الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما كان عدم الجواز لا يستلزم البطلان مع أنه المقصود قال ( وبطل ) الفرض ( الثاني ) خاصة ( ولو ) كانت ( مشتركة ) مع الأولى في الوقت كالظهرين ولو كان المتيمم مريضا وعطف على قوله بتيمم فرض أو نفل قوله : ( لا ) تجوز جنازة وما عطف عليها ( بتيمم لمستحب ) اللام مقحمة بين الصفة والموصوف أي بتيمم مستحب كالتيمم لقراءة القرآن ظاهرا ( ولزم موالاته ) في نفسه ولما فعل له وفعله في الوقت فإن فرق ولو ناسيا أو فعله قبل الوقت بطل وهذا أحد فرائض التيمم وعطف عليه أشياء ليست داخلة في ماهيته بقوله ( و ) لزم ( قبول هبة الماء ) لضعف المنة فيه ولذا لو تحققها أو ظنها لم يجب ( لا ) يلزمه قبول هبة ( ثمن ) يشتريه به لقوة المنة فيه ( أو قرضه ) عطف على قبول والضمير للماء أي ولزم قرض الماء أو للثمن أي ولزم قرض الثمن أي إن كان غنيا ببلده [ ص: 153 ] ويصح عطفه على ثمن أي لا يلزمه قبول الثمن ولا قبول قرضه أي إن كان معدما ببلده تأمل ( و ) لزم ( أخذه ) أي شراؤه ( بثمن اعتيد لم يحتج له ) هذا إذا كان يأخذه نقدا بل ( وإن ) كان يأخذه بثمن اعتيد ( بذمته ) إن كان مليا ببلده مثلا لأنه مع القدرة على الوفاء أشبه واجد الثمن ومفهومه أنه إن زاد الثمن على المعتاد في ذلك المحل وما قاربه فإنه لا يلزمه الشراء وظاهره ولو درهما وهو ما لأشهب وظاهر المدونة وهو الراجح وقال عبد الحق يشتريه وإن زيد عليه مثل الثلث ومفهومه أيضا أنه لو وجده يباع بالمعتاد وهو محتاج له لم يلزمه شراؤه

التالي السابق


( قوله : وبطل الفرض الثاني خاصة ) أي وحينئذ فيجب إعادته مطلقا ( قوله : ولو مشتركة ) رد بلو على ما قاله أصبغ إذا صلى فرضين مشتركين بتيمم فإنه يعيد ثانية المشتركتين في الوقت وأما ثانية غيرهما فيعيدها أبدا وتصح الأولى على كل حال ( قوله : أي بتيمم مستحب ) أي فالمتصف بالاستحباب نفس التيمم سواء كان ما يفعل به عبادة كالتيمم لقراءة القرآن ظاهرا ولزيارة الأولياء أو لا كالتيمم للدخول على السلطان أو لدخول السوق بخلاف قوله سابقا بتيمم فرض أو نفل فإن المتصف بالاستحباب ما يفعل بالتيمم وأما التيمم نفسه فهو واجب لتوقف صحة العبادة عليه وبجعل اللام مقحمة يندفع ما في كلام المصنف من التعارض بين ما هنا وبين ما مر من قوله بتيمم فرض أو نفل وأجاب بعضهم بجواب آخر بأن مراد المصنف بالمستحب هنا ما لا يتوقف على طهارة كقراءة القرآن ظاهرا وزيارة الأولياء ومراده بالنفل فيما مر ما يتوقف على طهارة كالصلاة ( قوله : فإن فرق ) أي بين أفعاله أو بينه وبين ما فعل له ولو ناسيا بطل أي اتفاقا للاتفاق على وجوب الموالاة هنا لضعف التيمم ( قوله : وهذا ) أي ما ذكر من الموالاة أحد فرائض التيمم أي الأربعة وهي النية والموالاة والضربة الأولى وهي استعمال الصعيد وتعميم وجهه ويديه لكوعيه بالمسح ( قوله : ولزم قبول هبة ماء ) فالأولى الصدقة فإذا كان عادما للماء في حضر أو سفر ووهب له أو تصدق عليه إنسان بماء يكفي طهارته لزمه قبول حيث تحقق عدم المنة أو ظن عدمها أو شك فيها وأما لو تحقق المنة أي جزم بها أو ظنها فلا يلزمه القبول كما قال الشارح .

إن قلت كما يلزمه قبول هبة الماء يلزمه أيضا استيهابه أي طلب هبته فكان على المصنف ذكره .

قلت قد ذكره المصنف بعد ذلك في قوله كرفقة قليلة إلخ ( قوله : أو للثمن ) أي أو الضمير للثمن [ ص: 153 ] قوله : ويصح عطفه ) أي عطف قرضه على ثمن أي وعلى هذا فالضمير في قرضه للثمن لا للماء وذلك لأنه يلزمه قرضه وقبول قرضه مطلقا كان غنيا ببلده أم لا هذا ويصح عطفه أيضا على هبة سواء جعل الضمير للماء أو للثمن أي لزمه قبول قرض الماء وقبول قرض ثمنه إذا كان مليا ببلده .

والحاصل أن الأوجه خمسة لأنه إما مرفوع عطفا على موالاته والضمير إما للثمن أو للماء أي لزم قرض الماء أو قرض ثمنه إذا كان مليا ببلده وإما مجرور عطفا على هبة والضمير إما للماء أو للثمن أي لزم قبول قرض الماء وإن لم يظن الوفاء لكونه غير مليء أو قبول قرض الثمن إن ظن وفاء الثمن فهذه أربعة وإما بالجر عطفا على ثمن والضمير للثمن لا غير أي لا يلزم قبول قرض الثمن ويفيد بما إذا كان معدما ببلده .

وحاصلها أنه يلزمه اقتراض الماء ويلزمه قبول قرضه وإن لم يظن الوفاء ويلزمه اقتراض الثمن وقبول قرضه إذا كان يرجو وفاءه وإلا فلا يلزمه ذلك ( قوله : هذا إذا كان يأخذه نقدا ) أي هذا إذا كان يأخذه بالثمن المعتاد في ذلك المحل نقدا ( قوله : بذمته ) أي دينا في ذمته ( قوله : إن كان مليا ببلده مثلا ) أي أو لم يكن مليا ببلده لكن له قدرة على الوفاء من عمل يده ( قوله : ولو درهما ) أي ولو زاد على الثمن المعتاد في ذلك المحل درهما ( قوله : وقال عبد الحق يشتريه ) أي يلزمه شراؤه وإن زيد عليه في الثمن المعتاد مثل ثلثه فإن زيد عليه أكثر من الثلث لا يلزمه الشراء قال اللخمي محل الخلاف إذا كان الثمن له بال أما لو كان بمحل لا بال لثمن ما يتوضأ به فيه كما لو كان ثمنه فلسا فإنه يلزمه شراؤه ولو زيد عليه في الثمن مثل ثلثيه اتفاقا ( قوله : وهو محتاج له ) أي لذلك الثمن المعتاد لأجل إنفاقه في سفره




الخدمات العلمية