(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا )
في هذه الآية قولان :
الأول : قال
قتادة : هم
nindex.php?page=treesubj&link=29284_31788_32024أهل مكة هموا بإخراج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة ، ولو فعلوا ذلك ما أمهلوا ، ولكن الله منعهم من إخراجه ، حتى أمره الله بالخروج ، ثم إنه قل لبثهم بعد خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من
[ ص: 20 ] مكة حتى بعث الله عليهم القتل يوم
بدر وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والقول الثاني : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إلى
المدينة حسدته
اليهود وكرهوا قربه منهم فقالوا : يا
أبا القاسم إن الأنبياء إنما بعثوا
بالشام وهي بلاد مقدسة وكانت مسكن
إبراهيم فلو خرجت إلى
الشام آمنا بك واتبعناك ، وقد علمنا أنه لا يمنعك من الخروج إلا خوف
الروم فإن كنت رسول الله فالله مانعك منهم . فعسكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أميال من
المدينة ، قيل
بذي الحليفة حتى يجتمع إليه أصحابه ويراه الناس عازما على الخروج إلى
الشام لحرصه على دخول الناس في دين الله ، فنزلت هذه الآية فرجع .
فالقول الأول اختيار
الزجاج وهو الوجه ; لأن السورة مكية فإن صح القول الثاني كانت الآية مدنية ، والأرض في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76ليستفزونك من الأرض ) على القول الأول
مكة ، وعلى القول الثاني
المدينة ، وكثر في التنزيل ذكر الأرض والمراد منها مكان مخصوص كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أو ينفوا من الأرض ) ( المائدة : 33 ) يعني من مواضعهم وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=80فلن أبرح الأرض ) ( يوسف : 80 ) يعني الأرض التي كان قصدها لطلب الميرة ، فإن قيل : قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=13وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك ) ( محمد : 13 ) يعني
مكة والمراد أهلها ، فذكر أنهم أخرجوه ، وقال في هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها ) فكيف [ يمكن ] الجمع بينهما على قول من قال الأرض في هذه الآية
مكة ؟ قلنا : إنهم هموا بإخراجه وهو - عليه السلام - ما خرج بسبب إخراجهم وإنما خرج بأمر الله تعالى ، فزال التناقض . ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=28920_28923_28926_28932قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو عن عاصم " خلفك " بفتح الخاء وسكون اللام والباقون " خلافك " ، زعم
الأخفش أن خلافك في معنى خلفك وروى ذلك
يونس عن
عيسى وهذا كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81بمقعدهم خلاف رسول الله ) ( التوبة : 81 ) .
وقال الشاعر :
عفت الديار خلافهم فكأنما بسط الشواطب بينهن حصير
قال صاحب "الكشاف" قرئ " لا يلبثون " وفي قراءة
أبي " لا يلبثوا " على إعمال إذن ، فإن قيل : ما وجه القراءتين ؟ قلنا : أما السابقة فقد عطف فيها الفعل على الفعل وهو مرفوع لوقوعه خبر كاد ، والفعل في خبر كاد واقع موقع الاسم ، وأما قراءة
أبي ففيها الجملة برأسها التي هي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وإذا لا يلبثون ) عطف على جملة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وإن كادوا ليستفزونك ) ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ) يعني أن
nindex.php?page=treesubj&link=32024_32025_31788_32626كل قوم أخرجوا نبيهم من ظهرانيهم فسنة الله أن يهلكهم ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سنة ) نصب على المصدر المؤكد أي سننا ذلك سنة فيمن قد أرسلنا قبلك ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77ولا تجد لسنتنا تحويلا ) والمعنى أن
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28783_30452ما أجرى الله تعالى به العادة لم يتهيأ لأحد أن يقلب تلك العادة ، وتمام الكلام في هذا الباب أن اختصاص كل حادث بوقته المعين وصفته المعينة ليس أمرا ثابتا له لذاته وإلا لزم أن يدوم أبدا على تلك الحالة وأن لا يتميز الشيء عما يماثله في تلك الصفات ، بل إنما يحصل ذلك الاختصاص بتخصيص المخصص وذلك التخصيص هو أنه تعالى يريد تحصيله في ذلك الوقت ، ثم تتعلق قدرته بتحصيله في ذلك الوقت ثم يتعلق علمه بحصوله في ذلك الوقت ثم نقول هذه الصفات الثلاثة التي هي المؤثرة في حصول ذلك الاختصاص إن كانت حادثة افتقر حدوثها إلى تخصيص آخر ولزم التسلسل وهو محال ، وإن كانت قديمة فالقديم يمتنع تغيره لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه ، ولما كان التغير على تلك الصفات المؤثرة في ذلك الاختصاص ممتنعا كان التغير في تلك الأشياء المقدرة ممتنعا فثبت بهذا البرهان صحة قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77ولا تجد لسنتنا تحويلا ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا )
فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
قَتَادَةُ : هُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=29284_31788_32024أَهْلُ مَكَّةَ هَمُّوا بِإِخْرَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَكَّةَ ، وَلَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ مَا أُمْهِلُوا ، وَلَكِنَّ اللَّهَ مَنَعَهُمْ مِنْ إِخْرَاجِهِ ، حَتَّى أَمَرَهُ اللَّهُ بِالْخُرُوجِ ، ثُمَّ إِنَّهُ قَلَّ لَبْثُهُمْ بَعْدَ خُرُوجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ
[ ص: 20 ] مَكَّةَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ يَوْمَ
بَدْرٍ وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا هَاجَرَ إِلَى
الْمَدِينَةِ حَسَدَتْهُ
الْيَهُودُ وَكَرِهُوا قُرْبَهُ مِنْهُمْ فَقَالُوا : يَا
أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ إِنَّمَا بُعِثُوا
بِالشَّامِ وَهِيَ بِلَادٌ مُقَدَّسَةٌ وَكَانَتْ مَسْكَنَ
إِبْرَاهِيمَ فَلَوْ خَرَجْتَ إِلَى
الشَّامِ آمَنَّا بِكَ وَاتَّبَعْنَاكَ ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَّا خَوْفُ
الرُّومِ فَإِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فَاللَّهُ مَانِعُكَ مِنْهُمْ . فَعَسْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَمْيَالٍ مِنَ
الْمَدِينَةِ ، قِيلَ
بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَيَرَاهُ النَّاسُ عَازِمًا عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى
الشَّامِ لِحِرْصِهِ عَلَى دُخُولِ النَّاسِ فِي دِينِ اللَّهِ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَرَجَعَ .
فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتِيَارُ
الزَّجَّاجِ وَهُوَ الْوَجْهُ ; لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ فَإِنْ صَحَّ الْقَوْلُ الثَّانِي كَانَتِ الْآيَةُ مَدَنِيَّةً ، وَالْأَرْضُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ ) عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ
مَكَّةُ ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي
الْمَدِينَةُ ، وَكَثُرَ فِي التَّنْزِيلِ ذِكْرُ الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ مِنْهَا مَكَانٌ مَخْصُوصٌ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) ( الْمَائِدَةِ : 33 ) يَعْنِي مِنْ مَوَاضِعِهِمْ وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=80فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ ) ( يُوسُفَ : 80 ) يَعْنِي الْأَرْضَ الَّتِي كَانَ قَصَدَهَا لِطَلَبِ الْمِيرَةِ ، فَإِنْ قِيلَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=13وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ ) ( مُحَمَّدٍ : 13 ) يَعْنِي
مَكَّةَ وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا ، فَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ ، وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ) فَكَيْفَ [ يُمْكِنُ ] الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ الْأَرْضُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
مَكَّةُ ؟ قُلْنَا : إِنَّهُمْ هَمُّوا بِإِخْرَاجِهِ وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا خَرَجَ بِسَبَبِ إِخْرَاجِهِمْ وَإِنَّمَا خَرَجَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَزَالَ التَّنَاقُضُ . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28920_28923_28926_28932قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو عَنْ عَاصِمٍ " خَلْفَكَ " بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَالْبَاقُونَ " خِلَافَكَ " ، زَعَمَ
الْأَخْفَشُ أَنَّ خِلَافَكَ فِي مَعْنَى خَلْفَكَ وَرَوَى ذَلِكَ
يُونُسُ عَنْ
عِيسَى وَهَذَا كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ) ( التَّوْبَةِ : 81 ) .
وَقَالَ الشَّاعِرُ :
عَفَتِ الدِّيَارُ خِلَافَهُمْ فَكَأَنَّمَا بَسَطَ الشَّوَاطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرَ
قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" قُرِئَ " لَا يَلْبَثُونَ " وَفِي قِرَاءَةِ
أُبَيٍّ " لَا يَلْبَثُوا " عَلَى إِعْمَالِ إِذَنْ ، فَإِنْ قِيلَ : مَا وَجْهُ الْقِرَاءَتَيْنِ ؟ قُلْنَا : أَمَّا السَّابِقَةُ فَقَدْ عُطِفَ فِيهَا الْفِعْلُ عَلَى الْفِعْلِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ لِوُقُوعِهِ خَبَرَ كَادَ ، وَالْفِعْلُ فِي خَبَرِ كَادَ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الِاسْمِ ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ
أُبَيٍّ فَفِيهَا الْجُمْلَةُ بِرَأْسِهَا الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ ) عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=76وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ ) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا ) يَعْنِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32024_32025_31788_32626كُلَّ قَوْمٍ أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ مِنْ ظَهْرَانَيْهِمْ فَسُنَّةُ اللَّهِ أَنْ يُهْلِكَهُمْ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سُنَّةَ ) نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُؤَكَّدِ أَيْ سَنَنَّا ذَلِكَ سُنَّةً فِيمَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ) وَالْمَعْنَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28783_30452مَا أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْعَادَةَ لَمْ يَتَهَيَّأْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْلِبَ تِلْكَ الْعَادَةَ ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ اخْتِصَاصَ كُلِّ حَادِثٍ بِوَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ وَصِفَتِهِ الْمُعَيَّنَةِ لَيْسَ أَمْرًا ثَابِتًا لَهُ لِذَاتِهِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَدُومَ أَبَدًا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَأَنْ لَا يَتَمَيَّزَ الشَّيْءُ عَمَّا يُمَاثِلُهُ فِي تِلْكَ الصِّفَاتِ ، بَلْ إِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصُ بِتَخْصِيصِ الْمُخَصَّصِ وَذَلِكَ التَّخْصِيصُ هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى يُرِيدُ تَحْصِيلَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، ثُمَّ تَتَعَلَّقُ قُدْرَتُهُ بِتَحْصِيلِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ يَتَعَلَّقُ عِلْمُهُ بِحُصُولِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ نَقُولُ هَذِهِ الصِّفَاتُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ فِي حُصُولِ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصِ إِنْ كَانَتْ حَادِثَةً افْتَقَرَ حُدُوثُهَا إِلَى تَخْصِيصٍ آخَرَ وَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَهُوَ مُحَالٌ ، وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً فَالْقَدِيمُ يَمْتَنِعُ تَغَيُّرُهُ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ قِدَمُهُ امْتَنَعَ عَدَمُهُ ، وَلَمَّا كَانَ التَّغَيُّرُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَاتِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي ذَلِكَ الِاخْتِصَاصِ مُمْتَنِعًا كَانَ التَّغَيُّرُ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الْمُقَدَّرَةِ مُمْتَنِعًا فَثَبَتَ بِهَذَا الْبُرْهَانِ صِحَّةُ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ) .