الصفة الرابعة : قوله : ( ونبيا ) واعلم أن السيادة إشارة إلى أمرين : أحدهما : قدرته على ضبط مصالح الخلق فيما يرجع إلى تعليم الدين ، والثاني : ضبط مصالحهم فيما يرجع إلى التأديب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأما الحصور فهو إشارة إلى الزهد التام  فلما اجتمعا حصلت النبوة بعد ذلك ، لأنه ليس بعدهما إلا النبوة . 
الصفة الخامسة : قوله : ( من الصالحين    ) وفيه ثلاثة أوجه : 
الأول : معناه أنه من أولاد الصالحين . 
والثاني : أنه خير كما يقال في الرجل الخير "إنه من الصالحين " . 
والثالث : أن صلاحه كان أتم من صلاح سائر الأنبياء ، بدليل قوله - عليه الصلاة والسلام - : " ما من نبي إلا وقد عصى ، أو هم بمعصية غير يحيى  فإنه لم يعص ولم يهم   " . 
فإن قيل : لما كان منصب النبوة أعلى من منصب الصلاح فلما وصفه بالنبوة فما الفائدة في وصفه بعد ذلك بالصلاح ؟ 
قلنا : أليس أن سليمان    - عليه السلام - بعد حصول النبوة قال : ( وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين    ) [ النمل : 19 ] وتحقيق القول فيه : أن للأنبياء قدرا من الصلاح لو انتقص لانتفت النبوة  ، فذلك القدر بالنسبة إليهم يجري مجرى حفظ الواجبات بالنسبة إلينا ، ثم بعد اشتراكهم في ذلك القدر تتفاوت درجاتهم في الزيادة على ذلك القدر ، وكل من كان أكثر نصيبا منه كان أعلى قدرا والله أعلم . 
				
						
						
