[ ص: 25 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35الذي أحلنا دار المقامة من فضله ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ) .
في الحزن أقوال كثيرة ، والأولى أن يقال : المراد
nindex.php?page=treesubj&link=29680_33144_33147_29694_30412إذهاب كل حزن ، والألف واللام للجنس واستغراقه وإذهاب الحزن بحصول كل ما ينبغي وبقائه دائما ، فإن شيئا منه لو لم يحصل لكان الحزن موجودا بسببه وإن حصل ولم يدم لكان الحزن غير ذاهب بعد بسبب زواله وخوف فواته ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34إن ربنا لغفور شكور ) ذكر الله عنهم أمورا كلها تفيد الكرامة من الله .
الأول : الحمد فإن الحامد مثاب .
الثاني : قولهم : ربنا ، فإن الله لم يناد بهذا اللفظ إلا واستجاب لهم ، اللهم إلا أن يكون المنادي قد ضيع الوقت الواجب أو طلب ما لا يجوز كالرد إلى الدنيا من الآخرة .
الثالث : قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34لغفور ) .
الرابع : قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34شكور ) والغفور إشارة إلى ما غفر لهم في الآخرة بما وجد لهم من الحمد في الدنيا ، والشكور إشارة إلى ما يعطيهم ويزيد لهم بسبب ما وجد لهم في الآخرة من الحمد .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35الذي أحلنا دار المقامة من فضله ) أي دار الإقامة ، لما ذكر الله سرورهم وكرامتهم بتحليتهم وإدخالهم الجنات بين سرورهم ببقائهم فيها وأعلمهم بدوامها حيث قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35الذي أحلنا دار المقامة ) أي الإقامة والمفعول ربما يجيء للمصدر من كل باب يقال ما له معقول أي عقل ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=80مدخل صدق ) ( الإسراء : 80 ) وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19ومزقناهم كل ممزق ) ( سبأ : 19 ) وكذلك مستخرج للاستخراج ؛ وذلك لأن المصدر هو المفعول في الحقيقة ، فإنه هو الذي فعل ، فجاز إقامة المفعول مقامه ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35دار المقامة ) إشارة إلى أن الدنيا منزلة ينزلها المكلف ، ويرتحل عنها إلى منزلة القبور ، ومنها إلى منزلة العرصة التي فيها الجمع ومنها التفريق ، وقد تكون النار لبعضهم منزلة أخرى
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30384_30394_33678والجنة دار المقامة ، وكذلك النار لأهلها ، وقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35من فضله ) أي بحكم وعده لا بإيجاب من عنده .
[ ص: 25 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ) .
فِي الْحَزَنِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : الْمُرَادُ
nindex.php?page=treesubj&link=29680_33144_33147_29694_30412إِذْهَابُ كُلِّ حَزَنٍ ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ وَاسْتِغْرَاقِهِ وَإِذْهَابِ الْحَزَنِ بِحُصُولِ كُلِّ مَا يَنْبَغِي وَبَقَائِهِ دَائِمًا ، فَإِنَّ شَيْئًا مِنْهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَكَانَ الْحَزَنُ مَوْجُودًا بِسَبَبِهِ وَإِنْ حَصَلَ وَلَمْ يَدُمْ لَكَانَ الْحَزَنُ غَيْرَ ذَاهِبٍ بَعْدُ بِسَبَبِ زَوَالِهِ وَخَوْفِ فَوَاتِهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ) ذَكَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أُمُورًا كُلُّهَا تُفِيدُ الْكَرَامَةَ مِنَ اللَّهِ .
الْأَوَّلُ : الْحَمْدُ فَإِنَّ الْحَامِدَ مُثَابٌ .
الثَّانِي : قَوْلُهُمْ : رَبَّنَا ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا وَاسْتَجَابَ لَهُمْ ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُنَادِي قَدْ ضَيَّعَ الْوَقْتَ الْوَاجِبَ أَوْ طَلَبَ مَا لَا يَجُوزُ كَالرَّدِّ إِلَى الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ .
الثَّالِثُ : قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34لَغَفُورٌ ) .
الرَّابِعُ : قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=34شَكُورٌ ) وَالْغَفُورُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا غَفَرَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ بِمَا وَجَدَ لَهُمْ مِنَ الْحَمْدِ فِي الدُّنْيَا ، وَالشَّكُورُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا يُعْطِيهِمْ وَيَزِيدُ لَهُمْ بِسَبَبِ مَا وَجَدَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْحَمْدِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ ) أَيْ دَارَ الْإِقَامَةِ ، لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ سُرُورَهُمْ وَكَرَامَتَهُمْ بِتَحْلِيَتِهِمْ وَإِدْخَالِهِمُ الْجَنَّاتِ بَيَّنَ سُرُورَهُمْ بِبَقَائِهِمْ فِيهَا وَأَعْلَمَهُمْ بِدَوَامِهَا حَيْثُ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ ) أَيِ الْإِقَامَةِ وَالْمَفْعُولُ رُبَّمَا يَجِيءُ لِلْمَصْدَرِ مِنْ كُلِّ بَابٍ يُقَالُ مَا لَهُ مَعْقُولٌ أَيْ عَقْلٌ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=80مُدْخَلَ صِدْقٍ ) ( الْإِسْرَاءِ : 80 ) وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=19وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ) ( سَبَأٍ : 19 ) وَكَذَلِكَ مُسْتَخْرَجٌ لِلِاسْتِخْرَاجِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ هُوَ الْمَفْعُولُ فِي الْحَقِيقَةِ ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي فُعِلَ ، فَجَازَ إِقَامَةُ الْمَفْعُولِ مَقَامَهُ ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35دَارَ الْمُقَامَةِ ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الدُّنْيَا مَنْزِلَةٌ يَنْزِلُهَا الْمُكَلَّفُ ، وَيَرْتَحِلُ عَنْهَا إِلَى مَنْزِلَةِ الْقُبُورِ ، وَمِنْهَا إِلَى مَنْزِلَةِ الْعَرْصَةِ الَّتِي فِيهَا الْجَمْعُ وَمِنْهَا التَّفْرِيقُ ، وَقَدْ تَكُونُ النَّارُ لِبَعْضِهِمْ مَنْزِلَةً أُخْرَى
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30384_30394_33678وَالْجَنَّةُ دَارَ الْمُقَامَةِ ، وَكَذَلِكَ النَّارُ لِأَهْلِهَا ، وَقَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35مِنْ فَضْلِهِ ) أَيْ بِحُكْمِ وَعْدِهِ لَا بِإِيجَابِ مَنْ عِنْدَهُ .