(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا )
فيه مسائل :
المسألة الأولى : اختلفوا في من المنادي بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يازكريا ) فالأكثرون على أنه هو الله تعالى وذلك لأن ما قبل هذه الآية يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=31976أن زكريا عليه السلام إنما كان يخاطب الله تعالى ويسأله وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4رب إني وهن العظم مني ) [ مريم : 4] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4ولم أكن بدعائك رب شقيا ) [ مريم : 4] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5فهب لي ) [ مريم : 5] وما بعدها يدل على أنه كان يخاطب الله تعالى وهو يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8رب أنى يكون لي غلام ) إذا كان ما قبل هذه الآية وما بعدها خطابا مع الله تعالى وجب أن يكون النداء من الله تعالى وإلا لفسد النظم ، ومنهم من قال هذا نداء الملك واحتج عليه بوجهين :
الأول : قوله تعالى في سورة آل عمران : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى ) [آل عمران : 39] .
الثاني : أن
زكريا عليه السلام لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال كذلك قال ربك هو علي هين ) [ مريم :8 - 9] وهذا لا يجوز أن يكون كلام الله فوجب أن يكون كلام الملك .
والجواب عن الأول : أنه يحتمل أن يقال حصل النداءان : نداء الله ونداء الملائكة .
وعن الثاني : أنا نبين إن شاء تعالى أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قال كذلك قال ربك هو علي هين ) يمكن أن يكون كلام الله .
المسألة الثانية : فإن قيل : إن كان الدعاء بإذن ، فما
nindex.php?page=treesubj&link=32692_31977_31976معنى البشارة ؟ وإن كان بغير إذن فلماذا أقدم عليه ؟
والجواب : هذا أمر يخصه فيجوز أن يسأل بغير إذن ، ويحتمل أنه أذن له فيه ولم يعلم وقته فبشر به .
المسألة الثالثة : اختلف المفسرون في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7لم نجعل له من قبل سميا ) على وجهين :
أحدهما : وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة أنه
nindex.php?page=treesubj&link=30173_31977_31787لم يسم أحد قبله بهذا الاسم .
الثاني : أن المراد بالسمي النظير كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65هل تعلم له سميا ) [ مريم : 65] واختلفوا في ذلك على وجوه :
أحدها : أنه سيد وحصور لم يعص ولم يهم بمعصية كأنه جواب لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6واجعله رب رضيا ) [ مريم : 6] فقيل له إنا نبشرك بغلام لم نجعل له من قبل شبيها في الدين ، ومن كان هكذا فهو في غاية الرضا . وهذا الوجه ضعيف ؛ لأنه يقتضي تفضيله على الأنبياء الذين كانوا قبله
كآدم ونوح وإبراهيم وموسى وذلك باطل بالاتفاق .
وثانيها : أن كل الناس إنما يسميهم آباؤهم وأمهاتهم بعد دخولهم في الوجود ، وأما
يحيى عليه السلام فإن الله تعالى هو الذي سماه
[ ص: 159 ] قبل دخوله في الوجود فكان ذلك من خواصه فلم يكن له مثل وشبيه في هذه الخاصية .
وثالثها : أنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر ، واعلم أن الوجه الأول أولى وذلك لأن حمل السمي على النظير وإن كان يفيد المدح والتعظيم ولكنه عدول عن الحقيقة من غير ضرورة وإنه لا يجوز ، وأما قول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65هل تعلم له سميا ) فهناك إنما عدلنا عن الظاهر ؛ لأنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا ) ( مريم : 65 ) ومعلوم أن مجرد كونه تعالى مسمى بذلك الاسم لا يقتضي وجوب عبادته ، فلهذه العلة عدلنا عن الظاهر ، أما ههنا لا ضرورة في العدول عن الظاهر فوجب إجراؤه عليه ولأن في تفرده بذلك الاسم ضربا من التعظيم لأنا نشاهد أن الملك إذا كان له لقب مشهور فإن حاشيته لا يتلقبون به بل يتركونه تعظيما له فكذلك ههنا .
المسألة الرابعة : في أنه عليه السلام سمي
بيحيى روى
الثعلبي فيه وجوها :
أحدها : عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أن الله تعالى أحيا به عقر أمه .
وثانيها : عن
قتادة أن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان والطاعة والله تعالى سمى المطيع حيا والعاصي ميتا بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أومن كان ميتا فأحييناه ) [الأنعام : 122] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24إذا دعاكم لما يحييكم ) [الأنفال : 24] .
وثالثها : إحياؤه بالطاعة حتى لم يعص ولم يهم بمعصية لما روى
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=treesubj&link=31977_30173ما من أحد إلا وقد عصى أو هم إلا يحيى بن زكريا فإنه لم يهم ولم يعملها .
ورابعها : عن
أبي القاسم بن حبيب أنه استشهد وإن الشهداء أحياء عند ربهم لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=169بل أحياء عند ربهم ) [آل عمران : 169] .
وخامسها : ما قاله
عمرو بن عبد الله المقدسي : أوحى الله تعالى إلى
إبراهيم عليه السلام أن قل
ليسارة ، وكان اسمها كذلك ، بأني مخرج منها عبدا لا يهم بمعصية اسمه
حيي . فقال : هبي له من اسمك حرفا ؛ فوهبته حرفا من اسمها فصار
يحيى ، وكان اسمها
يسارة فصار اسمها
سارة .
وسادسها : أن
يحيى عليه السلام أول من آمن
بعيسى فصار قلبه حيا بذلك الإيمان وذلك أن
أم يحيى كانت حاملا به فاستقبلتها
مريم وقد حملت
بعيسى فقالت لها
أم يحيى : يا
مريم أحامل أنت ؟ فقالت : لماذا تقولين ؟ فقالت : إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك .
وسابعها : أن الدين يحيا به ؛ لأنه إنما سأله
زكريا لأجل الدين ، واعلم أن هذه الوجوه ضعيفة لأن أسماء الألقاب لا يطلب فيها وجه الاشتقاق ، ولهذا قال أهل التحقيق أسماء الألقاب قائمة مقام الإشارات وهي لا تفيد في المسمى صفة البتة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا )
فِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اخْتَلَفُوا فِي مَنِ الْمُنَادِي بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7يَازَكَرِيَّا ) فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=31976أَنَّ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا كَانَ يُخَاطِبُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَسْأَلُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) [ مَرْيَمَ : 4] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=4وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) [ مَرْيَمَ : 4] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5فَهَبْ لِي ) [ مَرْيَمَ : 5] وَمَا بَعْدَهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُخَاطِبُ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ ) إِذَا كَانَ مَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ وَمَا بَعْدَهَا خِطَابًا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى وَجَبَ أَنْ يَكُونَ النِّدَاءُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا لَفَسَدَ النَّظْمُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا نِدَاءُ الْمَلَكِ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِوَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ) [آلِ عِمْرَانَ : 39] .
الثَّانِي : أَنَّ
زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=8أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ) [ مَرْيَمَ :8 - 9] وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ الْمَلَكِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ حَصَلَ النِّدَاءَانِ : نِدَاءُ اللَّهِ وَنِدَاءُ الْمَلَائِكَةِ .
وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّا نُبَيِّنُ إِنْ شَاءَ تَعَالَى أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=9قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فَإِنْ قِيلَ : إِنْ كَانَ الدُّعَاءُ بِإِذْنٍ ، فَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=32692_31977_31976مَعْنَى الْبِشَارَةِ ؟ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَلِمَاذَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ ؟
وَالْجَوَابُ : هَذَا أَمْرٌ يَخُصُّهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْأَلَ بِغَيْرِ إِذْنٍ ، وَيُحْتَمَلَ أَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَقْتَهُ فَبُشِّرَ بِهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=7لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ) عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30173_31977_31787لَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ قَبْلَهُ بِهَذَا الِاسْمِ .
الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّمِيِّ النَّظِيرُ كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) [ مَرْيَمَ : 65] وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ سَيِّدٌ وَحَصُورٌ لَمْ يَعْصِ وَلَمْ يَهُمَّ بِمَعْصِيَةٍ كَأَنَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) [ مَرْيَمَ : 6] فَقِيلَ لَهُ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ شَبِيهًا فِي الدِّينِ ، وَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَهُوَ فِي غَايَةِ الرِّضَا . وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَفْضِيلَهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ
كَآدَمَ وَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ كُلَّ النَّاسِ إِنَّمَا يُسَمِّيهِمْ آبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ بَعْدَ دُخُولِهِمْ فِي الْوُجُودِ ، وَأَمَّا
يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ
[ ص: 159 ] قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْوُجُودِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ خَوَاصِّهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَشَبِيهٌ فِي هَذِهِ الْخَاصِّيَّةِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ وُلِدَ بَيْنَ شَيْخٍ فَانٍ وَعَجُوزٍ عَاقِرٍ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ أَوْلَى وَذَلِكَ لِأَنَّ حَمْلَ السَّمِيِّ عَلَى النَّظِيرِ وَإِنْ كَانَ يُفِيدُ الْمَدْحَ وَالتَّعْظِيمَ وَلَكِنَّهُ عُدُولٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) فَهُنَاكَ إِنَّمَا عَدَلْنَا عَنِ الظَّاهِرِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=65فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) ( مَرْيَمَ : 65 ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ تَعَالَى مُسَمًّى بِذَلِكَ الِاسْمِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ عِبَادَتِهِ ، فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ عَدَلْنَا عَنِ الظَّاهِرِ ، أَمَّا هَهُنَا لَا ضَرُورَةَ فِي الْعُدُولِ عَنِ الظَّاهِرِ فَوَجَبَ إِجْرَاؤُهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ فِي تَفَرُّدِهِ بِذَلِكَ الِاسْمِ ضَرْبًا مِنَ التَّعْظِيمِ لِأَنَّا نُشَاهِدُ أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا كَانَ لَهُ لَقَبٌ مَشْهُورٌ فَإِنَّ حَاشِيَتَهُ لَا يَتَلَقَّبُونَ بِهِ بَلْ يَتْرُكُونَهُ تَعْظِيمًا لَهُ فَكَذَلِكَ هَهُنَا .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُمِّيَ
بِيَحْيَى رَوَى
الثَّعْلَبِيُّ فِيهِ وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَا بِهِ عُقْرَ أُمِّهِ .
وَثَانِيهَا : عَنْ
قَتَادَةَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَا قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى سَمَّى الْمُطِيعَ حَيًّا وَالْعَاصِيَ مَيِّتًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ) [الْأَنْعَامِ : 122] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) [الْأَنْفَالِ : 24] .
وَثَالِثُهَا : إِحْيَاؤُهُ بِالطَّاعَةِ حَتَّى لَمْ يَعْصَ وَلَمْ يَهُمَّ بِمَعْصِيَةٍ لِمَا رَوَى
عِكْرِمَةُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=treesubj&link=31977_30173مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ عَصَى أَوْ هَمَّ إِلَّا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فَإِنَّهُ لَمْ يَهُمَّ وَلَمْ يَعْمَلْهَا .
وَرَابِعُهَا : عَنْ
أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ اسْتُشْهِدَ وَإِنَّ الشُّهَدَاءَ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=169بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) [آلِ عِمْرَانَ : 169] .
وَخَامِسُهَا : مَا قَالَهُ
عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْدِسِيُّ : أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ قُلْ
لِيَسَارَّةَ ، وَكَانَ اسْمُهَا كَذَلِكَ ، بِأَنِّي مُخْرِجٌ مِنْهَا عَبْدًا لَا يَهُمُّ بِمَعْصِيَةٍ اسْمُهُ
حَيِيَ . فَقَالَ : هَبِي لَهُ مِنَ اسْمِكَ حَرْفًا ؛ فَوَهَبَتْهُ حَرْفًا مِنَ اسْمِهَا فَصَارَ
يَحْيَى ، وَكَانَ اسْمُهَا
يَسَارَّةَ فَصَارَ اسْمُهَا
سَارَّةَ .
وَسَادِسُهَا : أَنَّ
يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ
بِعِيسَى فَصَارَ قَلْبُهُ حَيًّا بِذَلِكَ الْإِيمَانِ وَذَلِكَ أَنَّ
أُمَّ يَحْيَى كَانْتَ حَامِلًا بِهِ فَاسْتَقْبَلَتْهَا
مَرْيَمُ وَقَدْ حَمَلَتْ
بِعِيسَى فَقَالَتْ لَهَا
أَمُّ يَحْيَى : يَا
مَرْيَمُ أَحَامِلٌ أَنْتِ ؟ فَقَالَتْ : لِمَاذَا تَقُولِينَ ؟ فَقَالَتْ : إِنِّي أَرَى مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ .
وَسَابِعُهَا : أَنَّ الدِّينَ يَحْيَا بِهِ ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهُ
زَكَرِيَّا لِأَجْلِ الدِّينِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْأَلْقَابِ لَا يُطْلَبُ فِيهَا وَجْهُ الِاشْتِقَاقِ ، وَلِهَذَا قَالَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ أَسْمَاءُ الْأَلْقَابِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْإِشَارَاتِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ فِي الْمُسَمَّى صِفَةً الْبَتَّةَ .