(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) في الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنا في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ) ( البقرة : 23 ) بالغنا في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=28899إعجاز القرآن ، وللناس فيه قولان منهم من قال : القرآن معجز في
[ ص: 46 ] نفسه ، ومنهم من قال إنه ليس في نفسه معجزا إلا أنه تعالى لما صرف دواعيهم عن الإثبات بمعارضته مع أن تلك الدواعي كانت قوية كانت هذه الصرفة معجزة ، والمختار عندنا في هذا الباب أن نقول القرآن في نفسه إما أن يكون معجزا أو لا يكون ، فإن كان معجزا فقد حصل المطلوب ، وإن لم يكن معجزا بل كانوا قادرين على الإتيان بمعارضته وكانت الدواعي متوفرة على الإتيان بهذه المعارضة وما كان لهم عنها صارف ومانع ، وعلى هذا التقدير كان الإتيان بمعارضته واجبا لازما فعدم الإتيان بهذه المعارضة مع التقديرات المذكورة يكون نقضا للعادة فيكون معجزا ، فهذا هو الطريق الذي نختاره في هذا الباب .
المسألة الثانية : لقائل أن يقول : هب أنه قد ظهر عجز الإنسان عن معارضته فكيف عرفتم عجز الجن عن معارضته ؟ وأيضا فلم لا يجوز أن يقال إن هذا الكلام نظم الجن ألقوه على
محمد - صلى الله عليه وسلم - وخصوه به على سبيل السعي في إضلال الخلق فعلى هذا إنما تعرفون صدق
محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا عرفتم أن
محمدا صادق في قوله أنه ليس من كلام الجن بل هو من كلام الله تعالى فحينئذ يلزم الدور وليس لأحد أن يقول كيف يعقل أن يكون هذا من قول الجن لأنا نقول إن هذه الآية دلت على وقوع التحدي مع الجن ، وإنما يحسن هذا التحدي لو كانوا فصحاء بلغاء ، ومتى كان الأمر كذلك كان الاحتمال المذكور قائما .
أجاب العلماء عن الأول : بأن عجز البشر عن معارضته يكفي في إثبات كونه معجزا .
وعن الثاني : أن ذلك لو وقع لوجب في حكمة الله أن يظهر ذلك التلبيس وحيث لم يظهر ذلك دل على عدمه وعلى أنه تعالى قد أجاب عن هذا السؤال بالأجوبة الشافية الكافية في آخر سورة الشعراء في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=221هل أنبئكم على من تنزل الشياطين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=222تنزل على كل أفاك أثيم ) ( الشعراء : 222 ) وقد شرحنا هذه الأجوبة هناك فلا فائدة في الإعادة .
المسألة الثالثة : قالت
المعتزلة الآية دالة على أن القرآن مخلوق لأن التحدي بالقديم ، وهذه المسألة قد ذكرناها أيضا بالاستقصاء في سورة البقرة فلا فائدة في الإعادة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) ( الْبَقَرَةِ : 23 ) بَالَغْنَا فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=28899إِعْجَازِ الْقُرْآنِ ، وَلِلنَّاسِ فِيهِ قَوْلَانِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مُعْجِزٌ فِي
[ ص: 46 ] نَفْسِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ مُعْجِزًا إِلَّا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا صَرَفَ دَوَاعِيَهُمْ عَنِ الْإِثْبَاتِ بِمُعَارَضَتِهِ مَعَ أَنَّ تِلْكَ الدَّوَاعِيَ كَانَتْ قَوِيَّةً كَانَتْ هَذِهِ الصِّرْفَةُ مُعْجِزَةً ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ نَقُولَ الْقُرْآنُ فِي نَفْسِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعْجِزًا أَوْ لَا يَكُونَ ، فَإِنْ كَانَ مُعْجِزًا فَقَدْ حَصَلَ الْمَطْلُوبُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْجِزًا بَلْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمُعَارَضَتِهِ وَكَانَتِ الدَّوَاعِي مُتَوَفِّرَةً عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ وَمَا كَانَ لَهُمْ عَنْهَا صَارِفٌ وَمَانِعٌ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَانَ الْإِتْيَانُ بِمُعَارَضَتِهِ وَاجِبًا لَازِمًا فَعَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ مَعَ التَّقْدِيرَاتِ الْمَذْكُورَةِ يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَادَةِ فَيَكُونُ مُعْجِزًا ، فَهَذَا هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي نَخْتَارُهُ فِي هَذَا الْبَابِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : هَبْ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَجْزُ الْإِنْسَانِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ فَكَيْفَ عَرَفْتُمْ عَجْزَ الْجِنِّ عَنْ مُعَارَضَتِهِ ؟ وَأَيْضًا فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ نَظْمُ الْجِنِّ أَلْقَوْهُ عَلَى
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَصُّوهُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ السَّعْيِ فِي إِضْلَالِ الْخَلْقِ فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا تَعْرِفُونَ صِدْقَ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا عَرَفْتُمْ أَنَّ
مُحَمَّدًا صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْجِنِّ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الدَّوْرُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنَّ يَقُولَ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ لِأَنَّا نَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى وُقُوعِ التَّحَدِّي مَعَ الْجِنِّ ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ هَذَا التَّحَدِّي لَوْ كَانُوا فُصَحَاءَ بُلَغَاءَ ، وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ قَائِمًا .
أَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنِ الْأَوَّلِ : بِأَنَّ عَجْزَ الْبَشَرِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ يَكْفِي فِي إِثْبَاتِ كَوْنِهِ مُعْجِزًا .
وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّ ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ لَوَجَبَ فِي حِكْمَةِ اللَّهِ أَنْ يُظْهِرَ ذَلِكَ التَّلْبِيسَ وَحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى عَدَمِهِ وَعَلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَجَابَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِالْأَجْوِبَةِ الشَّافِيَةِ الْكَافِيَةِ فِي آخِرِ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=221هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=222تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) ( الشُّعَرَاءِ : 222 ) وَقَدْ شَرَحْنَا هَذِهِ الْأَجْوِبَةَ هُنَاكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ لِأَنَّ التَّحَدِّيَ بِالْقَدِيمِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ ذَكَرْنَاهَا أَيْضًا بِالِاسْتِقْصَاءِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ .