المسألة الخامسة : أجمعوا على أن عند ذكر كلمة الكفر يجب عليه أن يبرئ قلبه من الرضا به  وأن يقتصر على التعريضات ، مثل أن يقول : إن محمدا  كذاب ، ويعني عند الكفار ، أو يعني به محمدا  آخر ، أو يذكره على نية الاستفهام بمعنى الإنكار ، وههنا بحثان : 
البحث الأول : أنه إذا أعجله من أكرهه عن إحضار هذه النية أو لأنه لما عظم خوفه زال عن قلبه ذكر   [ ص: 98 ] هذه النية كان ملوما ، وعفو الله متوقع . 
البحث الثاني : لو ضيق المكره الأمر عليه ، وشرح له كل أقسام التعريضات ، وطلب منه أن يصرح بأنه ما أراد شيئا منها ، وما أراد إلا ذلك المعنى ، فههنا يتعين إما التزام الكذب ، وإما تعريض النفس للقتل . فمن الناس من قال : يباح له الكذب هنا ، ومنهم من يقول : ليس له ذلك وهو الذي اختاره القاضي . قال : لأن الكذب إنما يقبح لكونه كذبا ، فوجب أن يقبح على كل حال ، ولو جاز أن يخرج عن القبيح لرعاية بعض المصالح لم يمنع أن يفعل الله الكذب لرعاية بعض المصالح ، وحينئذ لا يفي وثوق بوعد الله تعالى ولا بوعيده ؛ لاحتمال أنه فعل ذلك الكذب لرعاية بعض المصالح التي لا يعرفها إلا الله تعالى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					