(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=8وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا )
[ ص: 68 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=8وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا )
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : قال القاضي : وجه النظم كأنه تعالى يقول : يا
محمد إني خلقت الأرض وزينتها وأخرجت منها أنواع المنافع والمصالح ،
nindex.php?page=treesubj&link=29485_32409والمقصود من خلقها بما فيها من المنافع ابتلاء الخلق بهذه التكاليف ، ثم إنهم يكفرون ويتمردون مع ذلك فلا أقطع عنهم مواد هذه النعم . فأنت أيضا يا
محمد ينبغي أن لا تنتهي في الحزن بسبب كفرهم إلى أن تترك الاشتغال بدعوتهم إلى الدين الحق .
المسألة الثانية : اختلفوا في تفسير هذه الزينة ، فقال بعضهم : النبات والشجر وضم بعضهم إليه الذهب والفضة والمعادن ، وضم بعضهم إلى سائر الحيوانات ، وقال بعضهم : بل المراد الناس فهم زينة الأرض ، وبالجملة فليس بالأرض إلا المواليد الثلاثة وهي المعادن والنبات والحيوان ، وأشرف أنواع الحيوان الإنسان ، وقال القاضي : الأولى أنه لا يدخل في هذه الزينة المكلف ؛ لأنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم ) فمن يبلوه يجب أن لا يدخل في ذلك ، فأما سائر النبات والحيوان ، فإنهم يدخلون فيه كدخول سائر ما ينتفع به ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7زينة لها ) أي للأرض ، ولا يمتنع أن يكون ما يحسن به الأرض زينة للأرض كما جعل الله السماء مزينة بزينة الكواكب ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7لنبلوهم أيهم أحسن عملا ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : ذهب
هشام بن الحكم إلى أنه تعالى لا يعلم الحوادث إلا عند دخولها في الوجود ، فعلى هذا الابتلاء والامتحان على الله جائز ، واحتج عليه بأنه تعالى لو كان عالما بالجزئيات قبل وقوعها لكان كل ما علم وقوعه واجب الوقوع ، وكل ما علم عدمه ممتنع الوقوع ، وإلا لزم انقلاب علمه جهلا وذلك محال ، والمفضي إلى المحال محال ، ولو كان ذلك واجبا فالذي علم وقوعه يجب كونه فاعلا له ولا قدرة له على الترك ، والذي علم عدمه يكون ممتنع الوقوع ولا قدرة له على الفعل ، وعلى هذا يلزم أن لا يكون الله قادرا على شيء أصلا بل يكون موجبا بالذات ، وأيضا فيلزم أن لا يكون للعبد قدرة لا على الفعل ولا على الترك ؛ لأن ما علم الله وقوعه امتنع من العبد تركه وما علم الله عدمه امتنع منه فعله ، فالقول بكونه تعالى عالما بالأشياء قبل وقوعها يقدح في الربوبية وفي العبودية ، وذلك باطل ، فثبت أنه تعالى إنما يعلم الأشياء عند وقوعها ، وعلى هذا التقدير فالابتلاء والامتحان والاختبار جائز عليه ، وعند هذا قال : يجري قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7لنبلوهم أيهم أحسن عملا ) على ظاهره ، وأما جمهور علماء الإسلام فقد استبعدوا هذا القول ، وقالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=28781_28783إنه تعالى من الأزل إلى الأبد عالم بجميع الجزئيات ، فالابتلاء والامتحان محالان عليه ، وأينما وردت هذه الألفاظ ، فالمراد أنه تعالى يعاملهم معاملة لو صدرت تلك المعاملة عن غيره لكان ذلك على سبيل الابتلاء والامتحان وقد ذكرنا هذه المسألة مرارا كثيرة .
المسألة الثانية : قال القاضي : معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7لنبلوهم أيهم أحسن عملا ) هو أنه يبلوهم ليبصرهم أيهم أطوع لله وأشد استمرارا على خدمته ؛ لأن من هذا حاله هو
nindex.php?page=treesubj&link=30395_19590_19572الذي يفوز بالجنة فبين تعالى أنه كلف لأجل ذلك لا لأجل أن يعصى ، فدل ذلك على بطلان قول من يقول : خلق بعضهم للنار .
المسألة الثالثة : اللام في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7لنبلوهم ) تدل ظاهرا على أن أفعال الله معللة بالأغراض عند
المعتزلة ، وأصحابنا قالوا : هذا محال لأن التعليل بالغرض إنما يصح في حق من لا يمكنه تحصيل ذلك الغرض إلا بتلك الواسطة ، وهذا يقتضي العجز ، وهو على الله محال .
[ ص: 69 ] المسألة الرابعة : قال
الزجاج : أيهم رفع بالابتداء إلا أن لفظه لفظ الاستفهام ، والمعنى لنختبر ونمتحن هذا أحسن عملا أم ذاك ، ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=8وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ) والمعنى : أنه تعالى بين أنه إنما زين الأرض لأجل الامتحان والابتلاء ، لا لأجل أن يبقى الإنسان فيها متنعما أبدا ، لأنه يزهد فيها بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=8وإنا لجاعلون ما عليها ) الآية ، ونظيره قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26كل من عليها فان ) ( الرحمن : 26 ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=106فيذرها قاعا ) ( طه : 106 ) الآية ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=3وإذا الأرض مدت ) ( الانشقاق : 13 ) الآية ، والمعنى : أنه لا بد من المجازاة بعد فناء ما على الأرض ، وتخصيص الإبطال والإهلاك بما على الأرض يوهم بقاء الأرض إلا أن سائر الآيات دلت على أن
nindex.php?page=treesubj&link=30296_33679الأرض أيضا لا تبقى وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=48يوم تبدل الأرض غير الأرض ) ( إبراهيم : 48 ) قال
أبو عبيدة : الصعيد المستوي من الأرض ، وقال
الزجاج : هو الطريق الذي لا نبات فيه ، وقد ذكرنا تفسير الصعيد في آية التيمم ، وأما الجرز ، فقال
الفراء : الجرز الأرض التي لا نبات عليها ، يقال : جرزت الأرض فهي مجروزة ، وجرزها الجراد والشاء والإبل إذا أكلت ما عليها ، وامرأة جروز إذا كانت أكولا ، وسيف جراز إذا كان مستأصلا ، ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=27نسوق الماء إلى الأرض الجرز ) ( السجدة : 27 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=8وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا )
[ ص: 68 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=8وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا )
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ الْقَاضِي : وَجْهُ النَّظْمِ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : يَا
مُحَمَّدُ إِنِّي خَلَقْتُ الْأَرْضَ وَزَيَّنْتُهَا وَأَخْرَجْتُ مِنْهَا أَنْوَاعَ الْمَنَافِعِ وَالْمَصَالِحِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29485_32409وَالْمَقْصُودُ مِنْ خَلْقِهَا بِمَا فِيهَا مِنَ الْمَنَافِعِ ابْتِلَاءُ الْخَلْقِ بِهَذِهِ التَّكَالِيفِ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ يَكْفُرُونَ وَيَتَمَرَّدُونَ مَعَ ذَلِكَ فَلَا أَقْطَعُ عَنْهُمْ مَوَادَّ هَذِهِ النِّعَمِ . فَأَنْتَ أَيْضًا يَا
مُحَمَّدُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَنْتَهِيَ فِي الْحُزْنِ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ إِلَى أَنْ تَتْرُكَ الِاشْتِغَالَ بِدَعْوَتِهِمْ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الزِّينَةِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : النَّبَاتُ وَالشَّجَرُ وَضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَيْهِ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالْمَعَادِنَ ، وَضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلِ الْمُرَادُ النَّاسُ فَهُمْ زِينَةُ الْأَرْضِ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ بِالْأَرْضِ إِلَّا الْمَوَالِيدُ الثَّلَاثَةُ وَهِيَ الْمَعَادِنُ وَالنَّبَاتُ وَالْحَيَوَانُ ، وَأَشْرَفُ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ الْإِنْسَانُ ، وَقَالَ الْقَاضِي : الْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الزِّينَةِ الْمُكَلَّفُ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ ) فَمَنْ يَبْلُوهُ يَجِبُ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ ، فَأَمَّا سَائِرُ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ ، فَإِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِيهِ كَدُخُولِ سَائِرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7زِينَةً لَهَا ) أَيْ لِلْأَرْضِ ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَا يُحَسَّنُ بِهِ الْأَرْضُ زِينَةً لِلْأَرْضِ كَمَا جَعَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ مُزَيَّنَةً بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ذَهَبَ
هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَعْلَمُ الْحَوَادِثَ إِلَّا عِنْدَ دُخُولِهَا فِي الْوُجُودِ ، فَعَلَى هَذَا الِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ عَلَى اللَّهِ جَائِزٌ ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ عَالِمًا بِالْجُزْئِيَّاتِ قَبْلَ وُقُوعِهَا لَكَانَ كُلُّ مَا عَلِمَ وُقُوعَهُ وَاجِبَ الْوُقُوعِ ، وَكُلُّ مَا عَلِمَ عَدَمَهُ مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ ، وَإِلَّا لَزِمَ انْقِلَابُ عِلْمِهِ جَهْلًا وَذَلِكَ مُحَالٌ ، وَالْمُفْضِي إِلَى الْمُحَالِ مُحَالٌ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا فَالَّذِي عَلِمَ وُقُوعَهُ يَجِبُ كَوْنُهُ فَاعِلًا لَهُ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّرْكِ ، وَالَّذِي عَلِمَ عَدَمَهُ يَكُونُ مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْفِعْلِ ، وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ اللَّهُ قَادِرًا عَلَى شَيْءٍ أَصْلًا بَلْ يَكُونُ مُوجِبًا بِالذَّاتِ ، وَأَيْضًا فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ لَا عَلَى الْفِعْلِ وَلَا عَلَى التَّرْكِ ؛ لِأَنَّ مَا عَلِمَ اللَّهُ وُقُوعَهُ امْتَنَعَ مِنَ الْعَبْدِ تَرْكُهُ وَمَا عَلِمَ اللَّهُ عَدَمَهُ امْتَنَعَ مِنْهُ فِعْلُهُ ، فَالْقَوْلُ بِكَوْنِهِ تَعَالَى عَالِمًا بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ وُقُوعِهَا يَقْدَحُ فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَفِي الْعُبُودِيَّةِ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عِنْدَ وُقُوعِهَا ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ وَالِاخْتِبَارُ جَائِزٌ عَلَيْهِ ، وَعِنْدَ هَذَا قَالَ : يَجْرِي قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَمَّا جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ فَقَدِ اسْتَبْعَدُوا هَذَا الْقَوْلَ ، وَقَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=28781_28783إِنَّهُ تَعَالَى مِنَ الْأَزَلِ إِلَى الْأَبَدِ عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ ، فَالِابْتِلَاءُ وَالِامْتِحَانُ مُحَالَانِ عَلَيْهِ ، وَأَيْنَمَا وَرَدَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ ، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى يُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةً لَوْ صَدَرَتْ تِلْكَ الْمُعَامَلَةُ عَنْ غَيْرِهِ لَكَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِابْتِلَاءِ وَالِامْتِحَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِرَارًا كَثِيرَةً .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) هُوَ أَنَّهُ يَبْلُوهُمْ لِيُبْصِرَهُمْ أَيُّهُمْ أَطْوَعُ لِلَّهِ وَأَشَدُّ اسْتِمْرَارًا عَلَى خِدْمَتِهِ ؛ لِأَنَّ مَنْ هَذَا حَالُهُ هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=30395_19590_19572الَّذِي يَفُوزُ بِالْجَنَّةِ فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ كَلَّفَ لِأَجْلِ ذَلِكَ لَا لِأَجْلِ أَنْ يُعْصَى ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ : خَلَقَ بَعْضَهُمْ لِلنَّارِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : اللَّامُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7لِنَبْلُوَهُمْ ) تَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ مُعَلَّلَةٌ بِالْأَغْرَاضِ عِنْدَ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَأَصْحَابُنَا قَالُوا : هَذَا مُحَالٌ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْغَرَضِ إِنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْغَرَضِ إِلَّا بِتِلْكَ الْوَاسِطَةِ ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْعَجْزَ ، وَهُوَ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ .
[ ص: 69 ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ
الزَّجَّاجُ : أَيَهُمُّ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ إِلَّا أَنَّ لَفْظَهُ لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ ، وَالْمَعْنَى لِنَخْتَبِرَ وَنَمْتَحِنَ هَذَا أَحْسَنُ عَمَلًا أَمْ ذَاكَ ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=8وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ) وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا زَيَّنَ الْأَرْضَ لِأَجْلِ الِامْتِحَانِ وَالِابْتِلَاءِ ، لَا لِأَجْلِ أَنْ يَبْقَى الْإِنْسَانُ فِيهَا مُتَنَعِّمًا أَبَدًا ، لِأَنَّهُ يُزَهِّدُ فِيهَا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=8وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا ) الْآيَةَ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) ( الرَّحْمَنِ : 26 ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=106فَيَذَرُهَا قَاعًا ) ( طَه : 106 ) الْآيَةَ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=3وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ) ( الِانْشِقَاقِ : 13 ) الْآيَةَ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْمُجَازَاةِ بَعْدَ فَنَاءِ مَا عَلَى الْأَرْضِ ، وَتَخْصِيصُ الْإِبْطَالِ وَالْإِهْلَاكِ بِمَا عَلَى الْأَرْضِ يُوهِمُ بَقَاءَ الْأَرْضِ إِلَّا أَنَّ سَائِرَ الْآيَاتِ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30296_33679الْأَرْضَ أَيْضًا لَا تَبْقَى وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=48يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ) ( إِبْرَاهِيمَ : 48 ) قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الصَّعِيدُ الْمُسْتَوِي مِنَ الْأَرْضِ ، وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ الصَّعِيدِ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ ، وَأَمَّا الْجُرُزُ ، فَقَالَ
الْفَرَّاءُ : الْجُرُزُ الْأَرْضُ الَّتِي لَا نَبَاتَ عَلَيْهَا ، يُقَالُ : جَرَزَتِ الْأَرْضُ فَهِيَ مَجْرُوزَةٌ ، وَجَرَزَهَا الْجَرَادُ وَالشَّاءُ وَالْإِبِلُ إِذَا أَكَلَتْ مَا عَلَيْهَا ، وَامْرَأَةٌ جَرُوزٌ إِذَا كَانَتْ أَكُولًا ، وَسَيْفٌ جُرَازٌ إِذَا كَانَ مُسْتَأْصِلًا ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=27نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ ) ( السَّجْدَةِ : 27 ) .