(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=107إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=108خالدين فيها لا يبغون عنها حولا )
[ ص: 149 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=107إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=108خالدين فيها لا يبغون عنها حولا )
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد أتبعه بالوعد ، ولما ذكر في الكفار أن جهنم نزلهم ، أتبعه بذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30495_30384ما يرغب في الإيمان والعمل الصالح . فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=107إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ) .
المسألة الثانية : عطف عمل الصالحات على الإيمان ، والمعطوف مغاير للمعطوف عليه وذلك يدل على أن الأعمال الصالحة مغايرة للإيمان .
المسألة الثالثة : عن
قتادة : الفردوس وسط الجنة وأفضلها ، وعن
كعب : ليس في الجنان أعلى من جنة الفردوس ، وفيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد الفردوس هو البستان بالرومية ، وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013149الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين مسيرة مائة عام ، والفردوس أعلاها درجة ، ومنها الأنهار الأربعة ، والفردوس من فوقها ، فإذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإن فوقها عرش الرحمن ، ومنها تتفجر أنهار الجنة ) .
المسألة الرابعة : قال بعضهم إنه تعالى جعل
nindex.php?page=treesubj&link=29680_28725الجنة بكليتها نزلا للمؤمنين ، والكريم إذا أعطى النزل أولا فلا بد أن يتبعه بالخلعة ، وليس بعد الجنة بكليتها إلا رؤية الله ، فإن قالوا : أليس أنه تعالى جعل في الآية الأولى جملة جهنم نزلا للكافرين ، ولم يبق بعد جملة جهنم عذاب آخر ، فكذلك ههنا جعل جملة الجنة نزلا للمؤمنين ، مع أنه ليس له شيء آخر بعد الجنة ، والجواب : قلنا للكافر بعد حصول جهنم مرتبة أعلى منها وهو كونه محجوبا عن رؤية الله كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=15كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=16ثم إنهم لصالو الجحيم ) [المطففين : 15 ، 16] فجعل الصلاء بالنار متأخرا في المرتبة عن كونه محجوبا عن الله ، ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=108لا يبغون عنها حولا ) الحول التحول ، يقال : حال من مكانه حولا كقوله عاد في حبها عودا يعني لا مزيد على سعادات الجنة وخيراتها ، حتى يريد أشياء غيرها ، وهذا الوصف يدل على غاية الكمال ؛ لأن الإنسان في الدنيا إذا وصل إلى أي درجة كانت في السعادات ، فهو طامح الطرف إلى ما هو أعلى منها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=107إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=108خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا )
[ ص: 149 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=107إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=108خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا )
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْوَعِيدَ أَتْبَعَهُ بِالْوَعْدِ ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْكُفَّارِ أَنَّ جَهَنَّمَ نُزُلُهُمْ ، أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30495_30384مَا يُرَغِّبُ فِي الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ . فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=107إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : عَطْفُ عَمَلِ الصَّالِحَاتِ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَالْمَعْطُوفُ مُغَايِرٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ مُغَايِرَةٌ لِلْإِيمَانِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : عَنْ
قَتَادَةَ : الْفِرْدَوْسُ وَسَطُ الْجَنَّةِ وَأَفْضَلُهَا ، وَعَنْ
كَعْبٍ : لَيْسَ فِي الْجِنَانِ أَعْلَى مِنْ جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ ، وَفِيهَا الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ الْفِرْدَوْسُ هُوَ الْبُسْتَانُ بِالرُّومِيَّةِ ، وَعَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013149الْجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ ، وَالْفِرْدَوْسُ أَعْلَاهَا دَرَجَةً ، وَمِنْهَا الْأَنْهَارُ الْأَرْبَعَةُ ، وَالْفِرْدَوْسُ مِنْ فَوْقِهَا ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ الْجَنَّةَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّ فَوْقَهَا عَرْشَ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهَا تَتَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ ) .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=29680_28725الْجَنَّةَ بِكُلِّيَّتِهَا نُزُلًا لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَالْكَرِيمُ إِذَا أَعْطَى النُّزُلَ أَوَّلًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْخُلْعَةِ ، وَلَيْسَ بَعْدَ الْجَنَّةِ بِكُلِّيَّتِهَا إِلَّا رُؤْيَةَ اللَّهِ ، فَإِنْ قَالُوا : أَلَيْسَ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى جُمْلَةَ جَهَنَّمَ نُزُلًا لِلْكَافِرِينَ ، وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ جُمْلَةِ جَهَنَّمَ عَذَابٌ آخَرُ ، فَكَذَلِكَ هَهُنَا جَعَلَ جُمْلَةَ الْجَنَّةِ نُزُلًا لِلْمُؤْمِنِينَ ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ آخَرُ بَعْدَ الْجَنَّةِ ، وَالْجَوَابُ : قُلْنَا لِلْكَافِرِ بَعْدَ حُصُولِ جَهَنَّمَ مَرْتَبَةٌ أَعْلَى مِنْهَا وَهُوَ كَوْنُهُ مَحْجُوبًا عَنْ رُؤْيَةِ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=15كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=16ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ) [الْمُطَفِّفِينَ : 15 ، 16] فَجَعَلَ الصِّلَاءَ بِالنَّارِ مُتَأَخِّرًا فِي الْمَرْتَبَةِ عَنْ كَوْنِهِ مَحْجُوبًا عَنِ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=108لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ) الْحِوَلُ التَّحَوُّلُ ، يُقَالُ : حَالَ مِنْ مَكَانِهِ حِوَلًا كَقَوْلِهِ عَادَ فِي حُبِّهَا عَوْدًا يَعْنِي لَا مَزِيدَ عَلَى سِعَادَاتِ الْجَنَّةِ وَخَيْرَاتِهَا ، حَتَّى يُرِيدَ أَشْيَاءَ غَيْرَهَا ، وَهَذَا الْوَصْفُ يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ الْكَمَالِ ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي الدُّنْيَا إِذَا وَصَلَ إِلَى أَيِّ دَرَجَةٍ كَانَتْ فِي السَّعَادَاتِ ، فَهُوَ طَامِحُ الطَّرْفِ إِلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهَا .