الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) وجب مع ذكر ترتيب ( الفوائت ) كثيرة ويسيرة [ ص: 266 ] ( في أنفسها ) غير شرط فلو نكس ولو عمدا أتم في العمد ولم يعد المنكس ( و ) وجب غير شرط أيضا مع ذكر ترتيب ( يسيرها ) أي الفوائت ( مع حاضرة ) كالعشاءين مع الصبح فيقدم يسير الفوائت على الحاضرة ( وإن خرج وقتها وهل ) أكثر اليسير ( أربع أو خمس ) أصلا أو بقاء في ذلك ( خلاف ) فالأربع يسيرة اتفاقا والست كثيرة اتفاقا والخلاف في الخمس وندب البداءة بالحاضرة مع الكثير إن لم يخف خروج الوقت وإلا وجب ( فإن ) ( خالف ) وقدم الحاضرة على يسير الفوائت سهوا بل ( ولو عمدا ) ( أعاد ) الحاضرة ندبا ولو مغربا صليت في جماعة وعشاء بعد وتر ( بوقت الضرورة ) المدرك فيه ركعة بسجدتيها فأكثر ( وفي ) ندب ( إعادة مأمومه ) لتعدي خلل صلاة إمامه لصلاته وعدم إعادته لوقوع صلاة الإمام تامة في نفسها لاستيفاء شروطها وإنما أعاد لعروض تقديم الحاضرة على يسير الفوائت وهو الراجح ( خلاف وإن ) ( ذكر ) المصلي فذا أو إماما أو مأموما ( اليسير في صلاة ) ( ولو ) كان المذكور فيها ( جمعة ) وهو إمام لا فذ لعدم تأتيها منه ولا مأموم لتماديه ( قطع فذ ) وجوبا ( وشفع ) ندبا وقيل وجوبا ( إن ركع ) ركعة بسجدتيها فيضم لها أخرى ويجعله نافلة [ ص: 267 ] ولو ثنائية كصبح لا مغربا فيقطع ولو ركع لشدة كراهة النفل قبلها فليتأمل ( و ) قطع ( إمام ) وشفع إن ركع ( و ) قطع ( مأمومه ) تبعا له ولا يستخلف ( لا ) يقطع ( مؤتم ) ذكر اليسير خلف إمامه بل يتمادى معه وإذا أتمها معه ( فيعيد ) الصلاة ندبا ( في الوقت ) بعد إتيانه بيسير الفوائت للترتيب ( ولو ) كانت الصلاة المذكور فيها خلف إمامه ( جمعة ) ويعيدها جمعة إن أمكن ( وكمل ) صلاته وجوبا ثم يعيدها بوقت بعد إتيانه باليسير ( فذ ) وأولى إمام ذكر كل اليسير ( بعد شفع ) أي ركعتين تامتين ( من المغرب ) لئلا يؤدي إلى التنفل قبلها أو لأن ما قارب الشيء يعطي حكمه ( كثلاث ) أي كما يكمل إن ذكر اليسير بعد ثلاث ركعات بسجداتها ( من غيرها ) أي غير المغرب فإن ذكره قبل تمام الثالثة رجع فتشهد وسلم بنية النافلة

التالي السابق


. ( قوله في أنفسها ) أي حالة كون تلك الفوائت معتبرة وملاحظة باعتبار ذواتها وما ذكره من أن ترتيب الفوائت في أنفسها واجب غير شرط هو المشهور من المذهب وقيل إنه واجب شرط وسيأتي التفريع عليه في جهل الفوائت .

( قوله ولم يعد المنكس ) أي لأنه بالفراغ منه خرج وقته والإعادة لترك الواجب الغير الشرطي إنما هي في الوقت .

( قوله ووجب غير شرط أيضا إلخ ) هذا هو المشهور وقيل إن ترتيب يسير الفوائت مع الحاضرة مندوب .

( قوله وإن خرج وقتها ) أي الحاضرة .

( قوله وهل أكثر اليسير أربع ) أي فالخمس من حيز الكثير لا يجب ترتيبها مع الحاضرة وقوله أو خمس أي وعليه فالستة من حيز الكثير لا يجب ترتيبها مع الحاضرة بخلاف الخمس فإنها من حيز اليسير فيجب ترتيبها مع الحاضرة والذي يلوح من كلامهم كما قال شيخنا قوة هذا القول الثاني .

( قوله أصلا ) أي كما لو ترك ذلك القدر ابتداء وقوله أو بقاء أي كما لو ترك أكثر من ذلك القدر ابتداء وقضى بعضه حتى بقي ذلك القدر .

( قوله فالأربع يسيرة اتفاقا إلخ ) اعلم أن طريقة ابن يونس أن الأربع من حيز اليسير اتفاقا لحكاية القولين في حد اليسير كما ذكره المصنف وطريقة ابن رشد أن الأربع مختلف فيها كالخمس لحكاية القولين في حد اليسير هل هو ثلاث أو أربع وقد ذكر الطريقتين عياض وأبو الحسن إذا علمت هذا فقول الشارح فالأربع يسيرة اتفاقا أي من هذين القولين فلا ينافي أن فيها خلافا خارجا عنهما فقد قيل إن اليسير ثلاث فأقل وأما الأربع فكثيرة كما علمت ( قوله والخلاف في الخمس ) أي فهي من حيز اليسير على الثاني ومن حيز الكثير على الأول .

( قوله وإلا وجب ) أي وإلا بأن خاف خروج وقت الحاضرة بفعل الكثير قبلها وجب تقديمها .

( قوله وقدم الحاضرة على يسير الفوائت سهوا ) أي وتذكر يسير الفوائت بعد الفراغ من الحاضرة وأما لو تذكره في أثنائها فهو ما يأتي في قوله وإن ذكر اليسير إلخ وأشار الشارح بقوله وقدم الحاضرة إلخ إلى أن قول المصنف فإن خالف ولو عمدا راجع للمسألة الأخيرة وهي قوله ويسيرها مع حاضرة بدون قوله خرج وقتها إذ لا يتأتى مع خروجه قوله بوقت الضرورة ولا يرجع لقوله ومع ذكر ترتيب حاضرتين شرطا ولا لقوله والفوائت في أنفسها لعدم تأتي قوله بوقت الضرورة فيهما إذ لحاضرة مع الحاضرة يعيد أبدا والفوائت بالفراغ منها خرج وقتها ( قوله ولو مغربا صليت في جماعة وعشاء بعد وتر ) وأولى إذا صلى المغرب فذا والعشاء بدون وتر وله حين أراد إعادة الحاضرة أن يعيدها في جماعة سواء صلاها أولا فذا أو في جماعة لأن الإعادة ليست لفضل الجماعة بل لأجل الترتيب كما ذكر شيخنا .

( قوله بوقت الضرورة ) أي وأولى المختار فيعيد الظهرين هنا للغروب هنا والعشاءين للفجر والصبح للطلوع كما في خش .

( قوله وهو الراجح ) أي لأنه هو الذي رجع إليه الإمام وأخذ به ابن القاسم وجماعة من أصحاب الإمام ورجحه اللخمي وأبو عمران وابن يونس واقتصر عليه ابن عرفة وابن الحاجب إذا علمت هذا فقول عبق وخش تبعا لشيخهما اللقاني والراجح من القولين الإعادة فيه نظر انظر بن .

( قوله وهو إمام ) أي والحال أن ذلك الذاكر إمام وكان الأولى للمصنف أن يؤخر قوله ولو جمعة بعد وإمام ومأمومه .

( قوله قطع فذ وجوبا ) أي وقيل ندبا والأول ظاهر المصنف وهو مبني على القول بوجوب الترتيب بين الحاضرة ويسير الفوائت والثاني مبني على القول بأنه مندوب وإنما أبطل [ ص: 267 ] العمل لتحصيل مندوب مراعاة للقول بوجوب الترتيب وهذا الخلاف جار أيضا في قطع الإمام وفي قطع مأمومه تبعا له .

( قوله ولو ثنائية ) أي ولو كانت الحاضرة التي ذكر فيها يسير المنسيات بعد أن ركع ثنائية كصبح أو جمعة وهذا هو المذهب خلافا لمن قال إنه يتم الثنائية إذا تذكر يسير الفوائت بعد أن عقد منها ركعة ولا يشفعها على أنها نافلة لإشرافها على التمام .

( قوله فيقطع ولو ركع ) هذا القول هو ما ذكره في كتاب الصلاة الأول من المدونة واعتمد أبو الحسن في كتاب الصلاة الثاني منها أنه يشفعها إذا تذكر بعد أن ركع وضعف هذا القول ورجح ابن عرفة أنه يتمها مغربا إذا تذكر بعد أن عقد ركعة فتحصل أن في المغرب إذا عقد ركعة ثلاثة أقوال رجح كل من أولها وآخرها .

( قوله فليتأمل ) أي في هذا التعليل فإنهم ذكروا أن النفل إنما يكره في أوقات الكراهة إذا كان مدخولا عليه لا إن جر إليه الحال كما هنا .

( قوله وشفع إن ركع ) هذا مقابل لمحذوف أي قطع فذ إن لم يركع وشفع إن ركع هذا مذهب المدونة وقيل إنه يخرج عن شفع مطلقا سواء تذكر قبل أن يركع أو تذكر بعد الركوع وهو ما ذكره ابن رشد في البيان وقيل يقطع مطلقا سواء ركع أو لم يركع وهو أحد قولي مالك في المدونة وهذه الأقوال الثلاثة تجري فيما إذا تذكر الفذ أو الإمام حاضرة في حاضرة كما لو تذكر الظهر في صلاة العصر والحاصل أن الصورتين أي تذكر الحاضرة في الحاضرة وتذكر يسير الفوائت في الحاضرة في الحكم سواء وأن فيهما ثلاثة أقوال وأن المعتمد منها مذهب المدونة وهو القطع إن لم يركع أو الشفع إن ركع فإذا خالف ولم يشفع ولم يقطع وأتمها صحت إلا أنه يندب له إعادتها بعد فعل التي تذكرها كما مر وهذا كله في تذكر الفذ والإمام .

( قوله ولا يستخلف ) أي الإمام له من يكمل معه صلاته على المشهور خلافا لرواية أشهب من أنه يستخلف ولا يقطع مأمومه .

( قوله ذكر اليسير خلف إمامه ) أي قبل أن يركع أو بعد الركوع الواحد أو الأكثر .

( قوله بل يتمادى معه ) أي على صلاة صحيحة وهذا مذهب المدونة وقيل يقطع مطلقا وهو لابن زرقون عن ابن كنانة وقيل يقطع ما لم تكن الحاضرة التي تذكر فيها مغربا فلا يقطعها بل يتمادى مع الإمام وهو للمازري عن ابن حبيب ومثل تذكر المأموم يسير الفوائت في الحاضرة تذكره حاضرة في حاضرة فيجري فيهما القولان الأولان والمعتمد منها مذهب المدونة وهو تماديه مع إمامه مطلقا على صلاة صحيحة ( قوله ولو كانت الصلاة المذكور فيها جمعة ) أي فإنه يتمادى ويعيدها جمعة بعد فعل يسير المنسيات وقوله إن أمكن أي إعادتها جمعة وإلا أعادها ظهرا .

( قوله وكمل صلاته وجوبا ) أي بنية الفرضية فذ وإمام ذكر كل اليسير بعد شفع من المغرب كما يكملها بنية الفرضية إذا تذكر بعد ثلاث من غير المغرب وهذا كما يجري في تذكر الفذ والإمام يسير المنسيات في الحاضرة يجري أيضا في تذكر كل منهما حاضرة في حاضرة فإذا تذكر الفذ أو الإمام حاضرة في حاضرة بعد ثلاث ركعات منها فإنه يكملها بنية الفرض كما صرح بذلك سند عن عبد الحق ، ونحوه لابن يونس قال في التوضيح ويكون كمن ذكر بعد أن سلم ا هـ فتكميلها بنية الفرض يدل على صحة الصلاة وكذا قول التوضيح ويكون كمن ذكر بعد أن سلم فإنه صريح في صحتها وإن الإعادة في الوقت فقط وهو مقتضى نقل المواق أيضا وهذا يرشح ما تقدم من أن الترتيب في الحاضرتين إنما يشترط عند الذكر ابتداء فقط كما قال الشيخ أحمد لا في الأثناء أيضا كما قاله الشارح تبعا لعبق والحاصل أن ما ذكره المصنف من التفصيل كما يجري في ذكر يسير الفوائت في الحاضرة يجري في ذكر الحاضرة في الحاضرة فهما سواء في الحكم بناء على المعتمد من أن الترتيب بين الحاضرتين إنما يشترط عند الذكر ابتداء لا عند الذكر في الأثناء أيضا كما قيل انظر بن




الخدمات العلمية