ولما قدم أن الماء المتغير بالطاهر طاهر وبالنجس نجس ناسب أن يبين الأعيان الطاهرة والنجسة بقوله ( فصل ) هو لغة الحاجز بين الشيئين واصطلاحا اسم لطائفة من مسائل الفن مندرجة تحت باب أو كتاب غالبا ( الطاهر ميت ما ) أي حيوان بري ( لا دم له ) أي ذاتي كعقرب وذباب [ ص: 49 ] وخنافس وبنات وردان ولم يقل فيه لأن ما فيه دم غير ذاتي كبرغوث ميتته طاهرة ( و ) ميت ( البحري ) إن لم تطل حياته في البر كالحوت بل ( ولو طالت حياته ببر ) كتمساح وضفدع وسلحفاة بحرية ( و ) الطاهر ( ما ) أي حيوان ( ذكي ) ذكاة شرعية من ذبح ونحر وعقر ( وجزؤه ) من عظم ولحم وظفر وسن وجلد ( إلا محرم الأكل ) كالخيل والبغال والحمير والخنزير فإن الذكاة لا تنفع فيها ، وأما مكروه الأكل كسبع وهر فإن ذكي لأكل لحمه طهر جلده تبعا له لأنه يؤكل كاللحم ، وإن ذكي بقصد أخذ جلده فقد طهر ولا يؤكل لحمه لأنه ميتة بناء على تبعيض الذكاة وهو الراجح وعلى عدم تبعيضها يؤكل ( و ) الطاهر ( صوف ) من غنم ( ووبر ) من إبل وأرنب ونحوهما ( وزغب ريش ) وهو ما حول القصبة مما يشبه الشعر ( وشعر ) بفتح العين وقد تسكن من جميع الدواب ( ولو من خنزير ) وأشار إلى شرط طهارة هذه الأشياء بقوله ( إن جزت ) ولو بعد الموت لأنها مما لا تحله الحياة وما لا تحله الحياة لا ينجس بالموت ومراده بالجز ما قابل النتف فيشمل الحلق والإزالة بالنورة فلو نتفت لم تكن طاهرة أي أصلها فلو جزت بعد النتف فالأصل الذي فيه أجزاء الجلد نجس والباقي طاهر ( و ) الطاهر ( الجماد وهو جسم غير حي ) إن لم تحله حياة ( و ) غير ( منفصل عنه ) أي الحي فالبيض والسمن وعسل النحل ليست من الجماد لانفصالها عنه ودخل في التعريف المائع كالماء والزيت والجامد كالتراب والحجر والحشيش ( إلا المسكر ) منه ولا يكون إلا مائعا كالخمر وكسوبيا تركت حتى دخلتها الشدة المطربة فإنه نجس وهو ما غيب العقل دون الحواس [ ص: 50 ] مع نشأة وطرب بخلاف المفسد ويقال له المخدر وهو ما غيب العقل دون الحواس لا مع نشأة وطرب ومنه الحشيشة وبخلاف المرقد وهو ما غيبهما معا كالداتورة فإنهما طاهران ولا يحرم منهما إلا ما أثر في العقل ( و ) الطاهر ( الحي ) وأل فيه استغراقية أي كل حي بحريا كان أو بريا ولو متولدا من عذرة أو كلبا وخنزيرا ( ودمعه ) وهو ما سال من عينه ( وعرقه ) وهو ما رشح من بدنه ولو من جلالة أو سكران حال سكره ( ولعابه ) وهو ما سال من فمه في يقظة أو نوم ما لم يعلم أنه من المعدة بصفرته ونتونته فإنه نجس ولا يسمى حينئذ لعابا ( ومخاطه ) وهو ما سال من أنفه ( وبيضه ) ولو من حشرات كحية تصلب أو لا ( ولو ) ( أكل ) الحي ( نجسا ) راجع للجميع ( إلا ) البيض ( المذر ) بذال معجمة مكسورة وهو ما عفن أو صار دما أو مضغة أو فرخا ميتا فإنه نجس وأما ما اختلط صفاره ببياضه من غير عفونة فاستظهروا طهارته ( و ) إلا ( الخارج بعد الموت ) إنما ميتته نجسة ولم يذك وإلا فهو طاهر بيضا كان أو غيره فالاستثناء في هذا راجع للجميع ( و ) الطاهر ( لبن آدمي ) ذكر أو أنثى ولو كافرا ميتا سكران لاستحالته إلى صلاح فقوله : ( إلا ) الآدمي ( الميت ) فلبنه نجس لأن ميتته نجسة على ما سيأتي ضعيف ( ولبن غيره ) أي غير الآدمي ( تابع ) للحمه في الطهارة بعد التذكية فإن كان لحمه طاهرا بعدها وهو المباح والمكروه [ ص: 51 ] فلبنه طاهر غير أن لبن المكروه يكره شربه وليس كلامنا فيه وإن كان لحمه نجسا بعدها وهو محرم الأكل فلبنه نجس ( و ) الطاهر ( بول وعذرة ) يعني روثا ( من مباح ) أكله ( إلا المتغذي ) منه ( بنجس ) أكلا أو شربا تحقيقا أو ظنا كشك وكان شأنه ذلك كدجاج وفار لا إن لم يكن شأنه ذلك كحمام وخرج بالمباح المحرم والمكروه وفضلتهما نجسة كما يأتي ( و ) من الطهر ( قيء ) وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة ( إلا المتغير ) منه بنفسه ( عن ) حالة ( الطعام ) فنجس ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة ، فإن كان تغيره بصفراء أو بلغم ولم يتغير عن حالة الطعام فطاهر والقلس كالقيء في التفصيل ، فإن تغير ولو بحموضة فنجس إذ لا فرق بين الطعام والماء وقال ابن رشد تغيره بالحموضة لا يضر ورجحه شيخنا تبعا لبعض المحققين وخالف شراحه في اعتماد نجاسته ( و ) الطاهر ( صفراء ) وهي ماء أصفر ملتحم يشبه الصبغ الزعفراني يخرج من المعدة ( وبلغم ) وهو المنعقد كالمخاط يخرج من الصدر أو يسقط من الرأس من آدمي أو غيره لأن المعدة عندنا طاهرة لعلة الحياة فما يخرج منها طاهر وعلة نجاسة القيء الاستحالة إلى فساد ( و ) من الطاهر ( مرارة مباح ) وكذا مكروه فلو قال غير محرم لشملهما ومراده بالمرارة الماء الأصفر الكائن في الجلدة المعلومة وليس المراد به نفس الجلدة لأنها دخلت في قوله وجزؤه وليست هي الصفراء لأن مراده بالصفراء الماء الأصفر الذي يخرج من الحيوان حال حياته ومراده بالمرارة مرارة المذكى ولذا قيدها بالمباح وأطلق في الصفراء وهذا ظاهر من كلامه واعتراض الشارح عليه في غير محله [ ص: 52 ] ( ودم لم يسفح ) وهو الذي لم يجر بعد موجب خروجه بذكاة شرعية وهو الباقي في العروق وكذا ما يوجد في قلب الشاة بعد ذبحها وأما ما يوجد في بطنها فهو من المسفوح فيكون نجسا وكذا الباقي في محل الذبح لأنه من بقية الجاري ( ومسك ) بكسر فسكون وأصله دم انعقد لاستحالته إلى صلاح ( وفارته ) بلا همز لأنه من فار يفور وقيل يتعين الهمز وهي الجلدة التي يكون فيها ( وزرع ) سقي ( بنجس ) وإن تنجس ظاهره فيغسل ما أصابه من النجاسة ( و ) من الطاهر ( خمر تحجر ) أي جمد لزوال الإسكار منه والحكم يدور مع علته وجودا وعدما ولذا لو فرض أنه إذا استعمل أو بل وشرب أسكر لم يطهر كما نقل عن المازري ( أو خلل ) بالبناء للمفعول فالمتخلل بنفسه أولى بهذا الحكم وكذا ما حجر على المعتمد خلافا لما يوهمه كلامه وإذا طهر طهر إناؤه ولو فخارا غاص فيه فهو يخصص قولهم وفخار بغواص ولو وقع ثوب في دن خمر فتخلل طهر الجميع


