الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) بطلت ( بترك ) سجود سهو ( قبلي ) ترتب عليه ( عن ثلاث سنن ) كثلاث تكبيرات وكترك السورة ( وطال ) إن تركه سهوا وأما عمدا فتبطل وإن لم يطل ( لا ) بترك قبلي ترتب عن ( أقل ) من ثلاث سنن كتكبيرتين وإذا لم تبطل وطال [ ص: 292 ] ( فلا سجود ) عليه ( وإن ذكره ) أي القبلي المترتب عن ثلاث ( في صلاة ) شرع فيها ( و ) قد ( بطلت ) الأولى للطول الذي حصل بين الخروج منها والشروع في الثانية التي ذكر فيها ( فكذاكرها ) أي فكذاكر صلاة في أخرى وتقدم في قوله وإن ذكر اليسير في صلاة ولو جمعة إلى آخره ( وإلا ) تبطل لعدم الطول قبل الشروع في الأخرى ( فك ) ذاكر ( بعض ) من صلاة كركوع أو سجود في أخرى وله أربعة أحوال لأن الأولى إما فرض أو نفل والثانية كذلك فأشار لكون الأولى فرضا ترك القبلي أو البعض منها وتحته وجهان بقوله ( ف ) إن ترك القبلي أو البعض ( من فرض ) وذكره في فرض أو نفل ف ( إن أطال القراءة ) من غير ركوع بأن فرغ من الفاتحة ( أو ركع ) بالانحناء في غير قراءة كمأموم أو أمي ( بطلت ) الصلاة المتروك منها لفوات التلافي بالإتيان بما فات منها والطول هنا داخل الصلاة فلا ينافي كون الموضوع أن لا طول والطول المتقدم قبل التلبس بالصلاة ( و ) حيث بطلت الأولى ( أتم النفل ) إن اتسع الوقت لإدراك الأولى عقد منه ركعة أم لا أو ضاق وأتم ركعة بسجدتيها وإلا قطع وأحرم بالأولى ( وقطع غيره ) أي غير النفل وهو الفرض بسلام أو غيره لوجوب الترتيب إن كان فذا أو إماما وتبعه مأمومه لا مأموم ( وندب الإشفاع ) ولو بصبح وجمعة إلا المغرب ( إن عقد ركعة ) بسجدتيها إن اتسع الوقت وإلا قطع لأنه يقضى بخلاف النفل فيتمه إن عقد الركعة كما تقدم لأنه لا يقضى ( وإلا ) بأن لم يطل القراءة ولم يرجع ( رجع ) لإصلاح الأولى ( بلا سلام ) من الثانية فإن سلم بطلت الأولى وأما قوله وصح إن قدم أو أخر فالسلام من التي وقع فيها السهو وما هنا من أخرى بعدها فيكثر المنافي ثم أشار لكون الأولى نفلا بوجهيه بقوله ( و ) إن ذكر القبلي المبطل تركه أو البعض كركوع ( من نفل في فرض تمادى ) مطلقا ( كفي نفل ) وإن دون المذكور منه ( إن أطالها ) أي القراءة ( أو ركع ) وإلا رجع لإصلاح الأولى ولو دون المذكور فيه بلا سلام ويتشهد ويسلم ويسجد بعد السلام ولا يجب عليه قضاء الثانية إذ لم يتعمد إبطالها ( وهل ) تبطل ( بتعمد ترك سنة ) مؤكدة متفق على سنيتها داخلة الصلاة والمراد الجنس الصادق بالمتعدد [ ص: 293 ] ومثلها السنتان الخفيفتان الداخلتان من فذ أو إمام ( أو لا ) تبطل وهو الأرجح ( ولا سجود ) لعدم السهو وإنما يستغفر ( خلاف ) وأما المختلف في سنيتها ووجوبها كالفاتحة فيما زاد على الجل بناء على القول به فالبطلان اتفاقا

التالي السابق


. ( قوله وبترك قبلي ) فهم منه أن البعدي لا تبطل بتركه ولو طال وحينئذ فيسجده متى ذكره .

( قوله وطال ) أي الترك بأن لم يأت به بعد السلام بقرب ومثل الطول ما إذا حصل مانع من فعله كالحدث وكذا إذا تكلم أو لابس نجاسة أو استدبر قبلة عمدا قاله ابن هارون ا هـ بن .

( قوله وأما عمدا فتبطل وإن لم يطل ) علم منه أن قوله وبترك قبلي شامل للترك سهوا [ ص: 292 ] أو عمدا لكن الترك سهوا مقيد بقوله وطال دون العمد وقال الشيخ سالم لا فرق في الترك بين العمد والسهو وأما قوله فيما تقدم وصح إن قدم بعديه أو أخر قبليه فهو مقيد بما إذا كان لم يعرض عن الإتيان به بالمرة وإلا فلا صحة ( قوله فلا سجود عليه ) اعترض بأنه لا ملاءمة بين عدم البطلان وترك السجود فلو عبر المصنف بالواو كان أحسن أي لا أقل فلا بطلان ولا سجود وأجاب الشارح بأن قوله فلا سجود جواب شرط مقدر وما ذكره من عدم السجود هو مذهب ابن القاسم وذلك لأن السجود القبلي سنة مرتبطة بالصلاة وتابعة لها ومن حكم التابع أن يلحق بالمتبوع بالقرب فإذا بعد لم يلحق به ومقابله لابن حبيب يسجد وإن طال .

( قوله وبطلت ) كان الأولى أن يقول وبطلت هي بإبراز الضمير لجريان الحال على غير من هي له ولعله ترك الإبراز لأمن اللبس على مذهب الكوفيين وإما للتفرقة بين الفعل والوصف وإن الإبراز إنما يجب مع الوصف دون الفعل وهو مذهب أبي حيان ا هـ بن ( قوله وتقدم في قوله وإن ذكر اليسير في صلاة إلخ ) أي فيقطع الفذ إن لم يركع ويشفع إن ركع وكذلك الإمام ومأمومه وأما المؤتم فلا يقطع بل يتمادى ويعيد تلك الصلاة في الوقت بعد فعل الأولى التي بطلت ( قوله إن أطال القراءة ) أي في الصلاة الثانية المذكور فيها ( قوله بأن فرغ من الفاتحة ) قد تقدم في باب فرائض الصلاة أن الطول فيه قولان قيل بمجرد الفراغ من الفاتحة وقيل لا بد من الزيادة على الفاتحة وتقدم أن هذا هو المعتمد فقد نقله ابن عرفة عن ابن رشد ( قوله داخل الصلاة ) أي التي شرع فيها ( قوله رجع لإصلاح الأولى ) أي ولو كان مأموما ( قوله بلا سلام من الثانية ) أي لئلا يدخل على نفسه بالسلام زيادة في الأولى لانسحاب حكم الصلاة الأولى عليه ولذا رجع هنا ولو مأموما بخلاف ما قبله وإذا أصلح الأولى سجد بعد السلام ( قوله وأما قوله إلخ ) جواب عما يقال قوله فإن سلم بطلت إنما يظهر إذا كان المتروك غير السجود القبلي وأما إذا كان هو المتروك فلا مانع من السلام إذ غايته أن السجود القبلي صار بعديا وقد قال المصنف وصح إن قدم أو أخر ( قوله مطلقا ) أي سواء أطال القراءة في التي شرع فيها أم لا ( قوله ويسجد بعد السلام ) هذا إنما هو في مسألة ذكر البعدي وأما في ذكر القبلي فإنه يسجد قبل السلام لا بعده لأنه اجتمع له النقص والزيادة ا هـ بن ( قوله بتعمد ترك سنة ) أي بتعمد ترك غير مأموم سنة فالخلاف في غير المأموم وأما هو فلا شيء عليه اتفاقا ( قوله داخلة الصلاة ) مقتضى ما في ح عن الرجراجي أن هذا الخلاف موجود في ترك الإقامة فانظر ا هـ بن وممن حكى الخلاف مطلقا حتى في سنن الوضوء القرطبي في تفسيره .

( قوله والمراد الجنس ) هذا بناء على ما قاله سند من أن الخلاف جار في السنة الواحدة والمتعددة وعلى ذلك مشى المواق وقال ابن رشد محل الخلاف في السنة الواحدة وأما إن ترك أكثر عمدا بطلت اتفاقا عنده والأول أقوى فإن قيل السجود القبلي سنة وقد قالوا إذا تركه وطال بطلت ولم يجروا فيه الخلاف والجواب أنه لما شابه بعض [ ص: 293 ] أركان الصلاة تقوى جانبه فلم يجر فيه الخلاف بخلاف غيره من سنن الصلاة فإنه لم يشابه شيئا من الأركان فلم تحصل له قوة أو يقال اللازم على ترك السجود القبلي المرتب عن ثلاث سنن ترك أمرين السجود وموجبه بخلاف ترك السنة عمدا من أول الأمر كذا قرر شيخنا العدوي والأحسن أن يقال إنما حكموا ببطلان الصلاة بترك السجود القبلي مراعاة للقول بوجوبه فتأمل .

( قوله ومثلها السنتان إلخ ) أي مثل السنة المؤكدة في جريان الخلاف في تركها السنتان الخفيفتان الداخلتان في الصلاة .

( قوله أو لا تبطل ) أي وعليه فيعيد في الوقت أخذا مما قالوه في المشتغل عن السنة .

( قوله وهو الأرجح ) أي لاتفاق مالك وابن القاسم عليه والأول قد ضعفه ابن عبد البر وإن شهره بعضهم كما أشار له المصنف بخلاف وقد شنع على القول الأول القرطبي في الكلام على آية الوضوء من سورة المائدة قال إنه ضعيف عند الفقهاء وليس له حظ من النظر وإلا لم يكن بين السنة والواجب فرق .

( قوله خلاف ) الأول لابن كنانة وشهره ابن رشد في البيان وكذا شهره اللخمي والثاني لمالك وابن القاسم وشهره ابن عطاء الله ا هـ بن .

( قوله فالبطلان اتفاقا ) في حكايته الاتفاق نظر فقد قال القلشاني وعلى وجوب الفاتحة في الأكثر قال اللخمي هي سنة في الأقل فيسجد لتركها سهوا قيل ويختلف إذا تركها عمدا هل تبطل الصلاة أو تجبر بالسجود على ترك السنة عمدا ا هـ بن




الخدمات العلمية