حدثنا عبد الرحمن بن أحمد  ، ثنا  أبو حاتم مكي بن عبدان  ، ثنا محمد بن يحيى  ، حدثني عطاف بن خالد المخزومي  ، عن عبد الأعلى  ، عن عبد الله بن أبي فروة  ، عن  ابن شهاب  ، قال : أصاب أهل المدينة  حاجة زمان عبد الملك بن مروان  فعمت أهل البلد وقد خيل إلي أنه قد أصابنا أهل البيت من ذلك ما لم يصب أحدا من أهل البلد ، وذلك لخبرتي بأهلي ، فتذكرت هل من أحد أمت إليه برحم أو مودة أرجو إن خرجت إليه أن أصيب منه شيئا ، فما علمت من أحد أخرج إليه ، ثم قلت : إن الرزق بيد الله ، ثم خرجت حتى قدمت دمشق  فوضعت رحلي ثم غدوت إلى المسجد فعمدت إلى أعظم مجلس رأيته في المسجد وأكثره أهلا فجلست إليه ، فبينما نحن على ذلك إذ خرج رجل من عند عبد الملك بن مروان  كأجسم الرجال وأجملهم وأحسنهم هيئة ، فأقبل إلى المجلس الذي أنا فيه فتحثحثوا له - أي أوسعوا - فجلس فقال : لقد جاء أمير المؤمنين اليوم كتاب ما جاءه مثله منذ استخلفه الله ، قالوا : ما هو ؟ قال : كتب إليه عامله بالمدينة    - هشام بن إسماعيل    - يذكر أن ابنا  لمصعب بن الزبير  ابن أم ولد مات فأرادت أمه أن تأخذ ميراثها فيه فمنعها  عروة بن الزبير  وزعم أنه لا ميراث لها ، فتوهم أمير المؤمنين في ذلك حديثا سمعه من  سعيد بن المسيب  يذكره عن -  عمر بن الخطاب  في أمهات الأولاد لا يحفظ أمير المؤمنين ذلك الحديث ، قال  ابن شهاب    : أنا أحدثكم ، فقام إلي قبيصة  حتى أخذ بيدي ثم خرج بي حتى دخل الدار على عبد الملك  ثم جاء إلى البيت الذي فيه عبد الملك  فقال : السلام عليكم ، فقال له عبد الملك    : ادخل ، فدخل قبيصة  وهو آخذ بيدي ، وقال : هذا يا أمير المؤمنين يحدث بالحديث الذي سمعت من ابن المسيب  في أمهات الأولاد ، فقال   [ ص: 368 ] عبد الملك    : إيه ، قال : فقلت : سمعت  سعيد بن المسيب  يذكر أن  عمر بن الخطاب  رضي الله تعالى عنه أمر لأمهات الأولاد أن يقمن في أموال أبنائهن بقيمة عدل ثم يعتقن فمكث بذلك صدرا من خلافته ، ثم توفي رجل من قريش  كان له ابن من أم ولد كان - عمر  يعجب بذلك الغلام ، فمر ذلك الغلام على - عمر  في المسجد بعد وفاة أبيه بليال ، فقال له - عمر    : ما فعلت يا ابن أخي في أمك ؟ قال : فعلت يا أمير المؤمنين خيرا ، خيروني بين أن يسترقوا أمي ، أو يخرجوني من ميراثي من أبي فكان ميراثي من أبي أهون علي من أن يسترقوا أمي ، قال - عمر    : أولست إنما أمرت في ذلك بقيمة عدل ، ما أرى رأيا ولا آمر أمرا إلا قلتم فيه ، ثم قام فجلس على المنبر فاجتمع الناس إليه حتى إذا رضي من جماعتهم ، قال : أيها الناس ، إني قد كنت أمرت في أمهات الأولاد بأمر قد علمتموه ثم قد حدث لي رأي غير ذلك ، فأيما امرئ كانت عنده أم ولد فملكها بيمينه ما عاش فإذا مات فهي حرة لا سبيل لأحد عليها ، قال عبد الملك    : من أنت ؟ قال :أنا  محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب  ، قال : أم والله إن كان لك لأب يغار في الفتنة مؤذيا لنا فيها ، قال : فقلت : يا أمير المؤمنين قل كما قال العبد الصالح ، قال : أجل ، لا تثريب عليكم اليوم ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين افرض لي فإني مقطع من الديوان ، قال : إن بلدك لبلد ما فرضنا لأحد فيها منذ كان هذا الأمر ، ثم نظر إلى قبيصة  وإني وهو قائمان بين يديه فكأنه أومأ إليه أن افرض له ، قال : قد فرض لك أمير المؤمنين ، قال : قلت : وصلة تصلنا بها يا أمير المؤمنين فإني والله لقد خرجت من أهلي وإن فيهم لحاجة ما يعلمها إلا الله ، ولقد عمت الحاجة أهل البلد ، قال : قد وصلك أمير المؤمنين ، قال : قلت يا أمير المؤمنين وخادم تخدمنا فإني والله قد تركت أهلي ما لهم خادم إلا أختي إنها الآن تخبز لهم ، وتعجن لهم ، وتطحن لهم ، قال : وقد أخدمك أمير المؤمنين ، قال  ابن شهاب    : ثم كتب إلى هشام بن إسماعيل  مع ما قد عرف من حديثي أن ابعث إلى ابن المسيب  فاسأله عن الحديث الذي سمعت يحدث في   [ ص: 369 ] أمهات الأولاد  عن -  عمر بن الخطاب  ، فكتب إليه هشام  بمثل حديثي ما زاد عنه حرفا ولا نقص منه حرفا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					