(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا )
اعلم أن من هذه الآية إلى قصة
موسى والخضر كلام واحد في قصة واحدة ، وذلك أن أكابر كفار
قريش احتجوا ، وقالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إن أردت أن نؤمن بك فاطرد من عندك هؤلاء الفقراء الذين آمنوا بك ، والله تعالى نهاه عن ذلك ومنعه عنه ، وأطنب في جملة هذه الآيات في بيان أن الذي اقترحوه والتمسوه مطلوب فاسد واقتراح باطل ، ثم إنه تعالى جعل الأصل في هذا الباب شيئا واحدا ، وهو أن يواظب على تلاوة الكتاب الذي أوحاه الله إليه وعلى العمل به وأن لا يلتفت إلى اقتراح المقترحين وتعنت المتعنتين ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك ) وفي الآية مسألة وهي :
إن قوله : ( اتل ) يتناول القراءة ويتناول الاتباع ، فيكون المعنى : الزم قراءة الكتاب الذي أوحي إليك والزم العمل به ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27لا مبدل لكلماته ) أي يمتنع تطرق التغيير والتبديل إليه ، وهذه الآية يمكن التمسك بها في إثبات أن تخصيص النص بالقياس غير جائز ؛ لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك ) معناه : الزم العمل بمقتضى هذا الكتاب ، وذلك يقتضي وجوب العمل بمقتضى ظاهره ،
[ ص: 98 ] فإن قيل : فيجب ألا يتطرق النسخ إليه ، قلنا : هذا هو مذهب
أبي مسلم الأصفهاني فليس يبعد ، وأيضا فالنسخ في الحقيقة ليس بتبديل ؛ لأن المنسوخ ثابت في وقته إلى وقت طريان الناسخ ، فالناسخ كالغاية ، فكيف يكون تبديلا ؟ أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27ولن تجد من دونه ملتحدا ) اتفقوا على أن الملتحد هو الملجأ ، قال أهل اللغة : هو من لحد وألحد إذا مال ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لسان الذي يلحدون إليه ) ( النحل : 103 ) والملحد المائل عن الدين ، والمعنى : ولن تجد من دونه ملجأ في البيان والرشاد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )
اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=29281أكابر قريش اجتمعوا ، وقالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إن أردت أن نؤمن بك فاطرد هؤلاء الفقراء من عندك ، فإذا حضرنا لم يحضروا ، وتعين لهم وقتا يجتمعون فيه عندك ، فأنزل الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52ولا تطرد الذين يدعون ربهم ) ( الأنعام : 52 ) الآية ، فبين فيها أنه لا يجوز طردهم بل تجالسهم وتوافقهم وتعظم شأنهم ، ولا تلتفت إلى أقوال أولئك الكفار ولا تقيم لهم في نظرك وزنا سواء غابوا أو حضروا ، وهذه القصة منقطعة عما قبلها وكلام مبتدأ مستقل ، ونظير هذه الآية قد سبق في سورة الأنعام ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ) ( الأنعام : 52 ) ففي تلك الآية نهي الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن طردهم وفي هذه الآية أمره بمجالستهم والمصابرة معهم ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28واصبر نفسك ) أصل الصبر الحبس ، ومنه
nindex.php?page=treesubj&link=19826_32680نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المصبورة ، وهي البهيمة تحبس فترمى ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : قرأ
ابن عامر بالغدوة بضم الغين ، والباقون بالغداة ، وكلاهما لغة .
المسألة الثانية : في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28بالغداة والعشي ) وجوه :
الأول : المراد كونهم مواظبين على هذا العمل في كل الأوقات ، كقول القائل : ليس لفلان عمل بالغداة والعشي إلا شتم الناس .
الثاني : أن المراد صلاة الفجر والعصر .
الثالث : المراد أن الغداة هي الوقت الذي ينتقل الإنسان فيه من النوم إلى اليقظة ، وهذا الانتقال شبيه بالانتقال من الموت إلى الحياة ، والعشي هو الوقت الذي ينتقل الإنسان فيه من اليقظة إلى النوم ومن الحياة إلى الموت ، والإنسان العاقل يكون في هذين الوقتين كثير الذكر لله عظيم الشكر لآلاء الله ونعمائه ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28ولا تعد عيناك عنهم ) يقال : عداه إذا جاوزه ومنه قولهم : عدا طوره وجاء القوم عدا زيدا ، وإنما عدي بلفظة عن ؛ لأنها تفيد المباعدة ، فكأنه تعالى نهى عن تلك المباعدة ، وقرئ : ( ولا تعد عينيك ) ولا تعد عينيك من أعداه وعداه نقلا بالهمزة وتثقيل الحشو ، ومنه قوله شعرا :
فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له
والمقصود من الآية : أنه تعالى
nindex.php?page=treesubj&link=19366_19804_20065نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أن يزدري فقراء المؤمنين وأن تنبو عيناه عنهم ، لأجل رغبته في مجالسة الأغنياء وحسن صورتهم ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28تريد زينة الحياة الدنيا ) نصب في موضع الحال ، يعني : أنك ( إن ) فعلت ذلك لم يكن إقدامك عليه إلا لرغبتك في زينة الحياة الدنيا
(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا )
اعْلَمْ أَنَّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى قِصَّةِ
مُوسَى وَالْخَضِرِ كَلَامٌ وَاحِدٌ فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَكَابِرَ كُفَّارِ
قُرَيْشٍ احْتَجُّوا ، وَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : إِنْ أَرَدْتَ أَنْ نُؤْمِنَ بِكَ فَاطْرُدْ مِنْ عِنْدِكَ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا بِكَ ، وَاللَّهُ تَعَالَى نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَمَنَعَهُ عَنْهُ ، وَأَطْنَبَ فِي جُمْلَةِ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي بَيَانِ أَنَّ الَّذِي اقْتَرَحُوهُ وَالْتَمَسُوهُ مَطْلُوبٌ فَاسِدٌ وَاقْتِرَاحٌ بَاطِلٌ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْأَصْلَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا وَاحِدًا ، وَهُوَ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى تِلَاوَةِ الْكِتَابِ الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَعَلَى الْعَمَلِ بِهِ وَأَنْ لَا يَلْتَفِتَ إِلَى اقْتِرَاحِ الْمُقْتَرِحِينَ وَتَعَنُّتِ الْمُتَعَنِّتِينَ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ) وَفِي الْآيَةِ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ :
إِنَّ قَوْلَهُ : ( اتْلُ ) يَتَنَاوَلُ الْقِرَاءَةَ وَيَتَنَاوَلُ الِاتِّبَاعَ ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى : الْزَمْ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ وَالْزَمِ الْعَمَلَ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ) أَيْ يَمْتَنِعُ تَطَرُّقُ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ إِلَيْهِ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ يُمْكِنُ التَّمَسُّكُ بِهَا فِي إِثْبَاتِ أَنَّ تَخْصِيصَ النَّصِّ بِالْقِيَاسِ غَيْرُ جَائِزٍ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ) مَعْنَاهُ : الْزَمِ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْكِتَابِ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِهِ ،
[ ص: 98 ] فَإِنْ قِيلَ : فَيَجِبُ أَلَّا يَتَطَرَّقَ النَّسْخُ إِلَيْهِ ، قُلْنَا : هَذَا هُوَ مَذْهَبُ
أَبِي مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيِّ فَلَيْسَ يَبْعُدُ ، وَأَيْضًا فَالنَّسْخُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِتَبْدِيلٍ ؛ لِأَنَّ الْمَنْسُوخَ ثَابِتٌ فِي وَقْتِهِ إِلَى وَقْتِ طَرَيَانِ النَّاسِخِ ، فَالنَّاسِخُ كَالْغَايَةِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ تَبْدِيلًا ؟ أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=27وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ) اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُلْتَحَدَ هُوَ الْمَلْجَأُ ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : هُوَ مِنْ لَحَدَ وَأَلْحَدَ إِذَا مَالَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ ) ( النَّحْلِ : 103 ) وَالْمُلْحِدُ الْمَائِلُ عَنِ الدِّينِ ، وَالْمَعْنَى : وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مَلْجَأً فِي الْبَيَانِ وَالرَّشَادِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا )
اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29281أَكَابِرَ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا ، وَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : إِنْ أَرَدْتَ أَنْ نُؤْمِنَ بِكَ فَاطْرُدْ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءَ مِنْ عِنْدِكَ ، فَإِذَا حَضَرْنَا لَمْ يَحْضُرُوا ، وَتُعَيِّنُ لَهُمْ وَقْتًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ عِنْدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ) ( الْأَنْعَامِ : 52 ) الْآيَةَ ، فَبَيَّنَ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ طَرْدُهُمْ بَلْ تُجَالِسُهُمْ وَتُوَافِقُهُمْ وَتُعَظِّمُ شَأْنَهُمْ ، وَلَا تَلْتَفِتُ إِلَى أَقْوَالِ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ وَلَا تُقِيمُ لَهُمْ فِي نَظَرِكَ وَزْنًا سَوَاءٌ غَابُوا أَوْ حَضَرُوا ، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ مُنْقَطِعَةٌ عَمَّا قَبْلَهَا وَكَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مُسْتَقِلٌّ ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَدْ سَبَقَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=52وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ) ( الْأَنْعَامِ : 52 ) فَفِي تِلْكَ الْآيَةِ نُهِيَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ طَرْدِهِمْ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ أَمَرَهُ بِمُجَالَسَتِهِمْ وَالْمُصَابَرَةِ مَعَهُمْ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ) أَصْلُ الصَّبْرِ الْحَبْسُ ، وَمِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=19826_32680نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْمَصْبُورَةِ ، وَهِيَ الْبَهِيمَةُ تُحْبَسُ فَتُرْمَى ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ) فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ بِالْغُدْوَةِ بِضَمِّ الْغَيْنِ ، وَالْبَاقُونَ بِالْغَدَاةِ ، وَكِلَاهُمَا لُغَةٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ) وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : الْمُرَادُ كَوْنُهُمْ مُوَاظِبِينَ عَلَى هَذَا الْعَمَلِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ : لَيْسَ لِفُلَانٍ عَمَلٌ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِلَّا شَتْمَ النَّاسِ .
الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاةُ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ .
الثَّالِثُ : الْمُرَادُ أَنَّ الْغَدَاةَ هِيَ الْوَقْتُ الَّذِي يَنْتَقِلُ الْإِنْسَانُ فِيهِ مِنَ النَّوْمِ إِلَى الْيَقَظَةِ ، وَهَذَا الِانْتِقَالُ شَبِيهٌ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ ، وَالْعَشِيُّ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَنْتَقِلُ الْإِنْسَانُ فِيهِ مِنَ الْيَقَظَةِ إِلَى النَّوْمِ وَمِنَ الْحَيَاةِ إِلَى الْمَوْتِ ، وَالْإِنْسَانُ الْعَاقِلُ يَكُونُ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ كَثِيرَ الذِّكْرِ لِلَّهِ عَظِيمَ الشُّكْرِ لِآلَاءِ اللَّهِ وَنَعْمَائِهِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ) يُقَالُ : عَدَاهُ إِذَا جَاوَزَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : عَدَا طَوْرَهُ وَجَاءَ الْقَوْمُ عَدَا زَيْدًا ، وَإِنَّمَا عُدِّيَ بِلَفْظَةِ عَنْ ؛ لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْمُبَاعَدَةَ ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى نَهَى عَنْ تِلْكَ الْمُبَاعَدَةِ ، وَقُرِئَ : ( وَلَا تُعَدِّ عَيْنَيْكَ ) وَلَا تُعَدِّ عَيْنَيْكَ مِنْ أَعْدَاهُ وَعَدَّاهُ نَقْلًا بِالْهَمْزَةِ وَتَثْقِيلِ الْحَشْوِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ شِعْرًا :
فَعَدِّ عَمَّا تَرَى إِذْ لَا ارْتِجَاعَ لَهُ
وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ : أَنَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=19366_19804_20065نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَنْ يَزْدَرِيَ فُقَرَاءَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ تَنْبُوَ عَيْنَاهُ عَنْهُمْ ، لِأَجْلِ رَغْبَتِهِ فِي مُجَالَسَةِ الْأَغْنِيَاءِ وَحُسْنِ صُورَتِهِمْ ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) نُصِبَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، يَعْنِي : أَنَّكَ ( إِنْ ) فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِقْدَامُكَ عَلَيْهِ إِلَّا لِرَغْبَتِكَ فِي زِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا