الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) لا سجود في ( تسبيح رجل أو امرأة لضرورة ) أي لحاجة تعلقت بإصلاحها أم لا بأن تجرد للإعلام بأنه في صلاة مثلا لقوله عليه الصلاة والسلام { من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله } ومن من ألفاظ العموم فيشمل النساء ولذا قال ( ولا يصفقن ) ( و ) لا سجود في ( كلام ) قل عمدا ( لإصلاحها بعد سلام ) لإمام من اثنتين أو غيرهما كان الكلام منه أو من المأموم أو منهما إن لم يفهم إلا به وسلم معتقدا الكمال ونشأ شكه من كلام المأمومين لا من نفسه فلا سجود من أجل هذا الكلام وإن كان عليه السجود من جهة زيادة السلام فإن اختل شرط من هذه الأربعة بطلت [ ص: 283 ] ( ورجع إمام فقط ) لا فذ ولا مأموم ( لعدلين ) من مأموميه أخبراه بالتمام فشك في ذلك وأولى إن ظن صدقهما فيرجع لخبرهما بالتمام ولا يأتي بما شك فيه ( إن لم يتيقن ) خلاف ما أخبراه به من التمام فإن تيقن كذبهما رجع ليقينه ولا يرجع لهما ولا لأكثر ( إلا لكثرتهم ) أي المأمومين لا بقيد العدالة ( جدا ) بحيث يفيد خبرهم العلم الضروري فيرجع لخبرهم مع تيقنه خلافه وأولى مع شكه أخبروه بالنقص أو بالتمام بل ولا يشترط أن يكونوا مأمومين حينئذ فالاستثناء منقطع لأنه لا يشترط العدالة ولا المأموم في خبر من بلغ هذا المقدار وأما لو أخبره العدلان بالنقص وهو غير مستنكح فكما يبني على الأقل بخبرهما يبني عليه بخبر الواحد أيضا ولو غير عدل لحصول الشك بسبب الأخبار كما لو حصل له الشك من نفسه فلا تدخل هذه الصورة في المصنف وأما لو كان مستنكحا يبني على الأكثر فيرجع لهما ولا يرجع للواحد كما هو ظاهر كلامهم

التالي السابق


. ( قوله ولا سجود في تسبيح رجل وامرأة لضرورة ) أي بل وهو جائز ولو سبح في غير محل التسبيح وكذا لو أبدله له نحو بحوقلة أو تهليل كما في عبق وغيره .

( قوله أي لحاجة ) أشار إلى أن المراد بالضرورة الحاجة التي هي أعم من الضرورة .

( قوله تعلقت بإصلاحها ) أي كما لو جلس الإمام في الثالثة فقال له المأموم سبحان الله لينبهه على سهوه .

( قوله بأن تجرد للإعلام إلخ ) أي كما لو قرع إنسان عليه الباب فقال له وهو في الصلاة سبحان الله لينبهه على أنه في صلاة واستعمل ذلك اللفظ في غير محله فيحمل قول المصنف الآتي وذكر قصد التفهيم به بمحله وإلا بطلت على ما عدا التسبيح أخذا مما هنا .

( قوله ولا يصفقن ) فيه أن المناسب لقوله أو امرأة أن يقول ولا تصفق إلا أن يقال عبر بذلك إشارة إلى أن المراد من المرأة الجنس وخلاصته أن المراد بالمرأة جنس المرأة المصلية واحدة أو أكثر ولأجل ذلك قال المصنف ولا يصفقن بضمير جمع النسوة مرادا منه المصلية من النساء مطلقا واحدة أو أكثر فصيغة الجمع غير مستعملة في حقيقتها ثم إن النهي في كلام المصنف للكراهة وفيه رد على من قال بندبه للنساء ولعله إنما جاز لها الجهر بالتسبيح وكره لها الجهر بالقراءة في الصلاة للضرورة .

( قوله وكلام لإصلاحها بعد سلام ) حاصله أن الإمام إذا سلم من ركعتين مثلا فحصل كلام منه أو من المأموم أو منهما لأجل إصلاحها فلا تبطل به الصلاة ولا سجود عليه بل هو مطلوب لكن إن كان المتكلم لإصلاحها المأموم فيشترط في عدم بطلان صلاته أمران الأول أن لا يكثر الكلام فإن كثر بطلت والثاني أن يتوقف التفهيم على الكلام وإن كان الكلام لإصلاحها صادرا من الإمام فيشترط فيه زيادة على ما ذكر أمران أيضا أن يسلم معتقدا التمام وأن لا يطرأ له بعد سلامه شك في نفسه بأن لا يحصل له شك أصلا أو يحصل له من المأمومين واعلم أن الكلام لإصلاح الصلاة لا سجود فيه ولا بطلان به سواء وقع بعد السلام أو قبله كأن يسلم من اثنتين ولم يفقه بالتسبيح فكلمه بعضهم فسأل بقيتهم فصدقوه أو زاد أو جلس في غير محل الجلوس ولم يفقه بالتسبيح فكلمه بعضهم وكمن رأى في ثوب إمامه نجاسة فدنا منه وأخبره كلاما لعدم فهمه بالتسبيح وكالمستخلف بالفتح ساعة دخوله ولا علم له بما صلاه الإمام الذي استخلفه فيسألهم عن عدد ما صلى إذا لم يفقه بالإشارة ، إذا علمت هذا فقول المصنف بعد سلام إمامه لا مفهوم له وإنما نص على عدم السجود في الكلام بعد السلام لإصلاحها ردا على من قال إن الكلام بعد السلام لإصلاحها لا يجوز وتبطل به الصلاة وإن حديث ذي اليدين منسوخ كذا أجاب بعضهم وفيه أن الرد على من ذكر لا يكون بنفي السجود إنما يكون بإثبات الجواز بأن يقول وجاز كلام لإصلاحها بعد سلام .

( قوله إن لم يفهم إلا به ) أي وأما لو كان الإفهام يحصل بالإشارة أو التسبيح فعدل عنه لصريح الكلام فالبطلان .

( قوله وسلم معتقدا الكمال ) أي وأما لو سلم على شك فيه بطلت صلاته .

( قوله لا من نفسه ) أي وأما إن نشأ له الشك بعد سلامه من نفسه [ ص: 283 ] فلا يجوز لذلك الإمام السؤال بل يجب عليه فعل ما تبرأ به ذمته فإن سأل بطلت صلاته بخلاف ما لو حصل له الشك من كلام المأمومين فله أن يسأل بقيتهم .

( قوله ورجع إمام إلخ ) حاصل فقه المسألة أن الإمام إذا أخبره جماعة مستفيضة يفيد خبرهم العلم الضروري بتمام صلاته أو بنقصها فإنه يجب عليه الرجوع لخبرهم سواء كانوا من مأموميه أو لا ، سواء تيقن صدقهم أو ظنه أو شك فيه أو جزم بكذبهم ولا يعمل على يقينه ومثل الإمام في ذلك الفذ والمأموم فيجب على كل منهما الرجوع لخبر الجماعة المستفيضة مطلقا وإن أخبر الإمام عدلان أو أكثر ولم يبلغ مبلغ التواتر فإنه كذلك يجب عليه الرجوع لخبرهما سواء أخبراه بالتمام أو بالنقص إن لم يتيقن خلاف ما أخبراه به بأن تيقن صدقهما أو ظنه أو شك فيه فإن تيقن كذبهما فلا يرجع لخبرهما بل يعمل على يقينه من البناء على الأقل إن كان غير مستنكح هذا إذا كانا من مأموميه وإلا فلا يرجع لخبرهما أخبراه بالتمام أو بالنقص كما هو قول ابن القاسم في المدونة وإن أخبر العدلان الفذ أو المأموم بنقص أو كمال فلا يرجع واحد منهما لخبرهما بل يعمل على يقين نفسه كما هو ظاهر المصنف وإن كان المخبر للإمام واحدا فإن أخبره بالتمام فلا يرجع لخبره بل يبني على يقين نفسه وإن أخبره بالنقص رجع لخبره إن كان ذلك الإمام غير مستنكح لحصول الشك بسبب إخباره وإن كان مستنكحا بنى على الأكثر ولا يرجع لخبره وإن أخبر الواحد فذا أو مأموما بنقص أو تمام فلا يرجع واحد منهما لخبره بل يبني على يقينه .

( قوله لا فذ ولا مأموم ) أي فلا يرجع واحد منهما للعدلين إذا أخبراه بالتمام عند شكه في صلاته بأنها تمت أو لا وأولى عند جزمه بعدم تمامها بل يعمل كل واحد منهما على ما قام عنده كان المأموم وحده أو كان مع الإمام ولا ينظران لقول غيرهما ما لم يبلغ حد التواتر فإنه يرجع إليه ويترك ما عنده ولو كان يقينا وهذا ظاهر المصنف وهو مذهب المدونة وقيل إن كلا من الفذ والمأموم يرجع لخبر العدلين كالإمام وهو نقل اللخمي عن المذهب وابن الجلاب عن أشهب .

( قوله لعدلين من مأموميه ) أي وأما لو كانا من غير مأموميه فلا يرجع لهما لأن المشارك في الصلاة أضبط من غيره وهذا قول ابن القاسم في المدونة وهذه الطريقة شهرها ابن بشير والذي اعتمده في التوضيح طريقة اللخمي وهي الرجوع للعدلين سواء كانا من مأموميه أو من غيرهم وبها صدر ابن الحاجب لكن الذي اختاره ح حمل كلام المصنف على ما شهره ابن بشير ا هـ بن .

( قوله وأولى إن ظن صدقهما ) أي أو جزم به .

( قوله إن لم يتيقن إلخ ) أي بأن جزم بصدقهما أو غلب على ظنه صدقهما أو تردد فيه .

( قوله رجع ليقينه إلخ ) فإن عمل على كلامهما وكلام نحوهما بطلت عليه وعليهم وإذا عمل على يقينه ولم يرجع لقولهما فإن كانا أخبراه بالنقص فعلا معه ما بقي من صلاته وإذا سلم أتيا بما بقي عليهم أفذاذا أو بإمام وإن كانا أخبراه بالتمام كان كإمام قام لخامسة فيأتي فيها تفصيله كذا في حاشية شيخنا .

( قوله إلا لكثرتهم جدا ) أي فإنه يرجع لقولهم ولا يعمل على يقينه وهو قول محمد بن مسلمة واستحسنه اللخمي وقال الرجراجي الأصح المشهور أنه لا يرجع عن يقينه إليهم ولو كثروا إلا أن يخالطه ريب فيجب عليه الرجوع إلى يقين القوم ا هـ بن .

( قوله وأولى مع شكه ) أي في خبرهم .

( قوله أخبروه بالنقص أو بالتمام ) هذا التعميم محقق لقوله فيما يأتي إن الاستثناء منقطع وحاصله أنهم إذا كثروا جدا فإنه يعتبر قولهم أخبروا بالتمام أو أخبروا بالنقص مستنكحا أم لا كان إخبارهم له قبل السلام أو بعده تيقن خلاف ما أخبراه به أو شك فيما أخبروه به .

( قوله فلا تدخل إلخ ) أي لأن دخولها فيه يقتضي أنه إذا لم يتيقن خلاف ما أخبراه به من النقص لا يرجع إلا إذا أخبره عدلان وليس كذلك




الخدمات العلمية