أما قوله تعالى : ( وقد بلغني الكبر    ) ففيه مسائل : 
المسألة الأولى : الكبر مصدر كبر الرجل يكبر إذا أسن ، قال  ابن عباس    : كان يوم بشر بالولد ابن عشرين ومائة سنة وكانت امرأته بنت تسعين وثمان   . 
المسألة الثانية : قال أهل المعاني : كل شيء صادفته وبلغته فقد صادفك وبلغك ، وكلما جاز أن يقول : بلغت الكبر جاز أن يقول بلغني الكبر يدل عليه قول العرب : لقيت الحائط ، وتلقاني الحائط . 
فإن قيل : يجوز بلغني البلد في موضع بلغت البلد ؟ قلنا : هذا لا يجوز ، والفرق بين الموضعين أن الكبر كالشيء الطالب للإنسان فهو يأتيه بحدوثه فيه ، والإنسان أيضا يأتيه بمرور السنين عليه ، أما البلد فليس كالطالب للإنسان الذاهب ، فظهر الفرق . 
أما قوله : ( وامرأتي عاقر    ) . 
اعلم أن العاقر من النساء التي لا تلد  ، يقال : عقر يعقر عقرا ، ويقال أيضا : عقر الرجل ، وعقر بالحركات الثلاثة في القاف إذا لم يحمل له ، ورمل عاقر : لا ينبت شيئا ، واعلم أن زكريا    - عليه السلام - ذكر كبر نفسه مع كون زوجته عاقرا لتأكيد حال الاستبعاد    . 
أما قوله : ( قال كذلك الله يفعل ما يشاء    ) ففيه بحثان : الأول : أن قوله : ( قال ) عائد إلى مذكور سابق ، وهو الرب المذكور في قوله : ( قال رب أنى يكون لي غلام    ) وقد ذكرنا أن ذلك يحتمل أن يكون هو الله تعالى ، وأن يكون هو جبريل    . 
البحث الثاني : قال صاحب الكشاف : ( كذلك الله    ) مبتدأ وخبر أي على نحو هذه الصفة الله ، ويفعل ما يشاء بيان له ، أي يفعل ما يريد من الأفاعيل الخارقة للعادة . 
				
						
						
