( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا  أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا    )   [ ص: 213 ]   ( كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا  ونرثه ما يقول ويأتينا فردا    ) . 
قوله تعالى : ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا   أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا  كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا  ونرثه ما يقول ويأتينا فردا    ) . 
اعلم أنه تعالى لما ذكر الدلائل أولا على صحة البعث ثم أورد شبهة المنكرين ، وأجاب عنها أورد عنهم الآن ما ذكروه على سبيل الاستهزاء طعنا في القول بالحشر فقال : ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا    ) قرأ حمزة  والكسائي  ولدا وهو جمع ولد كأسد في أسد أو بمعنى الولد كالعرب في العرب ، وعن  يحيى بن يعمر  ولدا بالكسر ، وعن الحسن  نزلت الآية في الوليد بن المغيرة  والمشهور أنها في العاص بن وائل  ، قال  خباب بن الأرت    : كان لي عليه دين فاقتضيته فقال : لا والله حتى تكفر بمحمد  قلت : لا والله لا أكفر بمحمد    - صلى الله عليه وسلم - لا حيا ولا ميتا ولا حين تبعث فقال : فإني إذا مت بعثت ؟ قلت : نعم . قال : إني إذا بعثت وجئتني فسيكون لي ثم مال وولد فأعطيك ، وقيل : صاغ خباب  له حليا فاقتضاه فطلب الأجرة فقال : إنكم تزعمون أنكم تبعثون ، وأن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا فأنا أقضيك ثم ، فإني أوتى مالا وولدا حينئذ ، ثم أجاب الله تعالى عن كلامه بقوله : ( أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا    ) قال صاحب " الكشاف " : أطلع الغيب من قولهم أطلع الجبل أي ارتقى إلى أعلاه ، ويقال مر مطلعا لذلك الأمر أي غالبا له مالكا له ، والاختيار في هذه الكلمة أن تقول : أوقد بلغ من عظم شأنه أنه ارتقى إلى علم الغيب الذي توحد به الواحد القهار ، والمعنى أن الذي ادعى أنه يكون حاصلا له لا يتوصل إليه إلا بأحد هذين الأمرين ، إما علم الغيب وإما عهد من عالم الغيب فبأيهما توصل إليه ؟ وقيل في العهد : كلمة الشهادة عن قتادة  هل له عمل صالح قدمه فهو يرجو بذلك ما يقول ؟ ثم إنه سبحانه بين من حاله ضد ما ادعاه ، فقال : ( كلا    ) وهي كلمة ردع وتنبيه على الخطأ أي هو مخطئ فيما يقوله ويتمناه فإن قيل لم قال : ( سنكتب ما يقول    ) بسين التسويف وهو كما قاله كتب من غير تأخير قال تعالى : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد    ) [ ق : 18 ] قلنا فيه وجهان : 
أحدهما : سيظهر له ويعلم أنا كتبنا . 
الثاني : أن المتوعد يقول للجاني سوف أنتقم منك ، وإن كان في الحال في الانتقام ويكون غرضه من هذا الكلام محض التهديد فكذا ههنا ، أما قوله تعالى : ( ونمد له من العذاب مدا    ) أي نطول له من العذاب ما يستأهله ونزيده من العذاب ونضاعف له من المدد ويقال مده وأمده بمعنى ويدل عليه قراءة  علي بن أبي طالب    - عليه السلام - ونمد له بالضم ، أما قوله ونرثه ما يقول أي يزول عنه ما وعده من مال وولد فلا يعود ، كما لا يعود الإرث إلى من خلفه وإذا سلب ذلك في الآخرة يبقى فردا فلذلك قال : ( ويأتينا فردا    ) فلا يصح أن ينفرد في الآخرة بمال وولد : ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة    ) [ الأنعام : 94 ] والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					