(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=51ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=52ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا )
قوله تعالى :
[ ص: 116 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=51ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=52ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا )
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أن المقصود من ذكر الآيات المتقدمة الرد على القوم الذين افتخروا بأموالهم وأعوانهم على فقراء المسلمين ، وهذه الآية المقصود من ذكرها عين هذا المعنى ، وذلك لأن
nindex.php?page=treesubj&link=31771إبليس إنما تكبر على آدم ؛ لأنه افتخر بأصله ونسبه ، وقال : خلقتني من نار وخلقته من طين فأنا أشرف منه في الأصل والنسب ، فكيف أسجد وكيف أتواضع له ؟ وهؤلاء المشركون عاملوا فقراء المسلمين بعين هذه المعاملة ، فقالوا : كيف نجلس مع هؤلاء الفقراء مع أنا من أنساب شريفة وهم من أنساب نازلة ، ونحن أغنياء وهم فقراء ؟ فالله تعالى ذكر هذه القصة ههنا تنبيها على أن هذه الطريقة هي بعينها طريقة إبليس ، ثم إنه تعالى حذر عنها وعن الاقتداء بها في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أفتتخذونه وذريته أولياء ) فهذا هو وجه النظم وهو حسن معتبر ، وذكر القاضي وجها آخر ، فقال : إنه تعالى لما ذكر من قبل أمر القيامة وما يجري عند الحشر ووضع الكتاب ، وكأن الله تعالى يريد أن يذكر ههنا أنه ينادي المشركين ، ويقول لهم : أين شركائي الذي زعمتم وكان قد علم تعالى أن إبليس هو الذي يحمل الإنسان على إثبات هؤلاء الشركاء ، لا جرم قدم قصته في هذه الآية إتماما لذلك الغرض ، ثم قال القاضي : وهذه القصة وإن كان تعالى قد كررها في سور كثيرة إلا أن في كل موضع منها فائدة مجددة .
المسألة الثانية : أنه تعالى بين في هذه الآية أن
nindex.php?page=treesubj&link=28796إبليس كان من الجن وللناس في هذه المسألة ثلاثة أقوال :
الأول : أنه من الملائكة وكونه من الملائكة لا ينافي كونه من الجن ، ولهم فيه وجوه :
الأول : أن قبيلة من الملائكة يسمون بذلك لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ) ( الصافات : 158 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وجعلوا لله شركاء الجن ) ( الأنعام : 100 ) .
والثاني : أن الجن سموا جنا للاستتار والملائكة كذلك فهم داخلون في الجن .
الثالث : أنه كان خازن الجنة ونسب إلى الجنة ، كقولهم : كوفي وبصري ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أنه كان من الجنانين الذين يعملون في الجنات حي من الملائكة يصوغون حلية أهل الجنة مذ خلقوا ، رواه القاضي في تفسيره عن
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
والقول الثاني : أنه من الجن الذين هم الشياطين والذين خلقوا من نار وهو أبوهم .
والقول الثالث : قول من قال : كان من الملائكة فمسخ وغير ، وهذه المسألة قد أحكمناها في سورة البقرة وأصل ما يدل على أنه ليس من الملائكة أنه تعالى أثبت له ذرية ونسلا في هذه الآية وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) والملائكة ليس لهم ذرية ولا نسل ، فوجب أن لا يكون إبليس من الملائكة ، بقي أن يقال : إن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود فلو لم يكن إبليس من الملائكة ، فكيف تناوله ذلك الأمر ؟ وأيضا لو لم يكن من الملائكة فكيف يصح استثناؤه منهم ؟ وقد أجبنا عن كل ذلك بالاستقصاء ، ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50ففسق عن أمر ربه ) وفي ظاهره إشكال ؛ لأن الفاسق لا يفسق عن أمر ربه ، فلهذا السبب ذكروا فيه وجوها :
الأول : قال
الفراء : ففسق عن أمر ربه أي خرج عن طاعته ، والعرب تقول : فسقت الرطبة من قشرها أي خرجت ، وسميت الفأرة فويسقة لخروجها من جحرها من البابين ، وقال
رؤبة :
يهوين في نجد وغور غائرا فواسقا عن قصدها جوائرا
[ ص: 117 ] الثاني : حكى
الزجاج عن
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه أنه قال : لما أمر فعصى كان سبب فسقه هو ذلك الأمر ، والمعنى أنه لولا ذلك الأمر السابق لما حصل الفسق ، فلأجل هذا المعنى حسن أن يقال : فسق عن أمر ربه .
الثالث : قال
قطرب : فسق عن أمر ربه رده ، كقوله : واسأل القرية ، واسأل العير .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=51مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=52وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى :
[ ص: 116 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=51مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=52وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=53وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا )
وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذِكْرِ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ الرَّدُّ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ افْتَخَرُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَعْوَانِهِمْ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِهَا عَيْنُ هَذَا الْمَعْنَى ، وَذَلِكَ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31771إِبْلِيسَ إِنَّمَا تَكَبَّرَ عَلَى آدَمَ ؛ لِأَنَّهُ افْتَخَرَ بِأَصْلِهِ وَنَسَبِهِ ، وَقَالَ : خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فَأَنَا أَشْرَفُ مِنْهُ فِي الْأَصْلِ وَالنَّسَبِ ، فَكَيْفَ أَسْجُدُ وَكَيْفَ أَتَوَاضَعُ لَهُ ؟ وَهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ عَامَلُوا فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِعَيْنِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ ، فَقَالُوا : كَيْفَ نَجْلِسُ مَعَ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءِ مَعَ أَنَّا مِنْ أَنْسَابٍ شَرِيفَةٍ وَهُمْ مِنْ أَنْسَابٍ نَازِلَةٍ ، وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ وَهُمْ فُقَرَاءُ ؟ فَاللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ هَهُنَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ هِيَ بِعَيْنِهَا طَرِيقَةُ إِبْلِيسَ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى حَذَّرَ عَنْهَا وَعَنِ الِاقْتِدَاءِ بِهَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ ) فَهَذَا هُوَ وَجْهُ النَّظْمِ وَهُوَ حَسَنٌ مُعْتَبَرٌ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا آخَرَ ، فَقَالَ : إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ مِنْ قَبْلُ أَمْرَ الْقِيَامَةِ وَمَا يَجْرِي عِنْدَ الْحَشْرِ وَوَضْعَ الْكِتَابِ ، وَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ أَنْ يَذْكُرَ هَهُنَا أَنَّهُ يُنَادِي الْمُشْرِكِينَ ، وَيَقُولُ لَهُمْ : أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِي زَعَمْتُمْ وَكَانَ قَدْ عَلِمَ تَعَالَى أَنَّ إِبْلِيسَ هُوَ الَّذِي يَحْمِلُ الْإِنْسَانَ عَلَى إِثْبَاتِ هَؤُلَاءِ الشُّرَكَاءِ ، لَا جَرَمَ قَدَّمَ قِصَّتَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِتْمَامًا لِذَلِكَ الْغَرَضِ ، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي : وَهَذِهِ الْقِصَّةُ وَإِنْ كَانَ تَعَالَى قَدْ كَرَّرَهَا فِي سُوَرٍ كَثِيرَةٍ إِلَّا أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا فَائِدَةً مُجَدَّدَةً .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28796إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ وَلِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَكَوْنُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مِنَ الْجِنِّ ، وَلَهُمْ فِيهِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ قَبِيلَةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُسَمَّوْنَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا ) ( الصَّافَّاتِ : 158 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ ) ( الْأَنْعَامِ : 100 ) .
وَالثَّانِي : أَنَّ الْجِنَّ سُمُّوا جِنًّا لِلِاسْتِتَارِ وَالْمَلَائِكَةُ كَذَلِكَ فَهُمْ دَاخِلُونَ فِي الْجِنِّ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُ كَانَ خَازِنَ الْجَنَّةِ وَنُسِبَ إِلَى الْجَنَّةِ ، كَقَوْلِهِمْ : كُوفِيٌّ وَبَصْرِيٌّ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ مَنِ الْجَنَّانِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْجَنَّاتِ حَيٌّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَصُوغُونَ حِلْيَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مُذْ خُلِقُوا ، رَوَاهُ الْقَاضِي فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ
هِشَامٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ هُمُ الشَّيَاطِينُ وَالَّذِينَ خُلِقُوا مِنْ نَارٍ وَهُوَ أَبُوهُمْ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : قَوْلُ مَنْ قَالَ : كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَمُسِخَ وَغُيِّرَ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ أَحْكَمْنَاهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَأَصْلُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ لَهُ ذُرِّيَّةً وَنَسْلًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي ) وَالْمَلَائِكَةُ لَيْسَ لَهُمْ ذُرِّيَّةٌ وَلَا نَسْلٌ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، بَقِيَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَكَيْفَ تَنَاوَلَهُ ذَلِكَ الْأَمْرُ ؟ وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُمْ ؟ وَقَدْ أَجَبْنَا عَنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْصَاءِ ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) وَفِي ظَاهِرِهِ إِشْكَالٌ ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَفْسُقُ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ، فَلِهَذَا السَّبَبِ ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا :
الْأَوَّلُ : قَالَ
الْفَرَّاءُ : فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَيْ خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ : فَسَقَتِ الرُّطَبَةُ مِنْ قِشْرِهَا أَيْ خَرَجَتْ ، وَسُمِّيَتِ الْفَأْرَةُ فُوَيْسِقَةً لِخُرُوجِهَا مِنْ جُحْرِهَا مِنَ الْبَابَيْنِ ، وَقَالَ
رُؤْبَةُ :
يَهْوِينَ فِي نَجْدٍ وَغَوْرٍ غَائِرًا فَوَاسِقًا عَنْ قَصْدِهَا جَوَائِرَا
[ ص: 117 ] الثَّانِي : حَكَى
الزَّجَّاجُ عَنِ
الْخَلِيلِ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا أُمِرَ فَعَصَى كَانَ سَبَبُ فِسْقِهِ هُوَ ذَلِكَ الْأَمْرُ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ الْأَمْرُ السَّابِقُ لَمَا حَصَلَ الْفِسْقُ ، فَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى حَسُنَ أَنْ يُقَالَ : فَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ .
الثَّالِثُ : قَالَ
قُطْرُبٌ : فَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ رَدَّهُ ، كَقَوْلِهِ : وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ، وَاسْأَلِ الْعِيرَ .