الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : قوله ( ثم نبتهل ) أي نتباهل ، كما يقال اقتتل القوم وتقاتلوا واصطحبوا وتصاحبوا ، والابتهال فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أن الابتهال هو الاجتهاد في الدعاء ، وإن لم يكن باللعن ، ولا يقال : ابتهل في الدعاء إلا إذا كان هناك اجتهاد .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أنه مأخوذ من قولهم عليه بهلة الله ، أي لعنته ، وأصله مأخوذ مما [ ص: 73 ] يرجع إلى معنى اللعن ؛ لأن معنى اللعن هو الإبعاد والطرد ، وبهله الله : أي لعنه وأبعده من رحمته من قولك أبهله إذا أهمله وناقة باهل لا صرار عليها ، بل هي مرسلة مخلاة ، كالرجل الطريد المنفي ، وتحقيق معنى الكلمة : أن البهل إذا كان هو الإرسال والتخلية فكان من بهله الله فقد خلاه الله ، ووكله إلى نفسه ، ومن وكله إلى نفسه فهو هالك لا شك فيه ، فمن باهل إنسانا ، فقال : علي بهلة الله إن كان كذا ، يقول : وكلني الله إلى نفسي ، وفرضني إلى حولي وقوتي ، أي من كلاءته وحفظه ، كالناقة الباهل التي لا حافظ لها في ضرعها ، فكل من شاء حلبها وأخذ لبنها لا قوة لها في الدفع عن نفسها ، ويقال أيضا : رجل باهل ، إذا لم يكن معه عصا ، وإنما معناه أنه ليس معه ما يدفع عن نفسه ، والقول الأول أولى ؛ لأنه يكون قوله : ( ثم نبتهل ) أي ثم نجتهد في الدعاء ونجعل اللعنة على الكاذب ، وعلى القول الثاني يصير التقدير : ثم نبتهل ، أي ثم نلتعن : ( فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) وهي تكرار .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية