المسألة الثالثة : في قوله :( فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) سؤال : وهو أن عملهم لا يراه كل أحد ، فما معنى هذا الكلام ؟
والجواب : معناه وصول خبر ذلك العمل إلى الكل . قال عليه السلام " " . لو أن رجلا عمل عملا في صخرة لا باب لها ولا كوة لخرج عمله إلى الناس كائنا ما كان
فإن قيل : فما الفائدة في ذكر الرسول والمؤمنين بعد ذكر الله في أنهم يرون أعمال هؤلاء التائبين ؟
قلنا : فيه وجهان :
الوجه الأول : أن أجدر ما يدعو المرء إلى العمل الصالح ما يحصل له من المدح والتعظيم والعز الذي يلحقه عند ذلك ، فإذا علم أنه إذا فعل ذلك الفعل عظمه الرسول والمؤمنون ، عظم فرحه بذلك وقويت رغبته فيه ، ومما ينبه على هذه الدقيقة أنه ذكر رؤية الله تعالى أولا ، ثم ذكر عقيبها رؤية الرسول - عليه السلام - والمؤمنين ، فكأنه قيل : ، وإن كنت من الضعفاء المشغولين بثناء الخلق فاعمل الأعمال الصالحة لتفوز بثناء الخلق ، وهو الرسول والمؤمنون . إن كنت من المحقين المحققين في عبودية الحق ، فاعمل الأعمال الصالحة لله تعالى
الوجه الثاني في الجواب : ما ذكره أبو مسلم : أن المؤمنين شهداء الله يوم القيامة كما قال :( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ( البقرة : 143 ) الآية ، والرسول شهيد الأمة ، كما قال :( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) ( النساء : 41 ) فثبت أن ، والشهادة لا تصح إلا بعد الرؤية ، فذكر الله أن الرسول - عليه السلام - والمؤمنين يرون أعمالهم ، والمقصود التنبيه على أنهم يشهدون يوم القيامة عند حضور الأولين والآخرين ، بأنهم أهل الصدق والسداد والعفاف والرشاد . الرسول والمؤمنين شهداء الله يوم القيامة