الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( شك ) من وجد بفرجه أو ثوبه أو فخذه شيئا من بلل أو أثر ( أمذي ) هو ( أو مني ) وكان شكه فيهما مستويا وإلا عمل بمقتضى الراجح منهما ( اغتسل ) وجوبا للاحتياط كمن تيقن الطهارة وشك في الحدث [ ص: 132 ] ( و ) لو وجده هذا الشاك في ثوبه ولم يدر أي نومة حصل فيها ؟ اغتسل و ( أعاد ) صلاته ( من آخر نومة ) نامها فيه كان ينزعه أولا ( كتحققه ) أي تحقق أنه مني ولم يدر وقت حصوله ومحل الإعادة بعد الغسل فيهما إذا لم يلبسه غيره ممن يمني فقط وإلا لم يجب غسل بل يندب فقط ودل قوله أمذي أم مني أن شكه دائر بين أمرين أحدهما مني فإن دار بين ثلاثة كمذي ومني وودي أو بول لم يجب غسل لضعف الشك في المني حينئذ إذ هو بالنسبة لمقابليه وهم .

التالي السابق


( قوله : وإلا عمل بمقتضى الراجح ) أي بمقتضى ما ترجح عنده من الأمرين فإن ترجح عنده أنه مني اغتسل أو مذي غسل ذكره فقط بنية ( قوله : اغتسل وجوبا ) هذا هو المشهور وروي عن ابن زياد لا يلزمه إلا الوضوء مع غسل الذكر ( قوله : للاحتياط ) أي لأن الشك في الحدث كتحققه ومنه إذا شك هل غابت حشفته كلها [ ص: 132 ] في الفرج أو بعضها ( قوله : ولو وجده هذا الشاك ) أي ولو وجد الشخص الشيء الذي شك فيه هل هو مني أو مذي في ثوبه ( قوله : كان ينزعه ) أي في مدة لبسه السابقة على النومة الأخيرة أم لا وما مشى عليه المصنف من إعادة الصلاة من آخر نومة مطلقا هو ظاهر قول مالك في الموطإ ورواية علي وابن القاسم عنه وجعله أبو عمر مقابلا لمذهب المدونة وأن مذهبها أنه يعيد من أول نومة إن كان لا ينزعه وإن كان ينزعه فمن آخر نومة وهو المناسب لما تقدم من أن الشك في الحدث كتحققه وذلك لأنه إذا كان لا ينزعه فما بعد النومة الأولى قد تطرق له الشك فمقتضى ذلك إعادته قال الباجي ورأيت أكثر الشيوخ يجعلون هذا تفسيرا للموطإ والصواب عندي أن يكون اختلف قول الإمام إذا علمت هذا فإطلاق المصنف موافق لطريقة الباجي لا لما حكاه عن الأكثر لكنه لا ينبغي مخالفة الأكثر ( قوله : كتحققه ) تشبيه في الإعادة من آخر نومة .

وحاصله أنه إذا رأى منيا في ثوب نومه ولم يتذكر احتلاما ولم يدر وقت حصوله فإنه يجب عليه الغسل وإعادة الصلاة من آخر نومة نامها فيها سواء كان طريا أو يابسا على المشهور وقيل إن كان طريا فمن آخر نومة وإن كان يابسا فمن أول نومة ( قوله : ومحل الإعادة بعد الغسل فيهما ) أي في مسألة الشك والتحقق إذا لم يلبسه غيره إلخ وهذا القيد ذكره ابن العربي في العارضة وهو مخالف لما قالوه من وجوب الغسل على كل من شخصين لبسا ثوبا ونام كل واحد فيها ولم يحتمل لبس غيرهما لتلك الثوب ووجدا فيها منيا ولقول البرزلي لو نام شخصان تحت لحاف ثم وجدا منيا عزاه كل منهما لصاحبه فإن كان غير زوجين اغتسلا وصليا من أول ما ناما فيه لتطرق الشك إليهما معا فلا يبرآن إلا بيقين وإن كانا زوجين اغتسل الزوج وحده لأن الغالب أن الزوجة لا يخرج منها ذلك ا هـ وما جمع به عبق بين الكلامين فقد رده بن بأنه غير صحيح وأن الحق أنهما قولان متغايران واستظهر بعضهم الثاني لا ما قاله ابن العربي من التقييد ( قوله : أن شكه دائر بين أمرين أحدهما مني ) فإن كان أحدهما غير مني بأن شك هل مذي أو بول أو مذي أو ودي وجب غسل ذكره كله بنية وإن شك أبول أو ودي فلا يجب عليه شيء ( قوله : فإن دار بين ثلاثة ) أي وكان أحدهما منيا كما مثل ( قوله : لضعف الشك في المني ) أي لتعدد مقابله ثم إنه إن كان أحد الثلاثة مذيا وجب غسل ذكره كله عملا بالأحوط وإلا فلا هذا ما استظهره بعضهم وقال شيخنا كما لا يجب الغسل لا يجب غسل الذكر لضعف الشك .

والحاصل أنه إذا دار الشك بين أمرين أحدهما مني وجب الغسل كما إذا شك أمذي أم مني أو بول أو مني أو ودي أو مني وإذا دار شكه بين أمرين ليس أحدهما منيا فإن كان أحدهما مذيا وجب غسل الذكر كما إذا شك أمذي أو بول أو مذي أو ودي وإن لم يكن أحدهما مذيا أيضا بأن شك هل ودي أو بول لم يجب شيء وإن دار شكه بين ثلاثة وكانت أحكامها مختلفة فالحكم للأوسط على ما استظهره بعضهم كما إذا شك هل هو مني أو مذي أو بول أو هل هو مني أو مذي أو ودي فالواجب غسل الذكر فيهما . وقال شيخنا لا يجب غسل الجسد ولا غسل الذكر فيهما كما مر فإن لم يكن وسط فالحكم للمتفق لضعف المقابل كما إذا شك هل هو مني أو ودي أو بول



. ( تنبيه ) سكت المصنف والشارح عما إذا رأت المرأة حيضا في ثوبها ولم تدر وقت حصوله و حكمها حكم من رأى منيا في ثوبه ولم يدر وقت حصوله فتغتسل وتعيد الصلاة من آخر نومة وتعيد الصوم من أول يوم صامته فيه كذا قال الشيخ سالم وتت ففرقا بين الصوم والصلاة والمعتمد أنه لا فرق بينهما ابن عرفة قال ابن القاسم من رأت في ثوبها حيضا لا تذكر وقت إصابته إن كانت لا تترك ذلك الثوب أعادت الصلاة مدة لبسه لاحتمال طهرها وقت [ ص: 133 ] أول صلاة من أول يوم لبسته بأن أتاها الدم دفعة وانقطع وإن كانت لا تنزعه في بعض الأوقات فمن آخر لبسة وتعيد صوم ما تعيد صلاته ما لم يجاوز عادتها وإلا اقتصرت عليها ابن حبيب لا تعيد في الصوم إلا يوما فقط وظاهره كانت تنزعه في بعض الأوقات أم لا قال ابن يونس ووجه قول ابن القاسم بإعادة الصوم مدة عادتها مع أنه يمكن أن الدم أتاها لحظة وانقطع فالذي بطل صومه يوم نزولها فقط إمكان تمادي الدم أياما ولم تشعر وقول ابن حبيب أبين عندي لأن الدم إنما أتاها لحظة وانقطع إذ لو استمر نزوله عليها لشعرت به ولم يظهر في ثوبها فقط واعترض على ابن حبيب بأن الحيض يقطع التتابع ويرفع النية فقد صامت بلا نية فوجب إعادة الجميع وأجيب بأنها حيث لم تعلم به فهي على النية الأولى لم ترفعها فلا يبطل التتابع




الخدمات العلمية