(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما ذكر في هذه السورة أنواع الدلائل والبينات وشرح أقاصيص
[ ص: 150 ] الأولين نبه على كمال حال القرآن فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ) والمداد اسم لما تمد به الدواة من الحبر ولما يمد به السراج من السليط ، والمعنى لو كتبت كلمات علم الله وحكمه وكان البحر مدادا لها - والمراد بالبحر الجنس - ؛ لنفد قبل أن تنفد الكلمات ، وتقرير الكلام أن البحار كيفما فرضت في الاتساع والعظمة فهي متناهية
nindex.php?page=treesubj&link=28781_33677ومعلومات الله غير متناهية والمتناهي لا يفي البتة بغير المتناهي ، قرأ
حمزة والكسائي " ينفد " بالياء لتقدم الفعل على الجمع والباقون بالتاء لتأنيث كلمات ، وروي أن
حيي بن أخطب قال : في كتابكم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) ( البقرة : 269 ) ثم تقرءون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ( الإسراء : 85 ) فنزلت هذه الآية يعني أن ذلك خير كثير ولكنه قطرة من بحر كلمات الله .
المسألة الثانية : احتج المخالفون على الطعن في قول أصحابنا أن كلام الله تعالى واحد بهذه الآية ، وقالوا : إنها صريحة في إثبات كلمات الله تعالى ، وأصحابنا حملوا الكلمات على متعلقات علم الله تعالى ، قال
الجبائي : وأيضا قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قبل أن تنفد كلمات ربي ) يدل على أن كلمات الله تعالى قد تنفد في الجملة وما ثبت عدمه ؛ امتنع قدمه ، وأيضا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109ولو جئنا بمثله مددا ) وهذا يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=33679أنه تعالى قادر على أن يجيء بمثل كلامه والذي يجاء به يكون محدثا ، والذي يكون المحدث مثلا له فهو أيضا محدث ، وجواب أصحابنا أن المراد منه الألفاظ الدالة على تعلقات تلك الصفة الأزلية ، واعلم أنه تعالى لما بين كمال كلام الله أمر
محمدا -صلى الله عليه وسلم- بأن يسلك طريقة التواضع فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110nindex.php?page=treesubj&link=31791_28989قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ) أي لا امتياز بيني وبينكم في شيء من الصفات إلا أن الله تعالى أوحى إلي أنه لا إله إلا الله الواحد الأحد الصمد ، والآية تدل على مطلوبين :
الأول : أن كلمة ( إنما ) تفيد الحصر وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110أنما إلهكم إله واحد ) .
والثاني : أن كون الإله تعالى إلها واحدا يمكن إثباته بالدلائل السمعية ، وقد قررنا هذين المطلوبين في سائر السور بالوجوه القوية ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فمن كان يرجوا لقاء ربه ) والرجاء هو ظن المنافع الواصلة إليه ، والخوف ظن المضار الواصلة إليه ، وأصحابنا حملوا لقاء الرب على رؤيته ،
والمعتزلة حملوه على لقاء ثواب الله ، وهذه المناظرة قد تقدمت ، والعجب أنه تعالى أورد في آخر هذه السورة ما يدل على حصول
nindex.php?page=treesubj&link=28725رؤية الله في ثلاث آيات :
أولها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=105أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ) [الكهف : 105] .
وثانيها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=107كانت لهم جنات الفردوس نزلا ) [الكهف : 107] .
وثالثها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فمن كان يرجوا لقاء ربه ) ولا بيان أقوى من ذلك ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فليعمل عملا صالحا ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=30495_30503_30513من حصل له رجاء لقاء الله فليشتغل بالعمل الصالح ، ولما كان العمل الصالح قد يؤتى به لله ، وقد يؤتى به للرياء والسمعة ، لا جرم اعتبر فيه قيدان :
أن يؤتى به لله ، وأن يكون مبرأ عن جهات الشرك ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) .
قيل : نزلت هذه الآية في
جندب بن زهير قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (
إني أعمل العمل لله تعالى فإذا اطلع عليه أحد سرني" فقال عليه الصلاة والسلام : " إن الله لا يقبل ما شورك فيه ) ، وروي أيضا أنه قال له : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013151لك أجران أجر السر وأجر العلانية ) فالرواية الأولى محمولة على ما إذا قصد بعمله الرياء والسمعة ، والرواية الثانية محمولة على ما إذا قصد أن يقتدى به ، والمقام الأول مقام المبتدئين ، والمقام الثاني مقام الكاملين ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا
محمد وآله وصحبه أجمعين .
قال المصنف رضي الله عنه تم تفسير هذه السورة يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر صفر سنة اثنتين وستمائة في بلدة
غزنين ؛ ونسأل الله أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ؛ أن يخصنا بالمغفرة والفضل في يوم الدين ، إنه ذو الفضل العظيم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )
وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَنْوَاعَ الدَّلَائِلِ وَالْبَيِّنَاتِ وَشَرَحَ أَقَاصِيصَ
[ ص: 150 ] الْأَوَّلِينَ نَبَّهَ عَلَى كَمَالِ حَالِ الْقُرْآنِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي ) وَالْمِدَادُ اسْمٌ لِمَا تُمَدُّ بِهِ الدَّوَاةُ مِنَ الْحِبْرِ وَلِمَا يُمَدُّ بِهِ السِّرَاجُ مِنَ السَّلِيطِ ، وَالْمَعْنَى لَوْ كُتِبَتْ كَلِمَاتُ عِلْمِ اللَّهِ وَحِكَمُهُ وَكَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لَهَا - وَالْمُرَادُ بِالْبَحْرِ الْجِنْسُ - ؛ لَنَفِدَ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ الْكَلِمَاتُ ، وَتَقْرِيرُ الْكَلَامِ أَنَّ الْبِحَارَ كَيْفَمَا فَرَضَتْ فِي الِاتِّسَاعِ وَالْعَظَمَةِ فَهِيَ مُتَنَاهِيَةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28781_33677وَمَعْلُومَاتُ اللَّهِ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ وَالْمُتَنَاهِي لَا يَفِي الْبَتَّةَ بِغَيْرِ الْمُتَنَاهِي ، قَرَأَ
حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ " يَنْفَدَ " بِالْيَاءِ لِتُقَدِّمِ الْفِعْلِ عَلَى الْجَمْعِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّاءِ لِتَأْنِيثِ كَلِمَاتٍ ، وَرُوِيَ أَنَّ
حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ قَالَ : فِي كِتَابِكُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ) ( الْبَقَرَةِ : 269 ) ثُمَّ تَقْرَءُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) ( الْإِسْرَاءِ : 85 ) فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَلَكِنَّهُ قَطْرَةٌ مِنْ بَحْرِ كَلِمَاتِ اللَّهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : احْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ عَلَى الطَّعْنِ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَاحِدٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَقَالُوا : إِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي إِثْبَاتِ كَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَصْحَابُنَا حَمَلُوا الْكَلِمَاتِ عَلَى مُتَعَلِّقَاتِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ
الْجُبَّائِيُّ : وَأَيْضًا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلِمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ تَنْفَدُ فِي الْجُمْلَةِ وَمَا ثَبَتَ عَدَمُهُ ؛ امْتَنَعَ قِدَمُهُ ، وَأَيْضًا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=109وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33679أَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجِيءَ بِمِثْلِ كَلَامِهِ وَالَّذِي يُجَاءُ بِهِ يَكُونُ مُحْدَثًا ، وَالَّذِي يَكُونُ الْمُحْدَثُ مِثْلًا لَهُ فَهُوَ أَيْضًا مُحْدَثٌ ، وَجَوَابُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى تَعَلُّقَاتِ تِلْكَ الصِّفَةِ الْأَزَلِيَّةِ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ كَمَالَ كَلَامِ اللَّهِ أَمَرَ
مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنْ يَسْلُكَ طَرِيقَةَ التَّوَاضُعِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110nindex.php?page=treesubj&link=31791_28989قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ) أَيْ لَا امْتِيَازَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الصِّفَاتِ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ ، وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى مَطْلُوبَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ كَلِمَةَ ( إِنَّمَا ) تُفِيدُ الْحَصْرَ وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) .
وَالثَّانِي : أَنَّ كَوْنَ الْإِلَهِ تَعَالَى إِلَهًا وَاحِدًا يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ بِالدَّلَائِلِ السَّمْعِيَّةِ ، وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَيْنِ الْمَطْلُوبَيْنِ فِي سَائِرِ السُّوَرِ بِالْوُجُوهِ الْقَوِيَّةِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ ) وَالرَّجَاءُ هُوَ ظَنُّ الْمَنَافِعِ الْوَاصِلَةِ إِلَيْهِ ، وَالْخَوْفُ ظَنُّ الْمَضَارِّ الْوَاصِلَةِ إِلَيْهِ ، وَأَصْحَابُنَا حَمَلُوا لِقَاءَ الرَّبِّ عَلَى رُؤْيَتِهِ ،
وَالْمُعْتَزِلَةُ حَمَلُوهُ عَلَى لِقَاءِ ثَوَابِ اللَّهِ ، وَهَذِهِ الْمُنَاظَرَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْرَدَ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى حُصُولِ
nindex.php?page=treesubj&link=28725رُؤْيَةِ اللَّهِ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ :
أَوَّلُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=105أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ) [الْكَهْفِ : 105] .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=107كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ) [الْكَهْفِ : 107] .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ ) وَلَا بَيَانَ أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ) أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=30495_30503_30513مَنْ حَصَلَ لَهُ رَجَاءُ لِقَاءِ اللَّهِ فَلْيَشْتَغِلْ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ ، وَلَمَّا كَانَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ قَدْ يُؤْتَى بِهِ لِلَّهِ ، وَقَدْ يُؤْتَى بِهِ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ ، لَا جَرَمَ اعْتُبِرَ فِيهِ قَيْدَانِ :
أَنْ يُؤْتَى بِهِ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكُونَ مُبَرَّأً عَنْ جِهَاتِ الشِّرْكِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) .
قِيلَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي
جُنْدُبِ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : (
إِنِّي أَعْمَلُ الْعَمَلَ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ سَرَّنِي" فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مَا شُورِكَ فِيهِ ) ، وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ لَهُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013151لَكَ أَجْرَانِ أَجْرُ السِّرِّ وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ ) فَالرِّوَايَةُ الْأُولَى مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا قَصَدَ بِعَمَلِهِ الرِّيَاءَ وَالسُّمْعَةَ ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا قَصَدَ أَنْ يُقْتَدَى بِهِ ، وَالْمَقَامُ الْأَوَّلُ مَقَامُ الْمُبْتَدِئِينَ ، وَالْمَقَامُ الثَّانِي مَقَامُ الْكَامِلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَمَّ تَفْسِيرُ هَذِهِ السُّورَةِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ فِي بَلْدَةِ
غَزْنِينَ ؛ وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ؛ أَنْ يَخُصَّنَا بِالْمَغْفِرَةِ وَالْفَضْلِ فِي يَوْمِ الدِّينِ ، إِنَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ .