المسألة الثالثة : ظاهر هذه الآية يدل على أن نقض العهد وخلف الوعد يورث النفاق  ، فيجب على المسلم أن يبالغ في الاحتراز عنه ، فإذا عاهد الله في أمر فليجتهد في الوفاء به ، ومذهب  الحسن البصري  رحمه   [ ص: 114 ] الله أنه يوجب النفاق لا محالة ، وتمسك فيه بهذه الآية وبقوله عليه السلام : " ثلاث من كن فيه فهو منافق  ، وإن صلى وصام وزعم أنه مؤمن : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان   " . وعن النبي عليه السلام : " تقبلوا لي ستا أتقبل لكم الجنة : إذا حدثتم فلا تكذبوا ، وإذا وعدتم فلا تخلفوا ، وإذا ائتمنتم فلا تخونوا ، وكفوا أبصاركم ، وأيديكم ، وفروجكم ؛ أبصاركم عن الخيانة ، وأيديكم عن السرقة ، وفروجكم عن الزنا   " . قال  عطاء بن أبي رباح    : حدثني  جابر بن عبد الله  أنه صلى الله عليه وسلم إنما ذكر قوله : ثلاث من كن فيه فهو منافق في المنافقين ، خاصة الذين حدثوا النبي صلى الله عليه وسلم فكذبوه ، وائتمنهم على سره فخانوه ، ووعدوا أن يخرجوا معه فأخلفوه   . 
ونقل أن  عمرو بن عبيد  فسر الحديث ، فقال : إذا حدث عن الله كذب عليه وعلى دينه ورسوله ، وإذا وعد أخلف كما ذكره فيمن عاهد الله ، وإذا ائتمن على دين الله خان في السر ، فكان قلبه على خلاف لسانه . ونقل أن  واصل بن عطاء  قال : أتى الحسن  رجل ، فقال له : إن أولاد يعقوب  حدثوه في قولهم : أكله الذئب وكذبوه ، ووعدوه في قولهم :( وإنا له لحافظون    ) [ يوسف : 12 ] فأخلفوه ، وائتمنهم أبوهم على يوسف  فخانوه ، فهل نحكم بكونهم منافقين ؟ فتوقف الحسن  رحمه الله   . 
المسألة الرابعة :( إلى يوم يلقونه    ) يدل على أن ذلك المعاهد مات منافقا ، وهذا الخبر وقع مخبره مطابقا له ، فإنه روي أن ثعلبة  أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقته فقال : إن الله تعالى منعني أن أقبل صدقتك   . وبقي على تلك الحالة ، وما قبل صدقته أحد حتى مات ، فدل على أن مخبر هذا الخبر وقع موافقا ، فكان إخبارا عن الغيب ، فكان معجزا . 
				
						
						
