السبب ثلاثة أنواع : الأول ( زوال عقل ) أي استتاره لا بنوم ثقل بأن كان بجنون أو إغماء أو سكر أو شدة هم بل ( وإن ) كان زواله ( بنوم ثقل ) هذا إذا طال [ ص: 119 ] بل ( ولو قصر ) ، فإنه ينقض ( لا ) ينتقض بنوم ( خف ) ولو طال ( وندب ) الوضوء ( إن طال ) الخفيف وجملة لا خف استئنافية واقعة في جواب سؤال مقدر نشأ مما قبلها فليست لا عاطفة والثقيل ما لا يشعر صاحبه بالأصوات أو بسقوط حبوة بيد أو بسقوط شيء بيده أو بسيلان ريقه

التالي السابق


( قوله : ونقض بسببه ) أي بسبب الحدث الموصل إليه كالنوم المؤدي لخروج الريح واللمس والمس المؤديين لخروج المذي والسببية في زوال العقل مشكلة إذ لا تعقل إلا إذا كان زوال العقل سببا في انحلال الأعصاب فيتسبب عن ذلك خروج الحدث إلا أن يقال عده سببا باعتبار المظنة في الجملة كالمس واللمس ، فإنهما كذلك فتأمل ( قوله : زوال العقل ) ظاهر المصنف أن زوال العقل بغير النوم كالإغماء والسكر والجنون لا يفصل فيه بين قليله وكثيره كما يفصل في النوم وهو ظاهر المدونة والرسالة فهو ناقض مطلقا قال ابن عبد السلام وهو الحق خلافا لبعضهم وقال ابن بشير والقليل في ذلك كالكثير انظر ح ( قوله : أي استتاره ) أشار بهذا إلى أن التعبير بالاستتار أولى من التعبير بالزوال ; لأنه لو زال حقيقة لم يعد حتى يقال له : قد انتقض وضوءك ( قوله : أو شدة هم ) أي إن كان مضطجعا وهل كذا إن كان قاعدا أو يندب له فقط احتمالان لسند في فهم كلام الإمام على نقل ح واقتصر في الشامل على الأول وكذا زروق في شرح الرسالة حيث قال : قال مالك فيمن حصل له هم أذهل عقله يتوضأ وعن ابن القاسم لا وضوء عليه ا هـ .

وأما من استغرق عقله في حب الله حتى زال عن إحساسه فلا وضوء عليه كما في ح نقلا عن ابن عمر وزروق ( قوله : وإن بنوم ثقل ) قال ابن مرزوق ظاهر المصنف أن المعتبر عنده صفة النوم ولا عبرة بهيئة النائم من اضطجاع أو قيام أو غيرهما فمتى كان النوم ثقيلا نقض كان النائم مضطجعا أو ساجدا أو جالسا أو قائما ، وإن كان غير ثقيل فلا ينقض على أي حال كان النائم مضطجعا أو ساجدا أو جالسا أو قائما [ ص: 119 ] وهي طريقة اللخمي واعتبر في التلقين صفة النوم مع الثقل وصفة النائم مع غيره فقال : وأما النوم الثقيل فيجب منه الوضوء على أي حال كان النائم مضطجعا أو ساجدا أو جالسا أو قائما .

وأما غير الثقيل فيجب منه الوضوء في الاضطجاع والسجود ولا يجب في القيام والجلوس وعزا في التوضيح هذه الطريقة الثانية لعبد الحق وغيره ا هـ بن ( قوله : بل ولو قصر ) رد بلو على من قال : النوم الثقيل لا ينقض إلا إذا كان طويلا ( قوله : لا بنوم خف ) أي لانتفاء مظنة الحدث ( قوله : ولو طال ) أي هذا إذا كان الخفيف قصيرا بل ولو طال ( قوله : وندب إن طال ) هذا هو المعتمد خلافا لابن بشير القائل بالوجوب ( قوله : نشأ مما قبلها ) أي وهو قوله وإن بنوم ثقل وتقرير السؤال ، فإن كان النوم خفيفا فهل ينقض كذلك أم لا ( قوله : فليست لا عاطفة ) ; لأنها إن كانت عاطفة لخف على ثقل يلزم عليه أنها قد عطفت جملة على جملة ولا إنما تعطف المفردات ولا تعطف الجمل وإن جعلت عاطفة لمحذوف موصوف بجملة خف والتقدير لا بنوم خف لزم على ذلك حذف النكرة الموصوفة بالجملة مع عدم الشرط وهو أن تكون بعض اسم مجرور بمن أو في كقولك منا ظعن ومنا أقام أي منا فريق وكقوله

إن قلت ما في قومها لم تيئم يفضلها في حسب وميسم

أي ما في قومها أحد يفضلها إلخ ( قوله : ما لا يشعر صاحبه بالأصوات ) أي المرتفعة القريبة منه وقوله أو بسقوط إلخ عطف على الأصوات وكذا ما بعده ، فإن شعر بالأصوات القريبة منه أو شعر بانفكاك حبوته أو بسقوط ما كان بيده أو شعر بسيلان ريقه فلا نقض لخفته حينئذ ( تنبيه ) لا ينقض نوم مسدود الدبر كما إذا استثفر بشيء تحت مخرجه ولو كان النوم ثقيلا إذا لم يطل ، فإن طال نقض على المعتمد .




الخدمات العلمية