أما قوله تعالى : ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم    ) ففيه مسألتان : 
المسألة الأولى : قال صاحب الكشاف : الضمير لما في السماوات والأرض ؛ لأن فيهم العقلاء ، أو لما دل عليه " من ذا " من الملائكة والأنبياء . 
المسألة الثانية : في الآية وجوه : 
أحدها : قال  مجاهد  ، وعطاء  ، والسدي    : ( ما بين أيديهم    ) ما كان قبلهم من أمور الدنيا ( وما خلفهم    ) ما يكون بعدهم من أمر الآخرة . 
والثاني : قال الضحاك  والكلبي    : ( يعلم ما بين أيديهم    ) يعني الآخرة لأنهم يقدمون عليها ( وما خلفهم    ) الدنيا لأنهم يخلفونها وراء ظهورهم . 
والثالث : قال عطاء  عن  ابن عباس    ( يعلم ما بين أيديهم    ) من السماء إلى الأرض ( وما خلفهم    ) يريد ما في السماوات . 
والرابع : ( يعلم ما بين أيديهم    ) بعد انقضاء آجالهم ( وما خلفهم    ) أي : ما كان من قبل أن يخلقهم . 
والخامس : ما فعلوا من خير وشر وما يفعلونه بعد ذلك . 
واعلم أن المقصود من هذا الكلام : أنه سبحانه عالم بأحوال الشافع والمشفوع له فيما يتعلق باستحقاق العقاب والثواب  ، لأنه عالم بجميع المعلومات لا يخفى عليه خافية ، والشفعاء لا يعلمون من أنفسهم أن لهم من الطاعة ما يستحقون به هذه المنزلة العظيمة عند الله تعالى ، ولا يعلمون أن الله تعالى هل أذن لهم في تلك الشفاعة ، وأنهم يستحقون المقت والزجر على ذلك ، وهذا يدل على أنه ليس لأحد من الخلائق أن يقدم على الشفاعة إلا بإذن الله تعالى . 
المسألة الثالثة : هؤلاء المذكورون في هذه الآية يحتمل أن يكون هم الملائكة ، وسائر من يشفع يوم القيامة من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . 
				
						
						
