(
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير ) .
أي
nindex.php?page=treesubj&link=30539_32016من كذب بالكتاب المنزل من قبل وبالرسول أخذه الله تعالى ، فكذلك من يكذب بالنبي عليه السلام ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26فكيف كان نكير ) سؤال للتقرير ، فإنهم علموا شدة إنكار الله عليهم وإتيانه بالأمر المنكر من الاستئصال .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ) .
وهذا استدلال بدليل آخر على
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28659وحدانية الله وقدرته ، وفي تفسيرها مسائل :
المسألة الأولى : ذكر هذا الدليل على طريقة الاستخبار ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ألم تر ) وذكر الدليل المتقدم على طريقة الإخبار وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9والله الذي أرسل الرياح ) وفيه وجهان :
الأول : أن إنزال الماء أقرب إلى النفع ، والمنفعة فيه أظهر ، فإنه لا يخفى على أحد في الرؤية أن
nindex.php?page=treesubj&link=29485_31763الماء منه حياة الأرض ، فعظم دلالته بالاستفهام ؛ لأن الاستفهام الذي للتقرير لا يقال إلا في الشيء الظاهر جدا ، كما أن من أبصر الهلال وهو خفي جدا ، فقال له غيره : أين هو ، فإنه يقول له : في الموضع الفلاني ، فإن لم يره ، يقول له : الحق معك إنه خفي وأنت معذور ، وإذا كان بارزا يقول له : أما تراه ، هذا هو ظاهر .
والثاني : وهو أنه ذكره بعدما قرر المسألة بدليل آخر ، وظهر بما تقدم للمدعو بصارة بوجوه الدلالات ، فقال له : أنت صرت بصيرا بما ذكرناه ولم يبق لك عذر ، ألا ترى هذه الآية .
المسألة الثانية : المخاطب من هو ؟ يحتمل وجهين :
أحدهما : النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه حكمة ؛ وهي أن الله تعالى لما ذكر الدلائل ، ولم تنفعهم قطع الكلام معهم والتفت إلى غيرهم ، كما أن السيد إذا نصح بعض العبيد ، ومنعهم من الفساد ولا ينفعهم الإرشاد ، يقول لغيره : اسمع ولا تكن مثل هذا ويكرر معه ما ذكره مع الأول ، ويكون فيه إشعار بأن الأول فيه نقيصة لا يستأهل للخطاب ، فيتنبه له ويدفع عن نفسه تلك النقيصة .
والآخر : أن لا يخرج إلى كلام أجنبي عن الأول ، بل يأتي بما يقاربه لئلا يسمع الأول كلاما آخر ، فيترك التفكر فيما كان فيه من النصيحة .
المسألة الثالثة : هذا
nindex.php?page=treesubj&link=32438_31763_33679استدلال على قدرة الله واختياره حيث أخرج من الماء الواحد ثمرات مختلفة ، وفيه لطائف :
الأولى : قال : أنزل ، وقال : أخرجنا .
وقد ذكرنا فائدته ونعيدها ، فنقول : قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27ألم تر أن الله أنزل ) فإن كان جاهلا يقول : نزول الماء بالطبع لثقله ، فيقال له : فالإخراج لا يمكنك أن تقول فيه إنه بالطبع فهو بإرادة الله ، فلما كان ذلك أظهر أسنده إلى المتكلم .
ووجه آخر : هو أن الله تعالى لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أن الله أنزل ) علم الله بدليل ، وقرب المتفكر فيه إلى الله تعالى فصار من الحاضرين ، فقال له : أخرجنا لقربه .
ووجه ثالث :
[ ص: 19 ] الإخراج أتم نعمة من الإنزال ، لأن الإنزال لفائدة الإخراج ، فأسند الأتم إلى نفسه بصيغة المتكلم ، وما دونه بصيغة الغائب .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ) .
أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=30539_32016مَنْ كَذَّبَ بِالْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ مِنْ قَبْلُ وَبِالرَّسُولِ أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، فَكَذَلِكَ مَنْ يُكَذِّبُ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ) سُؤَالٌ لِلتَّقْرِيرِ ، فَإِنَّهُمْ عَلِمُوا شِدَّةَ إِنْكَارِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَإِتْيَانُهُ بِالْأَمْرِ الْمُنْكَرِ مِنَ الِاسْتِئْصَالِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ) .
وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ بِدَلِيلٍ آخَرَ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28659وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَفِي تَفْسِيرِهَا مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : ذَكَرَ هَذَا الدَّلِيلَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِخْبَارِ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَلَمْ تَرَ ) وَذَكَرَ الدَّلِيلَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِخْبَارِ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ ) وَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ إِنْزَالَ الْمَاءِ أَقْرَبُ إِلَى النَّفْعِ ، وَالْمَنْفَعَةُ فِيهِ أَظْهَرُ ، فَإِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ فِي الرُّؤْيَةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29485_31763الْمَاءَ مِنْهُ حَيَاةُ الْأَرْضِ ، فَعَظَّمَ دَلَالَتَهُ بِالِاسْتِفْهَامِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ الَّذِي لِلتَّقْرِيرِ لَا يُقَالُ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الظَّاهِرِ جِدًّا ، كَمَا أَنَّ مَنْ أَبْصَرَ الْهِلَالَ وَهُوَ خَفِيٌ جِدًّا ، فَقَالَ لَهُ غَيْرُهُ : أَيْنَ هُوَ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ لَهُ : فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ ، فَإِنْ لَمْ يَرَهُ ، يَقُولُ لَهُ : الْحَقُّ مَعَكَ إِنَّهُ خَفِيٌّ وَأَنْتَ مَعْذُورٌ ، وَإِذَا كَانَ بَارِزًا يَقُولُ لَهُ : أَمَا تَرَاهُ ، هَذَا هُوَ ظَاهِرٌ .
وَالثَّانِي : وَهُوَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَمَا قَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِدَلِيلٍ آخَرَ ، وَظَهَرَ بِمَا تَقَدَّمَ لِلْمَدْعُوِّ بِصَارَةٌ بِوُجُوهِ الدَّلَالَاتِ ، فَقَالَ لَهُ : أَنْتَ صِرْتَ بَصِيرًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَمْ يَبْقَ لَكَ عُذْرٌ ، أَلَا تَرَى هَذِهِ الْآيَةَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْمُخَاطَبُ مَنْ هُوَ ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِيهِ حِكْمَةٌ ؛ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الدَّلَائِلَ ، وَلَمْ تَنْفَعْهُمْ قَطَعَ الْكَلَامَ مَعَهُمْ وَالْتَفَتَ إِلَى غَيْرِهِمْ ، كَمَا أَنَّ السَّيِّدَ إِذَا نَصَحَ بَعْضَ الْعَبِيدِ ، وَمَنَعَهُمْ مِنَ الْفَسَادِ وَلَا يَنْفَعُهُمُ الْإِرْشَادُ ، يَقُولُ لِغَيْرِهِ : اسْمَعْ وَلَا تَكُنْ مِثْلَ هَذَا وَيُكَرِّرُ مَعَهُ مَا ذَكَرَهُ مَعَ الْأَوَّلِ ، وَيَكُونُ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ نَقِيصَةٌ لَا يَسْتَأْهِلُ لِلْخِطَابِ ، فَيَتَنَبَّهُ لَهُ وَيَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ تِلْكَ النَّقِيصَةَ .
وَالْآخَرُ : أَنْ لَا يَخْرُجَ إِلَى كَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ عَنِ الْأَوَّلِ ، بَلْ يَأْتِي بِمَا يُقَارِبُهُ لِئَلَّا يُسْمِعَ الْأَوَّلَ كَلَامًا آخَرَ ، فَيَتْرُكَ التَّفَكُّرَ فِيمَا كَانَ فِيهِ مِنَ النَّصِيحَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=32438_31763_33679اسْتِدْلَالٌ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ وَاخْتِيَارِهِ حَيْثُ أَخْرَجَ مِنَ الْمَاءِ الْوَاحِدِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفَةً ، وَفِيهِ لِطَائِفُ :
الْأُولَى : قَالَ : أَنْزَلَ ، وَقَالَ : أَخْرَجْنَا .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فَائِدَتَهُ وَنُعِيدُهَا ، فَنَقُولُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ ) فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يَقُولُ : نُزُولُ الْمَاءِ بِالطَّبْعِ لِثِقَلِهِ ، فَيُقَالُ لَهُ : فَالْإِخْرَاجُ لَا يُمْكِنُكَ أَنْ تَقُولَ فِيهِ إِنَّهُ بِالطَّبْعِ فَهُوَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ أَظْهَرَ أَسْنَدَهُ إِلَى الْمُتَكَلِّمِ .
وَوَجْهٌ آخَرُ : هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ ) عُلِمَ اللَّهُ بِدَلِيلٍ ، وَقَرُبَ الْمُتَفَكَّرُ فِيهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَصَارَ مِنَ الْحَاضِرِينَ ، فَقَالَ لَهُ : أَخْرَجْنَا لِقُرْبِهِ .
وَوَجْهٌ ثَالِثٌ :
[ ص: 19 ] الْإِخْرَاجُ أَتَمُّ نِعْمَةً مِنَ الْإِنْزَالِ ، لِأَنَّ الْإِنْزَالَ لِفَائِدَةِ الْإِخْرَاجِ ، فَأَسْنَدَ الْأَتَمَّ إِلَى نَفْسِهِ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ ، وَمَا دُونَهُ بِصِيغَةِ الْغَائِبِ .