( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير    ) 
ثم قال تعالى : ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير    ) . 
إبطالا لما كانوا يقولون : إن في عبادة الأصنام عزة من حيث القرب منها والنظر إليها وعرض الحوائج عليها ، والله لا يرى ولا يصل إليه أحد ، فقال هؤلاء : لا يسمعون دعاءكم والله يصعد إليه الكلم الطيب  ، فيسمع ويقبل ، ثم نزل عن تلك الدرجة ، وقال : هب أنهم يسمعون كما يظنون ، فإنهم كانوا يقولون بأن الأصنام تسمع وتعلم ، ولكن ما كان يمكنهم أن يقولوا : إنهم يجيبون لأن ذلك إنكار للمحس به ، وعدم سماعهم إنكار للمعقول ، والنزاع وإن كان يقع في المعقول فلا يمكن وقوعه في المحس به ، ثم إنه تعالى قال : (ويوم القيامة يكفرون بشرككم    ) لما بين عدم النفع فيهم  في الدنيا بين عدم النفع منهم في الآخرة ، بل أشار إلى وجود الضرر منهم في الآخرة بقوله : ( ويوم القيامة يكفرون بشرككم    ) أي بإشراككم بالله ، كما قال تعالى : ( إن الشرك لظلم عظيم    ) [ لقمان : 13 ] أي الإشراك ، وقوله : ( ولا ينبئك مثل خبير    ) يحتمل وجهين : 
أحدهما : أن يكون ذلك خطابا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ووجهه هو أن الله تعالى لما أخبر أن الخشب والحجر يوم القيامة ينطق ويكذب عابده  ، وذلك أمر لا يعلم بالعقل المجرد لولا إخبار الله تعالى عنه أنهم يكفرون بهم يوم القيامة ، وهذا القول مع كون الخبر عنه أمرا عجيبا هو كما قال ؛ لأن المخبر عنه خبير . 
وثانيهما : هو أن يكون ذلك خطابا غير مختص بأحد ، أي هذا الذي ذكر هو كما قال : ( ولا ينبئك    ) أيها السامع كائنا من كنت ( مثل خبير    ) . 
				
						
						
