ثم قال تعالى :( قل إنما علمها عند ربي    ) أي لا يعلم الوقت الذي فيه يحصل قيام القيامة  إلا الله سبحانه ونظيره قوله سبحانه :( إن الله عنده علم الساعة    ) [لقمان : 34] وقوله :( وأن الساعة آتية لا ريب فيها    ) [الحج : 7] وقوله :( إن الساعة آتية أكاد أخفيها    ) [طه : 15] ولما سأل جبريل  رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : متى الساعة فقال عليه السلام : "ليس المسئول عنها بأعلم من السائل" قال المحققون : والسبب في إخفاء الساعة عن العباد أنهم إذا لم يعلموا متى تكون ، كانوا على حذر منها ، فيكون ذلك أدعى إلى الطاعة ، وأزجر عن المعصية ، ثم إنه تعالى أكد هذا المعنى فقال :( لا يجليها لوقتها    ) التجلية إظهار الشيء والتجلي ظهوره ، والمعنى : لا يظهرها في وقتها المعين( إلا هو    ) أي لا يقدر على إظهار وقتها المعين بالإعلام والإخبار إلا هو . 
ثم قال تعالى :( ثقلت في السماوات والأرض    ) والمراد وصف الساعة بالثقل ، ونظيره قوله تعالى :( ويذرون وراءهم يوما ثقيلا    ) [الإنسان : 27] وأيضا وصف الله تعالى زلزلة الساعة بالعظم فقال :( إن زلزلة الساعة شيء عظيم    ) [الحج : 1] ووصف عذابها بالشدة فقال :( وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد    ) [الحج : 2 ] . 
إذا عرفت هذا فنقول : للمفسرين في تفسير قوله :( ثقلت في السماوات والأرض    ) وجوه : قال الحسن    : ثقل مجيئها على السماوات والأرض ، لأجل أن عند مجيئها شققت السماوات ، وتكورت الشمس والقمر ، وانتثرت النجوم وثقلت على الأرض ؛ لأجل أن في ذلك اليوم تبدل الأرض غير الأرض ، وتبطل الجبال والبحار ، وقال أبو بكر الأصم    : إن هذا اليوم ثقيل جدا على أهل السماء والأرض ، لأن فيه فناءهم وهلاكهم وذلك ثقيل على القلوب . وقال قوم : إن هذا اليوم عظيم الثقل على القلوب بسبب أن الخلق يعلمون أنهم يصيرون بعدها إلى البعث والحساب والسؤال ، والخوف من الله في مثل هذا اليوم شديد . وقال السدي    :   [ ص: 67 ]   ( ثقلت    ) أي خفيت في السماوات والأرض ولم يعلم أحد من الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين متى يكون حدوثها ووقوعها   . وقال قوم :( ثقلت في السماوات والأرض    ) أي ثقل تحصيل العلم بوقتها المعين على أهل السماوات والأرض ، وكما يقال في المحمول الذي يتعذر حمله أنه قد ثقل على حامله ، فكذلك يقال في العلم الذي استأثر الله تعالى به أنه يثقل عليهم . 
ثم قال :( لا تأتيكم إلا بغتة    ) وهذا أيضا تأكيد لما تقدم وتقرير لكونها بحيث لا تجيء إلا بغتة فجأة على حين غفلة من الخلق ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الساعة تفجأ الناس  ، فالرجل يصلح موضعه ، والرجل يسقي ماشيته ، والرجل يقوم بسلعته في سوقه ، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه   " وروى الحسن  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والذي نفس محمد  بيده لتقومن الساعة وإن الرجل ليرفع اللقمة إلى فيه حتى تحول الساعة بينه وبين ذلك   " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					