[ ص: 4 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ) أقل ما يكون لذي الجناح أن يكون له جناحان وما بعدهما زيادة ، وقال قوم فيه إن الجناح إشارة إلى الجهة ، وبيانه هو أن
nindex.php?page=treesubj&link=33679_33677الله تعالى ليس فوقه شيء ، وكل شيء فهو تحت قدرته ونعمته ، والملائكة لهم وجه إلى الله يأخذون منه نعمه ويعطون من دونهم مما أخذوه بإذن الله ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك ) [ الشعراء : 193 - 194] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=5علمه شديد القوى ) [ النجم : 5 ] وقال تعالى في حقهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=5فالمدبرات أمرا ) [ النازعات : 5 ] فهما جناحان ، وفيهم من يفعل ما يفعل من الخير بواسطة ، وفيهم من يفعله لا بواسطة ، فالفاعل بواسطة فيه ثلاث جهات ، ومنهم من له أربع جهات وأكثر ، والظاهر ما ذكرناه أولا وهو الذي عليه إطباق المفسرين .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1يزيد في الخلق ما يشاء ) من المفسرين من خصصه وقال : المراد الوجه الحسن ، ومنهم من قال : الصوت الحسن ، ومنهم من قال : كل وصف محمود ، والأولى أن يعمم ، ويقال :
nindex.php?page=treesubj&link=33679الله تعالى قادر كامل يفعل ما يشاء ، فيزيد ما يشاء وينقص ما يشاء .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1إن الله على كل شيء قدير ) يقرر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1يزيد في الخلق ما يشاء ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ) .
لما بين كمال القدرة ذكر بيان نفوذ المشيئة ونفاذ الأمر ، وقال : ما يفتح الله للناس ، يعني إن رحم فلا مانع له ، وإن لم يرحم فلا باعث له عليها ، وفي الآية دليل على
nindex.php?page=treesubj&link=32491سبق رحمته غضبه من وجوه :
أحدها : التقديم حيث قدم بيان فتح أبواب الرحمة في الذكر ، وهو وإن كان ضعيفا لكنه وجه من وجوه الفضل .
وثانيها : هو أنه أنث الكناية في الأول فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ) وجاز من حيث العربية أن يقال له ويكون عائدا إلى ما ، ولكن قال تعالى : (لها) ليعلم أن المفتوح أبواب الرحمة ولا ممسك لرحمته فهي وصلة إلى من رحمته ، وقال عند الإمساك (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وما يمسك فلا مرسل له ) بالتذكير ولم يقل لهما فما صرح بأنه لا مرسل للرحمة ، بل ذكره بلفظ يحتمل أن يكون الذي لا يرسل هو غير الرحمة فإن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وما يمسك ) عام من غير بيان وتخصيص بخلاف قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2ما يفتح الله للناس من رحمة ) فإنه مخصص مبين .
وثالثها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2من بعده ) أي من بعد الله ، فاستثنى ههنا وقال : لا مرسل له إلا الله فنزل له مرسلا . وعند الإمساك قال : لا ممسك لها ، ولم يقل : غير الله لأن الرحمة إذا جاءت لا ترتفع فإن
nindex.php?page=treesubj&link=19962من رحمه الله في الآخرة لا يعذبه بعدها هو ولا غيره ، ومن يعذبه الله فقد يرحمه الله بعد العذاب كالفساق من أهل الإيمان .
[ ص: 4 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) أَقَلُّ مَا يَكُونُ لِذِي الْجَنَاحِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَنَاحَانِ وَمَا بَعْدَهُمَا زِيَادَةٌ ، وَقَالَ قَوْمٌ فِيهِ إِنَّ الْجَنَاحَ إِشَارَةٌ إِلَى الْجِهَةِ ، وَبَيَانُهُ هُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33679_33677اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ ، وَكُلُّ شَيْءٍ فَهُوَ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَنِعْمَتِهِ ، وَالْمَلَائِكَةُ لَهُمْ وَجْهٌ إِلَى اللَّهِ يَأْخُذُونَ مِنْهُ نِعَمَهُ وَيُعْطُونَ مَنْ دُونَهُمْ مِمَّا أَخَذُوهُ بِإِذْنِ اللَّهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ ) [ الشُّعَرَاءِ : 193 - 194] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=5عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) [ النَّجْمِ : 5 ] وَقَالَ تَعَالَى فِي حَقِّهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=5فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) [ النَّازِعَاتِ : 5 ] فَهُمَا جَنَاحَانِ ، وَفِيهِمْ مَنْ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ مِنَ الْخَيْرِ بِوَاسِطَةٍ ، وَفِيهِمْ مَنْ يَفْعَلُهُ لَا بِوَاسِطَةٍ ، فَالْفَاعِلُ بِوَاسِطَةٍ فِيهِ ثَلَاثُ جِهَاتٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ جِهَاتٍ وَأَكْثَرُ ، وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ إِطْبَاقُ الْمُفَسِّرِينَ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ خَصَّصَهُ وَقَالَ : الْمُرَادُ الْوَجْهُ الْحَسَنُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : الصَّوْتُ الْحَسَنُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : كُلُّ وَصْفٍ مَحْمُودٍ ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَمَّمَ ، وَيُقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=33679اللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ كَامِلٌ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ، فَيَزِيدُ مَا يَشَاءُ وَيَنْقُصُ مَا يَشَاءُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) يُقَرِّرُ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ) .
لَمَّا بَيَّنَ كَمَالَ الْقُدْرَةِ ذَكَرَ بَيَانَ نُفُوذِ الْمَشِيئَةِ وَنَفَاذِ الْأَمْرِ ، وَقَالَ : مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ ، يَعْنِي إِنْ رَحِمَ فَلَا مَانِعَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَرْحَمْ فَلَا بَاعِثَ لَهُ عَلَيْهَا ، وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=32491سَبْقِ رَحْمَتِهِ غَضَبَهُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : التَّقْدِيمُ حَيْثُ قَدَّمَ بَيَانَ فَتْحِ أَبْوَابِ الرَّحْمَةِ فِي الذِّكْرِ ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْفَضْلِ .
وَثَانِيهَا : هُوَ أَنَّهُ أَنَّثَ الْكِنَايَةَ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ) وَجَازَ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ أَنْ يُقَالَ لَهُ وَيَكُونُ عَائِدًا إِلَى مَا ، وَلَكِنْ قَالَ تَعَالَى : (لَهَا) لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمَفْتُوحَ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَلَا مُمْسِكَ لِرَحْمَتِهِ فَهِيَ وَصْلَةٌ إِلَى مَنْ رَحِمَتْهُ ، وَقَالَ عِنْدَ الْإِمْسَاكِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ ) بِالتَّذْكِيرِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُمَا فَمَا صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا مُرْسِلَ لِلرَّحْمَةِ ، بَلْ ذَكَرَهُ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي لَا يُرْسِلُ هُوَ غَيْرُ الرَّحْمَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2وَمَا يُمْسِكْ ) عَامٌّ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَتَخْصِيصٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ) فَإِنَّهُ مُخَصَّصٌ مُبَيَّنٌ .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مِنْ بَعْدِهِ ) أَيْ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ، فَاسْتَثْنَى هَهُنَا وَقَالَ : لَا مُرْسِلَ لَهُ إِلَّا اللَّهُ فَنَزَلَ لَهُ مُرْسَلًا . وَعِنْدَ الْإِمْسَاكِ قَالَ : لَا مُمْسِكَ لَهَا ، وَلَمْ يَقُلْ : غَيْرُ اللَّهِ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ إِذَا جَاءَتْ لَا تَرْتَفِعُ فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19962مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَا يُعَذِّبُهُ بَعْدَهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ ، وَمَنْ يُعَذِّبُهُ اللَّهُ فَقَدْ يَرْحَمُهُ اللَّهُ بَعْدَ الْعَذَابِ كَالْفُسَّاقِ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ .