الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) كره ( التفات ) يمينا أو شمالا [ ص: 254 ] ولو بجميع جسده حيث بقيت رجلاه للقبلة ( بلا حاجة ) وإلا فلا كراهة ( وتشبيك أصابع ) في الصلاة فقط ( وفرقعتها ) فيها لا في غيرها ولو في المسجد على الأرجح ( و ) كره ( إقعاء ) في جلوسه كله بأن يرجع على صدور قدميه وأما جلوسه على أليتيه ناصبا فخذيه واضعا يديه بالأرض كإقعاء الكلب فممنوع ( و ) كره ( تخصر ) بأن يضع يديه في خصره في القيام ( وتغميض بصره ) لئلا يتوهم أنه مطلوب فيها ( ورفعه رجلا ) عن الأرض إلا لضرورة كطول قيام ( ووضع قدم على أخرى ) لأنه من العبث ( وإقرانهما ) أي ضمهما معا كالمكبل دائما ( وتفكر بدنيوي ) لم يشغله عنها فإن شغله حتى لا يدري ما صلى أعاد أبدا فإن شغله زائدا على المعتاد ودرى ما صلى أعاد بوقت وإن شك بنى على اليقين وأتى بما شك فيه بخلاف الأخروي [ ص: 255 ] فلا يكره .

التالي السابق


( قوله : ولو بجميع جسده إلخ ) أي هذا إذا كان الالتفات ببعض الجسد بل ولو كان بجميعه لكن يخص ما قبل المبالغة بالتصفح بالخد يمينا أو شمالا ففي الجلاب أنه لا بأس به وكذا ظاهر الطراز فيحمل ما قبل المبالغة على ما عدا الالتفات بالخد إلا أن ح قال الظاهر أن ذلك أي عدم كراهة التصفح بالخد إنما هو للضرورة وإلا فهو من الالتفات وإذا كان من الالتفات فهو بالخد أخف من لي العنق ، ولي العنق أخف من لي الصدر والصدر أخف من لي البدن كله ( قوله : في الصلاة فقط ) أي سواء كان في المسجد أو في غيره ومفهوم الظرف أن التشبيك في غير الصلاة لا كراهية فيه ولو في المسجد إلا أنه خلاف الأولى لأن فيه تفاؤلا بتشبيك الأمر وصعوبته على الإنسان .

( قوله : وفرقعتها فيها ) أي ولو بغير مسجد ( قوله : على الأرجح ) أي وما في ح مما يفيد أن مالكا وابن القاسم اتفقا على كراهة فرقعة الأصابع في المسجد ولو في غير الصلاة فلا يعول عليه كما يفيده عج لأن هذا رواية العتبية وظاهر المدونة جواز فرقعتها بالمسجد بغير صلاة ( قوله : في جلوسه كله ) أي الشامل لجلوس التشهد والجلوس بين السجدتين والجلوس للصلاة لمن صلى جالسا ( قوله : بأن يرجع على صدور قدميه ) أي بأن يرجع من السجود للجلوس على صدور قدميه ولو قال بأن يجلس على صدور قدميه كان أوضح والمراد بصدورهما أطرافهما من جهة الأصابع أي بأن يجعل أصابعه على الأرض ناصبا لقدميه ويجعل أليتيه على عقبيه وينبغي أن يكون مثل الجلوس على صدور القدمين في كونه إقعاء مكروها جلوسه على القدمين وظهورهما للأرض وكذلك جلوسه بينهما وأليتاه على الأرض وظهورهما للأرض أيضا وكذلك جلوسه بينهما وأليتاه على الأرض ورجلاه قائمتان على أصابعهما فللإقعاء المكروه أربع حالات ( قوله : فممنوع ) أي حرام والظاهر أنه لا تبطل به الصلاة كما قال شيخنا ( قوله : وكره تخصر ) أي في الصلاة ( قوله : في خصره ) هو موضع الحزام من جنبه ( قوله : في القيام ) أي في حال قيامه للصلاة وإنما كره ذلك لأن هذه الهيئة تنافي هيئة الصلاة ( قوله : وتغميض بصره ) أراد ببصره عينيه إذ البصر اسم للقوة المدركة للألوان القائمة بالعينين اللتين يتصفان بالتغميض فأطلق اسم الحال على المحل مجازا .

( قوله : لئلا يتوهم أنه مطلوب فيها ) أي لئلا يتوهم هو إن كان جاهلا أو غيره إن كان عالما أن التغميض أمر مطلوب في الصلاة ومحل كراهة التغميض ما لم يخف النظر لمحرم أو يكون فتح بصره يشوشه وإلا فلا يكره التغميض حينئذ ( قوله : ورفعه رجلا ) أي لما فيه من قلة الأدب مع الله لأنه واقف بحضرته ( قوله : وإقرانهما ) اعلم أن الإقران الذي نص المتقدمون على كراهته قد وقع الخلاف بين المتأخرين في حقيقته فقيل هو ضم القدمين معا كالمقيد سواء اعتمد عليهما دائما أو روح بهما بأن صار يعتمد على هذه تارة وهذه أخرى أو اعتمد عليهما معا لا دائما وعلى هذا مشى الشارح وقيل أن يجعل حظهما من القيام سواء دائما ، سواء فرق بينهما أو ضمهما لكن الكراهة على هذه الطريقة مقيدة بما إذا اعتقد أن الإقران بهذا المعنى أمر مطلوب في الصلاة وإلا فلا كراهة وإنما كره القران لئلا يشتغل به عن الصلاة فعلم من هذا أن تفريق القدمين لا كراهة فيه على الطريقة الأولى سواء جعل حظهما من القيام سواء أو لا ما لم يتفاحش التفريق وإلا كره وضمها مكروه اعتمد عليهما معا دائما أو لا وأما على الطريقة الثانية فالكراهة إذا اعتمد عليهما معا دائما ضمهما أو لا بشرط اعتقاد أنه أمر مطلوب فيها فإن لم يعتقد ذلك أو لم يعتمد عليها دائما بأن روح بهما أو اعتمد عليهما لا دائما فرق بينهما وضمهما فلا كراهة ( قوله : أعاد أبدا ) أي وكان التفكير حراما وإنما لم يبن على النية مع أنها حاصلة معه قطعا لأن تفكره كذلك بمنزلة الأفعال الكثيرة قياسا للأفعال الباطنة على الأفعال الظاهرة وهذا التعليل يقتضي عموم الحكم وهو البطلان للإمام والفذ والمأموم ( قوله : وإن شك ) أي في عدد ما صلى وقوله بنى [ ص: 255 ] على اليقين أي وهو الأقل ما لم يكن مستنكحا وإلا بنى على الأكثر ( قوله : فلا يكره ) أي ثم إن لم يشغله في الصلاة بأن ضبط عدد ما صلى فالأمر ظاهر وإن شغله عنها فإن شك في عدد ما صلى بنى على الأقل ما لم يكن مستنكحا وإلا بنى على الأكثر وإن لم يدر ما صلاه أصلا ابتدأها من أولها كالتفكر بدنيوي وأما إذا كان التفكر بما يتعلق بالصلاة كالمراقبة والخشوع وملاحظة أنه واقف بين يدي الله فإن أداه ذلك التفكر إلى عدم معرفة ما صلاه أصلا بنى على الإحرام وإن شك في عدده بنى على الأقل إن كان غير مستنكح وأصل هذا الكلام للخمي وقال غيره إذا لم يدر ما صلى بنى على الإحرام وإن شك في عدد ما صلى بنى على الأقل إن كان غير مستنكح ولا فرق في ذلك بين كون تفكره بدنيوي أو أخروي أو بما يتعلق بالصلاة وهو الموافق لما يأتي في السهو من أن الشاك يبني على اليقين فإنهم لم يقيدوه بكون الشك ناشئا عن تفكر بدنيوي أو أخروي أو ربما يتعلق بالصلاة بل أطلقوا ذلك واستصوب هذا القول شيخنا العدوي ونقله بن وسلمة .




الخدمات العلمية